بروكسل: المغرب يلعب دورا رئيسا في الشراكة الأوروبية مع جنوب المتوسط وأفريقيا

أكدت تطوير شراكة الاتحاد الأوروبي مع الرباط باعتماد خطة مشتركة حتى 2017

بروكسل: المغرب يلعب دورا رئيسا في الشراكة الأوروبية مع جنوب المتوسط وأفريقيا
TT

بروكسل: المغرب يلعب دورا رئيسا في الشراكة الأوروبية مع جنوب المتوسط وأفريقيا

بروكسل: المغرب يلعب دورا رئيسا في الشراكة الأوروبية مع جنوب المتوسط وأفريقيا

أجرى وزير الخارجية المغربي، صلاح الدين مزوار، أمس، سلسلة لقاءات مع عدد من المسؤولين في المفوضية الأوروبية ببروكسل، ومنهم أندريا بيبالجس مفوض شؤون التنمية، وسيسليا مالمستروم مفوضة الشؤون الداخلية.
ويأتي ذلك عقب ساعات من انعقاد مجلس الشراكة الأوروبي - المغربي مساء الاثنين. وقال الاتحاد الأوروبي، في بيان صدر عقب الاجتماع، إن مجلس الشراكة على المستوى الوزاري، بحث العلاقات الإيجابية الثنائية، التي تشهد مرحلة تطوير من خلال اعتماد خطة العمل المشتركة الجديدة 2013 -ـ 2017 في إطار الوضع المتقدم للمغرب كشريك مهم للاتحاد الأوروبي، ويلعب دورا رئيسا في الشراكة الأورومتوسطية والشراكة مع أفريقيا. وقال الاتحاد الأوروبي، من خلال البيان، إنه يرغب في مواصلة تطوير العلاقة الثنائية القوية مع المغرب التي تقوم على القيم المشتركة والاحترام المتبادل والتضامن، وكان الاجتماع فرصة للجانبين لتقييم الإنجازات والتقدم المحرز منذ اجتماع أبريل (نيسان) 2012، فضلا عن استعراض الإصلاحات والخطوات المقبلة، ولا سيما من خلال خطة العمل المشتركة الجديدة التي تأتي في إطار سياسة الجوار الأوروبية.
وأعرب المجلس المشترك عن ارتياحه بشأن توقيع اتفاقية الشراكة في التنقل وحرية الحركة في يوليو (تموز) الماضي واتفاق حول الصيد البحري في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، والتقدم في المفاوضات الجارية بين الجانبين بشأن اتفاق للتجارة الحرة بشكل شامل ومتقدم.
كما جرى خلال الاجتماع تبادل وجهات النظر حول الكثير من الملفات ذات الاهتمام المشترك، ومنها ما يتعلق بالتكامل الإقليمي والحوار الأوروبي - العربي والأفريقي، والوضع في ليبيا وسوريا ودول الساحل، وعملية السلام في الشرق الأوسط.
وترأس وفد المغرب وزير الخارجية صلاح الدين مزوار، وترأس الجانب الأوروبي كاثرين أشتون منسقة السياسة الخارجية وبيناس يانكوفيتيوس وزير خارجية ليتوانيا التي تتولى الرئاسة الدورية الحالية للاتحاد الأوروبي، ومفوض شؤون التوسيع ستيفان فولي. وكان البرلمان الأوروبي قد صدق الأسبوع الماضي على اتفاق للصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي تمهيدا لدخوله حيز التنفيذ. وفي الشهر الماضي وفي أثناء التوقيع على الاتفاق، قال عزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري المغربي: «إن الاتفاق مهم لأن الشراكة مع الاتحاد الأوروبي شراكة استراتيجية، وأعتقد أنه اتفاق مثالي يحافظ على الاستفاضة للموارد البحرية داخل المياه الإقليمية».
وسيدخل هذا البروتوكول، الموقع عليه بالأحرف الأولى في يوليو الماضي، حيز التنفيذ بمجرد الانتهاء من الإجراءات الداخلية اللازمة، وينص على تخصيص حصص الصيد. وبالأرقام ومقارنة بالبروتوكول السابق، فإن البروتوكول الجديد يتضمن زيادة فرص الصيد العالمي بنسبة 33%، وكانت المفوضية اعتمدت الاتفاق في 23 سبتمبر (أيلول) الماضي. وقالت إن البروتوكول الجديد سيعزز أيضا مقتضيات مراقبة الكميات المصيدة من قبل البواخر التابعة للاتحاد الأوروبي، من خلال تشكيل لجنة مشتركة، ووجود بحارة مغاربة على متن هذه البواخر، وتعزيز عملية المراقبة بواسطة الأقمار الاصطناعية. ويستجيب هذا البرتوكول أيضا لمتطلبات التنمية، حيث سيخصص أزيد من نصف المقابل المالي (14 مليون يورو) لتطوير قطاع الصيد بالمغرب، كما سيستفيد منه بالخصوص مخطط «أليوتيس» الذي يهدف إلى تعزيز الاستمرارية ورفع الإنتاج ومستوى تنافسية القطاع خلال فترة 2010 - 2020.
ويشمل هذا البروتوكول الذي أبرم لمدة أربع سنوات، ست فئات للصيد البحري مع تقليص إمكانيات الصيد مقارنة مع البروتوكول السابق، من خلال الترخيص لـ126 باخرة أوروبية فقط مقابل 137 باخرة في إطار البروتوكول السابق. ويروم هذا البروتوكول، الذي يقدر مقابله المالي الإجمالي السنوي بـ40 مليون يورو، منها 14 مليونا مخصصة لمواصلة تفعيل مخطط «أليوتيس»، تعزيز قطاع الصيد البحري الوطني اقتصاديا، مع ضمان تدبير مستدام ومسؤول للموارد البحرية، وتعزيز التعاون بين الرباط وبروكسل قصد وضع إطار للشراكة يساهم في تطوير سياسة الصيد البحري بشكل مستدام ويستفيد منه الجانبان.
وقبل أسبوع، اعتمد المجلس الوزاري الأوروبي ببروكسل، قرارا يعطي الضوء الأخضر للمفوضية الأوروبية بصفتها الجهاز التنفيذي للاتحاد، لبدء التفاوض مع المغرب، من أجل إبرام اتفاقية بين الجانبين لتسهيل إصدار تأشيرات الدخول والحصول على الإقامة القصيرة، وذلك عقب مناقشة مجلس الاتحاد الأوروبي اقتراح المفوضية حول هذا الصدد جرى خلال اجتماعات وزراء الداخلية والعدل الأوروبيين. وبمجرد تبني الاقتراح وإصدار قرار للمجلس، يكون بمقدور المفوضية الشروع في التفاوض مع السلطات المغربية.
وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، كانت المفوضية اقترحت على مجلس الاتحاد الأوروبي الشروع في مفاوضات مع المغرب لتيسير إصدار تأشيرات الإقامة القصيرة للمواطنين المغاربة. وبعض التسهيلات المقترحة عامة لكل المتقدمين بطلبات لتأشيرات، بينما بعضها ستستفيد منه مجموعات بعينها من المواطنين المغاربة، وخاصة الطلاب والباحثين ورجال الأعمال المختصين، وقالت مفوضة الاتحاد الأوروبي للشؤون الداخلية سيسيليا مالمستروم: «هذه خطوة ملموسة ومهمة للغاية على صعيد التعاون بين الاتحاد الأوروبي والمغرب». وأضافت أن «تيسير الحصول على تأشيرات سيعزز التنمية الاجتماعية والاقتصادية والتفاهم المتبادل بين الجانبين والشعبين».



وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 
TT

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

وسط تحديات مناخية… كيف أصبحت السعودية أكبر منتج للمياه المحلاة عالمياً؟ 

قبل أكثر من مائة عام، بدأت رحلة السعودية ذات المناخ الصحراوي والجاف مع تحلية المياه بآلة «الكنداسة» على شواطئ جدة (غرب المملكة)، قبل أن تصبح اليوم أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم، وحاصلة على 9 شهادات قياسية من «غينيس».

وسميت «الكنداسة» اشتقاقاً من اسمها اللاتيني (Condenser) والتي تعني المكثف، هذه الآلة كانت تعمل بالفحم الحجري لتكثيف وتقطير مياه البحر لتنتج المياه العذبة.

وفي عام 1926، وبسبب معاناة الحجاج والمعتمرين من قلة المياه العذبة عند وصولهم إلى جدة، إذ كانت بالكاد تكفي السكان، أمر الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود باستيراد آلتين كبيرتين لتقطير مياه البحر لتأمين احتياجهم من الماء.

أما نقطة التحول فكانت في 1974، العام الذي أنشئت فيه المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة في السعودية (الهيئة السعودية للمياه حالياً). وتدير حالياً 33 محطة تحلية، من بينها 8 محطات على ساحل الخليج العربي و25 محطة على ساحل البحر الأحمر.

وتنتج هذه المحطات 5.6 مليون متر مكعب من المياه العذبة يومياً، ما يعادل نحو 70 في المائة من إنتاج المياه المحلاة في المملكة، ما يجعلها أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

وقد سجّلت في فبراير (شباط) الماضي المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة تسعة أرقام قياسية سعودية جديدة في موسوعة «غينيس» العالمية، وذلك لإنتاجها ما يزيد على 11.5 مليون متر مكعب يومياً.

استثمارات ضخمة

أصبحت السعودية من كبرى الدول في العالم من حيث حجم الاستثمارات في تحلية المياه، إذ ضخت استثمارات كبيرة في بناء محطات التحلية، بحسب وكيل الرئيس للشراكات الاستراتيجية والمحتوى المحلي في الهيئة السعودية للمياه المهندس محمد آل الشيخ، خلال حديثه في مؤتمر الأطراف (كوب 16) المقام حالياً في الرياض.

