ماي ترفض التنازل للاتحاد الأوروبي... وتتحدى منتقديها

تحذيرات من انقسام حزب العمال على خلفية اتهامه بمعاداة السامية

المفاوض الأوروبي ميشال بارنييه ووزير بريكست البريطاني دومينيك راب في بروكسل الجمعة (أ.ف.ب)
المفاوض الأوروبي ميشال بارنييه ووزير بريكست البريطاني دومينيك راب في بروكسل الجمعة (أ.ف.ب)
TT

ماي ترفض التنازل للاتحاد الأوروبي... وتتحدى منتقديها

المفاوض الأوروبي ميشال بارنييه ووزير بريكست البريطاني دومينيك راب في بروكسل الجمعة (أ.ف.ب)
المفاوض الأوروبي ميشال بارنييه ووزير بريكست البريطاني دومينيك راب في بروكسل الجمعة (أ.ف.ب)

تعهدت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، أمس، بالتمسك بخطتها بشأن العلاقات التجارية المستقبلية مع الاتحاد الأوروبي بعد بريكست، بمواجهة معارضة شديدة من أنصار الانفصال.
وكانت ماي عرضت في يوليو (تموز) خطة نصت على خروج بريطانيا من السوق الموحدة، مع إنشاء «منطقة تبادل حر» جديدة للبضائع ومنتجات الصناعات الزراعية مع الاتحاد الأوروبي تقوم على اتفاق جمركي ومجموعة من القواعد المشتركة.
وواجه المشروع الذي عرف بـ«خطة تشيكرز»، في إشارة إلى المقر الصيفي لرئاسة الحكومة البريطانية حيث تم التوصل إليه، على الفور معارضة قوية من دعاة بريكست متشدد في صفوف حزبها المحافظ، إذ اعتبروا أنه ينحرف عن نتيجة الاستفتاء الذي أفضى في يونيو (حزيران) 2016 إلى الخروج من الاتحاد. وعلى أثر ذلك، استقال وزير الخارجية بوريس جونسون والوزير المكلف بريكست ديفيد ديفيس في خطوة كان له وقع شديد، فيما شكك قادة الاتحاد الأوروبي بإمكان تطبيق الخطة. وكتبت ماي في صحيفة «صنداي تلغراف» أمس: «لن أكون مرغمة بالقبول بتسويات على مقترحات خطة تشيكرز ليست في مصلحتنا الوطنية». ومن المقرر أن تخرج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 30 مارس (آذار) 2019 على أن تتوصل لندن وبروكسل إلى اتفاق بحلول أكتوبر (تشرين الأول) لترتيب شروط الطلاق وإرساء قواعد علاقتهما المستقبلية، بحيث يكون أمام البرلمانات الوطنية مهلة كافية للمصادقة على الاتفاق.
وفي مواجهة معارضة شديدة من مؤيدي بريكست لخطتها، رددت ماي أنها تفضل عدم التوصل إلى اتفاق بدل تقديم تنازلات إضافية لبروكسل. وكتبت: «سنكون على استعداد لعدم التوصل إلى أي اتفاق إذا لزم الأمر»، مستبعدة مرة جديدة تنظيم استفتاء ثان حول الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وكتبت: «إن طرح السؤال مرة جديدة سيكون خيانة كبرى لديمقراطيتنا، وخيانة لهذه الثقة».
وذكرت تقارير إعلامية في هذا الصدد أن بوريس جونسون يعمل مع الاستراتيجي السياسي المحافظ المعروف، لينتون كروسبي، لإفشال خطة تشيكرز والإطاحة بمهندستها من رئاسة الوزراء.
على صعيد آخر، يواجه حزب العمال البريطاني أزمة داخلية كبيرة على خلفية الاتهامات الموجهة له بمعاداة السامية. ودعا رئيس الوزراء السابق غوردن براون حزبه إلى اعتماد التعريف الدولي لمعاداة السامية، فيما حذّر وزير الخزانة في حكومة الظل جون ماكدونل من حصول انقسامات داخل الحزب على خلفية هذه الانتقادات التي طغت على أعمال الحزب طوال الصيف.
وكان النائب البريطاني المخضرم من حزب العمال، فرنك فيلد، قد أعلن استقالته الخميس بسبب تزايد الاتهامات بمعاداة السامية تحت قيادة جيريمي كوربين. وقال فيلد، النائب في مجلس العموم طوال قرابة 40 عاما، في رسالة إلى الحزب أن قيادة كوربين تشهد «تآكل قيمنا الأساسية». وكتب: «أقدم استقالتي لسببين رئيسيين، أولهما هو آخر مثال على أن قيادة حزب العمل أصبحت قوة معادية للسامية في السياسة البريطانية». وأضاف: «لقد خاضت بريطانيا الحرب العالمية الثانية لإبعاد هذه الآراء عن سياستنا، لكن هذا الجهد والنجاح اللافتين أصبحا حاليا عرضة لهجوم داخلي كبير ودائم». واعتبر أن «القيادة لا تتخذ أي خطوة مهمة لمعالجة هذا التآكل لقيمنا الأساسية»، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية.
ويخطط فيلد للبقاء في البرلمان كنائب مستقل، وقال إنه ينوي خوض الانتخابات العامة المقبلة. وقد حصل حزب العمال على 262 مقعداً في انتخابات العام 2017 إلا أن عدد مقاعده تراجع إلى 257 بعد تعليق مهام اثنين من النواب بانتظار التحقيق في مزاعم تحرش جنسي، في حين استقال جون وودكوك وجاريد أومارا وفيلد.
وقد اعترف كوربين أن لدى حزبه «مشكلة حقيقية» مع معاداة السامية في مقال صحافي كتبه مؤخرا. لكن الحاخام الأكبر السابق في بريطانيا، جوناثان ساكس، وصف هذا الأسبوع مباشرة كوربين بأنه معاد للسامية، واتهمه بـ«دعم العنصريين والإرهابيين وتجار الكراهية».
وتأتي انتقاداته بعد العثور على خطاب ألقاه كوربين عام 2013 يقول فيه إن «الصهاينة البريطانيين (...) لا يريدون دراسة التاريخ»، و«لا يفهمون السخرية الإنجليزية» رغم أنهم عاشوا هنا «لفترة طويلة جداً، ربما طوال حياتهم». وحذّرت بعد الأصوات العمالية والمستقلة من الخلط بين انتقاد إسرائيل ومعاداة السامية.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».