ماراثون «الكتلة الأكبر» في العراق يقترب من نهايته

دعوة البرلمان للانعقاد الاثنين... وشروط أربيل تعيدها إلى ما قبل الاستفتاء

عنصر أمني عراقي أثناء دورية حراسة لمخزن فيه صناديق اقتراع الانتخابات مايو الماضي (أ. ف. ب)
عنصر أمني عراقي أثناء دورية حراسة لمخزن فيه صناديق اقتراع الانتخابات مايو الماضي (أ. ف. ب)
TT

ماراثون «الكتلة الأكبر» في العراق يقترب من نهايته

عنصر أمني عراقي أثناء دورية حراسة لمخزن فيه صناديق اقتراع الانتخابات مايو الماضي (أ. ف. ب)
عنصر أمني عراقي أثناء دورية حراسة لمخزن فيه صناديق اقتراع الانتخابات مايو الماضي (أ. ف. ب)

مع وصول وفد يمثل «نواة الكتلة الأكبر»، التي أعلن عنها في فندق بابل ببغداد الأسبوع الماضي، إلى أربيل عاصمة إقليم كردستان، أمس، لبحث الشروط الكردية للانضمام إليها، تكون أربيل قد عادت بقوة إلى مرحلة ما قبل الاستفتاء الذي أجري خلال شهر سبتمبر (أيلول) عام 2017.
وبالتزامن مع وصول الوفد الذي يضم كتل: «سائرون» المدعومة من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، و«النصر» بزعامة رئيس الوزراء حيدر العبادي، و«تيار الحكمة» بزعامة عمار الحكيم، و«الوطنية» بزعامة إياد علاوي، دعا رئيس الجمهورية فؤاد معصوم البرلمان الذي أفرزته انتخابات 12 مايو (أيار) الماضي إلى الانعقاد الاثنين المقبل.
وبموجب الدستور، يتم خلال الجلسة الافتتاحية انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبيه، بعد أداء القسم ومعرفة كتل مجلس النواب. ووفقاً لقانون أحكام الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، يفتح باب الترشح لمنصب رئيس الجمهورية بعد ثلاثة أيام من انتخاب رئيس مجلس النواب. وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، يلزم الدستور انتخاب رئيس الجمهورية خلال شهر، وفق الإجراءات المنصوص عليها في قانون أحكام الترشح لمنصب رئيس الجمهورية. وخلال خمسة عشر يوماً من انتخاب رئيس الجمهورية، عليه أن يكلف زعيم الكتلة الأكبر عدداً بتشكيل الحكومة، وعلى المكلف تقديم برنامجه الحكومي وطاقمه الوزاري خلال شهر من تكليفه.
وبدأ الوفد الرباعي فور وصوله إلى أربيل لقاءاته مع الزعامات الكردية، وفي مقدمتها مسعود بارزاني الذي أعادت مباحثات الكتلة الأكبر المستمرة منذ نحو ثلاثة شهور بريقه ودوره الذي كان فقده بعد الاستفتاء الذي أجراه الإقليم العام الماضي، والذي مهد في السادس عشر من شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2017 إلى دخول القوات الاتحادية إلى كركوك، وكل المناطق المتنازع عليها. ورغم إعلان بارزاني استقالته من منصبه كرئيس للإقليم، الذي أدى إلى إلغاء المنصب، فإن الانتخابات البرلمانية التي أجريت في العراق خلال شهر مايو الماضي أعادت بارزاني وحزبه (الديمقراطي الكردستاني) إلى الواجهة، بحصوله على أعلى الأصوات في الإقليم (25 مقعداً)، مقابل حصول شريكه (الاتحاد الوطني الكردستاني) على 18 مقعداً.
وفي بغداد، ورغم أن كثيراً من قياداتها وأحزابها السياسية قد أعلن نهاية بارزاني كزعيم مشاكس لبغداد طوال الخمسة عشر عاماً الماضية، فإنها اضطرت الآن، بمن فيهم خصمه اللدود نوري المالكي، زعيم ائتلاف دولة القانون رئيس الوزراء السابق، إلى إعادة التفاهم معه من أجل انضمام الكرد إلى الكتلة الأكبر التي يريد تشكيلها مع كتلة الفتح بزعامة هادي العامري، في مقابل جهود رئيس الوزراء زعيم «النصر» حيدر العبادي، وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، لتشكيل الكتلة الأكبر من قبلهما، بالتحالف مع عمار الحكيم وإياد علاوي والكرد، ومن يلتحق من السنة.
