شركات خدمات بث الفيديو تتقدم وهوليوود تقاوم

في تناقض قد يبدو غريبا يتحدث كثيرون عن نهاية دور السينما التقليدية وذلك بعد أن عجلت خدمات «بث الفيديو عند الطلب»، مثل «نتفليكس» أو «أمازون» بذلك، وفي الوقت نفسه تشهد صناعة السينما في الولايات المتحدة حالة من الازدهار، حيث ساعد أبطال فيلم «أفينجرز إنفينيتي وور»، والجزء الثاني من فيلم «إنكريديبلز» في تحقيق صناعة السينما لرقم قياسي من الإيرادات، بلغت قيمته 3.‏3 مليار دولار، خلال الربع الثاني من عام 2018.
وحسب تقرير لوكالة الأنباء الألمانية، يمثل هذا المبلغ أفضل ما حققته السينما الأميركية في فترة 3 أشهر، بين أبريل (نيسان) حتى يونيو (حزيران) خلال العام الحالي، بزيادة نسبتها 22 في المائة عن الفترة المماثلة من العام السابق.
ويقول جيسون سكواير، الخبير في شؤون السينما الأميركية، والأستاذ في الفنون السينمائية الأميركية بكاليفورنيا لوكالة الأنباء الألمانية، إن التنبؤات بنهاية السينما التقليدية ليست بجديدة، حيث كان قد ظهرت مخاوف مماثلة خلال الفترة التي شهدت فيها أجهزة مسجلات الفيديو الرقمي رواجا، ثم لاحقا أيضا مع تزايد شعبية وانتشار الإنترنت، كما ينظر سكواير إلى مجموعة الخيارات بتفاؤل، حيث يقول إن المنافسة تساعد على تعزيز الإبداع. ولا يعني ذلك أن ثورة بث الأفلام ومواد الفيديو على الإنترنت لم تتسبب في بعض الارتباك في هوليوود. فقد سجلت صناعة السينما الأميركية في عام 2017 أدنى مبيعات منذ عام 1992، ولم تتمكن دور العرض من السيطرة على تراجع إجمالي الإيرادات بصورة كبرى، إلا من خلال رفع أسعار تذاكر دخولها، لتسجل بذلك إيرادات بقيمة 12.‏11 مليار دولار.
ويتعرض نظام الاستوديو القديم للضغوط، حيث تتدفق موجة من عمليات الاندماج والاستحواذ على هوليوود، كما ترتفع ميزانيات إنتاج الأفلام وتكاليف التسويق، وتعود الاستوديوهات إلى الامتيازات التي يمكن الاعتماد عليها.
وكان الصحافي الأميركي شارون واكسمان، مؤسس موقع «The Wrap» الإخباري الإلكتروني المعني بأخبار السينما والترفيه، قد أقسم مؤخرا بأن نهاية نظام الاستوديو الكبير باتت قريبة. كما يتوقع الخبير السينمائي أن يكون «اللاعبون الأقوى» في المستقبل هم عمالقة التكنولوجيا، من أمثال «نتفليكس» و«أمازون» و«أبل» و«غوغل».
ولطالما سرقت «نتفليكس» حصة السوق من عمالقة شركات الاستوديو من أمثال شركة «ديزني». ومن المقرر أن تنفق الشركة الرائدة في مجال بث الفيديو، والتي لديها أكثر من 125 مليون مستخدم حول العالم، ما يقرب من 8 مليارات دولار هذا العام، لإنتاج نصف محتوى ما تقدمه بنفسها. وتشمل الأعمال التي تقدمها المسلسلات التلفزيونية والأفلام السينمائية والوثائقية والأعمال الكوميدية. ويشار إلى أن عمل «نتفليكس» لا يقتصر على نطاق الولايات المتحدة فحسب، بل إنها متوفرة الآن في أكثر من 190 دولة. كما يتدفق نجوم هوليوود على الشركة أيضا. فقد وافقت الممثلة الشهيرة جنيفر أنيستون على تقديم العمل الكوميدي الخاص بـ«نتفليكس» وهو «فيرست ليديز»، في مايو (أيار) المقبل. كما يشارك الممثل الكوميدي الأميركي ويل فيريل في كتابة وتمثيل فيلم كوميدي تدور أحداثه حول مسابقة «يوروفيجن» للأغاني، لصالح شركة البث الشهيرة.
من ناحية أخرى، تقاوم هوليوود القديمة كل ذلك عن طريق خدمات البث الخاصة بها، حيث من المقرر أن تعرض شركة «ديزني» أفلامها الخاصة بصورة حصرية للمشتركين على الإنترنت بمقابل مادي، وذلك بداية من عام 2019؛ لتنهي بذلك تعاونها مع «نتفليكس».
وفي الحالتين، سيتعين على دور السينما مواصلة البحث عن طرق لإقناع الجماهير المحتملة بأن تحل الشاشة الكبيرة محل غرف المعيشة الخاصة بهم.
ويقول سكواير إن ذلك قد يعني في النهاية اللجوء إلى الحيل التقنية، مثل وضع محطات الواقع الافتراضي في المداخل، أو الاهتمام بالمناسبات الخاصة، مثل البث المباشر للأحداث الرياضية أو الحفلات الموسيقية.
وفي الوقت نفسه، يرى سكواير كثيرا من الإيجابيات في صناعة الترفيه المتوسعة. فعلى سبيل المثال، من الممكن أن يقوم العاملون الجدد في مجال صناعة السينما، بتسويق وبيع أعمالهم للآخرين عبر الإنترنت بصورة كبيرة، بالطريقة نفسها التي يستطيع من خلالها المؤلفون حاليا بنشر أعمالهم بأنفسهم.