الحكومة اليمنية تناقش مع سفراء غربيين الترتيبات لـ {جنيف}

وسط إصرار الجماعة الحوثية على رفض المرجعيات المتوافق عليها للسلام

يمني مصاب بعجز كلوي أثناء عملية غسل كلى في صنعاء أمس (أ.ف.ب)
يمني مصاب بعجز كلوي أثناء عملية غسل كلى في صنعاء أمس (أ.ف.ب)
TT

الحكومة اليمنية تناقش مع سفراء غربيين الترتيبات لـ {جنيف}

يمني مصاب بعجز كلوي أثناء عملية غسل كلى في صنعاء أمس (أ.ف.ب)
يمني مصاب بعجز كلوي أثناء عملية غسل كلى في صنعاء أمس (أ.ف.ب)

وسط إصرار حوثي على رفض مرجعيات السلام المتوافق عليها، ومحاولات نسف المساعي الدولية نحو السلام في اليمن، كثفت الحكومة اليمنية في الأيام الماضية مشاوراتها مع الدوائر الدبلوماسية الإقليمية والغربية، لجهة تبادل وجهات النظر حول السبل الكفيلة بدعم الجهود الأممية الرامية إلى إنجاح مشاورات جنيف المرتقبة مع الانقلابيين الحوثيين.
وفي هذا السياق، أفادت مصادر يمنية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» بأن وزير الخارجية اليمني خالد اليماني أبلغ عدداً من السفراء الإقليمين والغربيين قلق الشرعية في بلاده من التوجهات المعلنة للجماعة الحوثية الانقلابية بخصوص سعيها إلى نسف الجهود الأممية والدولية، وإفشال المشاورات المرتقبة في جنيف، في السادس من سبتمبر (أيلول) المقبل، خصوصاً في ظل التصريحات المتكررة للقيادات الحوثية التي تقلل من أهمية المشاورات.
وذكرت المصادر أن الخارجية اليمنية نقلت إلى السفراء الغربيين تأكيدات الشرعية بخصوص موقفها المعلن الرامي إلى إنجاح الجهود الأممية لإحلال السلام بموجب المرجعيات الثلاث المتوافق عليها، وهي: المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وقرار مجلس الأمن 2216، وبقية القرارات الأخرى ذات الصلة؛ وهي المرجعيات التي ترفض الجماعة الحوثية حتى الآن الاعتراف بها أو الالتزام بتنفيذها.
وفي السياق ذاته، ذكرت المصادر الرسمية اليمنية، أمس، أن الوزير اليماني التقى في الرياض سفير الولايات المتحدة لدى بلاده، ماثيو تولر، وناقش معه الترتيبات الحالية لجولة المشاورات السياسية المرتقبة في جنيف، مطلع الشهر المقبل، مع الميليشيات الحوثية الانقلابية.
وأفادت وكالة «سبأ» الحكومية بأن وزير الخارجية خالد اليماني أكد خلال لقائه بالسفير الأميركي على أهمية استمرار دعم جهود المبعوث الأممي، والاستفادة من هذه المشاورات لخلق تفاهم حول خطوات بناء الثقة، كتبادل السجناء، وتأمين وصول المساعدات الإنسانية، وحل إشكالية المرتبات لموظفي الدولة. ونسبت الوكالة إلى السفير تولر أنه، من جهته، أكد للوزير اليماني دعم بلاده لأي جهود من شأنها بلورة حل سياسي شامل للأزمة في اليمن.
كان السفير الأميركي قد التقى قبل أيام الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في العاصمة السعودية الرياض، وناقش معه آخر التطورات على صعيد الترتيبات لإنجاح المشاورات، فضلاً عن التطورات الميدانية، والتدخل الإيراني المستمر في الشأن اليمني، بما في ذلك تزويد الجماعة الحوثية بالأسلحة المهربة.
كما استقبل الوزير اليماني، أمس، في الرياض السفير النرويجي لدى بلاده أويفند ستوكه. وذكرت المصادر الرسمية أن اللقاء ناقش العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل تعزيزها وتطويرها. ونقلت المصادر ذاتها أن اليماني عبر خلال اللقاء عن تقدير الحكومة اليمنية لمواقف النرويج الثابتة في دعم الشعب اليمني، وحكومته الشرعية في مسعاها لاستعادة الدولة، وإنهاء الانقلاب الحوثي، كما قدر عالياً الدعم الإنساني المقدم من النرويج لليمن في مؤتمري جنيف للتعهدات خلال عامي 2017 و2018، وكذا جهود المجلس النرويجي للاجئين في اليمن.
وفي الوقت الذي تشير فيه تقديرات المراقبين إلى وجود احتمال كبير بعدم نجاح المشاورات المرتقبة في جنيف، بالاستناد إلى المواقف الحوثية المتعنتة خلال جولات التفاوض السابقة مع الحكومة الشرعية، جددت الجماعة أمس تصريحاتها الرافضة للمرجعيات المتفق عليها للحوار.
ونقلت مصادر إعلامية ممولة من طهران تصريحات للمتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية، محمد عبد السلام، أكد فيها أن جماعته لن تسلم السلاح إلا بعد التوافق على حكومة انتقالية، وعلى هيئة للرئاسة، أو شخصية يتوافق عليها لخلافة الرئيس عبد ربه منصور هادي، المعترف بشرعيته من قبل المجتمع الدولي ومجلس الأمن.
ومن شأن هذه التصريحات الحوثية أن تضاعف - بحسب المراقبين - من احتمالية فشل المشاورات المقبلة، ما يرشح الأوضاع اليمنية للاستمرار في الرهان على الحل العسكري لإنهاء الانقلاب الحوثي، والقضاء على التهديدات الإيرانية لليمن والمنطقة عبر أداتها الانقلابية الممثلة في الجماعة الحوثية.
وكان رئيس مجلس حكم الجماعة، مهدي المشاط، قد صرح قبل أيام، خلال اجتماعه بقيادات محلية موالية للميليشيات، بأن جماعته لا تعول على مشاورات جنيف المقبلة، داعياً في معرض حديثه إلى حشد المزيد من المجندين لإسناد صفوف الجماعة.
وسبق للجماعة الانقلابية أن رفضت مقترحاً للمبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، يتضمن عرضاً للتهدئة في الحديدة وجبهات الساحل الغربي، من قبل الحكومة الشرعية والتحالف الداعم لها، مقابل انسحاب الميليشيات الحوثية من الحديدة، وتسليم مينائها وبقية الموانئ على البحر الأحمر. وخلال الجولات السابقة من المفاوضات بين الحكومة الشرعية وممثلي الجماعة الحوثية في سويسرا والكويت، أدى التعنت الحوثي إلى إجهاض المساعي الأممية والدولية الرامية إلى إحلال السلام في اليمن، بعدما كانت الجماعة ترفض في اللحظات الأخيرة الوصول إلى اتفاق مع ممثلي الحكومة الشرعية.
ويرجح كثير من المراقبين أن الجماعة الانقلابية لا تملك قراراها لإنهاء انقلابها على الشرعية، وتسليم السلاح والمؤسسات المحتلة من قبل ميليشياتها، بسبب ارتهانها لإملاءات طهران وأجندتها في المنطقة.
كما كشفت كل جولات التفاوض السابقة عن إصرار حوثي على التمسك بالسلاح في يد ميليشيات الجماعة، مع محاولة السعي إلى إبرام اتفاق في الجوانب السياسية يضمن لها فرض قرارها الطائفي على بقية المكونات والقوى اليمنية الأخرى بقوة السلاح.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.