«الأونروا» في غزة تمنع «غير اللاجئين» من الالتحاق بمدارسها

لليوم الرابع على التوالي، يُحرم الطالب هاني أبو حجير، وهو من سكان منطقة مجاورة لمخيم البريج وسط قطاع غزة، من دخول مدرسة المرحلة الابتدائية للطلاب اللاجئين في المخيم، بعدما تبيّن أنه لا يحمل صفة «لاجئ» ضمن كشوفات «الأونروا» التي تشرف على تلك المدرسة، إلى جانب عدد كبير من المدارس في مناطق مختلفة من القطاع.
وحُرم المئات من الطلاب الذين يحملون صفة «مواطن» وليس صفة «لاجئ» من الدخول إلى مدارس «الأونروا» للمرة الأولى منذ سنوات طويلة مع افتتاح الموسم الدراسي الجديد يوم الأربعاء الماضي. ومثّل ذلك أول صورة من التداعيات الخطيرة المنتظرة لوقف التمويل الأميركي لـ«الأونروا». ووفق ما هو متفق عليه مع وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، فإن الطلاب المواطنين الذين لا مدارس حكومية في الإطار الجغرافي لمدنهم أو تبعد مدارسهم أكثر من كيلومترين عن مقر سكناهم، يُسمح لهم بمتابعة تعليمهم في مدارس «الأونروا».
ويخشى اللاجئون الفلسطينيون من تداعيات مضاعفة تطول قطاعات التعليم والصحة والمعونات التموينية بحقهم بعد القرار الأميركي، نظراً لأن الدعم المالي الأميركي يمثّل ما نسبته الثلث من الموازنة العامة لـ«الأونروا».
ويقول والد الطالب هاني أبو حجير لـ«الشرق الأوسط» إنهم فوجئوا بقرار منعه من الدراسة في مدرسة «الأونروا»، لا سيما أن عدداً من أبنائه يدرسون منذ سنوات في مدارس المنظمة الدولية ولم يواجهوا مثل هذا القرار «الغريب». وأشار إلى أنه تم إبلاغه مع كثير من أولياء أمور الطلبة من قبل إدارة المدرسة بأنه لا يمكن السماح باستقبال أبنائهم الجدد في المدارس، وذلك بناء على تعميم وقرار رسمي من الإدارة العامة لـ«الأونروا». ولفت إلى أنهم سيصعّدون من خطواتهم الرافضة لمثل هذا القرار الذي قال إنه يستهدف المواطنين واللاجئين على حد سواء، مشيراً إلى أن أولياء أمور الطلاب من اللاجئين يتخوفون من مواجهة أبنائهم «مصيراً مجهولاً».
وتقول مصادر فلسطينية إن «الأونروا» أصدرت قراراً مطلع العام الدراسي الجديد يمنع تسجيل أي طالب جديد إن لم يكن لاجئاً مسجلاً في وكالة الغوث، كما يمنع القرار نقل أي طالب لا تنطبق عليه المواصفات نفسها.
وتجمع أهالي الطلاب أمام مدارس عدة في البريج وخان يونس ومناطق أخرى، وأغلقوا أبوابها ومنعوا بقية الطلاب من الدخول إليها بعد رفض استقبال أبنائهم.
ويقول أحمد أبو هولي، رئيس دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية، إن وقف الدعم المالي الأميركي سيتسبب في عجز كبير في موازنة «الأونروا»، مبيناً أن ذلك سيؤثر في الحقل التعليمي وتداعياته بدأت تظهر على الأرض، كما أنه سيؤثر في البرنامج الإغاثي للاجئين في المناطق الخمس التي تقدم فيها «الأونروا» خدماتها. ولفت أبو هولي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الأونروا» رفضت منذ بداية الموسم الدراسي استقبال 740 طالباً وطالبة ممن انضموا حديثاً إلى المدارس، بحجة أنهم ليسوا لاجئين. وأشار إلى أن هناك تحركات من اللجان الشعبية للاجئين والأهالي «للتراجع عن هذه الخطوة الخطيرة والمستغربة»، معتبراً أن هذا العدد من الطلاب «لا يؤثر في الموازنة». وتابع أن هذا الملف لن يؤثر في الطلاب الممنوعين من الدراسة وحدهم، بل ستمتد تداعياته لتؤثر بشكل كامل في الموسم الدراسي المهدد أصلاً بعدم الاكتمال في ظل العجز المالي الكبير حتى الآن. وبيّن أن «الأونروا» بحاجة إلى 217 مليون دولار لسد العجز، وأن هناك مؤتمراً للمانحين خلال الشهر الحالي من أجل سد هذا العجز، مشيراً إلى أن دولاً عدة تسعى إلى محاولة سد العجز في الموازنة.
وقال: «إن لم يكن هناك دعم مالي مناسب سيؤثر ذلك في استمرارية انتظام الموسم الدراسي، وسيتبعه تأثير واضح في الخدمات الأخرى المقدمة للاجئين». واعتبر ما جرى «استهدافاً أميركياً واضح المعالم من خلال محاولة فرض حلول بهدف تصفية القضية الفلسطينية من خلال استهداف القدس واللاجئين عبر المال السياسي الذي قطعته الإدارة الأميركية بهدف تجفيف موارد الأونروا لإفشالها في تنفيذ مهامها المطلوبة منها، ما يؤدي إلى شطب ملف اللاجئين».
من جانبه، قال زاهر البنا، رئيس مجلس أولياء الأمور، إن من حق جميع أبناء الشعب الفلسطيني الالتحاق بالدراسة، وإنه لا فرق بين لاجئ ومواطن، متهماً «الأونروا» بـ«إثارة النعرات واتباع سياسة فرّق تسد». وتوقع أن الأزمة الحالية في ضوء القرار الأميركي بوقف الدعم الكامل، ستؤثر في عمل «الأونروا» التي ستتجه إلى تقليص خدماتها المقدمة للاجئين من خلال خفض الدعم المقدم للبرامج الصحية والتعليمية والإغاثية، إلى جانب وقف برنامج الطوارئ بالكامل إذا استمر العجز المالي. وقال البنا إن ذلك سيشكل خطراً كبيراً على قضية اللاجئين وسيزيد من تعقيد الأوضاع، مرجحاً حدوث «انهيار كبير في خدمات الأونروا، ما قد يدفع بالوضع إلى انفجار حقيقي ستدفع جهات عدة ثمنه».