تفيد المصادر الطبية بأن تناول الإنسان كميات كافية من الأطعمة المغذية والمأمونة هو مفتاح الحفاظ على الحياة وتعزيز التمتع بالصحة الجيدة. وتتسبب الأغذية الملوثة، التي تحتوي على بكتيريا أو فيروسات أو طفيليات أو مواد كيميائية، في الإصابة بأكثر من 200 نوع من الأمراض، التي يتراوح مداها ما بين الإسهال وصولاً إلى الإصابة بالأمراض السرطانية، مروراً بأمراض أعضاء شتى في الجسم كالكبد والكلى وغير ذلك.
- حفظ الأطعمة
ووفقا لما تشير إليه إحصاءات منظمة الصحة العالمية WHO، فإن الأطفال هم أعلى المتضررين من الأمراض المنقولة بالغذاء الملوث، إذْ تبلغ نسبتهم 40 في المائة من بين أولئك الذين تصيبهم تلك النوعية من الأمراض، التي يُمكن بتدابير بسيطة الوقاية منها. ولذا فإن اهتمام الوالدين بصحة أطفالهم لا يقتصر على توفير وإعداد وتقديم أنواع مختلفة من الأطعمة الصحية لهم، بل يشمل أيضاً ممارسة طرق الحفظ السليمة للأطعمة في المنزل.
وفي السابق كانت ثمة طرق بدائية مختلفة لحفظ الأطعمة وضمان خلوها من الميكروبات، مثل تمليح لحوم الأسماك واللحوم الحمراء أو تعريضها ببطء لدخان الحطب، أو تجفيف الخضراوات والفواكه أو إعداد المخللات. ولكن مع التطور العلمي برزت وسائل جديدة في الحفظ، كالتبريد والتغليف الجيد والتعليب وإضافة المواد الحافظة وغير ذلك. واليوم لا تزال الوسيلتان الأوسع انتشاراً في العالم لحفظ الأطعمة، هما الثلاجة والفريزر أو ما تُسمى بـ«المجمدة». ولذا فإن من المفيد جداً معرفة أساسيات خطوات سلامة حفظ الأطعمة فيهما. وعلى سبيل المثال، تقول إدارة الغذاء والدواء الأميركيةFDA ما ملخصه، أن ثمة علاقة وثيقة بين استخدام الثلاجات في حفظ الأطعمة وبين سلامة الغذاء، وأن الثلاجة واحدة من أهم قطع المطبخ التي تُسهم في تحقيق سلامة الغذاء.
- نوعان من البكتيريا
ولحفظ الأطعمة من تكاثر الميكروبات، علينا أن نعرف أننا نتعامل مع نوعين من البكتيريا. النوع الأول هو البكتيريا التي تتسبب بالأمراض للإنسان، والنوع الثاني هو «البكتيريا المتلفة» التي تتسبب بـ«المرض» للطعام نفسه، أي أنواع البكتيريا التي تتسبب بتلف الطعام وتغير طعمه وظهور الروائح فيه.
واللافت للنظر، أن أنواع البكتيريا التي تتسبب بالمرض للإنسان، لا تتسبب في الغالب في تغير طعم أو رائحة أو مظهر أو هيئة الطعام، ما يجعل من الخطأ الاعتماد على عدم حصول هذه التغيرات كدلالة على سلامة الطعام وخلوه من البكتيريا المرضية. كما أن من اللافت للنظر أيضاً، أن البكتيريا المتلفة للطعام بإمكانها أن تنمو في درجات الحرارة المنخفضة في الثلاجة، وبالتالي يمكن أن يتلف الطعام ويتغير طعمه وهو في الثلاجة.
وتذكر إدارة الغذاء والدواء الأميركية ما ملخصه أن معظم الناس لا يتناولون الأطعمة التي تسببت بكتيريا التلف، بتلفها، وإذا فعلوا ذلك فإنهم ربما لن تحصل لديهم أي أمراض لأن بكتيريا التلف لا تتسبب بأمراض في جسم الإنسان بخلاف بكتيريا الطعام المرضية.
وعليه فإن سلامة الغذاء تعتمد على خلوه من البكتيريا المرضية وليس على جودة طعمه وشكله، وقد يتسبب الطعام (الذي بقي لوقت طويل نسبياً في المطبخ دون تبريد) بضرر صحي مع أن طعمه وشكله قد يبدوان بالشكل الطبيعي. وبالمقابل قد يبدو الطعام (الذي تم حفظه في الثلاجة أو الفريزر لوقت طويل) غير شهي وغير لذيذ ولكن تناوله قد لا يتسبب بأي أمراض للإنسان.
ووفقا لما تشير إليه عدة مصادر طبية، فإن سلامة الغذاء Food Safety تشمل الظروف والممارسات التي تحافظ على جودة المواد الغذائية لمنع تلوثها وانتقال الأمراض عبر تناولها. والأغذية والأطعمة هي بالأصل لديها قابلة عالية للتلوث بطرق مختلفة ولا تمتلك وسائل لمقاومة التلوث بالميكروبات أو القضاء عليها. وأنواع المنتجات الغذائية التي تحتوي بالأصل على ميكروبات، كاللحوم وغيرها، قد تكون المصدر لنقل تلك الميكروبات منها إلى أطعمة أخرى، وذلك حينما لا يتم التعامل مع تلك الأنواع من الأطعمة بشكل جيد خلال نقلها وحفظها المنزلي وطهوها وتقديمها للتناول. ولذا فإن التعامل الجيد في حفظ سلامة الأطعمة خلال تلك المراحل يُقلل بشكل عام من احتمالات تسبب تناول الأطعمة بأي أمراض تضر بصحة الإنسان، هذا بالإضافة إلى مساهمة الاهتمام بسلامة الغذاء في تمكين الإنسان من تناول طعام صحي وشهي وذي طعم ونكهة طبيعية.
والبكتيريا موجودة في كل شيء حولنا، في الماء والتربة والأطعمة والهواء، وحينما تجد البكتيريا البيئة المناسبة للنمو، كالرطوبة ودرجة الحرارة الملائمة وتوفر العناصر الغذائية، فإنها تنشط في التكاثر بشكل سريع، ما يزيد في عددها ويزيد من حيويتها للتسبب بالأمراض بشكل أسرع وأقوى. وبالمقابل، تعمل عملية التبريد في إبطاء نشاط نمو وتكاثر البكتيريا، كما تعمل عوامل أخرى في الإسهام بخفض نشاط تكاثر البكتيريا. ولذا فإن عملية حفظ الأطعمة لضمان تقليل احتمالات تلوثها بالميكروبات، يشتمل على توفير بيئة غير ملائمة لنمو وتكاثر الميكروبات.
وأول مكونات تلك البيئة المقاومة لنمو وتكاثر الميكروبات هي «درجة الحرارة» التي يكون فيها الطعام أو الغذاء. وتشير إدارة الغذاء والدواء الأميركية إلى أن وجود البكتيريا في بيئة مناسبة للنمو وفي درجة حرارة أعلى من 4 درجات مئوية يُوفر لها فرصة للتكاثر بمقدار الضعف خلال 20 دقيقة فقط، ومن هنا يتضح لنا أن حفظ الطعام في الثلاجة تحت درجة 4 درجات مئوية هو الخطوة الأولى لضمان حفظ الطعام بطريقة تمنع تكاثر البكتيريا التي قد تكون موجودة فيه، وأن دوام حفظ الأطعمة بأنواعها طوال الوقت في تلك الدرجات المنخفضة نسبياً من الحرارة، يهيئ الفرصة لحفظ سلامة الغذاء.
- الأطعمة الملوثة... أنواع من الميكروبات تتسبب بأمراض
> الأغذية الملوثة على نوعين، نوع هو بالأصل عُرضة للتلوث الطبيعي بالميكروبات، مثل الأغذية الحيوانية المصدر غير المطهية جيداً، أو الفواكه والخضراوات الملوثة بالفضلات، أو أنواع المأكولات من الحيوانات البحرية النيئة. وهذه النوعية تتطلب التنظيف الجيد والطهو الجيد، أو البسترة للحليب ومشتقات الألبان، وذلك قبل تناولها. والنوع الآخر من الأطعمة الملوثة يشمل أنواعاً مختلفة من المنتجات الغذائية أو الأطعمة المطهوة، التي لم يتم حفظها بطريقة سليمة، ما يُعطي فرصة لتلوثها بالميكروبات بعد أن كانت خالية منها.
وعادة ما تكون الأمراض المنقولة من الغذاء الملوث ذات طابع مُعدٍ أو سُمّي. والعدوى تتسبب فيها مجموعة من البكتيريا أو الفيروسات أو الطفيليات التي إما أن تضر الجسم بذاتها عبر الأمراض التي تنقلها، وإما عبر إفرازها لمواد كيميائية ضارة تدخل جسم الإنسان وتتسبب له إما التسمم الغذائي الحاد وإما الأمراض طويلة الأمد كالسرطان.
