سياسة اعتقال المهاجرين تطغى على فعاليات قمة دول المحيط الهادئ

رئيس وزراء أستراليا يرفض المشاركة... وتحذير للصحافيين من تغطية أزمة الهجرة

TT

سياسة اعتقال المهاجرين تطغى على فعاليات قمة دول المحيط الهادئ

يعقد قادة دول المحيط الهادي، اليوم، في جزيرة ناورو قمة سنوية يفترض أن تتمحور حول قضايا الاحتباس الحراري على أرخبيلات مغمورة بالمياه أو التأثير المتنامي للصين، لكن يتوقع أن تطغى السياسات الأسترالية تجاه طالبي اللجوء على المحادثات.
ويعد المنتدى الثامن عشر لجزر المحيط الهادي الذي يستمر 4 أيام على هذه الجزيرة الاستوائية الصغيرة، مناسبة لإلقاء نظرة كاشفة على مخيم الاعتقال المنسي في ناورو، الذي وصفته منظمة العفو الدولية و80 منظمة غير حكومية في نداء إلى قادة المحيط الهادي بأنه «وصمة عار على المنطقة»، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وفي هذا النداء، كتبت روشيكا ديو، الباحثة لدى منظمة العفو الدولية للمحيط الهادي، أن «قادة جزر المحيط الهادي لم يعد بإمكانهم أن يستمروا في تجاهل هذه المسألة التي ستدرج في رأس جدول أعمال مناقشات منتدى جزر المحيط الهادي». وأضافت: «هذا وضع ميئوس منه يتطلب التحرك العاجل».ويضم معسكر الاحتجاز نحو 220 طالب لجوء، بينهم نحو 10 أطفال حاولوا الوصول إلى أستراليا عن طريق البحر، وقد أرسلوا بموجب سياسة هجرة قاسية إلى مناطق نائية في المحيط الهادي، بينها دولة ناورو الصغيرة أو بابوا غينيا الجديدة. وتبرر كانبيرا سياستها بضرورة منع وصول سفن المهاجرين غير القانونيين، وبهذه الطريقة إنقاذ حياة مهاجرين يحاولون خوض غمار هذه الرحلة البحرية المحفوفة بالمخاطر. وحتى لو اعتبر طلب اللجوء الذي يقدمه المهاجرون سليماً، فلا يتم قبولهم على الأراضي الأسترالية.
وتعرضت السلطات الأسترالية مراراً للانتقاد بسبب الظروف الحياتية في هذه المخيمات التي يبقى فيها اللاجئون إلى ما لا نهاية، من دون إمكانية مغادرتها، وفق وكالة الصحافة الفرنسية. وفي تقرير صدر في 2016، ندّدت لجنة حقوق الطفل في الأمم المتحدة بـ«معاملة غير إنسانية ومهينة» يتعرض لها القاصرون في ناورو، «بما في ذلك أعمال عنف جسدية ونفسية وجنسية».
في هذه الأثناء، يعدّ هذا المخيم أساسياً لاقتصاد ناورو، المنهكة منذ استنزاف احتياطيات الفوسفات التي أسهمت في نموها القرن الماضي. وبالاستناد إلى الأرقام الأسترالية، فقد ارتفعت العائدات العامة لهذه الجزيرة التي يبلغ عدد سكانها 11 ألف نسمة وتصنّفها فرنسا بين الملاذات الضريبية، من 20 إلى 115 مليون دولار أسترالي (12 إلى 72 مليون يورو) بين 2010 - 2011 و2015 - 2016، بفضل المساعدات الأسترالية.
وحذّرت السلطات في ناورو الصحافيين الذين يغطون هذا اللقاء الدبلوماسي من أن «تأشيراتهم ستلغى» إذا كتبوا عن المخيم. وقالت السلطات: «ليس مسموحاً لكم سوى بأن تغطوا أو تلتقطوا صوراً أو أشرطة فيديو للقمة. وأي موضوع آخر يجب أن يحصل على موافقة جمهورية ناورو».
وناورو التي تبلغ مساحتها 21 كيلومتراً مربعاً هي أصغر دولة جزيرة في العالم، وسيكون من الصعب على المندوبين تجاهل وجود مخيم الاعتقال. ولم تستبعد رئيسة وزراء نيوزيلندا، جاسيندا ارديرت، التي اقترحت على أستراليا وناورو استقبال 150 لاجئاً، القيام بمحاولة لزيارة المخيم. وقالت للصحافيين: «آمل أن تتاح لي على الأقل إمكانية التطرق إلى موضوع اللاجئين في الجزيرة. لا أعرف الشكل الذي سيتخذه ذلك».
وقرر رئيس الوزراء الأسترالي الجديد سكوت موريسون الذي تولى منصبه للتو، ألا يشارك في منتدى جزر المحيط الهادي. وأحد أهداف اللقاء الدبلوماسي هذه السنة، تأسيس صندوق من 1.5 مليار دولار لمساعدة المنطقة في مواجهة الاحتباس الحراري والكوارث البيئية مثل الزلازل.



برلمان كوريا الجنوبية يعزل الرئيس... ويون: سأتنحى ولن أستسلم

TT

برلمان كوريا الجنوبية يعزل الرئيس... ويون: سأتنحى ولن أستسلم

رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول ينحني بعد خطاب اعتذار بثه التلفزيون الرسمي في 7 ديسمبر (أ.ف.ب)
رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول ينحني بعد خطاب اعتذار بثه التلفزيون الرسمي في 7 ديسمبر (أ.ف.ب)

صوّت البرلمان في كوريا الجنوبية، السبت، على عزل الرئيس يون سوك يول، بعد محاولته الفاشلة لفرض الأحكام العرفية وعرقلة عمل المؤسسة التشريعية عبر اللجوء إلى الجيش في الثالث من ديسمبر (كانون الأول) الحالي. وقال يون سوك يول، عقب قرار عزله، إنه «لن يستسلم أبداً»، داعياً في الوقت ذاته إلى الاستقرار.

واحتشد عشرات آلاف المتظاهرين أمام الجمعية الوطنية في أثناء إجراء عملية التصويت، معبرين عن فرحتهم لدى إعلان رئيس البرلمان وو وون شيك نتيجة التصويت. وصوّت 204 نواب لصالح مذكرة العزل، في حين عارضها 85 نائباً، وامتنع ثلاثة نواب عن التصويت، وأُبطلت ثماني بطاقات تصويت. وكان ينبغي أن يوافق البرلمان على مذكرة العزل بأغلبية 200 صوت من أصل 300. ونجحت المعارضة، التي تضم 192 نائباً، في إقناع 12 من أصل 108 من أعضاء حزب السلطة للشعب الذي ينتمي إليه يون، بالانضمام إليها. وبذلك، عُلق عمل يون في انتظار قرار المحكمة الدستورية المصادقة على فصله في غضون 180 يوماً. ومن المقرر أن يتولّى رئيس الوزراء هان دوك سو مهام منصبه مؤقتاً.

«انتصار عظيم»

قال زعيم الحزب الديمقراطي الذي يمثّل قوى المعارضة الرئيسة في البرلمان، بارك تشان داي، بعد التصويت، إن «إجراءات العزل اليوم تمثّل انتصاراً عظيماً للشعب والديمقراطية»، كما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية». وقبل التصويت، أكد بارك في كلمة أمام البرلمان، أن فرض الأحكام العرفية يشكّل «انتهاكاً واضحاً للدستور وخرقاً خطيراً للقانون»، مضيفاً أن «يون سوك يول هو العقل المدبر لهذا التمرد».

رئيس الجمعية الوطنية وو وون شيك يوقّع على قرار عزل رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول في 14 ديسمبر (أ.ف.ب)

وأضاف: «أحضكم على التصويت لصالح العزل من أجل ترك درس تاريخي مفاده بأن أولئك الذين يدمّرون النظام الدستوري سوف يُحاسبون»، لافتاً إلى أن «يون سوك يول هو الخطر الأكبر على جمهورية كوريا». وفي السابع من ديسمبر الحالي، فشلت محاولة أولى لعزل يون عندما غادر معظم نواب حزب السلطة للشعب الجلسة البرلمانية لمنع اكتمال النصاب القانوني.

