ارتياح في الأوساط الصناعية الروسية بعد عاصفة «فائض الأرباح»

الكرملين يتوافق مع الشركات الكبرى على «الاستثمار طواعية» في خطة التنمية

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يلتقط صورة تذكارية مع عمال منجم في كيميروفو (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يلتقط صورة تذكارية مع عمال منجم في كيميروفو (رويترز)
TT

ارتياح في الأوساط الصناعية الروسية بعد عاصفة «فائض الأرباح»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يلتقط صورة تذكارية مع عمال منجم في كيميروفو (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يلتقط صورة تذكارية مع عمال منجم في كيميروفو (رويترز)

توصل الكرملين وشركات روسية كبرى، حققت أرباحا طائلة، إلى اتفاق حول آليات محددة للاستفادة من تلك الأرباح، عوضا عن اقتراح سابق ينص على سحبها لصالح الخزينة، وتحويلها لاحقاً لتمويل خطة بوتين الاقتصادية، وهو الاقتراح الذي أثار مخاوف بالغة في الأسواق الروسية وبين الأوساط الصناعية والاستثمارية خلال الفترة الماضية.
وشهد مقر اتحاد الصناعيين والتجار الروس نهاية الأسبوع الماضي اجتماعا شارك فيه أندريه بيلاأوسوف، معاون الرئيس الروسي للشؤون الاقتصادية، ووزير المالية أنطون سيلوانوف، ووزير التجارة والصناعة دينيس مانتوروف، فضلا عن ممثلي 14 شركة روسية تعمل في مجالات التعدين والصناعات التحويلية، وتعتمد في نشاطها التجاري على تصدير منتجاتها إلى الأسواق الخارجية.
وكان الاجتماع مكرسا لبحث آليات توافقية للخروج من وضع معقد نشأ على خلفية اقتراح عرضه بيلاأوسوف على الرئيس الروسي، ويدعو فيه إلى سحب نحو 500 مليار روبل (أكثر من 8 مليارات دولار)، عبارة عن أرباح إضافية (زيادة عن الخطة المالية) حققتها تلك الشركات، نتيجة هبوط سعر الروبل أمام الدولار.
وتشير التصريحات عقب الاجتماع في مقر الاتحاد الروسي للصناعيين والتجار إلى تراجع معاون الرئيس الروسي عن دعوته لسحب الأرباح الإضافية من 14 شركة روسية، والنظر في آليات أخرى يمكن عبرها الاستفادة من تلك الأرباح في تمويل مشاريع ضمن خطة بوتين للتنمية الاقتصادية، دون إلحاق ضرر بعمل تلك الشركات ووضعها المالي في السوق. وتم الاتفاق في هذا السياق على بحث إمكانية توجيه تلك الأرباح لتمويل مشاريع استثمارية في البنى التحتية و«الاقتصاد الرقمي» والبيئة، وغيرها من مجالات.
وقال ألكسندر شوخين، رئيس الاتحاد الروسي للصناعيين والتجار: «بحثنا خطة العمل المشتركة بين السلطات وقطاع الأعمال حول تكثيف النشاط الاستثماري للشركات، وقبل كل شيء حول كيفية تنفيذ الشركات لخططها الاستثمارية، ونواياها للأولويات التي عبرت عنها مراسيم مايو (أيار)»، وأضاف: «اتفقنا على إيجاد آليات فعالة، وتحديد قائمة المشاريع، بغية جذب اهتمام قطاع الأعمال للمشاركة في تنفيذها، دون الإضرار بمصالح الشركات نفسها».
من جانبه أكد بيلاأوسوف عقب الاجتماع مع ممثلي الشركات الروسية، الاتفاق على تشكيل لجنة عمل تقوم بتحديد المجالات ضمن نشاط الدولة التي قد تكون محط اهتمام قطاع الأعمال، ليكثف استثماراته فيها. وبعد أن كان يدعو إلى سحب نصف تريليون روبل تقريباً، تغير موقفه عقب الاجتماع، وعبر عن أمله بجذب نحو 200 إلى 300 مليار روبل، استثمارات في مشاريع هامة، من الشركات الروسية التي حققت أرباحا إضافية، وقال إن 500 مليار روبل التي تم ذكرها سابقاً هي «الحد الأعلى» للاستثمارات المتوقعة، وأضاف: «أعتقد أنه إن وصلنا حتى تأمين موارد بنحو 200 إلى 300 مليار روبل على حساب الشركات، ستكون هذه النتيجة جيدة».
وكان بيلاأوسوف حريصا على طمأنة الشركات الروسية بأنه لن يتم فرض ضرائب إضافية عليها، وقال: «ليس من الصواب أن نقوم بهذا (نسحب الأرباح من الشركات للاستثمار) من خلال الضرائب، بينما تبدي الشركات بنفسها استعدادا للمشاركة في جدول الأعمال». وأكد بعد ذلك أنه «لن تكون هناك أي إجراءات إلزامية لدفع قطاع الأعمال للمشاركة في تلك المشاريع». إلا أن بعض المشاركين في الاجتماع رأوا في هذا الكلام نوعا من «اللعب»، ونقلت صحيفة «آر بي كا» الروسية عن مصدر من واحدة من الشركات الروسية قوله إن ما جرى كان مثل اللعب إذ «يطالبون في البداية بالحد الأقصى، ومن ثم يعملون لإيجاد حل وسط».
كما حرص وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف على طمأنة الصناعيين الروس، وقال إن «الأموال التي دار الحديث عنها خلال الاجتماع هي أموال الشركات الروسية، ولا ينوي أحد سحبها. ستقوم الشركات نفسها باستثمار تلك الأموال في مشاريع مثيرة لاهتمامها»، وأكد أن الحكومة ستعمل على «توجيه الشركات نحو المشاريع الاستثمارية المربحة»، وأنها مستعدة لدراسة تدابير لتحفيز الاستثمارات التي يدور الحديث عنها، مثل تقديم قروض بسعر فائدة متدنٍ للشركات التي تقرر المساهمة في تلك المشاريع، فضلا عن امتيازات أخرى.
في غضون ذلك، لم يتضح بعد موقف الشركات الروسية المطالبة بتحويل أرباحها الإضافية لتمويل مشاريع استثمارية من اقتراح الكرملين حول تكثيف نشاطها الاستثماري، عوضا عن سحب أرباحها الإضافية.
وبغض النظر عن أي تطورات قد تطرأ بخصوص مصير الأرباح الإضافية للشركات الروسية، فإن الاجتماع ونتائجه، شكلا في الوقت الراهن خطوة أولى لتفادي أزمة بين الكرملين والصناعيين الروس، تبلورت معالمها بشكل واضح، وأخذت تتصاعد حدتها، منذ مطلع أغسطس (آب) الجاري، حين كشفت وسائل إعلام روسية عن رسالة وجهها أندريه بيلاأوسوف، معاون الرئيس الروسي، للرئيس بوتين يقترح فيها سحب أرباح الشركات لتمويل مشاريع في إطار تنفيذ خطة التنمية الاقتصادية خلال السنوات الست القادمة.
وبينما أدى الكشف عن تلك الرسالة إلى هبوط في قيمة أسهم الشركات المدرجة ضمن رسالة بيلاأوسوف، عبر صناعيون روس عن رفضهم للاقتراح، وحذر الاتحاد الروسي للصناعيين والتجار الروس من أن سحب الأرباح الإضافية سيؤدي إلى هروب جماعي للمستثمرين من السوق الروسية، ولن يساعد في تعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد الروسي. كما تحفظت الحكومة الروسية على الاقتراح.