ومن بين أنواع البكتيريا، ثمة بكتريا السلمونيلا Salmonella وبكتيريا العطيفة Campylobacter وبكتيريا الإشريكية القولونية المعوية النزفية Enterohaemorrhagic Escherichia coli، وهذه المجموعة تعتبر من أعلى مسببات الأمراض المنقولة بالغذاء الملوث والتي تصيب ملايين البشر سنوياً. وأعراضها قد تشمل حمى ارتفاع حرارة الجسم والصداع والغثيان والقيء وآلام البطن والإسهال.
ومن أمثلة الأغذية ذات العلاقة بمرض السلمونيلات Salmonellosis البيض والدواجن وسائر المنتجات الحيوانية المصدر حينما لا يتم طهوها بطريقة كافية، أو لا يتم حفظها بطريقة سليمة قبل أو بعد الطهي.
ومن أمثلة الفيروسات، العدوى بالنوروفيروس Norovirus التي تتسبب بالغثيان ونوبات القيء الشديد والإسهال المائي وآلام البطن.
ويُعتبر الغذاء الملوث هو السبيل لإصابة الإنسان بأنواع مختلفة من أمراض الطفيليات مثل الديدان المشوكة أو الدودة الشريطية Tapewormsوديدان الإسكارس Ascaris أو الكريبتوسبوريديوم Cryptosporidium أو الديدان المتحولة إلى حالة النُسج Entamoeba histolytica أو ديدان الجيارديا Giardia.
وهناك أيضا البريونات Prions، التي هي عوامل مُعدية تتألف من البروتين، وتتسبب بأمراض مثل مرض جنون البقر Bovine Spongiform Encephalopathy.
- خطوات لحفظ الأطعمة في الثلاجة
> تعتمد الاستفادة من الثلاجة في حفظ الأطعمة على خطوات عدة، والتي منها:
- الخطوة الأهم في ضمان حفظ الأطعمة بطريقة صحية في الثلاجة هو إبقاء درجة حرارة الطعام أقل من 4 درجة مئوية. ووجود مقياس لدرجة حرارة الثلاجة مفيد في التأكد من ذلك. كما يجدر ملاحظة ضرورة أن تكون درجة الحرارة في جميع أجزاء الثلاجة أقل من 4 درجات مئوية بحيث يكون أي مكان في داخل الثلاجة ملائماً لحفظ الطعام.
- في حال انقطاع التيار الكهربائي، يجدر تقليل فتح باب الثلاجة للإبقاء على البرودة فيها. وحين بقاء الأطعمة لمدة تتجاوز الساعتين في درجة حرارة أعلى من 4 درجة مئوية فإن ذلك يُعرض تلك الأطعمة للتلف.
- إضافة إلى الحرص على تقليل عدد مرات فتح باب الثلاجة، واختصار مدة بقائه مفتوحاً، يجدر أيضاً الاهتمام بكفاءة عمل باب الثلاجة وإحكام إغلاقه لضمان بناء درجة البرودة داخلها طوال الوقت.
- لا يجدر وضع الطعام الساخن مباشرة في الثلاجة كي لا تتغير درجة الحرارة فيها، بل يتم قبل ذلك تبريده في الخارج، عبر وضع الثلج عليه أو وضعه في حوض صغير من الماء البارد.
- عند وضع الأطعمة في الثلاجة، يجدر تغطية الأطعمة للحفاظ على رطوبتها ومنع التقاطها الروائح من الأطعمة الأخرى.
- الأطعمة ذات الكمية الكبيرة، كقطع اللحم أو الدجاج أو الأرز أو الحساء، يجدر تقسيمها ووضعها في أوعية صغيرة قبل وضعها في الثلاجة.
- عند وضع الأطعمة المختلفة في الثلاجة، يجدر الفصل فيما بين الفواكه والخضراوات عن اللحوم والدواجن والجبن والبيض. كما يجب أن تكون اللحوم النيئة والدواجن والأطعمة البحرية في حاوية مغلقة أو ملفوفة بإحكام لمنع خروج السوائل منها وتلوث الأطعمة الأخرى بها.
- الحرص على إبقاء الثلاجة نظيفة، وذلك بتنظيفها أسبوعياً. ويتم تنظيف الرفوف والأدراج بقطعة قماش مبللة بماء ساخن مع صابون، ثم إعادة التنظيف بقطعة قماش مبللة بماء دافئ.
- يجدر أن يتم التخلص من الأطعمة التي لم تعد ملائمة للتناول، أي أكثر من أربعة أيام للأطعمة المطبوخة وأكثر من يومين للحوم والدواجن النيئة.
- استشارية في الباطنية