43 قتيلا وجريحا في معارك عنيفة بمحيط مطار العاصمة الليبية طرابلس

مواجهات مسلحة بين الإسلاميين وقوات الزنتان

الأدخنة تتصاعد من من مطار طرابلس أمس (إ. ب)
الأدخنة تتصاعد من من مطار طرابلس أمس (إ. ب)
TT

43 قتيلا وجريحا في معارك عنيفة بمحيط مطار العاصمة الليبية طرابلس

الأدخنة تتصاعد من من مطار طرابلس أمس (إ. ب)
الأدخنة تتصاعد من من مطار طرابلس أمس (إ. ب)

اندلعت فجر أمس معارك عنيفة بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة بين ميلشيات، قالت الحكومة الانتقالية لاحقا إنها تعمل دون غطاء شرعي، في محيط مطار طرابلس الدولي الذي تقوم بتأمينه قوات من مدينة الزنتان المجاورة. ودارت مواجهات دامية بين مجموعات مسلحة للسيطرة على مطار طرابلس، مما يعكس معركة النفوذ الدائرة بين الليبراليين والإسلاميين في هذا البلد، الغارق في الفوضى منذ سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011.
وقالت مصادر ليبية إن قوات إسلامية هاجمت مطار طرابلس أمس تلقت هزيمة ساحقة في القتال الذي دام بضع ساعات قبل أن يعود الوضع إلى الاستقرار النسبي مع توقف الاشتباكات.
وأوضحت مصادر حكومية أن هذه الاشتباكات أسفرت عن سقوط ستة قتلى و25 من الجرحى، لكن رامي كعال الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية الليبية قال لـ«الشرق الأوسط» إنه يجري اتصالات مع وزارة الصحة الليبية لمعرفة الرقم الصحيح لعدد ضحايا هذه الاشتباكات التي تعد الأعنف من نوعها هذا العام في طرابلس.
ولاحقا، أعلنت وزارة الصحة الليبية أن سبعة أشخاص قتلوا وأصيب 36 في أسوأ اشتباكات تشهدها العاصمة طرابلس منذ ستة أشهر.
وقال مقيمون بالمدينة، إن القتال الذي اندلع بين ميليشيات متنافسة من أجل السيطرة على المطار الرئيس في المدينة تراجع إلى حد كبير عصر أمس، لكن مسؤولا أمنيا قال إن المواجهات قد تتجدد في أي وقت. وقالت مصادر ليبية مطلعة إن قوات تابعة للإسلاميين شنت فجر أمس هجوما مفاجئا على مطار العاصمة بهدف السيطرة عليه عقب فشل محاولات وساطة للتوصل إلى اتفاق تهدئة، مشيرة إلى أن الدخول للمطار جرى عبر المنطقة الخلفية نظرا لضعف الحراسة فيها.
وأوضحت أن القوات المهاجمة كانت أكثر عددا، لكن كتيبة أمن المطار تمكنت من التصدي للمجموعات المهاجمة وألحقت بها خسائر كبيرة وقتلت أحد القادة الميدانيين للقوة المهاجمة، مما أدى إلى ارتباك كبير في صفوفها، مشيرة إلى أن عملية الهجوم على المطار كانت بقيادة عضو «المؤتمر» المستقيل عن مدينة مصراتة، صلاح بادي، الذي أطلق على نفسه لقب «قسورة» في العملية التي حملت الاسم نفسه أيضا.
وطبقا للمصادر نفسها، فإنه نظرا لبسالة القوة المتمركزة في المطار في الدفاع عن المطار جرى تحريك الجبهات الأخرى للعملية التي تمثلت في محاولة الهجوم على معسكر اللواء الأول لحرس الحدود ومعسكر كتيبة الصواعق للحماية الواقعين جنوب غربي العاصمة.
وأضافت أنه مع ساعات الصباح الأولى بدأت الإمدادات تصل تباعا إلى القوات المدافعة عن مقراتها وانسحبت أغلب المجموعات المعتدية. وقال مسوؤل أمني لـ«الشرق الأوسط» إن المعارك دارت بين كتائب الصواعق والقعقاع وبعض (قوات) الزنتان من جهة وغرفة الثوار ودرع ليبيا لواء الغربية والوسطى وفرسان جنزور والغرفة المشتركة بوسليم وقصر بن غشير، وتدعمهم بعض كتائب مصراتة من جهة أخرى، حيث جرى قتال عنيف قرب مطار طرابلس قبل أن يجري الإعلان عن وقف كل الرحلات الجوية.
ونقلت قيادة قوات درع ليبيا المنطقة الوسطى عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي الـ«فيسبوك»، عن العقيد محمد موسى، آمر القوات، أن ما حصل هو تحرير بطرابلس من جديد، وهذه عملية تجهز منذ فترة باسم «قسورة».
وقال مصدر ملاحي إن صواريخ انفجرت في محيط المطار نحو الساعة السادسة من صباح أمس بالتوقيت المحلي، تلتها اشتباكات بين ثوار الزنتان السابقين الذين يسيطرون على المطار ومجموعات أخرى تريد طردهم، كما جرى تسجيل إطلاق نار من أسلحة ثقيلة في وسط المدينة على بعد 25 كيلومترا.
وتردد دوي الانفجارات منذ الصباح الباكر على طريق المطار ومناطق أخرى في طرابلس. وقال سكان إن رجال ميليشيا الزنتان الذين يسيطرون على المطار تعرضوا لإطلاق نار، وأظهرت لقطات تلفزيونية أن المقاتلين المهاجمين ينتمون إلى مدينة مصراتة بغرب ليبيا.
وتعيش ليبيا حالة من التوتر مع فشل الحكومة والبرلمان في السيطرة على الميليشيات التي ساعدت في إسقاط معمر القذافي عام 2011 لكنها تتحدى الآن سلطة الحكومة.
وتسيطر ميليشيا الزنتان على المطار منذ الإطاحة بالقذافي، لكن الحكومة وضعت مقاتلي الزنتان ومصراتة على قوائم الرواتب الحكومية، في محاولة فاشلة لكسب تعاونهم معها وضمهم إلى قوات الحكومة.
وعرضت قناة «النبأ» التلفزيونية الليبية لقطات لسيارات عسكرية تفتح النار وتحمل شعارات لمصراتة. وتصاعد الدخان الكثيف من المطار وهو البوابة الرئيسة لليبيا، وقال مسؤول في المطار: «توقفت كل الرحلات الجوية الداخلية والدولية». وأظهرت لقطات تلفزيونية للقناة دخانا يتصاعد من طائرة تابعة للخطوط الجوية الليبية وطائرة نقل، بينما أطلقت سيارات النيران المضادة للطائرات. وذكرت القناة في وقت سابق أن ميليشيات تدعى (قوة حفظ أمن واستقرار ليبيا) دخلت محيط المطار.
وفى أول تعليق رسمي لها، قالت الحكومة الانتقالية التي يترأسها عبد الله الثني إن العمليات العسكرية التي شهدها محيط مطار طرابلس الدولي قادها قادة ميدانيون ينتمون إلى كتائب وقوات مناطقية دون أوامر ودون أي غطاء شرعي.
ودعت الحكومة في بيان لها المهاجمين إلى التوقف فورا دون قيد أو شرط عن الأعمال الحربية. وقالت إنها تحمل قادة هذه المجموعات المسؤولية القانونية والأخلاقية والدينية عن إهدار دماء الناس، وخاصة خلال شهر رمضان المبارك، وذلك باستخدام السلاح الذي يفترض أن يدافع عن ليبيا والليبيين وعن ضيوف ليبيا لا أن يقتلهم.
وكشف لبيان النقاب عن أن الحكومة تتباحث مع المجتمع الدولي في أمر التأكد من حماية الأرواح والمرافق الحيوية لليبيا من الدمار والتخريب، لافتا إلى أن الحكومة أصدرت أوامرها لقوات الداخلية والجيش الليبي بتأمين شوارع مدينة طرابلس وأحيائها والأهداف والمنشآت الحيوية وأعلنت حالة الطوارئ في المستشفيات والمرافق الصحية كافة لمواجهة أي طارئ.
وناشدت الحكومة الليبيين بالتزام الهدوء والمحافظة على الموارد والتعبير على أن تكون هذه المرافق العامة بما في ذلك مطار طرابلس الدولي «بمنأى عن أي صراعات وأن يترك أمره للمختصين».
وأكد البيان أن التعبير السلمي عن موقف واضح لليبيين سيساعد الحكومة والمجتمع الدولي على اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية المنشآت وأرواح الليبيين.
ودعت الحكومة إلى حوار فوري بين الأطراف بمساعدة منظمات المجتمع المدني وحكماء وأعيان البلاد للتواصل والتوسط لحقن الدماء ولحل أي خلافات وإلى الابتعاد عن الاحتكام للسلاح بين أبناء الوطن الواحد، الأمر الذي لن يكون فيه أي طرف رابح.
من جهته، أكد عبد الله ناكر، رئيس حزب القمة وأحد قادة التشكيلات المسلحة المحسوبة على الزنتان، أن تعزيزات مسلحة تتحرك باتجاه العاصمة، في إشارة إلى دعم التشكيلات المسلحة المحسوبة على الزنتان التي استهدفتها عمليات القصف فجر أمس. واتهم ناكر، في تصريحات تلفزيونية أمس، أعضاء المؤتمر الوطني العام (البرلمان) وقوى أخرى دون أن يسميهم بأنهم يريدون أن يحكموا ليبيا باسم الدين تحت غطاء تحرير طرابلس.



