«باب نعمة» مبادرة نسائية لتعلم تجديد الأثاث وأعمال الدهانات في مصر

تطورت إلى مشروع تجاري تعمل فيه 15 فتاة

هدير تقوم بطلاء جدران أحد المتاجر
هدير تقوم بطلاء جدران أحد المتاجر
TT

«باب نعمة» مبادرة نسائية لتعلم تجديد الأثاث وأعمال الدهانات في مصر

هدير تقوم بطلاء جدران أحد المتاجر
هدير تقوم بطلاء جدران أحد المتاجر

في خطوة تسعى إلى كسر احتكار الرجال لمهن معينة، وتغيير نظرة المجتمع للمرأة، أقدمت فتاة مصرية على افتتاح ورشة لتدريب الفتيات على إصلاح وتجديد الأثاث المنزلي، وبعض الأعمال اليدوية، وفي غضون عدة أشهر تطورت الورشة لتصبح مشروعا تجاريا يدر ربحا، ويعمل به 15 فتاة، وأوكلت للفتيات أعمال كثيرة في التشطيبات ودهانات المنازل والمتاجر والمطاعم، لتصبح لمستهن الأنثوية في الأعمال علامة مميزة لدى الزبائن.
قبل عدة أشهر، بينما أمطار الشتاء تغسل أسطح منازل مدينة شبين الكوم، بمحافظة المنوفية (نحو 70 كيلومترا شمالي القاهرة) كانت هدير منصور، الحاصلة على بكالوريوس الحاسبات والمعلومات، تجلس في منزلها، تعاني من الملل، فهي تعمل مدربة سباحة للأطفال، وهي مهنة موسمية تنشط في شهور الصيف فقط، حاولت قتل الوقت بالبدء في تجديد بعض أثاث المنزل القديم، فهي تحب الرسم والتلوين، كما أن والدها مهندس معماري يمتلك شركة مقاولات، لذا تربت على مشاهدة الحرفيين والفنيين عن قرب، وتسببت مغامراتها الصغيرة مع الدهانات والطلاء في فوضى منزلية دفعت والدها إلى إعطائها غرفة مستقلة مخصصة للأعمال لتقوم فيها بما تريد، وهي الغرفة التي شكلت بداية مشروع انتقل بعد أشهر إلى مكان أكبر.
تقول هدير منصور، 27 سنة، لـ«الشرق الأوسط»: «شجعني والدي على المضي قدما، وبدأت من غرفة بمنزلنا حولتها إلى ورشة صغيرة بأدوات بسيطة، وسمع الكثير من جيراننا عما فعلته، فأحضروا بعض أثاثهم القديم لأصلحه، وبدأت الأخبار تنتشر في منطقتنا وطلبني جيران آخرون، ومع الإعجاب بأعمالي وتشجيع عائلتي أنشأت صفحة على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) تحت اسم (الدكان) وضعت عليها صورا لأعمالي، وطلبت إحدى صديقاتي أن تعمل معي، وتلتها صديقة أخرى، ومع الانتشار السريع الذي حققناه وضيق الغرفة استأجرنا شقة صغيرة بالمنطقة حولناها إلى ورشة أطلقنا عليها اسم (باب نعمة) وأنشأنا صفحة جديدة للورشة على موقع (فيسبوك) تحمل الاسم نفسه».
وتضيف منصور: «بدأنا بتدريب الفتيات على إصلاح وتجديد الأثاث المنزلي وبعض الأعمال اليدوية البسيطة، لكن الأمر تطور إلى مشروع تجاري، حيث اضطررنا للانتقال إلى شقة أكبر مكونة من 6 غرف، ويعمل في الورشة 15 فتاة، واتسعت الأعمال من مجرد تجديد الأثاث إلى أعمال دهانات وتشطيبات، حيث نقوم بتشطيبات المنازل والمتاجر والمطاعم، لكننا ما زلنا نحرص على استمرار الدورات التدريبية للفتيات، كما ننظم في الصيف ورش لتدريب الأطفال على بعض الأعمال اليدوية كي يتمكنوا من إصلاح ألعابهم أو صناعة بعض الألعاب من قطع خشبية قديمة».
إتقان أعمال دهانات الجدران والتشطيبات تطلب من الفتيات جهدا كبيرا وتدريبا متواصلا، إذ يقمن بكل شيء بطريقة يدوية تبرز فيها اللمسة الأنثوية، ولاقت أعمالهن إعجاب أهالي المحافظة، لكن المشكلة التي ما زلن يعانين منها هي عدم تقبل بعض الناس خاصة في مجتمع ريفي لفكرة أن يقوم مجموعة من الفتيات بالعمل وحدهن في دهانات المطاعم والمتاجر.
تقول هدير منصور: «في البداية تعرضنا لانتقادات كثيرة، لكن مع مرور الوقت ومشاهدة الناس لأعمالنا وإعجابهم بها خفت حدة الانتقادات وكادت أن تتلاشى، لكن بالطبع ما زال لدى بعض الأهالي تحفظات على الفكرة».
خصصت ورشة «باب نعمة» دورات تدريبية للأمهات والنساء بجانب الدورات الخاصة بالفتيات، بهدف تدريب ربات المنازل على إصلاح أثاثهم القديم وطلاء جدرانهم وتزيينها بطريقة بسيطة، وتجديد أي قطع منزلية، وشهدت الدورات التدريبية بكل فئاتها إقبالا كبيرا من نساء وفتيات وأطفال.
غير أن الأمر يختلف كثيرا بالنسبة للفتيات اللاتي حصلن على عمل بالورشة عقب التدريبات، حيث تغيرت حياتهن تماما، وأصبح لديهن مهنة ناجحة.
تروي صفا سويلم، التي ما زالت طالبة بالثانوية العامة، قصة عملها بالورشة لـ«الشرق الأوسط»: «بدأت العمل بالورشة منذ نحو شهرين، وقبلها لم أكن أدرك أنني موهوبة في الرسم والتلوين، لكن مع الأيام الأولى للتدريب وجدتني أتقن الرسم وطلاء الجدران، وأصبحت أعمل في الورشة يوميا من التاسعة صباحا حتى الثالثة عصرا».
وتضيف سويلم: «عملي بالورشة غير حياتي وجعلني أشعر أنني موجودة ويمكنني تحمل المسؤولية، وأتولى جانبا من أعمال طلاء الجدران والأثاث، كما أشارك في دورات لتعليم الأطفال».