وأوضح آل الشيخ أن العاصمة الرياض على سبيل المثال تحصل على المياه المحلاة من بحر الخليج العربي عبر خط أنابيب يمتد لمسافة 500 كيلومتر، وهو نظام نقل مياه متطور لنقل المياه المحلاة، مضيفاً أن هناك استثمارات في البنية التحتية قد تمت على مدار أكثر من أربعة عقود.

ووفقاً لآخر الأرقام المعلنة، فقد رصدت البلاد ميزانية تجاوزت 80 مليار دولار لتنفيذ مئات المشاريع المائية خلال السنوات المقبلة.

تعميم التجربة

ولم تدخر السعودية الخبرات التي جمعتها منذ أن تحولت تحلية المياه من «الكنداسة» إلى أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم.

فقد وقّعت في يوليو (تموز) 2024 اتفاقية مع البنك الدولي تهدف في أحد بنودها إلى تعميم تجربة المملكة الناجحة في قطاع المياه إلى الدول الأقل نمواً.

وتشمل أيضاً نقل المعرفة وتبادل الخبرات في إدارة الموارد المائية وتقليل التكاليف التشغيلية للمرافق.

وتسعى البلاد إلى مساعدة الدول الأخرى في تحسين كفاءة قطاع المياه وتطوير حلول مستدامة، ما يحقق الهدف السادس لهيئة الأمم المتحدة: «المياه النظيفة والنظافة الصحية»، وفق البيان.

تقنيات الطاقة

وفيما يخص التقنيات المتطورة في تحلية المياه، تحدث آل الشيخ عن التوجهات المستقبلية لتحسين تقنيات التحلية، إذ انتقلت المملكة من استخدام تقنيات التحلية الحرارية إلى تقنيات أكثر كفاءة وأقل استهلاكاً للطاقة بنسب تصل في توفير الطاقة لأكثر من 80 في المائة، وتهدف إلى أن تصبح 83 في المائة من مياه البحر المحلاة، وتعتمد على تقنية التناضح العكسي، وهو ما يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق الاستدامة.

وتُستخدم تقنية التناضح العكسي بشكل واسع في تحلية مياه البحر للحصول على مياه صالحة للشرب، وفي معالجة مياه الصرف الصحي، وكذلك في العديد من التطبيقات الصناعية التي تحتاج إلى مياه نقية وخالية من الشوائب.

آل الشيخ متحدثاً للحضور خلال إحدى الجلسات على هامش مؤتمر (كوب 16) بالرياض (الشرق الأوسط)

وأشار آل الشيخ إلى أن المملكة قامت بتنفيذ تجارب مبتكرة، مثل المشروع التجريبي في مدينة حقل (شمال غربي السعودية)، من خلال إنشاء محطة هجينة تعتمد على الطاقة الشمسية والرياح والطاقة التقليدية.

و«قد أثبت المشروع أن هذه التكنولوجيا يمكن أن تساهم في تقليل استهلاك الطاقة في تشغيل محطات التحلية، حيث يمكن للطاقة المتجددة أن تساهم في تشغيل المحطات بنسبة تصل إلى 60 في المائة في بعض الفصول».

انخفاض تكلفة الإنتاج

وفيما يتعلق بتكاليف الإنتاج، أكد آل الشيخ أن تكلفة تحلية المياه قد انخفضت بشكل ملحوظ، إذ كانت تكاليف إنتاج متر مكعب واحد من الماء تتجاوز 4 ريالات (1.06 دولار) في الماضي، بينما الآن لا تتجاوز التكلفة 2.5 ريال (نحو 0.67 دولار)، مع توقعات بتحقيق انخفاض أكبر في المستقبل.

وخلال الجلسة الحوارية على هامش «كوب 16»، قال المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار جاه إن الدول التي تعاني من ندرة المياه يجب أن تسعى إلى إعادة استخدام كل قطرة مياه في البلاد عدة مرات.

وأشار إلى أن سنغافورة تعد نموذجاً في هذا المجال، حيث تعيد استخدام كل قطرة مياه 2.7 مرة. وفيما يتعلق بالسعودية، ذكر أن المملكة تستخدم المياه مرتين تقريباً، مع إمكانية تحسين هذه النسبة بشكل أكبر في المستقبل.

المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار خلال الجلسة الحوارية (الشرق الأوسط)

وفيما يخص تكلفة تحلية المياه، قال إنها انخفضت بنسبة 80 في المائة تقريباً عالمياً، بفضل استخدام الطاقة الشمسية وتطور التقنيات المستخدمة في التحلية، مما يجعل هذه الطريقة أكثر جدوى في البلدان مثل السعودية التي تقل فيها معدلات هطول الأمطار.

ولفت كومار جاه إلى زيارته الأخيرة منطقة أنتوفاغاستا في تشيلي، وهي الأشد جفافاً في العالم، إذ لا تسقط فيها الأمطار على الإطلاق.

ورغم ذلك، تُعد هذه المنطقة من أكثر المناطق الاقتصادية ازدهاراً في العالم، بفضل تبني تقنيات تحلية المياه وإعادة استخدامها، مما يعكس إمكانية بناء المرونة المائية في المناطق الجافة مثل السعودية، بحسب كومار جاه.