ثعابين سامة وتماسيح تستقبل سكان كيرالا بعد كارثة السيول

مليون نازح يقيمون في مخيمات... وحصيلة الضحايا في ارتفاع

طفلة هندية في أحد مراكز الإغاثة بعد أن جرفت الفيضانات بيتها في كوتشي الخميس (أ.ب)
طفلة هندية في أحد مراكز الإغاثة بعد أن جرفت الفيضانات بيتها في كوتشي الخميس (أ.ب)
TT

ثعابين سامة وتماسيح تستقبل سكان كيرالا بعد كارثة السيول

طفلة هندية في أحد مراكز الإغاثة بعد أن جرفت الفيضانات بيتها في كوتشي الخميس (أ.ب)
طفلة هندية في أحد مراكز الإغاثة بعد أن جرفت الفيضانات بيتها في كوتشي الخميس (أ.ب)

بعد نحو أسبوعين من كارثة فيضانات كيرالا، عاد آلاف النازحين إلى منازلهم وارتسمت الكآبة على وجوههم وهم يمشون في شوارع انتشرت فيها رائحة الموت النابعة من جثث البشر والحيوانات.
عادوا إلى بيوتهم ليجدوها مغطاة بالوحل والطين، واستقبلتهم أفاعي الكوبرا و«الراسيل» السامة المختبئة بخزانات غرف النوم وأحواض الغسيل.
أودت السيول بحياة 445 شخصاً على الأقل، ولا يزال سكان الولاية يعيشون في ذعر وقلق شديدين من عودة الأمطار. وفيما يعيش مليون هندي في مخيمات مؤقتة بعد أن جرفت الفيضانات بيوتهم، شرع الباقون في تنظيف منازلهم والأماكن العامة التي تضررت جراء الأمطار التي لم تشهد الولاية مثيلا لها. وفي كلمات تملأها الحسرة، قالت مريم علي التي يعمل زوجها في الخارج: «لقد ضاع كل شيء، كل شيء. الطين والوحل والذكريات هو كل ما تبقى في المكان». وعندما همّت مريم وابنتيها بتنظيف غرف البيت ومرتبة السرير الملطخة بالطين والشهادات المدرسية التي كانت معلقة على الجدار، فوجئن بحية سامة تخرج من بين ما تبقى من أثاث البيت لتصيب الجميع بحالة خوف شديدة.
يمتهن مصطفى عمل الإمساك بالثعابين، ولذلك فهو في غاية الانشغال هذه الأيام. فمنذ بدأت المياه في الانحسار في اليومين الأخيرين، تمكن الرجل من الإمساك بأكثر من 150 ثعباناً من داخل المنازل بعد أن «وجدت أفاعي الكوبرا والرسيل السامة طريقها من الغابات إلى البيوت التي هجرها أصحابها بسبب مياه الفيضان». وأضاف مصطفى، صائد الثعابين: «ولذلك يتعين على كل من يشرع في العودة إلى منزله لتنظيفه أن يكون في غاية الحذر لكي لا يصاب بلدغة من ثعبان أو عقرب سام».
وخلال الأيام الخمسة الماضية، كشفت التقارير الواردة من كثير من المناطق بالولاية عن حوادث بسبب عضات الثعابين السامة. وأفادت التقارير بأن الكثيرين ممن عادوا إلى منازلهم لتنظيفها قد فروا منها عقب رؤيتهم للثعابين. ففي حي شالكادي بمنطقة ثاريسار، عاد رجل إلى منزله بعد انحسار الفيضان ليفاجئ بوجود تمساح أخذ من بيته مسكناً جديداً. وما كان من الرجل إلى أن هرول إلى الشارع ليستغيث بالجيران، الذين تمكنوا من الإمساك بالتمساح وتقييده بالحبال.
ولمواجهة هذه الظاهرة، أعلنت حكومة كيرالا توفير أمصال مضادة لسموم الأفاعي في جميع المناطق المتضررة من الفيضانات، وقد صاحب ذلك زيارات قام بها الأطباء لمناطق ضحايا لدغات الثعابين خلال الفترة الماضية. وقد نصح فيفا شوريش، خبير الحياة البرية والثعابين الذي تمكن من الإمساك بأكثر من 140 أفعى كوبرا على مدار سنوات، سكان كيرالا «بعدم لمس مقتنيات المنزل بعد العودة إليه بأيديهم مباشرة، وباستخدام عصا لتفتيشها قبل لمسها». كذلك، اقترح مسح أرضيات وأدوات المنزل بالماء المخلوط بالكيروسين أو الديزل نظرا لرائحتهما التي تدفع الثعابين بعيدا عن المكان.
لكن هناك من كانوا أقل حظاً بعد عودتهم إلى منازلهم المهجورة. فقد لقي أكثر من 400 شخص مصرعه بسبب لدغات الثعابين، ولا يزال مئات الآلاف ينتظرون العودة إلى منازلهم الغارقة، أما بعضهم فقد جرفت الفيضانات منازلهم بالكامل.
واعتبر إم سوراج، العضو في البرلمان، الذي عمل وسط فريق من زملائه في تنظيف المناطق المتضررة، أن «تنظيف البيوت والشقق والمحال التجارية المتضررة من الفيضانات تشكل تحدياً حقيقياً بسبب الضيوف الجدد المتمثلين في الأفاعي السامة والعقارب ومختلف أنواع الزواحف. كذلك، باتت بيوت الفقراء هشة وغير صالحة للسكن بعد أن غمرتها المياه».
ورغم انحسار مياه الفيضان عن كثير من المناطق، فإن عودة الحياة إلى ما كانت عليه ستستغرق شهوراً كثيرة. ومن بين المتضررين، تاجر الأقمشة سليم الذي أصابه الحزن الشديد بعد أن أتلفت الأمطار بضاعته المخزّنة في الطابقين الأولين في متجره، بعد أن بلغ ارتفاع الطين نحو 8 أقدام في الطابق الأرضي.
وقال سليم: «أشعر بالعجز الشديد بعد أن قمت بتخزين كميات كبيرة من الملابس استعدادا لمهرجان (أونام) ولعيد الأضحى. حتماً سأحتاج إلى عمر آخر غير عمري لتعويض تلك الخسارة. وشأن الكثيرين غيري، سأبدأ من الصفر».
لم يكن سليم المتضرر الوحيد من تلك الخسائر، فهناك المئات مثله، وسط كل هذا الخراب والدمار الذي حل بالولاية، لم يعد هناك من أثر للحياة سوى الذكريات التي يحكيها السكان المشردون عن مآسيهم. ووسط تلك الكارثة الإنسانية، تبرز قصص عن ملاحم عمليات الإنقاذ أبطالها رجال ونساء. فقد أطلقت القوات الجوية طائرات مروحية لانتشال العالقين وسط المياه، فيما قام المتطوعون والصيادون على الأرض بانتشال العالقين من بيوتهم بعد أن أحاطت بها المياه من كل جانب، ونقلهم إلى معسكرات آمنة. ومن ضمن هؤلاء شاجيتا جابيل، المرأة الحامل التي نقلت بطائرة مروحية حيث أتمت عملية الوضع بعد ساعتين فقط من إنقاذها. ولدى سؤاله عن طبيعة هذه المهمة الإنسانية، قال قائد القوات البحرية، فيجاي فارما إن تلك العملية تعد التحدي الأكبر على الإطلاق بالنسبة له.
كذلك، عبّر محمد أناشيد، أحد المتضررين من الفيضان، عن امتنانه الشديد للصياد الذي جعل من أكتافه سلما تسلقته أربع سيدات للصعود إلى قارب الإنقاذ في مشاهد انتشرت بسرعة كبيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
ومن القصص الرائعة، كان ما قام به نحو 350 سجينا في الولاية عندما قاموا بطهي وتغليف الطعام لإسقاطه من الجو إلى معسكرات الإغاثة. وقام هؤلاء المساجين أيضاً بإعداد الطعام لقادة الجيش والقوات البحرية وحرس السواحل المنهمكين في عمليات الإنقاذ.
وأفرزت كارثة الفيضانات، التي لم تفرّق بين الغني والفقير والهندوسي والمسلم، نماذج للتكاتف الإنساني بغض النظر عن الدين أو العرق أو الانتماء السياسي. ومن ضمن تلك النماذج المشرقة، كان مسجد «جوما» بشمال منطقة مارابورام، التي تعد أحد أكثر المناطق تضررا، الذي فتح أبوابه لجميع المشردين ومنهم عائلات هندوسية، ليتحول إلى معسكرا للإيواء. وقد سمح مسجد «جوما» الذي يقع بقرية شاليفار لضحايا الفيضانات بالنوم والمبيت بداخله، كما قام بإعداد الوجبات لهم. وبعد انحسار الفيضان، توجه مجموعتان من الشباب المسلم بمنطقتي وياناد وملابورام لتنظيف المعابد، رغم صيامهم في يوم وقفة عرفة.
ولدى سؤاله عن مساهماتهم في عمليات الإنقاذ الحالية، قال نجم الدين، أحد المتضررين من الفيضانات، إن «الإسلام يحتم علينا حماية أماكن العبادة، حتى في وقت الحرب، ونحن على يقين بأن الله سيجازينا خيراً في وقت الشدة الذي نمر به الآن. ومن أروع ما شاهدنا أيضاً كان علامات الرضا والقبول التي أبدتها سلطات المعبد الذي التي انبهرت كثيراً مما نفعل».
وفي المقابل، فقد شارك كثير من الشباب الهندوس في تنظيف المساجد، كل في منطقته.
وقد أصدر الوزير بحكومة نيودلهي، كي جي ألفونز، نداء إلى العمال المهرة في مجالات السباكة والكهرباء والنجارة للمساعدة في إصلاح البيوت المتضررة، تمهيداً لعودة سكانها مرة أخرى ولعودة الحياة إلى الولاية. وبسبب تعطل الخدمات الجوية في مطار كوتشي لأسبوع آخر بسبب الخسائر والأضرار التي لحقت به، فقد حل المطار العسكري محله في إدارة الرحلات التجارية.



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.