مظاهرات واسعة

عند إعلان عزل يون، عبّر نحو 200 ألف متظاهر كانوا محتشدين أمام الجمعية الوطنية عن فرحهم، ورقصوا على أنغام موسيقى البوب الكورية الصاخبة، كما احتضنوا بعضهم فيما كانوا يبكون، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». وقالت تشوي جانغ ها (52 عاماً): «أليس من المدهش أننا، الشعب، حققنا هذا معاً؟».

كوريون جنوبيون يحتفلون بعد عزل البرلمان الرئيس يون سوك يول في 14 ديسمبر (رويترز)

في المقابل، تجمّع آلاف من مناصري يون في وسط سيول، حيث حُملت أعلام كوريا الجنوبية والولايات المتحدة. وقال يون للتلفزيون إنه «محبط للغاية»، مؤكداً أنه «سيتنحى جانباً لبعض الوقت». ودعا إلى إنهاء «سياسة الإفراط والمواجهة» لصالح «سياسة التروي والتفكير». وأمام المحكمة الدستورية ستة أشهر للمصادقة على قرار البرلمان أو نقضه. ومع تقاعد ثلاثة من قضاتها التسعة في أكتوبر (تشرين الأول) من دون أن يجري استبدالهم بسبب الجمود السياسي، سيتعيّن على الستة المتبقين اتخاذ قرارهم بالإجماع. وإذا تمّت الموافقة على العزل فستُجرى انتخابات رئاسية مبكرة خلال فترة ستين يوماً. وتعهّد رئيس المحكمة مون هيونغ باي باتخاذ «إجراء سريع وعادل»، في حين دعا بقية القضاة إلى أول اجتماع صباح الاثنين.

تحديات قانونية

ويون سوك يول (63 عاماً) هو ثالث رئيس في تاريخ كوريا الجنوبية يعزله البرلمان، بعد بارك جون هيي في عام 2017، وروه مو هيون في عام 2004، غير أن المحكمة العليا نقضت إجراءات عزل روه موه هيون، بعد شهرين على اتخاذ القرار بعزله من قبل البرلمان. وباتت الشبكة القضائية تضيق على يون سوك يول ومعاونيه المقربين، بعد إبعاده عن السلطة وخضوعه لتحقيق جنائي بتهمة «التمرد» ومنعه من مغادرة البلاد.

زعيم الحزب الديمقراطي لي جاي ميونغ يُدلي بصوته خلال جلسة عامة للتصويت على عزل الرئيس يون سوك يول في 14 ديسمبر (أ.ب)

وكانت النيابة العامة قد أعلنت، الجمعة، توقيف رئيس القيادة العسكرية في سيول، كما أصدرت محكمة مذكرات توقيف بحق قائدي الشرطة الوطنية وشرطة سيول، مشيرة إلى «خطر إتلاف أدلة». وكان وزير الدفاع السابق كيم هونغ هيون، الذي يُعدّ الشخص الذي دفع الرئيس إلى فرض الأحكام العرفية، أول من تم توقيفه واحتجازه في الثامن من ديسمبر الحالي.

وأحدث يون سوك يول صدمة في كوريا الجنوبية ليل الثالث إلى الرابع من ديسمبر، عندما أعلن الأحكام العرفية للمرة الأولى منذ أكثر من أربعة عقود في البلاد، وأرسل الجيش إلى البرلمان، في محاولة لمنع النواب من الاجتماع. مع ذلك، تمكّن النواب من عقد جلسة طارئة في قاعة محاطة بالقوات الخاصة، وصوّتوا على نص يطالب بإلغاء الأحكام العرفية، الأمر الذي كان الرئيس ملزماً دستورياً على الامتثال له. وكان يون سوك يول مدعياً عاماً في السابق، وقد دخل السياسة متأخراً وانتُخب رئيساً في عام 2022. وبرر انقلابه الأخير بأنه لـ«حماية كوريا الجنوبية الليبرالية من التهديدات التي تشكلها القوات الشيوعية الكورية الشمالية والقضاء على العناصر المعادية للدولة»، مُتهماً البرلمان الذي تسيطر عليه المعارضة بنسف كل مبادراته وتعطيل البلاد.