ديفيد بروكس وجيمس ماديسون أثبتا أن المثابرة تؤتي ثمارها في النهاية

خاض اللاعب الويلزي الشاب ديفيد بروكس تجربة قاسية، عندما كان يلعب في فريق الرديف تحت 19 عاما، أمام ناديي ستافيلي مينيرس ويلفير، وهاندسورث بارامور، كما لعب على سبيل الإعارة لنادي هاليفاكس تاون، بينما لفت جيمس ماديسون الأنظار عندما كان يلعب في دوري الدرجة الثانية مع نادي كوفنتري سيتي، وهو في السابعة عشرة من عمره.
وكما كان الحال مع هاري ماغواير وكايل ووكر وآخرين، بدأ بروكس وماديسون رحلتهما في عالم كرة القدم من الدوريات الأدنى، وواجها كثيرا من الصعوبات والعراقيل، قبل أن ينجحا في نهاية المطاف في اللعب في الدوري الإنجليزي الممتاز. وخلال فترة الانتقالات الصيفية الأخيرة، انتقل بروكس من نادي شفيلد يونايتد لنادي بورنموث مقابل 11.5 مليون جنيه إسترليني، كما انتقل ماديسون من نوريتش سيتي إلى ليستر سيتي مقابل 24 مليون جنيه إسترليني.
ورغم أنه من السابق لأوانه الحكم على هذه الخطوة، فمن الواضح أن اللاعبين قد نجحا في التأقلم السريع مع أجواء الدوري الإنجليزي الممتاز بعد الانتقال إليه من دوري الدرجة الأولى.
ولا يزال كلا اللاعبين في الحادية والعشرين من العمر؛ لكنهما يمثلان قصة نجاح اثنين من أكاديميات الشباب بالدرجة الثانية في إنجلترا، فقد انضم بروكس لأكاديمية نادي شفيلد يونايتد قادما من نادي مانشستر سيتي وهو في السابعة عشرة من عمره، في حين انضم ماديسون إلى أكاديمية الناشئين بنادي كوفنتري سيتي وهو لم يتجاوز السابعة من عمره.
يقول نيك كوكس، المدير الفني السابق لبروكس بأكاديمية الناشئين بنادي شفيلد يونايتد، والذي يعمل الآن في أكاديمية الناشئين بنادي مانشستر يونايتد: «لم تكن الرحلة سهلة وتؤدي إلى النجاح مباشرة، وربما لا تصل هذه الرسالة بالشكل المناسب إلى الأطفال ووكلاء اللاعبين والآباء؛ لأن الجميع ينتظر تحقيق النجاح بسرعة. ويجب أن نعلم أن الموهبة وحدها لا تؤدي بالضرورة إلى تحقيق النجاح».
وشارك بروكس، الذي لعب أول مباراة له في دوري الدرجة الأولى في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، في أول مباراة دولية له مع منتخب ويلز في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أما ماديسون فكان يستعد للمشاركة في تدريبات المنتخب الإنجليزي الأول بقيادة غاريث ساوثغيت خلال الصيف الجاري، لولا تعرضه لإصابة في الركبة. وبالنسبة لبروكس، كانت المباريات التي يشارك فيها في منتصف الأسبوع على ملعب «ستوكسبريدج بارك ستيلز» تشكل جزءاً من برنامج أكاديمية الشباب لتطويره وتعليمه الجانب الآخر من اللعبة، وتحسين حالته البدنية وانضباطه الخططي والتكتيكي وقدراته الفنية والذهنية، وهو الأمر نفسه الذي ينطبق أيضا على الفترة التي لعبها لنادي هاليفاكس على سبيل الإعارة منذ ثلاثة أعوام.
وقال نيك كوكس: «لقد أرسلنا ثلاثة لاعبين شبابا على سبيل الإعارة في ذلك الوقت. وبعد الشهر الأول، قرر هاليفاكس الإبقاء على اللاعبين الآخرين وعاد بروكس، ولم تكن الأمور سهلة على الإطلاق بالنسبة له». وأضاف: «لقد مر بروكس بسنوات صعبة للغاية حتى يصل إلى ما هو عليه الآن. في الحقيقة، يجب الإشادة ببروكس كثيرا بسبب الطريق الصعب الذي سلكه بعد الرحيل عن ناد كبير. يكون الطبيعي في مثل هذه الظروف هو الانتقال إلى ناد آخر من الفئة نفسها، أو الاكتفاء بالوجود ضمن قائمة الـ23 لاعبا لأي فريق وعدم القتال من أجل الوجود في التشكيلة الأساسية؛ لكنه اتخذ قراراً باللعب في ظروف صعبة للغاية مع نادي شفيلد يونايتد، وقاتل من أجل أن يصبح لاعبا كبيرا».
وتألق اللاعبان في أول موسم لهما في الدوري الإنجليزي الممتاز، فسجل ماديسون في مباراة فريقه ليستر سيتي أمام وولفرهامبتون، كما قدم بروكس أداء رائعا مع بورنموث، وتألق في مركز الجناح، وليس في مركز صانع الألعاب الذي كان يلعب به من قبل. وفي بورنموث، ينضم بروكس إلى فريق مستقر يضم عددا كبيرا من المواهب الشابة، بما في ذلك لاعب خط الوسط المميز لويس كوك وحارس المرمى آرون رامسديل.
