السعودية: دعوات لتأسيس مراكز متخصصة بالصادرات غير النفطية لتعزيز تسويقها بشكل احترافي

معدل نموها السنوي يبلغ 12 في المائة.. ووزير التجارة يبشّر بتحسين بيئة التصدير

جانب من ميناء جدة ({الشرق الأوسط})
جانب من ميناء جدة ({الشرق الأوسط})
TT

السعودية: دعوات لتأسيس مراكز متخصصة بالصادرات غير النفطية لتعزيز تسويقها بشكل احترافي

جانب من ميناء جدة ({الشرق الأوسط})
جانب من ميناء جدة ({الشرق الأوسط})

شدد عدد من ممثلي قطاع الأعمال السعودي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، على ضرورة إعادة دراسة وتنظيم عملية الصادر بالتنسيق مع الدول التي تستقبل منتجات المملكة، مطالبين بتأسيس مراكز متخصصة في تلك الدول تلبي حاجة أسواقها من المواد الخام والمنتجات السعودية؛ لتعزيز عملية تسويقها بشكل احترافي مقنن.
وأوضح المهندس عبد الله المبطي، رئيس مجلس الغرف السابق ورئيس غرفة أبها، أن الصادرات السعودية عنصر أساسي في جهود التنمية بالمملكة، حيث توفر النقد الأجنبي لتمويل قطاعات الاقتصاد واستيعاب منتجاتها، فضلا عن زيادة نمو الطلب الكلي. وأضاف أنه من شأن ذلك أن يؤدي إلى تحفيز نمو الاقتصاد السعودي، مبينا أن تحقيق معدل نمو سنوي يبلغ 12 في المائة للصادرات غير النفطية يعد إنجازا كبيرا في ظل التسهيلات التي تقدمها الدولة لتنمية القطاع الصناعي؛ كتوافر الأراضي ومباني المصانع والإعفاءات الجمركية والقروض الصناعية، التي زادت من 50 في المائة إلى 75 في المائة.
وعلى صعيد ذي صلة، يعتقد المبطي أن أبرز معوقات التصدير تتمثل في التسويق للمنتجات السعودية والنقل الداخلي والنمو الاستراتيجي، إضافة إلى الحاجة للحصول على الضامن والتمويل بجانب الجمركة. واقترح المبطي أهمية العمل على الترويج للمنتج السعودي بشكل جيد من خلال المعارض المتنوعة داخليا وخارجيا، إلى جانب تطوير قدرات المصدرين وحل معوقات التصدير التي تواجه أصحاب المصانع. ونادى بإعداد دراسات مناسبة تهدف إلى تحديد مؤثرات نمو الصادرات، إضافة إلى اقتراح تحويل الدعم الداخلي لبعض المنتجات ليكون دعما مباشرا للمنتج المصدر إلى الخارج.
وقال المبطي «أكثر من 20 سنة والصادرات تعد فقط جهودا فردية لا ترتقي لأساليب الدول الأخرى، إلا أنه حاليا بعد تولي وزارة التجارة هذا الموضوع وانطلاقة هيئة الصادرات السعودية تحت رئاسة وزير التجارة، من المتوقع أن تتضاعف أرقام الصادرات». وعزا ذلك إلى الإمكانية الضخمة للسعودية، وجودة صناعاتها، وتهافت بعض الدول عليها قبل تسويقها، فضلا عن التسهيلات الحكومية لدعم الصناعة، علاوة على وجود دعم مالي للصادرات من خلال صندوق التنمية السعودي، في ظل وجود بنية تحتية من طرق وسكة حديد وموانئ.
وأكد أن خطة الوزارة لتفعيل ملحق تجاري فاعل بكل السفارات ستضيف إيجابيات، داعيا المنتجين للتواصل مع الهيئة، مطالبا الجهات الحكومية المعنية بخدمات تخدم الصناعة من خلال المساهمة بجهد أكثر.
من جهته، قال عبد الله المليحي، عضو مجلس الغرف السعودية، لـ«الشرق الأوسط»: «إن هيئة تنمية الصادرات بذلت مجهودات كبيرة ولديها إمكانيات معتبرة في ظل دعم حكومي سخي، غير أن هناك حاجة ماسة إلى مضاعفة التركيز في عرض المنتجات، مع أهمية إعادة دراسة تنمية الصادرات وتنظيمها بشكل أفضل مما هي عليه الآن». ولفت إلى أن الهيئة نفذت عددا من التمويلات في دول عدة، غير أنها لا تملك وجودا في الخارج على عكس ما عليه الحال في الداخل، داعيا لمزيد من التنسيق بينها وبين الجهات المعنية، بما فيها مجلس الغرف، مشيرا إلى تمويلها صفقة «لليوريا» مع الشركة السعودية للصناعات الأساسية «سابك» إبان زيارة الأمير سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد، لباكستان، ضمن جولته الآسيوية الأخيرة.
وشدد المليحي على أهمية وجود مراكز لتنمية صادرات السعودية بالتنسيق مع الدول التي تستقبلها بالتعاون مع الشركات العاملة في هذا المجال، لا سيما الدول العربية والآسيوية، فضلا عن الغربية؛ لعرض المنتج السعودي وتقديم الخدمات وإتاحة الفرصة للمراجعة وتلبية الاحتياجات من المواد الخام والمنتجات، مدللا على ذلك بنجاح «سابك» في عرض منتجاتها بالخارج نتيجة وجود مكاتب لها تمثلها في تلك البلاد. وأضاف «نرى أنه لا بد من مضاعفة الجهود في احترافية عمليات التسويق والوجود في المعارض العالمية وفي الدعاية الموجهة لتعريف المستهلك خارج المملكة بالمنتج السعودي، خاصة ونحن نزخر بمنتجات كبيرة وذات جودة عالية وتتميز بالتنافسية، في حين يقدم المركز تسهيلات كبيرة في عدد من المشاريع في دول أفريقية، ومنها البناء والتشييد».
