يتوجَّه كل من سامح شكري وزير الخارجية المصري واللواء عباس كامل رئيس المخابرات العامة المصرية، اليوم (الاثنين)، إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، لنقل رسالة من الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد.
وتأتي الزيارة في أعقاب تصريحات أطلقها رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد تحدَّث فيها عن تعثر عملية بناء سد النهضة. وقال خبراء إن التصريحات تتيح للمفاوض المصري مزيداً من الوقت، وتعطيه مبررات كافية لإعادة طرح قضايا طرحها سابقاً تتعلق بسلامة السد وتنفيذه وإدارته بقوة. فيما توقعت مصادر لقاء ثلاثياً لمصر وإثيوبيا والسودان قريباً تحدده زيارة اليوم.
وقال السفير أحمد أبو زيد المتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية، في بيان أمس، إن الزيارة تهدف إلى متابعة مسار العلاقات المصرية الإثيوبية وسبل دعمها، والتطورات الخاصة بمفاوضات سد النهضة، في إطار الجهود المبذولة لتنفيذ اتفاق إعلان المبادئ لعام 2015، ومخرجات الاجتماع التساعي الأخير الذي عُقِد بأديس أبابا في مايو (أيار) 2018.
وأضاف أبو زيد، أن اجتماعاً سيُعقد مع رئيس الوزراء الإثيوبي من المنتظر أن يبحث أيضاً تطورات إنشاء صندوق للبنية التحتية بين مصر وإثيوبيا والسودان، بما يسهم في تفعيل التعاون المشترك في مجال المشروعات التنموية، وكذا التطورات الإقليمية في منطقة القرن الأفريقي وسبل دعم السلام والاستقرار في تلك المنطقة الحيوية والمهمة لمصر.
وكان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد قد اعترف بأن مشروع سد النهضة يواجه مشكلات تصميمية قد تؤدي لعرقلة إتمامه في الوقت المحدد، وأوضح في أول مؤتمر صحافي يعقده بعد توليه مهام منصبه في أبريل (نيسان) الماضي، إن السد يواجه مشكلات في التصميم صعَّبَت من مهمة الفنيين لتركيب توربينين ناهيك بالالتزام بالجدول الزمني لإكماله.
وحمّل آبي أحمد المسؤولية عن الأخطاء التي أدت لإكمال المشروع لشركة «ميتيك» التابعة لقوات الدفاع الإثيوبية (الجيش الإثيوبي)، وقال إن أخطاءها أسهمت في تأخير إكمال المشروع وقال: «بناء سد النهضة الإثيوبي الكبير، كان قد تم تخطيطه للانتهاء في خمس سنوات، لكن لم نتمكن من ذلك، بسبب إدارة فاشلة للمشروع، وخصوصاً بسبب تدخل شركة (ميتيك)».
ونقلت «أينا» عن رئيس الوزراء: «الشركة وإدارتها لم تكن عندها خبرة ولا معرفة للعمل في مثل هذه المشروعات الكبيرة»، وأنه أسس فور مجيئه للسلطة لجنة لمتابعة سير العمل في السد، وأشارت تقاريرها إلى أن شركة «ميتيك» لم تنفذ الاتفاقية بالشكل المطلوب.
وحذر آبي من فشل المشروع بقوله: «لقد سلمنا مشروعاً مائياً معقداً إلى ناس لم يروا أي سدّ في حياتهم، وإذا واصلنا السير بهذا المعدل، فإن المشروع لن يرى النور»، وتُعدّ هذه أول انتقادات علنية للمؤسسة العسكرية الإثيوبية تشير إلى احتمالات فساد داخلها.
وأعلن أحمد عن خطوات تجري لنقل التعاقد من شركة «ميتيك» إلى مقاول آخر، يملك إمكانيات وخبرة تمكنه من مواصلة العمل في المشروع وإكماله، مشيراً إلى المقاول الشريك في المشروع شركة «ساليني» الإيطالية تطالب حكومته بتعويضات مالية عن التأخير الذي تسببت به «ميتيك»، وأدى لعدم اكتمال المشروع في الوقت المحدد.
وربط رئيس الوزراء بين الأوضاع في سد النهضة ومقتل مديره العام المهندس سيمنغو بقلي، وأضاف: «مدير مشروع سد النهضة المهندس سمينغو بقلي، كان يخدم وطنه، وضحى بروحه لأجل الوطن، والتحقيق حول القاتل يجري على قدم وساق».
ورأى المختص في شؤون القرن الأفريقي عبد المنعم أبو إدريس، أن تصريحات آبي ستترك أثراً نفسياً سيئاً على الشعب الإثيوبي الذي كان يعول بشكل كبير على المشروع، لا سيما أنها المرة الأولى التي يصدر فيها حديث «سالب» عن المشروع، مشترطاً التعامل بشفافية مع تلميحات الفساد بحق شركة «ميتيك» ومحاكمة المسؤولين عنه لاستعادة ثقة الشعوب التي كانت تعول بشكل كبير على السد باعتباره أحد مشروعات خطة التنمية 2030.
ووصف أبو إدريس تصريحات آبي واتهامه لشركة «ميتيك» بالتسبب في تأخير إكمال السد بأنها إشارة إلى أن الرجل جاد في تصريحاته المتعلقة بمحاربة الفساد، وقال: «(ميتيك) تتبع للجيش الإثيوبي مباشرة، ما يعطي إشارة إلى حملته للإصلاح ومحاربة الفساد بدأت تصل إلى العظم».
وحذر من تأثير التصريحات على الاستثمارات الأجنبية في إثيوبيا، وتوقع أن يعيد مستثمرون مرتبطون بالسد أو بغيره، النظر في استثماراتهم الإثيوبية، ما لم تسارع حكومة آبي بتوفير تطمينات والشروع فوراً في محاربة الأسباب التي أدت لتأخر إكمال السد.
وبحسب أبو إدريس فإن حديث آبي سيؤثر على موقف إثيوبيا التفاوضي في القضايا العالقة بينها ومصر والسودان على سد النهضة، وأوضح أنها تتيح للمفاوض المصري المزيد من الوقت، وتعطيه فرصة متكئة على معلومات لإثارة قضايا كان يثيرها أثناء التفاوض تتعلق بسلامة السد وتصميمه وإدارته وتنفيذه.
ورأى أبو إدريس أن الميزانية المخصصة للسد ستتأثر هي الأخرى بعد كشف رئيس الوزراء عن مطالبة شركة «ساليني» الإيطالية بتعويضات عن التأخير، وعدم تنفيذ الأجزاء الكهروميكانيكية وفقاً للعقود المبرمة.
وبدأت إثيوبيا تشييد سد النهضة عام 2011، وكان مقرراً إكمال تشييده في غضون خمسة أعوام، اكتملت خلالها نصف الأعمال الإنشائية، للمشروع الذي تبلغ تكلفته 5 مليارات دولار، لتوليد ما مقداره 6 آلاف ميغاواط من الكهرباء.
تعثر إثيوبيا في بناء «سد النهضة» يلقي بظلاله على مفاوضاتها مع مصر
وزير الخارجية ورئيس المخابرات في أديس أبابا اليوم
تعثر إثيوبيا في بناء «سد النهضة» يلقي بظلاله على مفاوضاتها مع مصر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة