السيسي: تيارات الإسلام السياسي استغلت فراغاً أفرزه «الربيع العربي» للوصول للحكم

الرئيس المصري تناول خلال زيارته للصين تجربة بلاده في مواجهة الإرهاب

السيسي خلال لقائه الرئيس الصيني في بكين (الرئاسة المصرية) («الشرق الأوسط»)
السيسي خلال لقائه الرئيس الصيني في بكين (الرئاسة المصرية) («الشرق الأوسط»)
TT

السيسي: تيارات الإسلام السياسي استغلت فراغاً أفرزه «الربيع العربي» للوصول للحكم

السيسي خلال لقائه الرئيس الصيني في بكين (الرئاسة المصرية) («الشرق الأوسط»)
السيسي خلال لقائه الرئيس الصيني في بكين (الرئاسة المصرية) («الشرق الأوسط»)

قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أمس، إن تيارات الإسلام السياسي المتشددة استغلت حالة فراغ أفرزتها ثورات «الربيع العربي»، قبل عدة سنوات، للوصول للحكم، في عدة دول من بينها مصر، مستعرضا، خلال زيارته للعاصمة بكين حيث يشارك في منتدى التعاون الصيني - الأفريقي، تجربة بلاده في مواجهة تلك الجماعات الإرهابية و«منع انهيار الدولة»، على حد وصفه.
وتولى السيسي الحكم في مصر عام 2014 بعد أن أطاحت احتجاجات شعبية عارمة في 30 يونيو (حزيران) 2013 بحكم جماعة «الإخوان» للبلاد، والذي استمر عاماً واحداً فقط.
وتتهم السلطات المصرية، الإخوان وجماعات أخرى مسلحة، تنتمي لتنظيم داعش الإرهابي، بالمسؤولية عن أعمال عنف وتفجيرات، تحدث في أماكن متفرقة بين الحين والآخر، خاصة منطقة شمال سيناء.
وخلال زيارته للصين، ألقى الرئيس السيسي كلمة أمام أكاديمية الحزب الشيوعي الصيني في بكين، والتي تعد أهم المؤسسات التعليمية في الصين، والمسؤولة عن تدريب القيادات وتأهيلهم لتولي المناصب العليا.
ووفقا للسفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، فقد استعرض الرئيس المصري ما تم من إصلاح اقتصادي ومشروعات كبرى في بلاده خلال الفترة الأخيرة، بهدف توفير البيئة المواتية لجذب الاستثمارات الأجنبية، سواء من خلال توفير البنية التحتية من شبكة طرق حديثة وزيادة القدرة على توليد الطاقة الكهربائية وبناء الكثير من المدن الجديدة وتطوير وزيادة عدد الموانئ البحرية، وتوفير التشريعات المحفزة للاستثمار، فضلاً عن المضي قدماً في عملية إصلاح اقتصادي، كان للشعب المصري الدور الأهم في تحمل نتائجها الصعبة بما لديه من وعي وإدراك لطبيعة المرحلة التي تمر بها مصر، على حد قوله.
وأكد السيسي أنه في ظل الأحداث التي وقعت منذ عام 2011 (ثورة 25 يناير)، جاء تركيز الدولة المصرية خلال السنوات الأربع الأخيرة على الحفاظ على أركان الدولة والحيلولة دون انهيارها، وذلك من خلال إعادة بناء المؤسسات، فضلاً عن إعادة الاستقرار والأمن والتصدي للإرهاب.
وأكد السيسي أنه مع انشغال الدولة بتنفيذ تلك الخطوات تم العمل في الوقت ذاته وبالتوازي على تنفيذ خطة تنموية طموحة تشمل الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي وتنفيذ مشروعات عملاقة لتأهيل الدولة للانطلاق إلى مستقبل أفضل، وأشار إلى أن المرحلة القادمة ستشمل بجانب الاستمرار في عملية الإصلاح الاقتصادي، الاهتمام بتطوير وتحديث التعليم والصحة والإصلاح الإداري.
ورداً عن استفسار بشأن الربيع العربي وتداعياته بالمنطقة، أوضح السيسي أن الفراغ الذي أفرزته ثورات الربيع العربي تم ملؤه من قبل بعض التيارات الدينية المعروفة بالإسلام السياسي، سعت إلى استغلال الفرصة للوصول إلى الحكم وتولي السلطة، دون اكتراث منها بأهمية الحفاظ على الدولة الوطنية أو سقوطها، وبفهم خاطئ لحقيقة الواقع الذي تعيشه المنطقة وشعوبها ولمفهوم الدولة، وشدد على أن الشعب المصري اختار بإرادته الواعية طريق الإصلاح لينأى بمصر عن خطر الانزلاق والانهيار.
وأكد السيسي حرص مصر على تعزيز التعاون مع الصين في مختلف المجالات، السياسية والاقتصادية والثقافية والسياحية والعلمية وغيرها، وذلك للاستفادة مما يتوفر لديها من خبرات وتجارب ستساعد في تحقيق التنمية المنشودة في مصر، مشيرا إلى أن مصر تنظر إلى الصين بكل التقدير والإعجاب، خاصة مع نجاحها في أن تقطع شوطاً كبيراً في عملية البناء والتنمية.
وأكد أهمية الدور المصري في تعزيز العلاقات الصينية بالقارة الأفريقية والمنطقة العربية وأوروبا، وذلك في ظل ما تحظى به مصر من علاقات متميزة مع مختلف تلك الدول، فضلاً عن موقعها الجغرافي المتميز ودخولها في الكثير من اتفاقيات للتجارة الحرة مع الكثير من الدول بتعدادهم البالغ نحو 1.6 مليار نسمة، الأمر الذي يسهل من نفاذ المنتجات المصنعة في مصر إلى أسواق تلك الدول، خاصة مع ما تقدمه مصر من تسهيلات للصناعات والاستثمارات الأجنبية في الكثير من المناطق الصناعية الجديدة التي تم إنشاؤها، فضلاً عما تمثله قناة السويس من محور عالمي لتسيير حركة التجارة، بما يساهم في نقل البضائع إلى مختلف أنحاء العالم.
وكان الرئيس المصري، استهل جولة مطولة بدأها إلى الصين أول من أمس، بلقاء نظيره الصيني شي جين بينغ، ووقع مسؤولون في البلدين على خمس اتفاقيات للتعاون في مجالات مختلفة.
وتنوعت الاتفاقيات الموقعة بين القاهرة وبكين، وشملت مجالات «الجودة الصناعية، ومنح قرض صيني لمصر، والتعاون في مشروعات تتعلق بالطاقة الإنتاجية، والقطار المكهرب الذي تنشئه مصر بخبرة صينية، علاوة على منحة صينية لتصنيع القمر الصناعي المصري، واتفاق إطاري للمشروعات المستقبلية خلال السنوات الثلاث القادمة».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».