16 ألف سوري خرجوا من لبنان «طوعاً» خلال شهر

استفادوا من قرار «الأمن العام» تسوية أوضاع مخالفي الإقامة

سيدتان سوريتان تنتظران تسوية وضعيهما في مركز الأمن العام الحدودي في المصنع («الشرق الأوسط»)
سيدتان سوريتان تنتظران تسوية وضعيهما في مركز الأمن العام الحدودي في المصنع («الشرق الأوسط»)
TT

16 ألف سوري خرجوا من لبنان «طوعاً» خلال شهر

سيدتان سوريتان تنتظران تسوية وضعيهما في مركز الأمن العام الحدودي في المصنع («الشرق الأوسط»)
سيدتان سوريتان تنتظران تسوية وضعيهما في مركز الأمن العام الحدودي في المصنع («الشرق الأوسط»)

عاد 16 ألف سوري مخالف لنظام الإقامة في لبنان، ومن بينهم نازحون، خلال شهر إلى سوريا عبر نقطة المصنع الحدودية في شرق لبنان، مستفيدين من قرار اتخذته المديرية العامة للأمن العام، قضى بتسوية أوضاع الراغبين بالمغادرة، وإعفاء المخالفين من الرسوم المتوجبة عليهم لمن يرغب في ذلك.
وقالت مصادر لبنانية رسمية إنه في الفترة الزمنية الممتدة من 23 يوليو (تموز) الماضي وحتى 23 أغسطس (آب) الجاري، سُجّل خروج 16 ألف سوري، بعد تسوية أوضاعهم عبر نقطة المصنع الحدودي. وأشارت المصادر إلى أن هؤلاء يتنوعون بين نازحين، وآخرين يخالفون نظام الإقامة مثل دخول البلاد خلسة، أو الدخول بغرض العلاج الصحي، وكسروا نظام الإقامة بالبقاء على الأراضي اللبنانية.
وأصدر الأمن العام اللبناني مطلع الشهر الحالي قراراً قضى بتسوية أوضاع الرعايا السوريين المخالفين لنظام الإقامة (دخول شرعي أو خلسة) للمغادرة مهما كانت مدّة المخالفة ومهما كان سبب دخولهم إلى لبنان، على أن تتم تسوية أوضاعهم حصراً في الدوائر والمراكز الحدودية.
ويسمح الأمن العام للمخالفين لنظام الإقامة بالمغادرة عبر طريقتين للمعالجة، الأولى تتمثل بالسماح للمغادرة بعد استيفاء الرسوم، ويُسمح لهم لاحقاً بالدخول إلى الأراضي اللبنانية وفق الآلية القانونية المعمول بها، بينما يُسمح لمن لا يستوفي الرسوم بالمغادرة بعد إصدار بلاغ منع دخول دائم فور مغادرتهم.
وأكدت المصادر أن هؤلاء خرجوا طوعياً، واختاروا المغادرة «فُرادى» بمعزل عن القوافل والمبادرات التي ظهرت أخيراً في لبنان لإعادة النازحين السوريين الراغبين بالعودة طوعياً.
وخلال الأسبوعين الماضيين اللذين سبقا عيد الأضحى، كان يغادر يومياً معبر المصنع ما بين 600 إلى 700 سوري باتجاه المناطق السورية بعد تسوية أوضاع الرعايا والنازحين السوريين من المخالفين على الأراضي اللبنانية، ممن دخلوا بطرق غير شرعية ومن مخالفي نظام الإقامة والحجوزات.
وبدا لافتاً أن وتيرة الخروج تصاعدت مطلع الشهر الحالي، إثر إصدار الأمن العام قراره بتسوية المخالفات، لكنها تراجعت خلال الأسبوع الأخير بسبب خروج عدد كبير من السوريين قبل عيد الأضحى، فيما ينتظر آخرون من النازحين المبادرة الروسية للخروج بالنظر إلى أنها تمنحهم ضمانات من النظام السوري. ولم يكن هؤلاء المغادرون من ضمن المجموعات التي انتظرت تسوية أوضاعها مع النظام السوري لأنهم لا مشاكل أمنية عليهم في الداخل السوري.
وسمحت تسوية الأمن العام لخروج المخالفين إثر دخول شرعي قبل 5 يناير (كانون الثاني) 2015. وهو تاريخ إقفال الحدود أمام النازحين، وبعد هذا التاريخ، كما طالت العابرين إلى لبنان «خلسة»، والسوريين حاملي إقامات سنداً لشهادة تسجيل لدى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، إضافة إلى الداخلين وفق «تعهد مسؤولية» وخالفوا إقامتهم في الداخل اللبناني.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.