كما بدأ ليستر سيتي ينظر هو الآخر إلى المواهب التي تلعب في الدوريات الأدنى من الدوري الإنجليزي الممتاز، فتعاقد مع ديماراي غراي، ومع جورج توماس، الذي كان يلعب أيضا في صفوف كوفنتري سيتي. وبالتالي، فإن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: هل يتألق اللاعبون الموهوبون ويظهرون بشكل أفضل عندما يلعبون في دوريات أقوى إلى جانب لاعبين أفضل؟ يقول كوكس: «من الممكن أن يكون ذلك صحيحا، إذ يتألق اللاعبون الجيدون عندما يلعبون مع لاعبين جيدين آخرين؛ لأن ذلك يحميهم بعض الشيء ويساعدهم على التكيف مع اللعب في هذا المستوى الجديد. صحيح أن الدوري الإنجليزي الممتاز يمتلك فنيات ومهارات أفضل؛ لكن لا يمكن التقليل من أهمية الجانب البدني أيضا».
وعلى الجانب الآخر، يرى ريتشارد ستيفنز، المدير الفني لأكاديمية الناشئين بنادي كوفنتري سيتي، أن ماديسون لديه رغبة هائلة في أن يترك بصمة كبيرة في الدوري الإنجليزي الممتاز، ويريد أن يتردد اسمه على شفاه الجميع. وشارك ماديسون في أول مباراة له مع كوفنتري سيتي وهو في السابعة عشرة من عمره؛ لكن الأمور لم تكن سهلة كما يتوقع البعض، والدليل على ذلك أن بعض زملائه في الفريق تحت 16 عاما قد وقعوا على عقود مع النادي قبله بثلاثة أشهر؛ لكنه لم يشعر بالقلق من ذلك. يقول ستيفنز: «عندما يُعرض على رفاقك شيء لم يُعرض عليك، فإن ذلك يعد بمثابة نكسة بالنسبة لك؛ لكن التعرض لمثل هذه النكسات يجعلك تدرك أنه بإمكانك التعامل مع الأمور الصعبة أو مع الأشياء التي لم تكن تتوقعها».
لقد نجح ماديسون، وهو لاعب خط وسط لا يعرف الخوف، في تجاوز كافة الاختبارات الصعبة التي واجهها، بما في ذلك ظهوره الأول بقميص المنتخب الإنجليزي تحت 21 عاما العام الماضي، والفترة الرائعة التي لعبها مع نادي أبردين على سبيل الإعارة، بعد ستة أشهر من انتقاله مقابل ثلاثة ملايين جنيه إسترليني من كوفنتري سيتي إلى نوريتس سيتي عام 2016.
يقول توني دوتشيرتي، مساعد المدير الفني لنادي أبردين: «بمجرد أن تنطق باسمه سوف تتذكر على الفور هدف الفوز الذي أحرزه في مرمى رينجرز». وأضاف: «لن ينسى أحد هذا الهدف أبدا؛ لأنه جاء من ركلة حرة رائعة في الدقيقة الأخيرة من عمر المباراة. إن أكثر ما أعجبني في جيمس هو أنه عندما جاء إلينا كان يعلم أن هذه الفترة تعد جزءا مهما من رحلته في عالم كرة القدم. لقد كان يدرك تماما أنه إذا لعب بشكل جيد فإن ذلك سوف يساعده كثيرا، وكان يرى الصورة بشكل أوسع. ربما تنتهي مسيرة بعض اللاعبين بمجرد انتقالهم للعب على سبيل الإعارة في اسكوتلندا؛ لكنه كان يركز بشكل كبير على تلك التجربة واستفاد منها كثيرا».
وما زال والدا ماديسون وشقيقه الأصغر يعيشون في منزل على الطريق المؤدي إلى ملعب التدريب في كوفنتري، ويذهب ماديسون لزيارتهم عندما يسمح وقته بذلك. ومن المؤكد أن حصول اللاعب على الدعم من الآخرين يعد شيئا مهما للغاية؛ لكن شخصية اللاعب نفسه هي الأهم. يقول ستيفنز: «ماديسون يقدم الدعم لنفسه، ويعرف جيدا أنه يمتلك قدرات كبيرة ويثق في إمكاناته تماما». وأضاف: «ماديسون يعشق كرة القدم ولا يتوقف عن التفكير فيها. إنه لاعب مهاري يرغب دائما في الحصول على الكرة من أجل صناعة الهجمات والفرص لزملائه في الفريق. إنه لا يختفي أبدا داخل الملعب؛ لأنه يعرف جيدا ما يتعين عليه القيام به». وتابع: «إنه يمتلك موهبة استثنائية والجميع يعرف ذلك. وحتى عندما كان في الثانية عشرة والثالثة عشرة والرابعة عشرة من عمره، كان الجميع يعرف أيضا أنه سيكون له مستقبل كبير، وسيكون له مستقبل كبير بالفعل».