الحوثيون يوافقون على قطْر ناقلة النفط «سونيون» بضوء أخضر إيراني

مخاوف يمنية من انفجار ناقلة النفط اليونانية في البحر الأحمر إثر هجمات الحوثيين (إ.ب.أ)
مخاوف يمنية من انفجار ناقلة النفط اليونانية في البحر الأحمر إثر هجمات الحوثيين (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يوافقون على قطْر ناقلة النفط «سونيون» بضوء أخضر إيراني

مخاوف يمنية من انفجار ناقلة النفط اليونانية في البحر الأحمر إثر هجمات الحوثيين (إ.ب.أ)
مخاوف يمنية من انفجار ناقلة النفط اليونانية في البحر الأحمر إثر هجمات الحوثيين (إ.ب.أ)

وافقت الجماعة الحوثية في اليمن على طلب أوروبي لقطْر ناقلة النفط اليونانية «سونيون» المشتعلة في جنوب البحر الأحمر، بعد تلقيها ضوءاً أخضر من إيران، وغداة إعلان تعيين طهران مندوباً جديداً لها في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء تحت اسم «سفير».

وكانت الناقلة تعرضت لسلسلة هجمات حوثية في غرب الحديدة ابتداء من يوم 21 أغسطس (آب) الحالي، ضمن هجمات الجماعة التي تزعم أنها لمناصرة الفلسطينيين في غزة، قبل أن تقوم بإشعال الحرائق على متنها، عقب إجلاء طاقمها المكون من 29 بحاراً بواسطة سفينة فرنسية.

الحرائق مستمرة على متن ناقلة «سونيون» اليونانية منذ أسبوع (إ.ب.أ)

وتنذر الناقلة التي تحمل نحو مليون برميل من المواد البترولية بأسوأ كارثة بحرية في حال انفجارها وتسرب النفط منها أو غرقها، وسط مساع لقطرها لإنقاذ الموقف.

وجاء الضوء الأخضر الإيراني عبر بعثة طهران في الأمم المتحدة، الأربعاء، حيث ذكرت أن الحوثيين وافقوا على السماح لزوارق قطر وسفن إنقاذ بالوصول إلى ناقلة النفط المتضررة بالبحر الأحمر سونيون.

وأشارت البعثة الإيرانية إلى أن عدة دول «تواصلت لتطلب من أنصار الله (الحوثيين) هدنة مؤقتة لدخول زوارق القطر وسفن الإنقاذ إلى منطقة الحادث، وأن الجماعة وافقت على الطلب (مراعاة للمخاوف الإنسانية والبيئية)»، بحسب ما نقلته «رويترز».

وعقب الإعلان الإيراني، ظهر المتحدث باسم الجماعة الحوثية، محمد عبد السلام، في تغريدة على منصة «إكس»، زعم فيها أن جهات دولية عدة تواصلت مع جماعته، خصوصاً الجهات الأوروبية، وأنه تم السماح لهم بسحب سفينة النفط المحترقة «سونيون».

وفي نبرة تهديد، أكد المتحدث الحوثي أن احتراق سفينة النفط «سونيون» مثال على جدية جماعته في استهداف أي سفينة تنتهك قرار الحظر القاضي بمنع عبور أي سفينة إلى موانئ إسرائيل.

وأضاف المتحدث الحوثي أن على جميع شركات الشحن البحري المرتبطة بإسرائيل أن تدرك أن سفنها ستبقى عرضة للضربات أينما يمكن أن تطولها قوات الجماعة.

مندوب إيران الجديد لدى الحوثيين في صنعاء (يسار) يسلم أوراق اعتماده لوزير خارجية الجماعة (إعلام حوثي)

وكانت وسائل إعلام الجماعة الحوثية ذكرت أن وزير خارجية حكومتها الانقلابية التي لا يعترف بها أحد، استقبل في صنعاء من وصفته بالسفير الإيراني الجديد علي محمد رمضاني، الذي قدم نسخة من أوراق اعتماده.

وسبق أن عينت طهران في 2020 القيادي في الحرس الثوري حسن إيرلو مندوباً لها لدى الجماعة الحوثية في صنعاء تحت اسم «السفير» قبل أن يلقى حتفه في نهاية 2021 في ظروف غامضة، ويتم إجلاء جثمانه إلى إيران.

كما قامت الجماعة الحوثية بتعيين ما تسميه سفيراً لليمن في طهران، حيث مكنت السلطات الإيرانية عناصر الجماعة لديها من السيطرة على المباني الدبلوماسية اليمنية في أراضيها.

لا يوجد تسرب

في أحدث بيانات أوردتها المهمة البحرية الأوروبية في البحر الأحمر (أسبيدس) ذكرت أن الأصول العاملة في المنطقة التابعة للمهمة أفادت، الأربعاء، بأنه تم اكتشاف حرائق في عدة مواقع على السطح الرئيسي للسفينة «سونيون» وأنه لا يوجد تسرب نفطي، وأن الناقلة لا تزال راسية ولا تنجرف.

وأضافت المهمة في بيان أنه «يجب على جميع السفن المارة في المنطقة أن تتحرك بأقصى درجات الحذر، حيث إن السفينة (سونيون) تشكل خطراً ملاحياً وتهديداً خطيراً وشيكاً للتلوث الإقليمي».

ولتجنب أزمة بيئية كارثية، قالت «أسبيدس»: «إن القوات البحرية التابعة للاتحاد الأوروبي، تقوم بالتنسيق مع السلطات الأوروبية، بتقييم الوضع وهي على استعداد لتسهيل أي مسارات عمل». وأضافت أن «التخفيف الناجح سوف يتطلب التنسيق الوثيق والمشاركة الفعالة من جانب الدول الإقليمية».

ومع المخاوف من كارثة بيئية كبرى، كان وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، كشف عن أن الهجوم الذي تعرّضت له «سونيون» هو التاسع من نوعه منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي ضد ناقلات النفط في البحر الأحمر، مشيراً إلى أنها تحمل 150 ألف طن من النفط الخام.

وقال الإرياني إن الحوثيين استهدفوا الناقلة بسلسلة من الهجمات، ما أدّى لجنوحها وتعطّل محركاتها، وإجلاء طاقمها، وتركها عرضةً للغرق أو الانفجار على بُعد 85 ميلاً بحرياً من محافظة الحديدة، واصفاً ذلك بأنه «إرهاب ممنهج يُنذر بكارثة بيئية واقتصادية وإنسانية غير مسبوقة».

دخان يتصاعد من جراء حرائق على متن ناقلة نفط يونانية تعرضت لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر (رويترز)

يشار إلى أن الحوثيين تبنّوا مهاجمة نحو 182 سفينة منذ بدء التصعيد في 19 نوفمبر الماضي، وأدّت الهجمات إلى إصابة نحو 32 سفينة، غرقت منها اثنتان، البريطانية، «روبيمار» واليونانية «توتور»، كما قرصنت السفينة «غالاكسي ليدر» وحوّلتها إلى مزار لأتباعها.

وتنفّذ واشنطن منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي ضربات دفاعية استباقية لحماية السفن من الهجمات الحوثية ضمن ما سمّته «تحالف حارس الازدهار»، وأقرّت الجماعة بتلقّيها أكثر من 600 غارة شاركت فيها بريطانيا 4 مرات.

وتشنّ الجماعة الحوثية منذ 19 نوفمبر الماضي هجماتها في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي؛ إذ تدّعي أنها تحاول منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، بغضّ النظر عن جنسيتها، وكذا السفن الأميركية والبريطانية.

كما تدّعي تنفيذ هجمات في البحر المتوسط وموانئ إسرائيلية، بالاشتراك مع فصائل عراقية مسلّحة موالية لإيران، ضمن عمليات الإسناد للفلسطينيين في غزة، وهو الأمر الذي تقول الحكومة اليمنية إنه يأتي هروباً من استحقاقات السلام، وخدمةً لأجندة طهران بالمنطقة.