مشاركة سعودية بالخط العربي في «بينالي لندن للتصميم»

الفنانة لولوة الحمود شاركت بـ«الكيان والوجود»

لولوة الحمود في «بينالي لندن للتصميم»
لولوة الحمود في «بينالي لندن للتصميم»
TT

مشاركة سعودية بالخط العربي في «بينالي لندن للتصميم»

لولوة الحمود في «بينالي لندن للتصميم»
لولوة الحمود في «بينالي لندن للتصميم»

تحمل مشاركة الفنانة السعودية لولوة الحمود في معرض بينالي لندن للتصميم الذي انطلق أول من أمس (الاثنين)، بعدا ثقافيا فريداً، إذ تعرض أعمالها المرتكزة على جمالية فنّ الخط العربي حتى 23 سبتمبر (أيلول) 2018.
وتأتي مشاركة الحمود برعاية مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء) بالظهران، وتهدف إلى تعزيز الثقافة والإبداع والتعاون عبر الثقافات.
وشهد المعرض أعمالا فنية جمعت تحت سقفٍ واحد، لمجموعة من أبرز المصممين والمبتكرين من 40 دولة حول العالم، ركّزوا فيها خلال هذا العام على موضوع «المشاعر»، وكيفية دمج الهندسة والمشاعر بين عوالم المنطق واللغة. وتركز تصاميم الحمود، على الأنماط الهندسية المعقدة التي تمكن رؤيتها في منحوتاتها باستخدام فنّ الخط العربي، مع استخدام اللغة وسيلة لتوصيل المشاعر العاطفية الإيجابية.
وفي لقاء مع الجمهور، ذكرت الحمود أنها تعرض في «بينالي لندن للتصميم» جزءا من الإبداع الذي يحتويه وطنها في فعالية عالمية تمثل إبداعات الدول أكثر من الأفراد.
وأضافت أن الخط العربي في قمة هرم الفنون الإسلامية، إذ بدأ وتطور لكتابة النص القرآني المقدس ولم يدخر الخطاطون وسيلة بمحاولاتهم لجعله أجمل ما يمكن ليساوي جمال النص، حيث يمكن للغة أن تنشر مشاعر الحب والغضب والحزن والسلام، فإن هذه القطعة المصممة هي محاولة لجمع الجمهور بطريقة تجريدية.
وناقش عمل الفنانة لولوة «الكيان والوجود» العلاقة بين اللغة والحالة العاطفية، ليدرس تأثير اللغة بأشكالها المختلفة على الرسائل التي نوصلها، حيث طوّرت الفنّانة شكلا مجردا من اللغة المبتدعة من الأبجدية العربية والمتجسِّدة في شكل أنماط هندسية، تأخذ صورة شبكة معقدة متماثلة من الرموز والخطوط الدقيقة.
وأشار علي المطيري مدير مركز «إثراء» إلى أن رسالة «إثراء» تقوم على دعم المواهب ووضع معايير جديدة للتميزّ في مجال صناعة الثقافة والإبداع؛ بهدف تطوير وتقديم منتجات فنية ومعرفية مبتكرة، بشكل يحترم التنوع، ويعزّز المفاهيم المختلفة في العلوم والفنون.
وكانت لولوة الحمود تخصّصت في علم الاجتماع في دراستها الجامعية بالرياض، ثم سافرت لدراسة الماجستير في كلية سانت مارتن المركزية التابعة لجامعة لندن للفنون، لتكون بذلك أول سعودية تخصّصت في الخط العربي والهندسة الإسلامية، وجاءت مشاركتها في «بينالي لندن» نتيجة أبحاثها في فن الخط العربي والهندسة الإسلامية، وعرضت أعمالها في متاحف عالمية، منها متحف مقاطعة لوس أنجلوس للفنون، ومتحف جيجو الوطني بكوريا الجنوبية، ومتحف القارات الخمس بمدينة ميونيخ الألمانية، ومتحف الصندوق الأخضر بأمستردام، كما صممت عدة علامات، منها علامة الجناح السعودي بـ«إكسبو» 2010 العالمي بشانغهاي.



من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)
وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)
TT

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)
وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

في الدورة الرابعة من مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي»، تنافست أعمال استثنائية نقلت قصصاً إنسانية مؤثّرة عن واقع المرأة في إيران وأفغانستان. وسط أجواء الاحتفاء بالفنّ السينمائي بوصفه وسيلةً للتعبير والتغيير، قدَّم فيلما «السادسة صباحاً» للإيراني مهران مديري، و«أغنية سيما» للأفغانية رؤيا سادات، شهادتين بارزتين على تحدّيات النساء في بيئاتهن الاجتماعية والسياسية.

