زعماء الحرب يتصارعون في العاصمة الليبية

ميليشيات تتبع حكومة السراج وتموّل من المال العام

TT

زعماء الحرب يتصارعون في العاصمة الليبية

لم تضع الاشتباكات بين الميليشيات المسلحة في العاصمة الليبية طرابلس أوزارها منذ انهيار نظام العقيد الراحل معمر القذافي قبل أكثر من سبعة أعوام، إذ تتجدد الصدامات بينها باستمرار وتستهدف في مجملها توسيع النفوذ، أو الصراع على كسب أرض جديدة.
وفي مطلع الأسبوع الحالي، اندلعت معارك طاحنة استخدمت فيها مدافع «هاوزر» وصواريخ «غراد» بين ثلاث من تلك الميليشيات الرئيسية، وهي «اللواء السابع مشاة» المعروف بـ«الكانيات»، من جهة، ومن جهة أخرى، ميليشيا «ثوار طرابلس» ومعها «قوات الدعم المركزي» في أبو سليم، وميليشيا «النواصي». وكل هذه الميليشيات تتبع المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني بقيادة فائز السراج.
ومنذ أن دخل السراج إلى العاصمة تحت حماية تلك الميليشيات وغيرها، في مارس (آذار) 2016 لممارسة مهامه وفق اتفاق الصخيرات، وهو يعمل على دمجها في الأجهزة الأمنية. وتبعاً لذلك أصبحت «الكانيات» تتبع وزارة الدفاع بحكومة (الوفاق)، أمّا «ثوار طرابلس» و«النواصي» فتنضويان تحت لواء وزارة الداخلية بنفس الحكومة.
وتحصل هذه الميليشيات الثلاث على مميزات ورواتب من مخصصات الوزارتين، البالغة ستة مليارات ونصف مليار دينار ليبي، في الترتيبات المالية للعام الحالي 2018، الأمر الذي انتقده الدكتور عبد السلام نصية رئيس لجنة الحوار في مجلس النواب في طبرق (شرق)، وقال عبر حسابه على «فيسبوك» إن «ليبيا تغذي أزمتها الأمنية من مواردها المالية».
وتهيمن ميليشيات «الكاني» أو «الكانيات» نسبة إلى آمرها السابق علي الكاني، على مدينة ترهونة، جنوب شرقي طرابلس، حيث تتبع «المجلس المحلي لثوار ترهونة» وصولاً لمنطقة (النواحي الأربع) وقصر بن غشير حيث مقر مطار طرابلس الدولي الذي دُمّر في عملية «فجر ليبيا» عام 2014. ومع مرور الوقت باتت غالبية عائلة الكاني تسيطر على الميليشيا التي تحوّل اسمها إلى «اللواء السابع»، ويرأسها محسن الكاني، شقيق علي الكاني.
وحافظت «الكانيات» على علاقتها بحكومة الإنقاذ التابعة آنذاك للمؤتمر الوطني العام (المنتهية ولايته) وظلت تناصرها إلى حين دخول السراج وحكومته إلى طرابلس قبل أكثر من عامين، فتغيرت الانتماءات وتبدلت الآيديولوجيات، وفقاً للدعم المالي، فأصبحت من أهم الكتائب المسلحة التي تعتمد عليها وزارة دفاعه. وتقول «الكانيات» إن عدد أفرادها يقدر بالآلاف، لكن مصادر أخرى تقول إنها لا تتجاوز الألفي مقاتل نظراً إلى انضواء أكثر من ميليشيا تحت سيطرتها من بينها كتائب مثل «الدمونة» و«صلاح البركي» وبعض أفراد مجموعة كانت تأتمر بإمرة قيادي سابق في «الجماعة المقاتلة» بعد خروجه من سجن الهضبة.
وفي مقابل «الكانيات»، تقف ميليشيا «ثوار طرابلس» التي يرأسها هيثم التاجوري، ويوصف بأنه أحد أهم زعماء الحرب في العاصمة، فضلاً عن كتيبة «النواصي» ذات الخلفية السلفية.
وهيثم التاجوري المعروف أيضا بهيثم القبايلي، كان من أوائل ضباط وزارة الداخلية المنشقين عن نظام القذافي عقب اندلاع ثورة 17 فبراير (شباط) 2011 وانضم مبكراً للثورة وشارك في غالبية المعارك في العاصمة، وانضم إلى عملية «فجر ليبيا»، لكنه انقلب سريعاً على قادتها وهاجم مقار «حكومة الإنقاذ» واحتجز وزراءها بعض الوقت.
ومع مرور الوقت وتجدد اشتباكات «تكريس النفوذ» في العاصمة، تصاعدت أسهم التاجوري، وبات اسمه مخيفاً للبعض، فقد استطاع أن يضم تحت لواء كتيبته أكثر من 9 مجموعات مسلحة منتشرة في غالبية المناطق بالعاصمة، مثل تاجوراء وزناتة (سوق الجمعة) والدريبي وبوسليم وقصر بن غشير، وتضم أكثر من 1400 مقاتل، وتتكفل بحماية المواقع الاستراتيجية كمقر المجلس الرئاسي، ووزارات أخرى مهمة، تحت مسمى «قوة الإسناد الأمني» في العاصمة.
وتقف القوة الثامنة، أو ما يعرف بكتيبة «النواصي» ذات التوجه السلفي، كما يصفها بعضهم، في خندق واحد مع «ثوار طرابلس»، فهي مكلفة بحماية كثير من مرافق الدولة في طرابلس وما حولها، وتمتلك ترسانة هائلة من الأسلحة والمعدات الحربية، وتتكون من نحو 600 عنصر وتوجد في منطقة سوق الجمعة القريبة من مطار معيتيقة، وظهرت دباباتها في معركة العاصمة خلال اليومين الماضيين.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.