حضور تشكيلي سعودي بارز في مهرجان «ضي للشباب العربي» بمصر

عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)
عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)
TT

حضور تشكيلي سعودي بارز في مهرجان «ضي للشباب العربي» بمصر

عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)
عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)

يُشكّل «مهرجان ضي للشباب العربي» الذي يُطلقه «أتيليه العرب للثقافة والفنون» في مصر كل عامين، تظاهرة ثقافية تحتفي بالمواهب العربية الشابة في الفنون التشكيلية، وتعكس عمق التعبير وتنوعه بين الفنانين المشاركين عن القضايا الجماعية والتجارب الذاتية.

وتشهد نسخته الخامسة التي انطلقت تحت شعار «بلا قيود»، وتستمر لشهر كامل في قاعات غاليري «ضي» بالقاهرة، مشاركة 320 فناناً من الشباب، يمثلون 11 دولة عربية هي مصر، والسعودية، والسودان، وسوريا، وفلسطين، والعراق، والأردن، واليمن، ولبنان، والعراق، وتونس.

تُقدم سلمى طلعت محروس لوحة بعنوان «روح» (الشرق الأوسط)

وبين أرجاء الغاليري وجدرانه تبرز مختلف أنواع الفنون البصرية، من الرسم والتصوير والحفر والطباعة والخزف والنحت. ومن خلال 500 عملٍ فني تتنوع موضوعاتها وتقنياتها وأساليبها واتجاهاتها.

ويحفل المهرجان في دورته الحالية بأعمال متنوعة ومميزة للشباب السعودي، تعكس إبداعهم في جميع ألوان الفن التشكيلي؛ ومنها عمل نحتي للفنان السعودي أنس حسن علوي عنوانه «السقوط».

«السقوط» عمل نحتي للتشكيلي السعودي أنس علوي (الشرق الأوسط)

يقول علوي لـ«الشرق الأوسط»: «استلهمت العمل من فكرة أن كلمَتي (حرام) و(حلال)، تبدآن بحرف الحاء، وهما كلمتان متضادتان، وبينهما مساحات شاسعة من الاختلاف».

ويتابع: «يُبرز العمل ما يقوم به الإنسان في وقتنا الراهن، فقد يُحرّم الحلال، ويُحلّل الحرام، من دون أن يكون مُدركاً أن ما يقوم به هو أمر خطير، وضد الدين».

ويضيف الفنان الشاب: «لكنه بعد الانتهاء من فعله هذا، قد يقع في دائرة الشكّ تجاه تصرّفه. وفي هذه المرحلة أردت أن أُجسّد تلك اللحظة التي يدخل إليها الإنسان في مرحلة التفكير والتشكيك في نفسه وفي أعماله، فيكون في مرحلة السقوط، أو مراجعة حكمه على الأمور».

وتأتي مشاركة الفنانة السعودية سمية سمير عشماوي في المهرجان من خلال لوحة تعبيرية من الأكريلك بعنوان «اجتماع العائلة»، لتعكس عبرها دفء المشاعر والروابط الأسرية في المجتمع السعودي.