ونوه بأهمية استفادة الهيئة من الوضع الحالي الذي صنعته اتفاقية التجارة الحرة بين الخليج وسنغافورة، التي اقتضت دخول 99 في المائة من المنتجات السنغافورية إلى السعودية والخليج دون جمارك، كما اقتضت في المقابل دخول المنتجات الخليجية إلى سنغافورة دون جمارك، مما يعد في خانة التسهيلات التي يمكن أن تضاعف الوجود للصادرات المحلية وتسويقها إلى بقية دول آسيا.
وفي غضون ذلك، ناقش مجلس إدارة هيئة تنمية الصادرات السعودية في اجتماعه الثاني، الذي ترأسه الدكتور توفيق الربيعة، وزير التجارة والصناعة رئيس مجلس الإدارة؛ الخطة الوطنية للتصدير وجوانب تطوير قدرات المصدرين وتدريبهم، إلى جانب استعراض آخر تطورات أعمال الهيئة، في مقر الهيئة بالرياض مؤخرا. وشدد الربيعة على ضرورة العمل لتحسين بيئة التصدير في السعودية، وبما يضمن تحقيق التنوع في مصادر الدخل الوطني في المستقبل، مبينا جهود أعضاء المجلس ودعمهم غير المحدود، مما أسهم في تذليل جزء من التحديات أمام المنشآت الصغيرة والمتوسطة الراغبة في التصدير، مشيرا إلى السعي لزيادة الوعي لدى المصدرين وتطوير قدراتهم.
يشار إلى أن تنظيم هيئة تنمية الصادرات السعودية يُعنى بشؤون تنمية الصادرات غير النفطية في المملكة، بما يسهم في تحسين البيئة التصديرية للبلاد وتحفيز صادراتها للوصول إلى الأسواق العالمية، ومن ثم تحقيق تنوع في روافد الاقتصاد الوطني.
وتمارس الهيئة أعمالها وفق الأدوار الرئيسة التي أقرها مجلس إدارتها، والمساهمة في وضع سياسات واستراتيجية وطنية للتصدير، وكذلك المساندة في حل معوقات التصدير التي تواجه المصانع السعودية داخليا وخارجيا، بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة.
وبذلت جهودا مقدرة في سبيل الترويج للصادرات السعودية، من خلال المشاركة في المعارض الدولية المتخصصة، وتنظيم زيارات لوفود رجال الأعمال في الأسواق المستهدفة، وتقديم خدمات المعلومات والإحصاءات المتعلقة بالتصدير، إضافة إلى المساندة في تقديم الخدمات الاستشارية للمصدرين.
وشارك في الاجتماع عدد من ممثلي الجهات الحكومية الممثلة في المجلس، ومن بينهم: ممثلو هيئة تنمية الصادرات السعودية والهيئة العامة للاستثمار، ووزارة الخارجية، ووزارة المالية، ووزارة الزراعة، ووزارة التجارة والصناعة، والصندوق السعودي للتنمية، ومجلس الغرف السعودية، وغيرها.
إلى ذلك، أكدت دراسة أن حجم ما موّل من صادرات من خلال برنامج تمويل الصادرات السعودي منذ إنشائه، لم يزد على نسبة 38 في المائة من إجمالي رأسمال البرنامج، بمتوسط 4 في المائة سنويا، في وقت حدد فيه رأسمال البرنامج بمبلغ 15 مليار ريال (4 مليارات دولار). وأوضحت الدراسة التي أعدتها عدة جهات بإشراف الدكتور عبد الرحمن العالي، أستاذ إدارة الأعمال الدولية والتسويق؛ أن إجمالي قيمة عمليات التمويل المباشر من عام 2001 حتى 2009، إضافة إلى الربع الأول من عام 2010؛ بلغ 4.1 مليار ريال (1.1 مليار دولار).
وبلغ إجمالي عدد المصدرين في عمليات التمويل المباشر 35 مصدرا نفذوا 77 عملية تمويل مباشر، وشكلت «سابك» وحدها 37 في المائة من إجمالي قيمة التمويل المباشر. فيما بلغ عدد الدول المستوردة التي استفادت من خدمات التمويل المباشر 18 دولة خلال الأعوام من 2001 حتى 2009، حيث شكلت الدول العربية نسبة 50 في المائة من إجمالي قيمة العمليات.
وشكل السودان أكبر عدد عمليات، حيث وصلت إلى 55 في المائة من إجمالي عدد العمليات البالغ 77 عملية، فيما شكلت باكستان والسودان ما نسبته 61 في المائة من إجمالي قيمة التمويل. كما بلغ عدد أصناف السلع في عمليات التمويل المباشر 33 صنفا، وشكلت الأسمدة الحصة الكبرى من أصناف السلع المصدرة، واحتلت المعدات الزراعية المرتبة الثانية بنسبة 18 في المائة من إجمالي قيمة الأصناف المصدرة، وشكلت المشتقات البترولية المرتبة الثالثة بنسبة 7 في المائة من إجمالي قيمة الأصناف المصدرة.



مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
TT

مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)

نشرت الجريدة الرسمية في مصر قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن الموافقة على زيادة حصة البلاد في صندوق النقد الدولي بنسبة 50 في المائة. كما نص القرار على أن الزيادة في الحصة لن تصبح سارية إلا بعد استيفاء شروط التصديق، رابطاً ذلك بموافقة جميع الدول الأعضاء في الصندوق على زيادة حصصهم.

وحسب مراقبين، تهدف زيادة الحصة إلى تعزيز الموارد المتاحة لصندوق النقد لدعم السياسات الاقتصادية والمالية للدول الأعضاء. كما أنها تزيد من القوة التصويتية لمصر في الصندوق.

ويرتبط القرار بالمراجعة العامة الـ16 للحصص، التي تشمل زيادات في حصص الدول الأعضاء، والتي تعتمد على الموافقة الكتابية للدول المشاركة والالتزام بالشروط المالية المحددة. علماً أن نحو 97 في المائة من الدول الأعضاء توافق على الزيادة.

كان مجلس النواب قد وافق في جلسة عامة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على زيادة حصة مصر في الصندوق بنسبة 50 في المائة. ومن المقرر أن تقوم مصر بإتمام الإجراءات المالية اللازمة لدفع الزيادة في حصتها، والتي ستتم في إطار الزمان المحدد في القرار، حسبما أوضح مسؤولون مصريون.