اليوان الصيني بأضعف مستوياته في 16 شهراً

عملة ورقية من فئة 100 يوان وفي الخلفية علم الصين (رويترز)
عملة ورقية من فئة 100 يوان وفي الخلفية علم الصين (رويترز)
TT

اليوان الصيني بأضعف مستوياته في 16 شهراً

عملة ورقية من فئة 100 يوان وفي الخلفية علم الصين (رويترز)
عملة ورقية من فئة 100 يوان وفي الخلفية علم الصين (رويترز)

تعرضت أغلب عملات الأسواق الناشئة لضغوط مقابل الدولار يوم الأربعاء بعد تقرير قوي عن الوظائف أضاف إلى توقعات بارتفاع أسعار الفائدة الأميركية لفترة أطول، وهبط اليوان الصيني إلى أدنى مستوى في 16 شهراً، تحت ضغط من قوة الدولار وتهديدات بفرض تعريفات من جانب إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، رغم أن البنك المركزي حدد توجيهات أقوى من المتوقع.

وقالت وانغ تاو، كبيرة خبراء الاقتصاد الصيني في «يو بي إس»: «من المتوقع أن يواجه اليوان ضغوطاً لخفض قيمته؛ ليس فقط من زيادات التعريفات، ولكن أيضاً من الدولار الأقوى بشكل كبير... ولكن رغم هذه التحديات، فإننا نعتقد أن الحكومة الصينية عازمة وقادرة على إدارة خفض قيمة معتدل نسبياً».

