«داعش» ينتهز الاقتتال في طرابلس ويحوم حول سرت

الأجهزة تتعقب فلوله في الصحراء... ومخاوف من هجمات «انغماسية»

دوريات تابعة لعملية «البنيان المرصوص» تتعقب فلول «داعش» («البنيان المرصوص» على «فيسبوك»)
دوريات تابعة لعملية «البنيان المرصوص» تتعقب فلول «داعش» («البنيان المرصوص» على «فيسبوك»)
TT

«داعش» ينتهز الاقتتال في طرابلس ويحوم حول سرت

دوريات تابعة لعملية «البنيان المرصوص» تتعقب فلول «داعش» («البنيان المرصوص» على «فيسبوك»)
دوريات تابعة لعملية «البنيان المرصوص» تتعقب فلول «داعش» («البنيان المرصوص» على «فيسبوك»)

رصدت جهات أمنية في الغرب الليبي تحركات لعناصر من تنظيم داعش على أطراف مدينة سرت الساحلية، الواقعة في وسط الساحل الليبي بين العاصمة وبنغازي. وأثار ذلك مخاوف من أن التنظيم المتطرف يسعى لإعادة التمركز ثانية في المدينة التي تم تحريرها قبل قرابة عامين، مستغلاً حال الاقتتال بين الميليشيات المسلحة في طرابلس.
وقال الناطق باسم سرية نزع الألغام والمخلفات الحربية التابعة لقوة حماية سرت، سالم الأميل، في حديث إلى «الشرق الأوسط» أمس، إنه «تم رصد تحركات لعناصر من (داعش)، وتجري ملاحقتهم في الأودية الصحراوية جنوب المدينة».
وأفادت غرفة عملية «البنيان المرصوص» لمحاربة «داعش» في سرت، بأن قوة الحماية وتأمين سرت زادت منذ ثلاثة أيام من درجة الاستعداد بعد رصدها تحركات يُشتبه أن تكون لتنظيم داعش 70 كلم جنوب سرت، مشيرة إلى أن «القوة دفعت بدوريات عدة ثابتة ومتحركة؛ تحسباً لأي طارئ، كما أن جميع الوحدات العسكرية التابعة للقوة موجودة في مواقعها».
ويأتي هذا التحرك لفلول «داعش» قبل يومين من تنفيذ غارة أميركية على بني وليد، شمال غربي ليبيا، استهدفت أحد قيادات التنظيم، ويدعى وليد بوحريبة الورفلي. وقال الناشط الليبي عبد السلام الظاهر، إن بوحريبة دُفن في مقبرة ببني وليد، «ومُنعت أسرته من إقامة العزاء بمسقط رأسه في مدينة سرت، بعد اعتقال شقيقه ووالده، الذي أطلق سراحه لاحقاً».
وقال مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط»، إن أجهزة التحري في غرب البلاد تتعقب فلول تنظيم داعش على أطراف مدينة سرت، وفي الدروب الصحراوية، مشيراً إلى «تعدد ظاهرة قيام عناصر التنظيم ممن يرتدون زياً عسكرياً باستيقاف المواطنين في الطرق العامة والجانبية والتعرف على هوياتهم الشخصية؛ مما تسبب في نشر حالة من الذعر بينهم».
وعزا المصدر ظهور عناصر من «داعش» في مناطق جنوب سرت، إلى «الاقتتال بين الميليشيات المسلحة في العاصمة»، وقال إن «الجماعات الإرهابية تسعى دائماً إلى استغلال الاشتباكات وحالة الغياب الأمني في البلاد، للبحث عن تمركز جديد بعدما طردت منها». ولفت إلى أن «التنظيم بات يتمركز بقوة في جنوب البلاد، وعلى الأطراف الصحراوية لليبيا، ويسعى جاهداً للعودة إلى وسط وغرب البلاد لتنفيذ عمليات انتقامية»، منوهاً إلى أن «قوات الاستطلاع في اللواء 12 مجحفل التابع للقيادة العامة للقوات المسلحة، رصد تحرك مجموعات إرهابية مسلحة قرب براك الشاطئ في سبها والجفرة».
وسبق وتبنى تنظيم داعش الهجوم المسلح الذي استهدف بوابة كعام الأمنية شرق العاصمة طرابلس، نهاية الأسبوع الماضي، وأسفر عن مقتل سبعة أشخاص وإصابة عشرة آخرين من عناصر الأمن المكلفين بحماية البوابة.
وقال وزير الداخلية في حكومة الوفاق الوطني، العميد عبد السلام عاشور، إنه «تم القبض على كل الجناة المتورطين في الهجوم، وهم جميعاً من ليبيا».
في السياق ذاته، أعرب الأمين العام للمنظم العربية لحقوق الإنسان في ليبيا عبد المنعم الزايدي، عن خشيته من أن تؤدي «التجاذبات السياسية الخفية للنزاع الدائر في طرابلس»، إلى اغتنام الجماعات الإرهابية مثل تنظيم داعش حالة تشظي وهشاشة النظام الأمني بالعاصمة لتنفيذ هجمات انغماسية أو أعمال إرهابية تربك المشهد وتعمّق الأزمة السياسية بمجتمع تحكمه الطبيعة القبلية.
وكان السودان وليبيا وتشاد والنيجر، وقّعوا على اتفاق للتعاون القضائي المتعلق بتأمين الحدود، في الحادي عشر من أغسطس (آب) الحالي، كما اتفقوا على إنشاء مركز للعمليات في العاصمة التشادية أنجامينا لمحاربة «الجماعات الإرهابية»، ومكافحة التهريب والاتجار بالبشر.
وجاء الاتفاق في اختتام الاجتماع الوزاري الثالث بالعاصمة السودانية الخرطوم لتأمين ومراقبة الحدود المشتركة، بمشاركة وزراء الدفاع والداخلية والخارجية ومديري الأجهزة الأمنية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».