صادرات إيران النفطية تتراجع قبل تطبيق العقوبات

أسعار النفط تتجه إلى أعلى مستوى في 7 أسابيع

ناقلة نفط تمر بمحاذاة إحدى منشآت الغاز في حقل بارس الجنوبي في إيران (رويترز)
ناقلة نفط تمر بمحاذاة إحدى منشآت الغاز في حقل بارس الجنوبي في إيران (رويترز)
TT

صادرات إيران النفطية تتراجع قبل تطبيق العقوبات

ناقلة نفط تمر بمحاذاة إحدى منشآت الغاز في حقل بارس الجنوبي في إيران (رويترز)
ناقلة نفط تمر بمحاذاة إحدى منشآت الغاز في حقل بارس الجنوبي في إيران (رويترز)

تتجه صادرات إيران من النفط الخام والمكثفات إلى التراجع في أغسطس (آب) دون 70 مليون برميل للمرة الأولى منذ أبريل (نيسان) 2017. وذلك قبيل بدء سريان جولة ثانية من العقوبات الاقتصادية الأميركية في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
وطلبت الولايات المتحدة من مشتري النفط الإيراني خفض وارداتهم منه إلى الصفر اعتبارا من نوفمبر المقبل لإجبار طهران على التفاوض على اتفاق نووي جديد وكبح نفوذها في منطقة الشرق الأوسط.
وأظهرت بيانات مبدئية لتدفقات التجارة على «تومسون رويترز أيكون» أن إجمالي حجم النفط الخام والمكثفات، وهي خام خفيف جدا ينتج من حقول الغاز الطبيعي المحمل، في إيران هذا الشهر، يقدر بنحو 64 مليون برميل، أو ما يعادل 2.06 مليون برميل يوميا، مقارنة مع 92.8 مليون برميل، أو 3.09 مليون برميل يوميا، في أبريل.
وخفضت شركة النفط الوطنية الإيرانية أسعار البيع لخاماتها للحفاظ على اهتمام المشترين مع هبوط صادرات أغسطس. وحددت سعر البيع الرسمي للخام الإيراني الثقيل للتحميل في سبتمبر (أيلول) بأكبر خصم منذ 2004. بحسب «رويترز» وبيانات تجارية.
وإيران هي ثالث كبار منتجي النفط الخام في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) حاليا. وارتفعت العقود الآجلة للخامات النفطية القياسية المتداولة في لندن إلى أعلى مستوياتها منذ يونيو (حزيران)، تحسبا لتقلص الإمدادات الإيرانية.
وخفض العملاء الرئيسيون للنفط الإيراني جميعا وارداتهم في أغسطس، بعدما أوقف بالفعل بعض المشترين وبنوك وشركات تأمين التعاملات في النفط الإيراني. وأظهرت البيانات أنه من المنتظر انخفاض الشحنات المتجهة إلى الصين، أكبر مشتر للنفط الإيراني، إلى 18.4 مليون برميل في أغسطس، من 24 مليون برميل في يوليو (تموز) الماضي، حينما سجلت أكبر حجم شهري لها منذ بداية العام.
وتحولت الصين لاستخدام ناقلات إيرانية في نقل الخام الإيراني المتجه إليها منذ يوليو، للالتفاف على العقوبات ومواصلة استيراد النفط الإيراني حتى أكتوبر (تشرين الأول) المقبل على الأقل.
وبلغ حجم شحنات النفط الإيراني المتجهة إلى الهند 8.2 مليون برميل، انخفاضا من أكثر من 20 مليون برميل في كل شهر منذ أبريل. وربما ترتفع الصادرات إلى الهند، حيث لم يتم بعد تحديد وجهة نحو 11 مليون برميل من الخام الإيراني يتم تحميلها هذا الشهر. ولم تُحمل إيران أي كميات من النفط المتجه إلى كوريا الجنوبية منذ يوليو.
وأظهرت البيانات أن الشحنات المتجهة إلى أوروبا تراجعت من ذروتها في مارس (آذار) عند 22.2 مليون برميل، إلى نحو 12 مليون برميل في أغسطس. وانسحبت شركات أوروبية، مثل «توتال» الفرنسية، من إيران خشية الوقوع تحت طائلة العقوبات الأميركية.
وتراجعت الشحنات المتجهة إلى اليابان إلى 3.4 مليون برميل في أغسطس، مسجلة انخفاضا للشهر الثاني على التوالي. ومن المتوقع تحميل آخر شحنات من النفط الإيراني المتجه إلى شركات تكرير يابانية في منتصف سبتمبر، حيث ستصل إلى اليابان قبل نوفمبر.
وفي سياق ذي صلة، قال وزير التجارة والصناعة الياباني هيروشيجي سيكو أمس الثلاثاء إن على شركات التكرير اليابانية أن تقرر ما إذا كانت ستستورد الخام الإيراني، وذلك ردا على سؤال عما إذا كانت الحكومة أصدرت أي تعليمات للتعامل مع الضغوط الأميركية المتصاعدة لوقف استيراد النفط من طهران. وأكد متحدث باسم وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة ما قاله الوزير خلال إيجاز صحافي دوري صباح أمس.
وتضغط الحكومة اليابانية من أجل الاستمرار في استيراد الخام الإيراني في مباحثاتها مع الولايات المتحدة.
وقال رئيس اتحاد شركات تكرير النفط اليابانية الشهر الماضي إن شركات التكرير المحلية ستتوقف على الأرجح عن تحميل الخام الإيراني بحلول منتصف سبتمبر على أن تصل الشحنات الأخيرة في النصف الأول من أكتوبر.
وارتفع سعر النفط صوب أعلى مستوياته منذ أوائل يوليو، أمس الثلاثاء، بفعل أدلة على زيادات ما زالت متواضعة في إنتاج «أوبك» وتحسن في طلب مصافي التكرير الصينية.
وبحلول الساعة 09:13 بتوقيت غرينتش كانت العقود الآجلة لخام برنت عند 76.65 دولار للبرميل، مرتفعة بذلك 44 سنتا عن الإغلاق السابق، ومسجلة أعلى مستوياتها منذ 11 يوليو، في حين زادت عقود الخام الأميركي 17 سنتا إلى 69.04 دولار للبرميل.
وقالت لجنة المراقبة التابعة لمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) إن منتجي النفط المشاركين في اتفاق خفض الإمدادات قلصوا الإنتاج في يوليو بمقدار 9 في المائة فوق ما تعهدوا به.
وتزداد ثقة المستثمرين الآن في أن المعروض لن يواكب الطلب على الأرجح في الأشهر المقبلة، كما يظهر في تقلص فرق السعر بين عقود برنت تسليم أكتوبر ونوفمبر إلى نحو 26 سنتا للبرميل، أي نصف ما كان عليه قبل شهر.
وقال وارين باترسون محلل أسواق السلع الأولية في «آي إن جي»: «كنا نتوقع في وقت سابق أن تهبط الأسعار قليلا حتى نهاية العام الحالي، لكن أجد صعوبة في رؤية ذلك الآن. أتوقع أن تظل السوق مدعومة جيدا مع صدمات محتملة تدفع الأسعار للصعود بناء على ما سنحصل عليه من إيران».
وأضاف: «بالنظر إلى فروق الأسعار، بدأ (ميزان) السوق يضيق بعض الشيء على ما يبدو».
وعندما يصبح سعر عقد الاستحقاق القريب أعلى من سعر العقد الأبعد فإن ذلك ينبئ بوجود اعتقاد بأن الطلب على النفط سيتجاوز المعروض.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.