رئيس الأركان الجزائري: تداول المناصب معيار للتغييرات في الجيش والمخابرات

تعيين قائد جديد للمنطقة العسكرية الأولى... وآخرون في الانتظار

رئيس الأركان أثناء زيارته مقر المنطقة العسكرية الأولى ({الشرق الأوسط})
رئيس الأركان أثناء زيارته مقر المنطقة العسكرية الأولى ({الشرق الأوسط})
TT

رئيس الأركان الجزائري: تداول المناصب معيار للتغييرات في الجيش والمخابرات

رئيس الأركان أثناء زيارته مقر المنطقة العسكرية الأولى ({الشرق الأوسط})
رئيس الأركان أثناء زيارته مقر المنطقة العسكرية الأولى ({الشرق الأوسط})

قال رئيس أركان الجيش الجزائري، الفريق أحمد قايد صالح، إن «الاستحقاق والجدارة» هما المعياران الأساسيان في «تثبيت نهج التداول على الوظائف والمناصب»، في إشارة ضمناً إلى إنهاء مهام قائد أهم المناطق العسكرية بالبلاد واستبدال آخر به، وإلى تغييرات منتظرة في مستقبل قريب، بالجيش والمخابرات، تثير جدلا كبيرا حاليا في الأوساط السياسية والإعلامية.
وكان صالح يتحدث أمس بالمنطقة العسكرية الأولى (وسط البلاد) بمناسبة تنصيب اللواء علي سيدان في منصب قائد هذه المنطقة، وهي الكبرى ضمن المناطق العسكرية الست، قياسا بتعداد الضباط والجنود ومن حيث أهمية ونوعية العتاد العسكري والسلاح الحربي.
واختير سيدان خليفة للواء حبيب شنتوف الذي قاد هذا اللواء لزمن طويل، وكانت تنحيته مفاجئة للمراقبين، بالنظر إلى نفوذه في الجيش.
وجاء في كلمة لصالح، بالمناسبة، نشرتها وزارة الدفاع بموقعها الإلكتروني، إنّ «مقياس الجدارة ومعيار الاستحقاق هما منارة الطريق الأصوب الذي نسلكه دون سواه، نحو تثبيت نهج التداول على الوظائف والمناصب، وجعله تقليدا عسكريا راسخا وسنّة حميدة»، مشيرا إلى «وجود فرصة تتيح تحفيز القدرات البشرية، وتثمين خبراتها الغنية والمتراكمة وتشجيعها على مواصلة بذل مزيد من الجهد، على درب خدمة جيشنا الوطني الشعبي».
ويفهم من كلام الضابط العسكري النافذ في الحكم، أن التفسيرات التي أعطيت للتغيير الذي وقع رسميا بالمنطقة الأولى، والتغييرات المنتظرة في الجيش والاستخبارات التي يتعاطى معها الإعلام، بعيدة عن الحقيقة التي لا تعدو، بحسب مضمون خطابه، أن تكون «تداولا على المناصب». وهذا الطرح يستغربه قطاع من المراقبين، خصوصا أن صالح نفسه يوجد على رأس قيادة أركان الجيش منذ 13 عاما، حينما اختاره الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لهذا المنصب، خلفا للفريق محمد العماري (توفي قبل سنوات) الذي أقاله بعدما عارض ترشحه ثانية عام 2004. وبعد سنوات، أضاف الرئيس لصالح منصبا نوعيا، وهو نائب وزير الدفاع (وزير الدفاع هو رئيس الجمهورية بحسب الدستور)، وكان ذلك دليلا على قوة العلاقة بين الرجلين. ولا يفوت صالح أي مناسبة إلا ويشيد بـ«أفضال فخامة الرئيس على الجيش وقيمة المهام التي يؤديها خدمة للجزائر».
وقال مراقبون إن صالح «بصدد تعزيز نفوذه بالجيش، عن طريق منحه المناصب العليا فيه لأشد الموالين»، من خلال قرارات العزل، التي أصدرتها الرئاسة باقتراح منه شخصيا.
ونشرت «الشرق الأوسط»، في عدد أمس أن رئاسة الجمهورية بصدد إجراء تغييرات مهمة في الجيش والمخابرات، من بينها إنهاء مهام قائد القوات البرية اللواء احسن طافر، وإبعاد مدير أمن الجيش بوزارة الدفاع اللواء محمد تيرش وقائد المنطقة الثالثة، (جنوبي غرب) اللواء سعيد شنقريحة، إضافة إلى تنحية مسؤول جهاز المخابرات بالعاصمة العقيد كمال بن ميلودي. ووصف ملاحظون التغييرات المنتظر الإعلان عنها رسميا في غضون أيام، بأنها تعد «أكبر عملية تطهير في المؤسسة العسكرية»، منذ عزل مدير المخابرات الفريق محمد مدين في 15 سبتمبر (أيلول) 2015.
ومما جاء في كلمة صالح، أمام الضباط والجنود، أن «الجانب التحسيسي والتوجيهي، جعلناه من أهم مرتكزات نهجنا العملي، وسعينا دوما دون هوادة إلى إبراز فصيلة العمل المثابر والمخلص والمثمر، ذلك أننا نريد أن يعي الجميع أننا نؤمن يقينا بأن الله سبحانه وتعالى يبارك أعمال العاملين بإخلاص ويزكي مساعيهم ويمنحهم القدرة والقوة على أداء مهامهم على الوجه الأحسن والأصوب». ويفهم من هذا الجزء من خطابه، أيضا، أن «المثابرة» و«الإخلاص للجيش»، كانا معيارين للتغييرات التي وقعت والتي ستقع لاحقا في أهم مؤسسة بالبلاد إلى جانب رئاسة الجمهورية.
وأضاف صالح: «تكريسا لهذا المبدأ النبيل؛ آلينا على أنفسنا كقيادة عليا، على أن نمنحه (يقصد مبدأ تدوير المناصب بين الضباط الكبار) العناية الوافية التي يستحقها، لكي نجعل منه سلوكا مهذبا بالغ الأهمية في حياة الأفراد العسكريين بكافة فئاتهم، ونجعل منه نبراسا سلوكيا راسخا في العقول والأذهان، يقتدي به شبابنا في كافة مواقع عملهم، لا سيما هؤلاء الذين يتحملون مسؤولية قيادة الرجال مهما كان مستوى هذه المسؤولية».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.