وقبل فتح السوق حدد بنك الشعب الصيني سعر النقطة الوسطى الذي يسمح لليوان بالتداول حوله في نطاق 2 في المائة عند 7.1887 للدولار، وهو ما يزيد بمقدار 1548 نقطة عن تقديرات «رويترز».

وافتتح اليوان الفوري عند 7.3250 للدولار، وكان في آخر تداول منخفضاً بمقدار 31 نقطة عن إغلاق الجلسة السابقة عند 7.3315 يوان للدولار اعتباراً من الساعة 02:26 بتوقيت غرينتش، وهو أدنى مستوى منذ سبتمبر (أيلول) 2023.

وقالت وانغ إنها تتوقع أن يتم التحكم في سعر الصرف حول 7.4 للدولار على الأقل خلال النصف الأول من العام، وإذا تم الإعلان عن زيادات التعريفات الجمركية، فقد يضعف اليوان إلى 7.6 للدولار بحلول نهاية العام.

ونفى ترمب، الذي يتولى منصبه في 20 يناير (كانون الثاني) الجاري، تقريراً صحافياً قال إن مساعديه كانوا يستكشفون خطط التعريفات الجمركية التي ستغطي الواردات الحرجة فقط، مما أدى إلى تعميق حالة عدم اليقين بين قادة الأعمال بشأن سياسات التجارة الأميركية المستقبلية.

ومن جانبه، انخفض مؤشر «إم إس سي آي» الذي يتتبع عملات الأسواق الناشئة 0.3 في المائة في الساعة 09:33 بتوقيت غرينتش بعد جلستين من المكاسب، مع ضعف أغلب العملات الأوروبية الناشئة مقابل الدولار وانخفاض الليرة التركية 0.2 في المائة.

وفي جنوب أفريقيا، ضعف الراند بنسبة 0.8 في المائة بعد مكاسب في الجلسة الماضية، وانخفض مؤشر الأسهم الرئيس في البلاد بنسبة 0.5 في المائة بعد أن أظهر مسح مؤشر مديري المشتريات المحلي أن نشاط التصنيع انخفض للشهر الثاني على التوالي في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وصعد الدولار الأميركي قليلاً خلال اليوم مع ارتفاع عائدات الخزانة على نطاق واسع بعد أن أشار أحدث تقرير لبيانات الوظائف إلى سوق صحية باستمرار يوم الثلاثاء، مما خفف الآمال في عدة تخفيضات لأسعار الفائدة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي هذا العام.

وانخفض الدولار الأميركي في وقت سابق من هذا الأسبوع رغم نفي الرئيس المنتخب دونالد ترمب للتقارير التي تفيد بأن التعريفات الجمركية التي يعتزم فرضها ستكون أقل صرامة، وهو ما رفع مؤشر العملات الناشئة.

وقال هاري ميلز، مدير «أوكو ماركتس»، مسلطاً الضوء على التحركات الحادة في البيزو المكسيكي واليوان الصيني: «إذا كانت حقيقة التعريفات الجمركية أقل مما قاله ترمب خلال الأشهر الثلاثة الماضية أو نحو ذلك، فقد تشهد العملات الناشئة ارتفاعاً وتخفيفاً للآثار التي عانت منها في الشهرين الماضيين».

وكان اليورو مستقراً أو مرتفعاً مقابل أغلب عملات أوروبا الناشئة، حيث بلغ أعلى ارتفاع له 0.2 في المائة مقابل الزلوتي البولندي. وكان أداء الأسهم البولندية أضعف من نظيراتها بانخفاض 0.4 في المائة.

وكان الروبل قد ارتفع في أحدث تعاملات بنسبة 2.1 في المائة مقابل الدولار، ليتجه للجلسة الخامسة من المكاسب، رغم أن التداول كان ضعيفاً حيث تحتفل روسيا بعطلة عامة حتى التاسع من يناير. كما ارتفع الشلن الكيني بنسبة 0.5 في المائة مقابل الدولار.

وانخفض مؤشر أسهم الأسواق الناشئة الأوسع نطاقاً بنسبة 0.8 في المائة ويتجه صوب أول خسارة له في أربع جلسات، مع هبوط الأسهم الآسيوية ذات الأوزان الثقيلة.

وقال ميلز «إذا رأينا رقماً قوياً للغاية لبيانات الوظائف غير الزراعية في الولايات المتحدة في وقت لاحق من الأسبوع، فإن هذا من شأنه أن يعطي المزيد من الارتفاع للدولار الأقوى».

وأنهت أغلب الأسواق الناشئة الربع الأخير على نغمة قاتمة، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن البنك المركزي الأميركي اتخذ موقفاً متشدداً وتوقع تخفيضات أقل من المتوقع في السابق هذا العام.