فكرة تبادل الأراضي بين كوسوفو وصربيا لحل الخلاف القائم بينهما لاقت استحسانا وصمتا من بعض الدول، ومعارضة وتحذيرا من دول غربية أخرى، واشنطن وباريس، وأشارتا إلى أن ذلك قد يكوم مقبولا لديهما ما دام هو خيار البلدين المتصارعين. الولايات المتحدة قالت إنها قد تقبل بمثل هذا الحل إذا وافقت عليه كل من بلغراد وبريشتينا، وأعرب مصدر دبلوماسي فرنسي الأسبوع الماضي عن احتمال أن تكون باريس أيضا منفتحة على مقترح التبادل الإقليمي. وأثارت بلغراد وبريشتينا الشهر الحالي فكرة إعادة ترسيم الحدود.
لكن وزراء خارجية ألمانيا والنمسا وفنلندا وبريطانيا ودول أخرى حذروا أمس من فكرة تبادل الأراضي، وأن إعادة ترسيم الحدود سيعزز التوترات العرقية، في إطار مقترح ضمن جهود طويلة الأمد لتطبيع العلاقات بين الخصمين السابقين. وجاء التحذير من الخطوة في محادثات غير رسمية في فيينا على هامش اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، حيث من المقرر أن يلتحق بهم في وقت لاحق نظراؤهم من صربيا وكوسوفو وغيرهما من المرشحين لعضوية الاتحاد الأوروبي.
ويتوسط الاتحاد الأوروبي في المحادثات بين بلغراد وبريشتينا، حيث عرض إمكانية انضمامهما إلى الاتحاد الأوروبي إذا تمكنتا من حل خلافاتهما تماما. وكوسوفو، التي يقطنها غالبية كبيرة من الألبان، انفصلت عن صربيا قبل عشرة أعوام. ورغم اعتراف أكثر من 110 دول باستقلال كوسوفو، وهي أصغر دولة في أوروبا، تسعى صربيا إلى استعادتها مجددا.
وطرح الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش الشهر الماضي فكرة تبادل مناطق بشمال كوسوفو، التي يسيطر عليها الصرب مقابل جزء من جنوب صربيا يقطنه أغلبية من أصل ألباني للمساعدة في حل النزاع. وبدا نظيره الكوسوفي هاشم تقي في البداية إيجابيا، لكنه تراجع منذ ذلك الحين جزئيا عن الفكرة. وأبلغ رئيس كوسوفو هاشم تقي «رويترز» يوم 14 أغسطس (آب) أنه سيقدم خطته للرئيس الصربي ألكسندر فوشيتش عندما يجتمعان في بروكسل الشهر الحالي في إطار حوار برعاية الاتحاد الأوروبي.
وأعرب يوهانس هان مفوض سياسة الجوار بالاتحاد الأوروبي عن ضرورة أن يصب أي حل في البلقان في المصلحة العامة الرامية إلى تحقيق مزيد من الاستقرار في المنطقة.
وأعرب وزير الخارجية الألماني هايكو ماس عن تشككه الشديد من فكرة تبادر الأراضي، قائلاً إن مناقشة تبادل المناطق «ليست بناءة». وأضاف ماس، كما نقلت عنه الوكالة الألمانية، أمس، خلال اجتماع فيينا: «نعتقد أن هذا قد يفتح كثيرا من الجراح القديمة بين المواطنين»، مضيفا أنه لا يعتبر النقاشات الدائرة حول تبادل أراضي بين البلدين ستؤدي للهدف المنشود. وقال ماس: «نعتقد أنه يمكن أن يفتح كثيرا من الجراح القديمة بين المواطنين». غير أن نظيره البلجيكي ديدييه رايندرز قال إنه ليس من سلطة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أن تملي محتوى المناقشات بين الجانبين.
وأجرت نظيرته النمساوية كارين كنايسل مقارنة مع نهاية الاستعمار في أفريقيا، عندما أدركت البلدان أن المناقشات بشأن الحدود «ستفتح صندوق الشرور». وأضاف وزير خارجية لوكسمبورغ جان أسيلبورن: «إنني أحذر من حيث المبدأ من الذهاب إلى هذه المنطقة وتمزيقها نظرا لأن ذلك يمكن أن يكون له آثار سلبية على دول أخرى في هذه المنطقة. ولهذا يجب أن تكونوا حذرين للغاية في هذا الصدد». وقال نظيره الفنلندي تيمو سويني إنها فكرة محفوفة بالمخاطر. كما حذرت بريطانيا أيضا من أن تبادل الأراضي يمكن أن يكون مزعزعا للاستقرار. لكن نائب رئيس الوزراء الصربي إيفيتسا داسيتش قال في فيينا إنه يسعى لحل سلمي مع بريشتينا، ولم يخض في تفاصيل.
وتطبيع العلاقات الثنائية يعد شرطا أساسيا لكل من صربيا وكوسوفو للتقدم نحو تحقيق هدفهما النهائي بالانضمام للاتحاد الأوروبي. واتفق الجاران في منطقة البلقان عام 2013 على حل جميع القضايا المعلقة لكنهما لم يحرزا تقدما يُذكر حتى الآن. وتأمل كل من ألبانيا والبوسنة وكوسوفو ومقدونيا والجبل الأسود وصربيا في الانضمام لعضوية الاتحاد الأوروبي. وتُجرى بالفعل محادثات بشأن العضوية مع كل من صربيا والجبل الأسود.
دول أوروبية تحذر من فكرة تبادل أراض بين صربيا وكوسوفو
اعتبرتها مزعزعة للاستقرار العرقي... وقارنتها مع خطوات نهاية الاستعمار في أفريقيا
دول أوروبية تحذر من فكرة تبادل أراض بين صربيا وكوسوفو
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة