انتخابات المجلس المذهبي الدرزي تكرّس الانقسام السياسي للطائفة

غالبية الفائزين تنتمي للحزب التقدمي الاشتراكي

تلميذتان فلسطينيتان في مدارس الأونروا ببيروت أمس (أ.ب)
تلميذتان فلسطينيتان في مدارس الأونروا ببيروت أمس (أ.ب)
TT

انتخابات المجلس المذهبي الدرزي تكرّس الانقسام السياسي للطائفة

تلميذتان فلسطينيتان في مدارس الأونروا ببيروت أمس (أ.ب)
تلميذتان فلسطينيتان في مدارس الأونروا ببيروت أمس (أ.ب)

انتخب يوم الأحد الماضي الأعضاء الجدد للمجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز، لولاية جديدة تستمرّ ست سنوات، مكان الأعضاء الذين انتهت ولايتهم، لكن هذه الانتخابات حصلت على وقع انقسام سياسي حادّ داخل الطائفة، ومقاطعة قوى أساسية لهذا الاستحقاق أبرزها من الحزب الديمقراطي اللبناني برئاسة النائب طلال أرسلان وحزب «التوحيد العربي» برئاسة الوزير الأسبق وئام وهّاب، وهو ما أدى إلى فوز جميع المرشحين المنتمين للحزب التقدمي الاشتراكي برئاسة الزعيم الدرزي النائب وليد جنبلاط، ومناصريه من كلّ المناطق والقطاعات.
ورغم التسليم بنتائج هذه الانتخابات، لا يزال خصوم الحزب الاشتراكي يتهمونه بتسييس الانتخابات وتحويل المجلس المذهبي إلى مؤسسة حزبية، وهو ما رفضه الحزب الذي سبق له ودعا خصومه إلى ممارسة حقّهم الديمقراطي ترشيحاً وانتخاباً، وأكد عضو المجلس المذهبي المنتخب رامي الريّس لـ«الشرق الأوسط»، أن «لا تسييس للانتخابات التي جرت وفق الأصول القانونية التي تتبع في إدارة هذا الملف». ورأى أنه «من الطبيعي أن يكون أغلبية المرشحين لهذا المجلس من الحزب التقدمي الاشتراكي، لأنهم من أكثر الفاعلين في المجتمع»، مشدداً على أن «الانتخابات لم تنحرف عن مسارها، بل جرت بشكل طبيعي جداً وشفّاف وبتغطية إعلامية نقلت وقائعها على الهواء».
ويعدّ المجلس المذهبي الدرزي، مؤسسة منتخبة تضمّ ممثلين عن الهيئات الدينية والقطاعات والاختصاصات المتخلفة، بالإضافة إلى القضاة الدروز والنواب الحاليين والسابقين، وهو يعنى بإدارة شؤون الطائفة الدرزية وأوقافها وأملاكها، ويهتم بالملفات الاجتماعية والإنسانية والثقافية والاغترابية، وسائر الأمور العامة التي تهمّ الطائفة، وهذا المجلس ينتخب شيخ عقل الموحدين الدروز، الذي هو الرئيس الروحي للطائفة.
ووجّهت الدعوة إلى الانتخابات قبل شهر ونصف الشهر من موعدها، وحثّت أبناء الطائفة الدرزية من كل الأحزاب والاتجاهات على المشاركة فيها ترشيحاً واقتراعاً، إلا أن هذا المسعى قوبل بدعوة من أرسلان ووهاب إلى مقاطعتها بشكل كامل، رغم الخلاف السياسي بينهما، ومن «شيخ العقل» الشيخ نصر الدين الغريب المحسوب على أرسلان، الذي وصف قانون مشيخة العقل الذي أقرّه المجلس النيابي سابقاً بـ«قانون الفتنة»، ولفت إلى أن «غالبية أهل التوحيد في لبنان لا يقرّون بشرعية المجلس المذهبي وسئموا من قراراته».
واعتبر النائب السابق فادي الأعور المقرّب من أرسلان، أن «طائفة الموحدين الدروز ليست في وضع صحّي سليم، لأن هناك من يحاول السطو عليها وعلى جميع مؤسساتها، بسبب عملية توريث سياسي (في إشارة إلى جنبلاط الذي ورّث نجله تيمور مقعده النيابي، ورئاسة كتلة اللقاء الديمقراطي النيابية)، والناس قاطعت الانتخابات بسبب عدم قناعتها بما يحصل». وشدد الأعور في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، على أن «الأمور تسير داخل الطائفة الدرزية بحكم الأمر الواقع، وهذا ما سيعمّق الانقسام الداخلي على المدى البعيد». وعن الأسباب التي حالت دون تأثير المقاطعة على المشاركة الكثيفة في الانتخابات، عزا الأعور السبب إلى أن «القوى التي قاطعت الانتخابات (أرسلان ووهاب) مختلفة مع بعضها البعض»، لافتاً إلى أن «الأمور تسير بمن حضر، وهذا المسار سيبقى مستمراً لأجل غير مسمّى».
أما الحزب التقدمي الاشتراكي فقدّم قراءة مختلفة للمقاطعة، إذ رأى رامي الريّس أن «الأطراف التي قاطعت الانتخابات، ربما تدرك أنها لا تمتلك حيثية تمثيلية كافية تؤهلها للدخول إلى المجلس المذهبي، وهذا ما دفعها إلى اتخاذ القرار بالمقاطعة»، رافضاً الكلام الذي صدر عن الشيخ نصر الدين الغريب بحق المجلس، وقال: «هذا الكلام مردود، علما بأن هناك شيخ عقل واحدا (الشيخ نعيم حسن)، وهو منتخب بطريقة شرعية ووفق الأصول القانونية والشرعية».
وأوضح رامي الريّس أن «محاولات لمّ الشمل الدرزي، حصلت عبر الدعوة الواضحة إلى الانتخابات من خلال نشرها في الصحف، ونحن لم نمنع أي شخص من الترشّح للانتخابات، وكان هناك بعض المرشحين من خارج التوجه السياسي للحزب الاشتراكي، وبالتالي كان باستطاعة أي راغب للدخول إلى المجلس المذهبي أن يترشّح لمنصب العضوية إلا أن البعض انكفأ عن ذلك بإرادته».



مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
TT

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في سلطنة عمان، الاثنين، ملفَ التوترات الأمنية في البحر الأحمر، مؤكداً أهمية سلامة الملاحة البحرية وحرية التجارة الدولية، وارتباط ذلك بشكل مباشر بأمن الدول المشاطئة للبحر الأحمر.

وحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أشار عبد العاطي إلى «تأثير تصاعد حدة التوترات في البحر الأحمر على مصر، بشكل خاص، في ضوء تراجع إيرادات قناة السويس».

وأدى تصعيد جماعة «الحوثيين» في اليمن لهجماتها على السفن المارة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بداعي التضامن مع الفلسطينيين في غزة، إلى تغيير شركات الشحن العالمية الكبرى مسارها من البحر الأحمر، واضطرت إلى تحويل مسار السفن إلى طرق بديلة منها مجرى رأس الرجاء الصالح.

وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي (2022 - 2023)، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي (2023 - 2024)، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وخلال لقاء الوزير عبد العاطي مع فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، أشار إلى تقدير مصر الكبير للقيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، وللدور الإيجابي الذي تضطلع به سلطنة عمان على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكد عبد العاطي أهمية التعاون المشترك لتعزيز الأمن العربي، وحرص مصر على التنسيق والتشاور مع السلطنة لتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، لا سيما في ظل الاضطرابات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على عدة جبهات.

وطبقاً للبيان، تناول اللقاء مناقشة عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، على رأسها القضية الفلسطينية واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والجهود المصرية لاحتواء التصعيد في المنطقة، والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، كما تم تبادل الرؤى حول الأوضاع في سوريا واليمن والسودان وليبيا.

وخلال لقائه مع بدر البوسعيدي، وزير خارجية سلطنة عُمان، في إطار زيارته الرسمية إلى مسقط، ناقش عبد العاطي مجمل العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك حيال القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك.

مباحثات سياسية بين وزير الخارجية المصري ونظيره العماني (الخارجية المصرية)

تناول الوزيران، حسب البيان المصري، أطر التعاون الثنائي القائمة، وسبل تعزيز مسار العلاقات بين مصر وسلطنة عُمان، والارتقاء بها إلى آفاق أوسع تنفيذاً لتوجيهات قيادتي البلدين.

وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مسقط، في يونيو (حزيران) 2022، بينما زار السلطان هيثم بن طارق القاهرة في مايو (أيار) 2023.

وأكد الوزيران على أهمية التحضير لعقد الدورة السادسة عشرة للجنة المشتركة بين البلدين خلال الربع الأول من عام 2025، لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات.

وشدد عبد العاطي على الأهمية التي توليها مصر لتطوير وتعزيز علاقاتها مع سلطنة عُمان، مشيداً بالعلاقات الوطيدة والتاريخية التي تجمع بين البلدين. وأشار إلى الاهتمام الخاص الذي توليه مصر للتعاون مع أشقائها في الدول العربية في مجال جذب الاستثمارات والتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، مستعرضاً برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الجاري تطبيقه في مصر، والخطوات التي تم اتخاذها لتهيئة المناخ الاستثماري وتوفير الحوافز لجذب الاستثمارات الأجنبية.

كما أشار إلى أهمية العمل على تعزيز التعاون بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بـالدقم، وكذلك الربط البحري بين ميناءي «الدقم» و«صلالة»، والموانئ المصرية مثل ميناء الإسكندرية وميناء العين السخنة وغيرهما، بما يعزز التبادل التجاري بين البلدين، ويساهم في تعميق التعاون بينهما في مجالات النقل الملاحي والتخزين اللوجستي، في ضوء ما تتمتع به مصر وعُمان من موقع جغرافي متميز يشرف على ممرات ملاحية ومضايق بحرية استراتيجية.

وفيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية في ظل التحديات المتواترة التي تشهدها المنطقة، ناقش الوزيران، وفق البيان المصري، التطورات في سوريا، والحرب في غزة، وكذلك الأوضاع في ليبيا ولبنان، وتطورات الأزمة اليمنية وجهود التوصل لحل سياسي شامل، وحالة التوتر والتصعيد في البحر الأحمر التي تؤثر بشكل مباشر على أمن الدول المشاطئة له، كما تطرق النقاش إلى الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي والتطورات في السودان والصومال.

وأكد البيان أن اللقاء عكس رؤيةً مشتركةً بين الوزيرين للعديد من التحديات التي تواجه المنطقة، وكيفية مواجهتها، وأكدا على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين والحرص على تكثيف التشاور والتنسيق بشأن مختلف القضايا، كما اتفق الوزيران على تبادل تأييد الترشيحات في المحافل الإقليمية والدولية.