ظريف يستبق قمة طهران بزيارة دمشق

قال إن بلاده ستواصل تقديم النصح في الحملة المقبلة على إدلب

وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف والمرافقون له خلال لقائهم رئيس النظام السوري بشار الأسد في دمشق أمس  (أ.ب)
وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف والمرافقون له خلال لقائهم رئيس النظام السوري بشار الأسد في دمشق أمس (أ.ب)
TT

ظريف يستبق قمة طهران بزيارة دمشق

وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف والمرافقون له خلال لقائهم رئيس النظام السوري بشار الأسد في دمشق أمس  (أ.ب)
وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف والمرافقون له خلال لقائهم رئيس النظام السوري بشار الأسد في دمشق أمس (أ.ب)

أجرى وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، أمس الاثنين، مباحثات في دمشق تطرقت إلى التحضيرات للقمة الرئاسية المرتقبة بين طهران وأنقرة وموسكو والتي يتوقع أن تتركز على العملية العسكرية الوشيكة في محافظة إدلب.
ووصل ظريف صباح أمس إلى دمشق في زيارة مفاجئة، التقى خلالها رئيس النظام السوري بشار الأسد، قبل أربعة أيام من القمة الرئاسية بين الدول الثلاث الراعية لاتفاق آستانة والمزمع عقدها في إيران.
وأفادت الرئاسة السورية على حسابها على تلغرام، بأن اللقاء تناول «القضايا المطروحة على جدول أعمال اجتماع القمة الثلاثي، الذي يضم روسيا وإيران وتركيا (...) وكان هناك تطابق في وجهات النظر حول مختلف القضايا»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
كما أكد الطرفان أن «الضغوطات التي تمارسها بعض الدول الغربية على سوريا وطهران، لن تثني البلدين عن مواصلة الدفاع عن مبادئهما وعن مصالح شعبيهما».
وكان ظريف التقى في وقت سابق نظيره السوري وليد المعلم حيث بحثا أيضاً التحضيرات للقمة الثلاثية. ونقلت وكالة فارس للأنباء عن وزير الخارجية الإيراني، قوله، إنه يجب «تطهير» محافظة إدلب بشمال غربي سوريا من المقاتلين. وأضاف: «يجب الحفاظ على جميع الأراضي السورية ويجب أن تبدأ جميع الطوائف والمجموعات جولة إعادة البناء بشكل جماعي ويجب أن يعود النازحون إلى عائلاتهم».
وتأتي زيارة ظريف في وقت تتجه فيه الأنظار إلى محافظة إدلب، آخر أبرز معاقل الفصائل المعارضة وهيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) في سوريا. وقد أرسل الجيش السوري منذ بداية الشهر الحالي التعزيزات تلو الأخرى إلى محيط المحافظة تمهيداً لهجوم وشيك.
وتُعد محافظة إدلب مع أجزاء من المحافظات المحاذية لها آخر مناطق اتفاقات خفض التصعيد التي ترعاها روسيا وإيران وتركيا. ولإدلب خصوصيتها كونها المعقل الأخير لهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً). كما تُعد منطقة نفوذ تركي، وتنتشر فيها نقاط مراقبة تركية تطبيقاً لاتفاق خفض التصعيد.
ومن المقرر أن يلتقي في السابع من سبتمبر (أيلول) رؤساء الدول الثلاث في طهران حيث من المرجح أن يتم تحديد شكل العملية العسكرية على إدلب.
وبعد وصوله إلى دمشق، نقلت الوكالة الإيرانية للأنباء (إرنا) عن ظريف قوله إن «سوريا تقوم حالياً بتطهير جميع أراضيها من الإرهاب. وبقية الإرهابيين، بمن فيهم (هيئة) تحرير الشام، يجب أن يغادروا إدلب».
وأوضح أنه «في اجتماع القمة الذي سيعقد في طهران يوم الجمعة المقبل واستمراراً للعملية السياسية الثلاثية، سيتم بحث كيفية التصدي للجماعات المتطرفة والإرهابية، بما فيها تحرير الشام».
وتسيطر هيئة تحرير الشام على الجزء الأكبر من محافظة إدلب بينما توجد فصائل إسلامية أخرى في بقية المناطق وتنتشر قوات النظام في الريف الجنوبي الشرقي.
وفي وقت سابق، أكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي، في طهران، أن بلاده «ستواصل تقديم النصح ومساعدة الحكومة السورية في حملتها المقبلة في إدلب»، مشيراً إلى أن «هذه المسائل ستكون بين تلك التي سيبحثها ظريف خلال محادثاته في سوريا».
ويرى محللون أنه لا يمكن التحرك عسكرياً في إدلب من دون التوافق بين الدول الثلاث، وبينها أنقرة التي تخشى أن يتسبب أي هجوم بموجة جديدة من اللاجئين إليها.
وكونها صاحبة النفوذ الأكبر في إدلب، فقد طلبت روسيا من تركيا إيجاد حل لإنهاء وجود هيئة تحرير الشام المصنفة «إرهابية» لتفادي عملية واسعة.
وتأتي زيارة ظريف بعد أسبوع من زيارة وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي إلى دمشق التي تم خلالها التوقيع على اتفاقية تعاون عسكري بين البلدين تهدف لإعادة بناء القوات السورية.
وقال ظريف، وفق إرنا: «بعد الانتصار الذي حققته جبهة المقاومة ضد الجماعات المتطرفة والإرهاب في سوريا، حان الوقت لإعادة بناء هذا البلد، ودول التحالف الاستراتيجي السوري تساهم بهذا الأمر».



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.