مقتل ثلاثة عسكريين وأربعة من «الحرس البلدي» في تفجير غرب الجزائر

«الخارجية» تدين تصريحات مسؤولين مغاربة حيال نزاع الصحراء

مقتل ثلاثة عسكريين وأربعة من «الحرس البلدي» في تفجير غرب الجزائر
TT

مقتل ثلاثة عسكريين وأربعة من «الحرس البلدي» في تفجير غرب الجزائر

مقتل ثلاثة عسكريين وأربعة من «الحرس البلدي» في تفجير غرب الجزائر

قتل ثلاثة عسكريين وأربعة من أفراد «الحرس البلدي» في انفجار بقرية تقع في ولاية سيدي بلعباس مساء أول من أمس (500 كيلومتر غرب العاصمة).
وذكر بيان صدر عن وزارة الدفاع أن مقتل العسكريين وعناصر الحرس البلدي جرى في انفجار قنبلة، ووقعت الحادثة قبيل الإفطار بنحو 20 دقيقة، عندما كان الجنود في دورية أمنية روتينية مرفوقين بأفراد من «الحرس البلدي»، وهو فصيل أمني أنشأته السلطات مطلع تسعينات القرن الماضي، في إطار محاربة الإرهاب.
ولم يوضح البيان ظروف الحادثة، كما لم يذكر إن كان هناك جرحى في صفوف المعتدى عليهم.
وتقول مصادر أمنية محلية لـ«الشرق الأوسط» إن القنبلة انفجرت بطريقة التحكم عن بعد، من طرف جماعة مسلحة يجهل عدد أفرادها. ورجحت المصادر أن المسلحين راقبوا مسار الدورية العسكرية التي اعتادت المرور بالقرية يوميا، فأعدوا لها كمينا واختاروا لذلك توقيتا تقل فيه يقظة قوات الأمن.
وذكر بيان الوزارة أن الجيش «طوق المنطقة فور وقوع الانفجار وانطلق في تعقب أثر المعتدين»، مشيرا إلى أن «هذه العملية الإجرامية لن تزيد الجيش الوطني الشعبي إلا عزيمة وإصرارا على مطاردة فلول المجموعات الإرهابية حتى القضاء عليها وتطهير أرض الجزائر من دنسها».
وعرفت ولاية سيدي بلعباس هدوءا على الصعيد الأمني منذ سنوات طويلة، لهذا يستغرب وقوع عملية إرهابية بها. وكانت في تسعينات القرن الماضي، أحد أخطر معاقل «الجماعة الإسلامية المسلحة» بقيادة الإرهابي الخطير عبد القادر بن عائشة الذي قتلته قوات الأمن في اشتباك مسلح. وتنسف العملية الإرهابية الأخيرة، بحسب مراقبين، الخطاب الرسمي الذي تردده الحكومة ومفاده أن «الدولة قضت نهائيا على الإرهاب».
وفي جانب آخر، صرح الناطق باسم وزارة الشؤون الخارجية عبد العزيز بن علي شريف، أن «التصريحات المشينة التي أدلى بها عضو في الحكومة المغربية ضد الجزائر، تشكل انزلاقا، وهي تنم عن حساسية مفرطة لا تليق بالعلاقات بين البلدين الشقيقين والجارين»، في إشارة إلى دعوة وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار إلى «اعتماد تحرك هجومي بهدف إفشال المناورات المكثفة التي تقوم بها الجزائر للتأثير على مسار حل نزاع الصحراء».
وقال بن علي شريف إن «التصريحات غير المسؤولة الصادرة عن مسؤولين مغاربة ضد الجزائر تندرج في سياق ممارسات معروفة يثيرها الجانب المغربي في كل مرة يسجل فيها مسار استكمال تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية تقدما».
وكان مزوار يتحدث في اجتماع للجنتي الشؤون الخارجية بغرفتي البرلمان المغربي الخميس الماضي، حيث أشار إلى «تصعيد قوي من قبل الجزائر لأن الواقع في الميدان بدأ يتغير؛ إذ تعيش جبهة البوليساريو تصدعا وتراجعا في التعبئة، بالإضافة إلى الوضع الداخلي الذي تعرفه الجزائر».
وذكر المتحدث باسم الخارجية الجزائرية أن «الفشل والخيبات التي تلقتها المملكة المغربية، التي تعد السبب المباشر في هذه التجاوزات اللفظية، نابعة من الطابع الأحادي وغير المؤسس لمطالبها الخاصة بمعالجة مسألة الصحراء الغربية على المستوى القاري والدولي».
ومعروف أن الجزائر تدعم خيار تقرير المصير عن طريق استفتاء في الصحراء تشرف عليه الأمم المتحدة.
وأضاف بن علي شريف: «هذه التصريحات والتصرفات الصادرة عن بعض المسؤولين المغاربة لن تنجح في تغليط شعوب المنطقة، ولا المجتمع الدولي؛ لأن الجميع قادر على تحديد من المسؤول عن حالة الانسداد التي يشهدها مسار تسوية النزاع بالصحراء الغربية، وكذا فيما يتعلق بالنتائج السلبية التي ستترتب عليها».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.