وأعلن صندوق النقد الشهر الماضي التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع مصر بشأن المراجعة الرابعة لاتفاق تسهيل الصندوق الممدد الذي يستمر 46 شهراً، وهو ما قد يتيح صرف شريحة جديدة تبلغ 1.2 مليار دولار. وقال وزير المالية المصري أحمد كوجك، قبل أيام إن مصر ستحصل على الشريحة هذا الشهر، نافياً طلب مصر توسيع القرض البالغة قيمته 8 مليارات دولار مرة أخرى.

وفي تصريحات إعلامية، أعرب كوجك عن قلقه من حجم الدين الخارجي الذي يتخطى 152 مليار دولار، وأكد تعهد الحكومة بخفضه بما يعادل نحو ملياري دولار سنوياً مع السداد بأكثر من قيمة الاقتراض.

في سياق منفصل، أفادت بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر بأن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجع إلى 24.1 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من 25.5 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني). وهذا هو أدنى مستوى في عامين، ويتماشى ذلك مع ما خلص إليه استطلاع رأي أجرته «رويترز»، وذلك في ظل استمرار تراجع أسعار المواد الغذائية.

وعلى أساس شهري، ارتفعت الأسعار في المدن المصرية 0.2 في المائة، مقارنةً مع 0.5 في المائة في نوفمبر. وانخفضت أسعار المواد الغذائية بنسبة 1.5 في المائة في ديسمبر بعد انخفاضها بنسبة 2.8 في المائة في نوفمبر، مما جعلها أعلى بنسبة 20.3 في المائة مما كانت عليه قبل عام.

وارتفع التضخم في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول)، لكنه انخفض في نوفمبر وظل أقل بكثير من أعلى مستوى له على الإطلاق عند 38 في المائة الذي سجله في سبتمبر 2023.

وساعد النمو السريع في المعروض النقدي لمصر على زيادة التضخم. وأظهرت بيانات البنك المركزي أن المعروض النقدي (ن2) نما 29.06 في المائة في العام المنتهي في آخر نوفمبر، وهو ما يقل قليلاً عن أعلى مستوى على الإطلاق البالغ 29.59 في المائة المسجل في العام المنتهي بنهاية سبتمبر.

وبدأ التضخم في الارتفاع بشكل كبير عام 2022 عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما دفع المستثمرين الأجانب إلى سحب مليارات الدولارات من أسواق الخزانة المصرية. وسجل التضخم ذروته عند 38 في المائة في سبتمبر 2023، وكان أدنى مستوى له منذ ذلك الحين عندما سجل 21.27 في المائة في ديسمبر 2022.

ووقَّعت مصر في مارس (آذار) الماضي على حزمة دعم مالي مع صندوق النقد الدولي بهدف مساعدتها على تقليص عجز الميزانية وتبني سياسة نقدية أقل تأجيجاً للتضخم، لكنَّ الحزمة تُلزم الحكومة بخفض الدعم على بعض السلع المحلية، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها.

ومعدلات التضخم من أهم النقاط التي تراعيها لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري عندما تجتمع لاتخاذ قرارات أسعار الفائدة.

وتتوقع اللجنة استمرار هذا الاتجاه، إذ قالت في محضر آخر اجتماعاتها في 2024: «تشير التوقعات إلى أن التضخم سيتراجع بشكل ملحوظ بدءاً من الربع الأول من عام 2025، مع تحقق الأثر التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس، وسوف يقترب من تسجيل أرقام أحادية بحلول النصف الثاني من عام 2026».

كانت اللجنة قد ثبَّتت أسعار الفائدة في اجتماعاتها الستة الأحدث، إذ لم تغيرها منذ أن رفعتها 600 نقطة أساس في اجتماع استثنائي خلال مارس في إطار اتفاق قرض تمت زيادة حجمه إلى 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي. وكان هذا الرفع قد جاء بعد زيادة بلغت 200 نقطة أساس أول فبراير (شباط).