ويضم وفد الكتل البرلمانية الأربع نصار نصار الربيعي وجاسم الحلفي من تحالف «سائرون»، وعدنان الزرفي وخالد العبيدي من ائتلاف «النصر»، وأحمد الفتلاوي وعبد الله الزيدي عن «تيار الحكمة»، إلى جانب كاظم الشمري ورعد الدهلكي من ائتلاف «الوطنية». وبشأن أهداف زيارة الوفد، أعلن عبد الله الزيدي، العضو المفاوض عن تيار الحكمة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «المباحثات التي يجريها الوفد في أربيل هي استكمال للمباحثات التي أجريت في بغداد، والتي تهدف إلى تشكيل أغلبية وطنية بهدف تشكيل حكومة تحظى بمقبولية لدى الشارع العراقي، من أجل النهوض بالمهام الملقاة على عاتقها، ومواجهة التحديات في مختلف الصعد والمجالات».
وأضاف الزيدي أن «تيار الحكمة يؤمن بحكومة الأغلبية الوطنية من ثلثي البرلمان، حتى تكون هناك أغلبية مريحة، مقابل ثلث برلماني يمكن أن يكون في المعارضة، لكن الإيجابية»، مبيناً أن «التجارب السابقة أثبتت فشلها على صعيد ركوب الجميع سفينة السلطة، بحيث يجد الجميع أنفسهم في الحكومة وفي المعارضة معاً، وهذا أمر غير صحيح».
وأوضح أن «العمل باتجاه الأغلبية الوطنية يمكن أن ينعش حالة التنافس الإيجابي في البلاد، بما في ذلك وضع حوافز للمعارضة، بحيث تكون منتجة وليست سلبية، لأننا حيال بناء دولة ومؤسسات، وليس مجرد الحديث عن تقاسم السلطة والمواقع لأن ما يهمنا هو البرنامج».
ولفت الزيدي إلى أن «تيار الحكمة مستعد للذهاب إلى المعارضة الإيجابية، في حال لم يتم الاتفاق على آليات واضحة لمشروع بناء الدولة». وحول ما إذا كان سيتم الانتقال من «النواة»، مثلما أطلق عليها إلى «الكتلة الأكبر»، قال الزيدي إن «تسمية النواة كانت منذ البداية باقتراح منا، وليست وليدة ما حصل في فندق بابل، مثلما أشيع، لأننا نرى أن أركان التحالفات لا تكتمل إلا بوجود سنة وكرد وشيعة»، موضحاً أن «القوى الشيعية تريد أن تلعب دوراً حيوياً من أجل خلق حالة وطنية، وأمامنا في الواقع فرصة ذهبية الآن في تشكيل حكومة أغلبية وطنية مريحة، وهو ما يجعلنا نتجه نحو النضج الديمقراطي، عبر هذا التنافس الشديد بين الكتل، شريطة أن يبقى الهاجس هو المشروع، وليس المواقع والمناصب».
من جهته، يرى شوان داودي، عضو البرلمان العراقي السابق عن «الاتحاد الوطني الكردستاني»، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن مجموع مقاعد الكرد في البرلمان الاتحادي «يجعلنا رقماً صعباً، رغم المباحثات التي نجريها مع القوى والكتل الفائزة في بغداد»، مشيراً إلى أن «ذلك يجعلنا نتحرك بشكل مريح حيال المحورين الشيعيين، اللذين يتنافسان الآن على تشكيل الكتلة الأكبر، وما زلنا على مسافة واحدة من كلا الطرفين، ولم نقترب من أحدهما ونبتعد عن الآخر، مثلما يشاع أحياناً في وسائل الإعلام».
ورداً على سؤال بشأن ما إذا كان الوقوف على مسافة واحدة يعني عدم حسم الخيار لجهة عدم تقديم أحد الطرفين ما يلبي طموحات الكرد، يقول داودي إن «الكرد، وبلا شك، يشعرون بالغبن التاريخي حيال جميع الحكومات السابقة، ولذلك فإننا لدينا شروطنا ومطالبنا الواضحة، وبالتالي نقولها، وبلا عواطف: إن أي طرف من هذين الطرفين يوافق عليها، ووفقاً لضمانات موثقة، سوف نذهب معه لتشكيل الكتلة الأكبر، وهو ما نبحثه الآن مع كل الأطراف، وكل الأطراف تعرف ذلك جيداً».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.