«السادسة صباحاً»... دراما الصراع مع السلطة

يروي الفيلم قصة «سارة»، الشابة الإيرانية التي تتأهّب لمغادرة طهران لإكمال دراستها في كندا. تتحوّل ليلة وداعها مواجهةً مفاجئةً مع «شرطة الأخلاق»؛ إذ يقتحم أفرادها حفلاً صغيراً في منزل صديقتها. يكشف العمل، بأسلوب مشوّق، الضغط الذي تعيشه النساء الإيرانيات في ظلّ نظام تحكمه الرقابة الصارمة على الحرّيات الفردية، ويبرز الخوف الذي يطاردهن حتى في أكثر اللحظات بساطة.

الفيلم، الذي أخرجه مهران مديري، المعروف بسخريته اللاذعة، يجمع بين التوتّر النفسي والإسقاطات الاجتماعية. وتُشارك في بطولته سميرة حسنبور ومهران مديري نفسه الذي يظهر بدور مفاوض شرطة يضيف أبعاداً مرعبة ومعقَّدة إلى المشهد، فيقدّم دراما تشويقية.

لقطة من فيلم «أغنية سيما» المُقدَّر (غيتي)

«أغنية سيما»... شهادة على شجاعة الأفغانيات

أما فيلم «أغنية سيما»، فهو رحلة ملحمية في زمن مضطرب من تاريخ أفغانستان. تدور الأحداث في سبعينات القرن الماضي، حين واجهت البلاد صراعات سياسية وآيديولوجية بين الشيوعيين والإسلاميين. يتبع العمل حياة «ثريا»، الشابة الشيوعية التي تناضل من أجل حقوق المرأة، وصديقتها «سيما»، الموسيقية الحالمة التي تبتعد عن السياسة.

الفيلم، الذي أخرجته رؤيا سادات، يستعرض العلاقة المعقَّدة بين الصديقتين في ظلّ انقسام آيديولوجي حاد، ويُظهر كيف حاولت النساء الأفغانيات الحفاظ على شجاعتهن وكرامتهن وسط دوامة الحرب والاضطهاد. بأداء باهر من موزداح جمال زاده ونيلوفر كوخاني، تتراءى تعقيدات الهوية الأنثوية في مواجهة المتغيّرات الاجتماعية والسياسية.

من خلال هذين الفيلمين، يقدّم مهرجان «البحر الأحمر» فرصة فريدة لفهم قضايا المرأة في المجتمعات المحافظة والمضطربة سياسياً. فـ«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة، مع الإضاءة على دور الفنّ الحاسم في رفع الصوت ضدّ الظلم.

في هذا السياق، يقول الناقد السينمائي الدكتور محمد البشير لـ«الشرق الأوسط»، إنّ فيلم «السادسة صباحاً» ينساب ضمن وحدة زمانية ومكانية لنقد التسلُّط الديني لا السلطة الدينية، واقتحام النيات والمنازل، وممارسة النفوذ بمحاكمة الناس، وما تُسبّبه تلك الممارسات من ضياع مستقبل الشباب، مثل «سارة»، أو تعريض أخيها للانتحار. فهذه المآلات القاسية، مرَّرها المخرج بذكاء، وبأداء رائع من البطلة سميرة حسنبور، علماً بأنّ معظم الأحداث تدور في مكان واحد، وإنما تواليها يُشعر المُشاهد بأنه في فضاء رحب يحاكي اتّساع الكون، واستنساخ المكان وإسقاطه على آخر يمكن أن يعاني أبناؤه التسلّط الذي تعيشه البطلة ومَن يشاركها ظروفها.

على الصعيد الفنّي، يقول البشير: «أجاد المخرج بتأثيث المكان، واختيار لوحات لها رمزيتها، مثل لوحة الفتاة ذات القرط اللؤلؤي للهولندي يوهانس فيرمير، ورسومات مايكل أنجلو على سقف كنيسة سيستينا في الفاتيكان، وغيرها من الرموز والاختيارات المونتاجية، التي تبطئ اللقطات في زمن عابر، أو زمن محدود، واللقطات الواسعة والضيقة».

يأتي ذلك تأكيداً على انفتاح مهرجان «البحر الأحمر السينمائي»، ومراهنته على مكانته المرتقبة في قائمة المهرجانات العالمية، وترحيبه دائماً بكل القضايا المشروعة.

ونَيل «أغنية سيما» و«السادسة صباحاً» وغيرهما من أفلام هذه الدورة، التقدير، وتتويج «الذراري الحمر» للتونسي لطفي عاشور بجائزة «اليُسر الذهبية»، لتقديمه حادثة واقعية عن تصفية خلايا إرهابية شخصاً بريئاً... كلها دليل على أهمية صوت السينما التي أصبحت أهم وسيلة عصرية لمناصرة القضايا العادلة متى قدّمها مُنصفون.

وأظهر المهرجان الذي حمل شعار «للسينما بيت جديد» التزامه بدعم الأفلام التي تحمل قضايا إنسانية عميقة، مما يعزّز مكانته بوصفه منصةً حيويةً للأصوات المبدعة والمهمَّشة من مختلف أنحاء العالم.