في تطورات مفاجئة تشهدها العاصمة الأفغانية كابل قدم مستشار الأمن الوطني الأفغاني حنيف أتمار استقالته من منصبه بعد تعرضه لانتقادات شديدة من الرئيس أشرف غني إثر هجوم طالبان، واستيلائها المؤقت على مدينة غزني، وأعلن الناطق باسم الرئاسة الأفغانية قبول استقالة أتمار، وتعيين السفير الأفغاني في واشنطن حمد الله محب مستشارا جديدا للأمن الوطني. وأعقب استقالة مستشار الأمن الوطني تقديم وزراء الداخلية والدفاع ومدير الاستخبارات استقالاتهم من مناصبهم، للرئيس الذي رفض قبول استقالاتهم داعيا إياهم لمواصلة مهام عملهم. وقالت مصادر في العاصمة الأفغانية إن حنيف أتمار مستشار الأمن الوطني المستقيل يريد أن يتفرغ لحملته الانتخابية للترشح العام المقبل لرئاسة الدولة في أفغانستان، إلا أن مصادر خاصة اتصلت بها «الشرق الأوسط» قالت إن السبب الأساس لاستقالة حنيف أتمار، هي محاولته إيجاد مراكز قوى خاضعة له في قصر الرئاسة والداخلية والدفاع والاستخبارات وأماكن أخرى، حيث إنه هو الذي اقترح تعيين الجنرال طارق بهرامي، وزيرا للدفاع رغم أنه لم يكن من الرتب العالية في الجيش الأفغاني، كما أنه هو الذي رشح ويس أحمد برمك وزيرا للداخلية رغم كون رتبته أقل بكثير من رتب زملاء له أعلى منه وأقدم منه في الخدمة.
وأشارت أوساط مقربة من الرئيس الأفغاني إلى أن حنيف أتمار واجه انتقادات لاذعة لما تبين للرئيس من عدم اطلاعه على مجريات الأمور في مدينة غزني وعدد من المناطق الأخرى والاكتفاء بالقول إن الوضع الأمني يتحسن باطراد، وهو ما أغضب الرئيس أشرف غني من مسؤول الأمن الوطني لديه، مطالبا إياه تقديم الاستقالة مباشرة.
وترى أوساط أفغانية أن حنيف أتمار يمثل الصندوق الأسود لنظام وكيفية الحكم في أفغانستان، إذ هو يقف وراء الكثير من التعيينات في قيادات الشرطة والاستخبارات والجيش وحكام الولايات، وقد تدهورت العلاقة بينه وبين الرئيس أشرف غني خلال الشهور الثلاثة الماضية، بعد اكتشاف الرئيس أشرف غني أن حنيف أتمار يلعب من وراء ظهره مع عدد من القوى داخل أفغانستان، إضافة إلى أن حنيف أتمار كان محسوبا على التيار الموالي لبريطانيا في القيادة الأفغانية بينما الرئيس أشرف غني وفريقه الخاص محسوبون على التيار الأميركي، وحسب هذه المصادر فإن تعيين زلماي خليل زاد مبعوثا لوزير الخارجية الأميركي لأفغانستان كان له دور في إجبار حنيف أتمار على التخلي عن منصبه وتقديم الاستقالة، مع رفض استقالات وزراء الداخلية والدفاع ومدير الاستخبارات من قبل الرئيس أشرف غني حتى لا يحدث هناك انشقاق كبير في القيادة الأفغانية، رغم قرب وزيري الدفاع والداخلية ومدير الاستخبارات من مستشار الأمن الوطني المستقيل.
وطلب الرئيس من وزير الدفاع طارق شاه بهرامي، ومن وزير الداخلية ويس برمك ومن مدير الاستخبارات محمد معصوم ستانيكزاي، متابعة مهامهم وتعزيز قدرة البلاد على الدفاع عن نفسها. وكان الثلاثة قدموا استقالاتهم السبت.
