مخاوف على الاستقرار في لبنان من قرار واشنطن وقف تمويل «أونروا»

المقدح: نسبة البطالة في المخيمات تفوق الـ70 % والآتي أعظم

سيدتان فلسطينيتان في مخيم برج البراجنة في بيروت أمس (أ.ف.ب)
سيدتان فلسطينيتان في مخيم برج البراجنة في بيروت أمس (أ.ف.ب)
TT

مخاوف على الاستقرار في لبنان من قرار واشنطن وقف تمويل «أونروا»

سيدتان فلسطينيتان في مخيم برج البراجنة في بيروت أمس (أ.ف.ب)
سيدتان فلسطينيتان في مخيم برج البراجنة في بيروت أمس (أ.ف.ب)

أثار قرار واشنطن وقف تمويل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، مخاوف في لبنان من انعكاسات سلبية على الاستقرار الداخلي حال اضطرار الوكالة لتقليص خدماتها التي يستفيد منها آلاف اللاجئين الفلسطينيين الذين يرزحون أصلاً تحت وضع صعب في 12 مخيماً تنتشر في كافة المحافظات اللبنانية.
وأشار القيادي في حركة فتح، اللواء منير المقدح، إلى أن نسبة البطالة بين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان فاقت الـ70 في المائة، مشدداً على أن الواقع الفلسطيني على الأراضي اللبنانية من أسوأ ما يكون، وبعد القرار الأميركي الأخير الذي يستهدف «الأونروا»، بات واضحاً أن القادم أعظم. وقال المقدح لـ«الشرق الأوسط»: «أصلاً الوكالة لا تقدم الضمان الصحي بشكل كامل، فكيف اليوم بعد المشاكل المالية الكبيرة التي تعاني منها»، وأضاف: «نحن اليوم بمواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي كما مع الأميركيين. قدرنا أن نواجه ونصمد، مع تأكيدنا أن هذا كله لن يؤثر على أمن المخيمات والجوار، فكما جنبناها عواصف المنطقة طوال الفترة الماضية، فكذلك سنفعل اليوم».
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية هيذر نويرت، في بيانٍ الجمعة، إنّ إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعدما «درست بعناية المسألة، قرّرت أن الولايات المتحدة لن تقدّم بعد اليوم مساهمات إضافية إلى (الأونروا)». واتهم البيان الوكالة بـ«الانحياز بشكل لا يمكن إصلاحه»، وبأنها تزيد «إلى ما لا نهاية وبصورة مضخّمة» أعداد الفلسطينيين الذين ينطبق عليهم وضع اللاجئ.
والولايات المتحدة التي كانت على مدى عقود المساهم الأوّل في موازنة «أونروا»، خفّضت في يناير (كانون الثاني) بنسبة كبيرة مساعدتها للوكالة الأممية، إذ إنّها لم تقدّم هذا العام سوى 60 مليون دولار مقابل 370 مليون دولار في العام 2017.
ونبه رئيس لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني حسن منيمنة، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من «انعكاسات سلبية للتطورات الأخيرة على الاستقرار الداخلي وفي المخيمات، خصوصاً أن لبنان يعتمد بشكل كلي على الوكالة لتقديم الخدمات للاجئين، وأبرزها التعليمية والمرتبطة بالصحة، فيما تساهم دول أخرى محيطة تستضيف لاجئين بتقديم بعض الخدمات لهم». وأضاف: «لبنان لا يتحمل بأي شكل من الأشكال أن يكون بديلاً عن (أونروا) لأنه يرزح أصلاً تحت وضع اقتصادي ومالي صعب للغاية، لذلك هناك مخاوف جدية على مصير العام الدراسي الذي انطلق بخطوة مباركة ومهمة من الوكالة وعلى مصير خدمات أخرى، في حال لم يتم تأمين الأموال اللازمة لخفض العجز».
وفي ديسمبر (كانون الأول) من العام 2017، قامت الحكومة اللبنانية بتعداد عام للسكان والمساكن في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان، أشرفت عليه لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني وأنجزته إدارة الإحصاء المركزي اللبناني والجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني. وقد خلص إلى وجود 174 ألف لاجئ فلسطيني في لبنان يعيشون في 12 مخيماً و156 تجمعاً فلسطينياً في مختلف المحافظات، علماً بأن «الأونروا»، وفي إحصاء أجرته قبل نحو 9 سنوات، أكدت وجود أكثر من 483 ألف لاجئ فلسطيني في لبنان، 449 ألفاً منهم مسجلون لديها. وهي لا تزال تؤكد على ذلك من خلال موقعها الرسمي على شبكة الإنترنت.
وعبّر المتحدث الرسمي باسم «أونروا»، سامي مشعشع، عن أسف الوكالة وخيبة أملها من إعلان الولايات المتحدة أنها لن تقدم التمويل للوكالة بعد عقود من الدعم السياسي والمالي. ووصف القرار بـ«المفاجئ»، مؤكداً أن الوكالة ستواصل «بمزيد من التصميم التواصل من أجل حشد الدعم مع الشركاء الحاليين، 20 منهم حتى الآن ساهموا بمزيد من المال مقارنة بعام 2017، بما في ذلك دول الخليج وآسيا وأوروبا، ودول أخرى جديدة».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».