«داعش» يتبنى هجوم طرابلس و«داخلية الوفاق» تعتقل المهاجمين

لجنة برلمانية ليبية تؤكد اختطاف مصريين وتعذيبهم في الشرق

TT

«داعش» يتبنى هجوم طرابلس و«داخلية الوفاق» تعتقل المهاجمين

تعهدت حكومة الوفاق الوطني الليبية مجدداً أمس بمعاقبة المتورطين في الهجوم الإرهابي على نقطة أمنية تابعة لها شرق العاصمة طرابلس يوم الخميس الماضي، بعدما أعلنت اعتقال عدد من الجناة في الهجوم الذي أدى إلى مقتل وإصابة 17 من رجال الأمن، بالتزامن مع تبنيه من قبل تنظيم داعش، الذي لم يقدم ما يثبت صحة ادعائه هذا.
وقالت وزارة العدل في الحكومة التي يترأسها فائز السراج في العاصمة الليبية طرابلس إنها لن تسمح بإفلات المجرمين من العقاب، ودعت مكتب النائب العام إلى «اتخاذ الإجراءات القانونية في حق مرتكبي هذا العمل الشنيع».
وحثت الوزارة في بيان لها «المجتمع للوقوف جنباً إلى جنب من أجل مكافحة الإرهاب وهزيمته»، مؤكدة أن «هذه الأفعال لن تزيد الليبيين إلا إصراراً وعزماً على محاربة الإرهاب».
كان عبد السلام عاشور، وزير الداخلية في حكومة الوفاق، قد أعلن اعتقال كل العناصر المتورطة في الهجوم، وقال في تصريحات تلفزيونية مساء أول من أمس إن «المتهمين ما زالوا قيد التحقيق»، مشيراً إلى أنهم من «أقارب منفذ الهجوم، ومن منطقة واحدة».
وأوضح أنه «تم القبض على الضالعين في هذه الحادثة، ما عدا المخططين الذين يعملون من وراء الستار»، وأن الموقوفين «كلهم ليبيون»، لافتاً إلى أن التحقيقات الأولية تشير إلى انتمائهم لتنظيم داعش، من دون إعطاء تفاصيل عن عددهم. ونفى عاشور وجود «قواعد ثابتة لتنظيم داعش في ليبيا»، لافتاً إلى أن التنظيم المتطرف يعتمد على خفة الحركة في بعض مناطق الجنوب، قبل أن يؤكد أن وزارته تعمل على وقف الأعمال الإرهابية في ليبيا.
وبثت وكالة «أعماق»، التابعة لتنظيم داعش، بياناً أعلن فيه التنظيم استهداف من سماهم «عناصر الأمن المرتدين» التابعين لحكومة الوفاق الوطني.
واستهدف الهجوم المسلح حاجزاً لقوة العمليات الخاصة التابعة لحكومة السراج يقع على الطريق الساحلي بين الخمس، التي تبعد 115 كيلومتراً شرق طرابلس، وزليتن، على بعد 170 كيلومتراً شرق العاصمة، في منطقة ينشط فيها تنظيم داعش.
وتبث مجموعات متطرفة، وجماعات مسلحة تغيّر ولاءها بحسب مصالحها، أجواء من الخوف وعدم الاستقرار في البلاد الغنية بالموارد النفطية.
وأخرجت قوات محلية التنظيم المتشدد من معقله السابق في سرت، جنوب شرقي مصراتة، في عام 2016، لكن ليبيا ومسؤولين غربيين يقولون إن «التنظيم سعى لتوحيد صفوفه، من خلال وحدات متحركة في الصحراء وخلايا نائمة في بلدات شمالية». وتشهد ليبيا من حين إلى آخر هجمات يشنها مقاتلو تنظيم داعش، الذي استفاد من الاضطرابات التي وقعت في أعقاب انتفاضة عام 2011 التي دعمها حلف شمال الأطلسي (الناتو).
إلى ذلك، أعلنت مديرية أمن طرابلس أنها تنأى بنفسها عن أي تجاذبات سياسية أو صراعات مؤدلجة في البلاد، واتهمت في بيان لها جهات لم تحددها بمحاولة تشويه مواقفها. وقالت المديرية: «للأسف، هناك من يعمل دائماً على الزج بنا في متاهات الصراعات السياسية، قبل أن تنفي أي تصريحات صحافية لها أخيراً».
في غضون ذلك، كشفت أمس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الليبي النقاب عن تعرض «رعايا مصريين في ليبيا لحادث اختطاف وتعذيب في منطقة المخيلي، في شرق البلاد»، وطالبت في بيان لها «الأجهزة الأمنية بمتابعة المسؤولين عن الحادثة، وتقديمهم للعدالة». وبعدما أكدت اهتمام ليبيا بسلامة رعايا كل الدول، حذرت اللجنة من التعامل مع العصابات التي تمتهن تهريب البشر. من جهة أخرى، اعترف المجلس الرئاسي لحكومة السراج بوجود جدل قانوني حول برنامج الإصلاحات الاقتصادية الذي يعتزم إطلاقه، بهدف تصحيح ومعالجة ما سماه «التشوهات النقدية والاقتصادية»، مؤكداً استمرار مشاوراتها بشأنها مع مصرف ليبيا المركزي.
وجدد المجلس، في بيان أصدره أمس، الدعوة إلى توحيد المؤسسات السيادية، وعلى رأسها المصرف المركزي، لضمان تنفيذ برنامج الإصلاحات، والوصول إلى الاستقرار المالي والانتعاش الاقتصادي المنشود.
وأوضح أنه أجرى مراجعات دقيقة لبرنامج الإصلاح، شملت مدى جاهزية القطاع المصرفي لتنفيذه، وآليات التنفيذ والآثار المترتبة عليه، إضافة إلى الجوانب القانونية التي يتوجب أخذها في الاعتبار.
ورأى المجلس أهمية لتوفر الأطر القانونية لهذه الإصلاحات، تفادياً لأي إشكاليات أو طعون قانونية تعيق تنفيذه، مؤكداً حرصه الكامل على عدم تحميل المواطن أعباء إضافية نتيجة هذه الإجراءات، مع ضمان حاجات المواطن الأساسية، وفي مقدمتها الأمن الغذائي والدوائي.
ولفت إلى أنه لن يتراجع عن الإصلاحات الاقتصادية، ولا يرى بديلاً عنها، داعياً جميع مؤسسات الدولة السيادية إلى تحمل مسؤوليتها في هذه المرحلة الاستثنائية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.