وأعلن القصر الرئاسي في بيان أن «الرئيس غني لم يوافق على استقالاتهم... وأعطاهم التعليمات الضرورية لتحسين الوضع الأمني».
وكان مما أثار الدهشة لدى الأوساط في كابل الإعلان عن استقالة حنيف أتمار وتعيين حمد الله محب خلفا له مباشرة، حيث كان محب سفيرا لأفغانستان في واشنطن وليس له أي خلفية لانتماءات حزبية. وكان حمد الله محب درس هندسة أنظمة الكومبيوتر في المملكة المتحدة حيث حصل على جنسيتها ثم عاد إلى كابل ليعمل مديرا لتقنية الأبحاث في الجامعة الأميركية في أفغانستان، وكان من فريق الحملة الانتخابية للرئيس أشرف غني في انتخابات عام 2009 حيث عاد بعدها إلى بريطانيا لنيل شهادة الدكتوراه وفي عام 2014 حين انتخب الرئيس أشرف غني تم تعيين حمد الله محب نائبا لكبير سكرتاريي الرئيس أشرف غني ثم عين سفيرا في واشنطن.
وكان مسؤولون في الحكومة الأفغانية أكدوا أن سبب الاستقالات هو الخلافات حول الوضع الأمني في البلاد والقتال العنيف الذي جرى بين القوات الحكومية ومقاتلي حركة طالبان واستمرار الهجمات الانتحارية في كابل وعدد من المدن الرئيسية الأخرى. وكان حنيف أتمار مستشار الأمن الوطني المستقيل ذكر في رسالة استقالته بأنه بات من المستحيل عليه التفاهم مع الرئيس والحكومة حول الوضع الأمني والحكم المحلي وإدارة البلاد وكيفية التعامل مع حركة طالبان واتخاذ القرارات المناسبة حيال الكثير من القضايا الهامة في مواجهة الإرهاب والموقف من الانتخابات البرلمانية في أكتوبر (تشرين الأول) القادم، لذا فهو يقدم استقالته، بينما أكدت مصادر خاصة في كابل لـ«الشرق الأوسط» أن حنيف أتمار أجبر على تقديم استقالته بعد الفشل الذريع الذي منيت به القوات الأفغانية في مواجهة مسلحي طالبان في هجومهم على مدينة غزني وما وصل للرئيس أشرف غني من أن كافة نقاط التفتيش التي تديرها الشرطة الأفغانية حول مدينة غزني وعدد من المدن تم إخلاؤها قبل وصول مسلحي طالبان إليها، وهو ما عجز حنيف أتمار عن تفسيره مما عده الرئيس محاولة للنيل من حكومته بهذه الطريقة».
وأعلن الرئيس الأفغاني في 19 أغسطس (آب) وقفا لإطلاق النار ثلاثة أشهر مع عناصر طالبان، شرط أن يوقفوا المعارك أيضا. ولم يرد المتمردون على العرض. أمنيا، فقد أعلنت الحكومة الأفغانية أن سلاح الجو التابع لها قام بغارات على مناطق في ولاية غزني مما أسفر عن مقتل ثمانية عشر مسلحا على الأقل، ونقلت وكالة خاما بريس المقربة من رئاسة الأركان الأفغانية أن مسلحي طالبان قتلوا في منطقة موكور خلال عمليات قام بها فيلق الرعد التابع للجيش الأفغاني وأن الجيش دمر ثلاث مدرعات حاملة للجنود من طراز همفي كانت طالبان سيطرت عليها خلال هجومها الأخير على مدينة غزني.
زلزال يضرب الحكومة الأفغانية... استقالة مستشار الأمن ووزراء الداخلية والدفاع والاستخبارات
الرئيس غني يرفض القبول ويطلب منهم مواصلة مهامهم
زلزال يضرب الحكومة الأفغانية... استقالة مستشار الأمن ووزراء الداخلية والدفاع والاستخبارات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة