مساعٍ لضم الصدر إلى محور العامري ـ المالكي

مصادر كشفت عن نصيحة نصر الله له بتجنب الوقوع في الفخ الأميركي

TT

مساعٍ لضم الصدر إلى محور العامري ـ المالكي

كشفت مصادر سياسية في بغداد بالإضافة إلى ما تم تداوله مؤخرا عن نصيحة تلقاها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر خلال زيارته الحالية إلى بيروت من زعيم «حزب الله» اللبناني حسن نصر الله بشأن انضمام كتلة «سائرون» المدعومة من قبله إلى محور «الفتح - دولة القانون» بزعامة هادي العامري ونوري المالكي من أجل تشكيل الكتلة الكبرى.
وفيما أكد القيادي في «دولة القانون» سعد المطلبي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الفتح» قرر أن يعطي فرصة أخيرة لتحالف «سائرون» للانضمام إليه»، فإن مصدرا مطلعا أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «الصدر وبصرف النظر عن صحة ما أشيع بشأن ما كشفه علي دعموش نائب رئيس المجلس التنفيذي في (حزب الله) اللبناني بشأن نصيحة نصر الله إليه يتعرض منذ فترة إلى نوعين من الضغوط، أحدهما من داخل الفتح ويقودها هادي العامري، زعيم منظمة بدر، وآخر من أطراف أخرى ربما تكون لبنانية»، مبينا أن «الجهات الشيعية باتت تأخذ على الصدر انسجامه مع المشروع الأميركي الداعم للكتلة التي سميت بـ(النواة) التي تضم (سائرون) فضلا عن (النصر) بزعامة حيدر العبادي الذي تدعمه واشنطن بقوة لولاية ثانية فضلا عن (الحكمة) بزعامة عمار الحكيم و(الوطنية) بزعامة إياد علاوي».
ويضيف المصدر أن «هذه الجهات أوصلت إلى الصدر أنه لكي لا يقع في الفخ الأميركي، حيث إن موقف الصدر المعلن هو ضد الوجود الأميركي في العراق، فإن عليه الخروج من هذه الكتلة والانضمام إلى (الفتح) مع مناقشة شروطه ومطالبه، بالإضافة إلى أن تكوين كتلة شيعية قوية تسحب البساط من تحت أقدام الكرد والسنة الذين بدأوا يرفعون سقف مطالبهم مستفيدين من الخلافات الشيعية الشيعية».
لكن المطلبي يقول من جهته إن «(محور الفتح - دولة القانون) يريد أن يمضي في تشكيل حكومة قوية بأغلبية واضحة مقابل معارضة بوصفه العلاج الوحيد للوضع في العراق»، مشيرا إلى «وجود خطين لتحالف الفتح الأول يرغب بشدة أن تنضم (سائرون) إلى (الفتح) تجنبا لإمكانية وقوع صدامات بين طرفين يملكان فصائل مسلحة، بينما يرى خط آخر تتبناه تحديدا (دولة القانون) أنه ليس بالضرورة الإصرار على (سائرون)؛ لأنها على ما يبدو هي التي لا تريد الانضمام، وليس نحن».
إلى ذلك، دعا زعيم عصائب أهل الحق، قيس الخزعلي، رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى «تقديم كل أنواع الدعم للحشد الشعبي»، مبينا أن «تحالف الفتح ملتزم بفك الارتباط مع الحشد، ونؤمن بأن تكون هيئة الحشد الشعبي مستقلة». وأضاف الخزعلي في مؤتمر صحافي مشترك مع زعيم تحالف الفتح هادي العامري عقب مؤتمر لهم في بغداد أمس أن «(الفتح) وحلفاءها تمتلك الأعداد الكافية لتشكيل الكتلة الكبرى». وهاجم الخزعلي ما وصفه بالتدخل الأميركي «في مفاوضات تشكيل الحكومة بشكل سافر وأحيانا تفرض شخصيات»، لافتا إلى أنه «إذا استمرت السفارة الأميركية بالتدخل فلن نسكت، وعلى الأطراف المؤيدة لها أن تكف عن ذلك». أما العامري فقد أكد من جانبه خلال المؤتمر أنه «لا خير في الحكومة القادمة إذا كان بها تدخل أجنبي»، مضيفا أن «اختيار رئيس الوزراء يجب أن يكون وفق قرار عراقي». وحول الاجتماع الذي عقده تحالف الفتح أمس، أكد القيادي في التحالف وعضو البرلمان الجديد الدكتور نعيم العبودي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «تحالف الفتح لا يريد أن يكون هناك مجرد تسابق على تشكيل الكتلة الكبرى بعيدا عن البرامج السياسية في المرحلة القادمة»، مبينا أن التحالف وشركاءه «يستطيعون أن يشكلوا الكتلة الكبرى لو أردنا، لكننا نريد أن نعطي فرصة لكل الشركاء السياسيين من أجل أن نذهب جميعا إلى الفضاء الوطني بعد كتابة البرنامج السياسي للمرحلة القادمة، ومن ثم نأتي لنختار رئيس الوزراء». وأوضح العبودي: «لا نريد أن نقصي أحد أو نضع فيتو على كتلة أو شخص محدد بمن في ذلك الدعوات إلى أي لقاء أو اجتماع، فلا بد أن تكون بالتشاور، وليس بطريقة عقد اللقاء ومن ثم على الآخرين الالتحاق به».
إلى ذلك، وفيما لم يحسم السنة والأكراد بعد خياراتهم بالانضمام إلى أي من المحورين الشيعيين، فإن زعيم تحالف القرار وعضو المحور الوطني الذي بات يمثل البيت السني، أسامة النجيفي، أكد على أهمية البرنامج الحكومي أولا وتفكيك المشكلات.
وقال النجيفي خلال استقباله المبعوث الأميركي بريت ماكغورك في بغداد أمس إن «تحالف المحور الوطني على مسافة واحدة من جميع الكتل، ويعمل بفعالية للوصول إلى برنامج متفق عليه يمكن أن يحقق النهوض السريع». كما أشار النجيفي إلى أن «تحالف المحور الوطني يؤيد ترشيحه لرئاسة مجلس النواب بأغلبية كبيرة».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.