عمل للتشكيلية السعودية سمية عشماوي (الشرق الأوسط)

وتقول سمية لـ«الشرق الأوسط»: «تُعدّ اللوحة تجسيداً لتجربة شخصية عزيزة على قلبي، وهي لقاء أسبوعي يجمع كل أفراد أسرتي، يلفّه الحب والمودة، ونحرص جميعاً على حضوره مهما كانت ظروف الدراسة والعمل، لنتبادل الأحاديث، ونتشاور في أمورنا، ونطمئن على بعضنا رغم انشغالنا».

ويُمثّل العمل النحتي «حزن» أول مشاركة للتشكيلية السعودية رويدا علي عبيد في معرض فني، والتمثال مصنوع من خامة البوليستر، ويستند على رخام. وعن العمل تقول لـ«الشرق الأوسط»: «يُعبّر التمثال عن لحظة حزن دفينة داخل الإنسان».

عمل نحتي للفنانة السعودية رويدا علي عبيد في الملتقى (الشرق الأوسط)

وتتابع رويدا: «لا أحد يفهم معنى أن تقابل الصدمات بصمت تام، وأن تستدرجك المواقف إلى البكاء، فتُخفي دموعك، وتبقى في حالة ثبات، هكذا يُعبّر عملي عن هذه الأحاسيس، وتلك اللحظات التي يعيشها المرء وحده، حتى يُشفى من ألمه وأوجاعه النفسية».

من جهته قال الناقد هشام قنديل، رئيس مجلس إدارة «أتيليه العرب للثقافة والفنون»، لـ«الشرق الأوسط»، إن «مهرجان الشباب العربي يمثّل خطوة مهمة في تشجيع الفنانين الشباب ودفعهم إلى الابتكار، وتقديم أفكارهم بلا قيود؛ وانطلاقاً من هذا الفكر قرّرت اللجنة المنظمة أن يكون موضوع المهرجان 2025 مفتوحاً من دون تحديد ثيمة معينة».

وأضاف قنديل: «اختارت لجنتا الفرز والتحكيم أكثر من ثلاثمائة عملٍ فني من بين ألفي عمل تقدّمت للمشاركة؛ لذا جاءت الأعمال حافلة بالتنوع والتميز، ووقع الاختيار على الإبداع الفني الأصيل والموهبة العالية».

ولفت قنديل إلى أن الجوائز ستُوزّع على فروع الفن التشكيلي من تصوير، ونحت، وغرافيك، وخزف، وتصوير فوتوغرافي وغيرها، وستُعلن خلال حفل خاص في موعد لاحق يحدده الأتيليه. مشيراً إلى أن هذه النسخة تتميّز بزخم كبير في المشاركة، وتطوّر مهم في المستوى الفني للشباب. ومن اللافت أيضاً في هذه النسخة، تناول الفنانين للقضية الفلسطينية ومعاناة سكان غزة من خلال أعمالهم، من دون اتفاق مسبق.

عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)

وبرؤية رومانسية قدّمت الفنانة المصرية الشابة نورهان إبراهيم علاجاً لصراعات العالم وأزماته الطاحنة، وهي التمسك بالحب وتوفير الطفولة السعيدة للأبناء، وذلك من خلال لوحتها الزيتية المشاركة بها في المهرجان، التي تغلب عليها أجواء السحر والدهشة وعالم الطفولة.

وتقول نورهان، لـ«الشرق الأوسط»، إن «براءة الأطفال هي بذرة الإبداع التي ستعالج العالم كله»، وتتابع: «أحب الأطفال، وأتعلم كثيراً منهم. وأدركت أن معظم المشكلات التي تواجه العالم اليوم من الجرائم الصغيرة إلى الحروب الكبيرة والإرهاب والسجون الممتلئة لدينا، إنما هي نتيجة أن صانعي هذه الأحداث كانوا ذات يومٍ أطفالاً سُرقت منهم طفولتهم».

«بين أنياب الأحزان» هو عنوان لوحة التشكيلي الشاب أدهم محمد السيد، الذي يبرز تأثر الإنسان بالأجواء المحيطة به، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «حين يشعر المرء بالحزن، يبدأ في الاندماج مع الطبيعة الصامتة، ويتحوّلان إلى كيان واحد حزين. وحين يسيطر الاكتئاب على الإنسان ينجح في إخفائه تدريجياً».

لوحة للتشكيلية المصرية مروة جمال (الشرق الأوسط)

وتقدم مروة جمال 4 لوحات من الوسائط المتعددة، من أبرزها لوحة لبناية قديمة في حي شعبي بالقاهرة، كما تشارك مارلين ميشيل فخري المُعيدة في المعهد العالي للفنون التطبيقية بعملٍ خزفي، وتشارك عنان حسني كمال بعمل نحت خزفي ملون، في حين تقدّم سلمى طلعت محروس لوحة عنوانها «روح» تناقش فلسفة الحياة والرحيل وفق رؤيتها.