الجزائر: بوتفليقة في جنيف لإجراء «فحوص دورية»

TT

الجزائر: بوتفليقة في جنيف لإجراء «فحوص دورية»

قالت الرئاسة الجزائرية إن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة سافر أمس إلى جنيف «لإجراء فحوص طبية دورية»، من دون تقديم تفاصيل أخرى. ويأتي تنقل الرئيس إلى سويسرا في سياق جدل في البلاد، حول مدى قدرته بدنياً على الترشح لولاية خامسة، بمناسبة انتخابات الرئاسة المرتقبة بعد 6 أشهر.
واتصلت «الشرق الأوسط»، بالبروفسور رشيد بوغربال، طبيب القلب الذي أشرف على علاج الرئيس في اليوم الأول من إصابته بجلطة دماغية (27 أبريل «نيسان» 2013)، للاطلاع على سفريته الجديدة للعلاج بالخارج، فأبدى تحفظاً شديداً على الخوض في الموضوع، واكتفى بالقول: «ليس لدي معلومات عن تطورات الملف الطبي للرئيس».
وتحيط الرئاسة موضوع «مرض الرئيس» بتكتم شديد، وتتعامل معه بحساسية حادة. ودرج بوتفليقة على إجراء فحوصات طبية في عيادة بسويسرا وعيادة أخرى بغرونوبل بفرنسا. وغالباً ما يسافر معه شقيقه وكبير مستشاريه السعيد بوتفليقة، ويصطحب معه أحياناً مسؤول التشريفات بالرئاسة.
على صعيد آخر, بينما نفت سفارة فرنسا في الجزائر «إشاعات» تناولت إلزام المسافرين القادمين من هذا البلد إبراز شهادة طبية عند وصولهم إلى المطارات الفرنسية لإثبات أنهم غير مصابين بالكوليرا، أعلنت السلطات الجزائرية أنها احتوت انتشار الوباء وأن «الوضع تحت السيطرة التامة»، في حين أشارت وزارة الصحة الليبية إلى اتخاذ إجراءات وقائية على الحدود مع الجزائر لمنع تمدده داخل ليبيا.
وتسبب وباء الكوليرا في وفاة شخصين في الجزائر، وترافق مع انتشار واسع لإشاعات دفعت ملايين الأشخاص إلى مقاطعة أنواع من الخضر والفواكه بزعم أنها «ملوّثة ببكتيريا قاتلة». وأدى ذلك إلى انخفاض لافت في أسعار بعض الفواكه، وبخاصة البطيخ والإجاص والعنب، بعدما أشيع أنها مروية بـ«مياه صرف صحي». ولعبت شبكات التواصل الاجتماعي دوراً كبيراً في نشر الإشاعات التي أضحت مع مرور الأيام بمثابة «حقيقة» يصدقها كثيرون، برغم محاولات محتشمة من الحكومة لتكذيبها.
ونشرت سفارة فرنسا في الجزائر بياناً على موقعها الإلكتروني، جاء فيه أن «إشاعات بمواقع التواصل الاجتماعي، ومن طرف بعض وسائل الإعلام، تحدثت عن إجراءات وضعتها وزارة التضامن والصحة الفرنسية بخصوص المسافرين القادمين من الجزائر. وتفيد هذه الإشاعات بأنه على المسافرين الجزائريين تقديم شهادة طبية تثبت عدم إصابتهم بداء الكوليرا، وفي حالة عدم حيازتهم لهذه الشهادة، فعليهم القيام بفحوص طبية إجبارية، يدفعون ثمنها، عند وصولهم إلى المطارات الفرنسية». وأوضحت السفارة أنها تفنّد «هذه الإشاعات، التي ليس لها أي أساس من الصحة، وتؤكد على أنه لم يتم اتخاذ أي إجراء من طرف وزارة التضامن والصحة يخص المسافرين الجزائريين».
وفي بيان ثان، ذكرت السفارة أنه «تم تشخيص عدد من حالات الإصابة بداء الكوليرا في شمال البلاد ووسطها، وتحديداً في البويرة والبليدة وتيبازة والجزائر والمدية وعين الدفلى». ونقلت عن وزارة الصحة الجزائرية أن منبعاً مائياً في ولاية تيبازة (بلدة أحمر العين غرب العاصمة) قد يكون مصدر الإصابة بهذا الداء، وأن ماء الحنفيات صالح للشرب. وأضاف البيان: «في كل الحالات يجب على المسافر نحو الجزائر، توخي الحذر واتخاذ جميع الاحتياطات فيما يتعلق بالأكل والماء، بما في ذلك المثلجات. كما يطلب من المسافرين نحو الجزائر، اتباع توصيات المنظمة العالمية للصحة والاطلاع على المعلومات التي ينشرها معهد باستور الجزائر».
من جهته، أصدر «المركز الوطني لمكافحة الأمراض» التابع لوزارة الصحة الليبية، «تعميماً بشأن مرض الكوليرا» في الجزائر، رفعه إلى «راصدي برنامج الإنذار المبكّر» وإلى المستشفيات و«فرق الاستجابة السريعة»، ذكر فيه أنه «رفع درجة التأهب والاستعداد لمواجهة احتمالية انتقال المرض من الجزائر إلى ليبيا، وخاصة في المناطق الحدودية».
وطالبت الوثيقة، التي تتضمن التحذير، بـ«أخذ الحيطة والحذر من الإخوة الوافدين من الجزائر، والتقصي عن حالتهم الصحية في حال وجود أعراض المرض لديهم»، داعية إلى «التبليغ فوراً عن أي حالة اشتباه لمرض الكوليرا تتطابق مع تعريف الحالة المرفق ببطاقة المعلومات». ولم يصدر عن الجهات الرسمية في الجزائر رد فعل إزاء «التحذير الليبي»، غير أن مثل هذه المواقف، خصوصاً عندما تأتي من بلد جار، تثير في الغالب حساسية السلطات، التي قالت أمس إن «الوضع تحت السيطرة التامة»، وبأنها تتحكم في الوباء بشكل تام بعد تحديد طبيعته ومكانه.
وقال التنظيم المعارض «مواطنة»، الذي يضم في صفوفه قادة أحزاب وصحافيين ومحامين، ورئيس حكومة سابق (أحمد بن بيتور)، معارضين للحكومة، في بيان أمس، إن الجزائريين «يلاحظون أن المسؤولين و(أفراد) عائلاتهم يعالجون في أكبر المستشفيات الأجنبية وبالأموال العامة، وهم يعلمون اليوم أن صحتهم وراحتهم ومستقبلهم ليست محل اهتمام من طرف هذا النظام».
ووقّع البيان القاضية سابقاً زبيدة عسول، المرشحة المفترضة لرئاسية 2019، ومن أهم ما ورد فيه أن مسؤولية انتشار وباء الكوليرا (الذي تسبب في 46 إصابة بالإضافة إلى القتيلين)، «لا تقع على وزارة الصحة، وإنما تتحملها أيضاً العديد من القطاعات كالداخلية والجماعات المحلية، والموارد المائية والفلاحة والبيئة والتجارة وحتى وزارة الإعلام»، مشيرة إلى أن «غياب الكفاءة والتسيب والشعبوية، لدى نظام الحكم، وتغليب المصالح المادية والذاتية للمسؤولين، أصبح شيئاً ظاهراً للعيان وفِي واضح النهار».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.