كيري يحذر بكين من إنشاء منطقة للدفاع الجوي فوق بحر الصين الجنوبي

أعضاء السفارة الأميركية في العاصمة مانيلا يرحبون بزيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري (رويترز)
أعضاء السفارة الأميركية في العاصمة مانيلا يرحبون بزيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري (رويترز)
TT

كيري يحذر بكين من إنشاء منطقة للدفاع الجوي فوق بحر الصين الجنوبي

أعضاء السفارة الأميركية في العاصمة مانيلا يرحبون بزيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري (رويترز)
أعضاء السفارة الأميركية في العاصمة مانيلا يرحبون بزيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري (رويترز)

حذر وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمس الصين من إنشاء منطقة دفاع جوي فوق بحر الصين الجنوبي شبيهة بتلك التي أعلنتها فوق بحر الصين الشرقي في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وقال كيري إن النزاعات بين الدول يجب أن تحل سلميا من خلال التحكيم، وإن الولايات المتحدة ستعلن موقفها إذا قامت الصين بتحركات منفردة تصعد الصراع. وبعد يوم من الإعلان عن مساعدات أميركية لتعزيز الأمن البحري في جنوب شرقي آسيا قيمتها 5.‏32 مليون دولار معظمها لفيتنام قال كيري إن الولايات المتحدة ستقدم 40 مليون دولار للفلبين على مدى السنوات الثلاث المقبلة لتعزيز قدرتها على مراقبة بحر الصين الجنوبي. وقال كيري في مؤتمر صحافي مع نظيره الفلبيني ألبرت ديل روساريو: «لا نرى في الوضع تصاعدا للتوتر ولا نريد توترا متصاعدا. ما نشارك فيه هو عمليات عادية نعمل من خلالها مع الدول الأخرى لتعزيز قدرتها على الحماية البحرية». وقال كيري في مؤتمر صحافي في مانيلا، إن «منطقة (فوق بحر الصين الشرقي) يجب ألا تدخل حيز التنفيذ ويتعين على الصين الامتناع عن اتخاذ إجراءات من جانب واحد مماثلة في أماكن أخرى في المنطقة، لا سيما فوق بحر الصين الجنوبي».
وذكر كيري أن الولايات المتحدة لم تتخذ أي موقف بشأن مطالب سيادية محددة لأي دولة، لكنها لا تتفق مع الطريقة التي عززت بها الصين موقفها في نزاع مع اليابان في بحر الصين الشرقي.
وقال: «لا نتناول هذا الأمر بوجهة نظر خاصة تجاه الصين إلا حين تتخذ الصين خطوة أحادية الجانب فسنعلن موقفنا ونوضح ما نتفق ونختلف معه». وأضاف أن الولايات المتحدة ستقف بجانب حلفائها في المنطقة الذين يحاولون حل النزاعات مع الآخرين بالطرق القانونية. وخلال زيارته للفلبين التي تستغرق يومين وهي الأولى منذ توليه مهامه، أبدى وزير للخارجية علنا دعمه للفلبين، واصفا إياها بأنها «حليف أساسي» في مواجهة الصين التي تتنازع معها مانيلا حول الكثير من الجزر الصغيرة في هذه المنطقة.
وواشنطن ومانيلا على وشك التوقيع على اتفاق يسمح للقوات والطائرات والسفن العسكرية الأميركية بالتوقف بصورة مؤقتة في الفلبين، حيث أغلقت آخر القواعد الأميركية عام 1992. وازداد التوتر بين بكين وجيرانها ومنها الفلبين خلال السنوات الأخيرة بسبب مطالبات هذا الطرف وذاك بالسيادة على بحر الصين الشرقي. وتطالب الصين بالسيادة الكاملة تقريبا على هذا البحر الذي يعد مفترق طرق بحرية حيوية للتجارة العالمية والذي يحتوي على احتياطات محتملة من النفط والغاز وثروة سمكية كبرى. وفي يناير (كانون الثاني) من عام 2013 لجأت الفلبين إلى محكمة تحكيم تابعة للأمم المتحدة حول سيادتها على جزر صغيرة في هذه المنطقة منها أتول سكاربروغ التي تقع على بعد 220 كيلومترا وتعد من أبرز الجزر الفلبينية والتي تحتلها السفن الصينية منذ العام الماضي.
وإعلان بكين في 23 نوفمبر «منطقة للتعريف الجوي» فوق جزء كبير من بحر الصين الشرقي من جانب واحد كان قد أثار استياء اليابان وكوريا الجنوبية وقلق مانيلا. ويقول محللون إن بكين لم تعلن منطقة مماثلة فوق بحر الصين الجنوبي، ولكن يمكنها أن تفعل ذلك في المستقبل القريب. وكان تأكيد الصين سيادتها على مساحة كبيرة في بحر الصين الجنوبي قد وضعها في خلاف مباشر مع فيتنام والفلبين اللتين زارهما كيري، وكذلك مع بروناي وتايوان وماليزيا التي تزعم أحقيتها على أجزاء أخرى من بحر الصين الجنوبي. ولدى الفلبين خطة إنفاق بقيمة 7.‏1 مليار دولار لتعزيز قدراتها العسكرية، وخصوصا أنظمة المراقبة والإشراف على حدودها البحرية في بحر الصين الجنوبي. وسيطرح الأمن البحري كثيرا في محادثات كيري مع مسؤولي الحكومة في الفلبين مثلما طرح بقوة في محادثاته بفيتنام. وقالت الولايات المتحدة إنها تقف على الحياد في هذه النزاعات، لكنها تحركت في الأسابيع القليلة الماضية للدفاع عن حلفائها في المنطقة بعد خطوات جديدة اتخذتها بكين للسيطرة على المياه الإقليمية.
ويتوجه كيري اليوم إلى تاكلوبان في وسط الفلبين مركز الإعصار الكبير هايان الذي سوى بلدات وقرى بالأرض في الثامن من نوفمبر الماضي. وأسفرت العاصفة عن مقتل أكثر من ستة آلاف شخص وتشريد أربعة ملايين.



برلمان كوريا الجنوبية يعزل الرئيس... ويون: سأتنحى ولن أستسلم

TT

برلمان كوريا الجنوبية يعزل الرئيس... ويون: سأتنحى ولن أستسلم

رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول ينحني بعد خطاب اعتذار بثه التلفزيون الرسمي في 7 ديسمبر (أ.ف.ب)
رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول ينحني بعد خطاب اعتذار بثه التلفزيون الرسمي في 7 ديسمبر (أ.ف.ب)

صوّت البرلمان في كوريا الجنوبية، السبت، على عزل الرئيس يون سوك يول، بعد محاولته الفاشلة لفرض الأحكام العرفية وعرقلة عمل المؤسسة التشريعية عبر اللجوء إلى الجيش في الثالث من ديسمبر (كانون الأول) الحالي. وقال يون سوك يول، عقب قرار عزله، إنه «لن يستسلم أبداً»، داعياً في الوقت ذاته إلى الاستقرار.

واحتشد عشرات آلاف المتظاهرين أمام الجمعية الوطنية في أثناء إجراء عملية التصويت، معبرين عن فرحتهم لدى إعلان رئيس البرلمان وو وون شيك نتيجة التصويت. وصوّت 204 نواب لصالح مذكرة العزل، في حين عارضها 85 نائباً، وامتنع ثلاثة نواب عن التصويت، وأُبطلت ثماني بطاقات تصويت. وكان ينبغي أن يوافق البرلمان على مذكرة العزل بأغلبية 200 صوت من أصل 300. ونجحت المعارضة، التي تضم 192 نائباً، في إقناع 12 من أصل 108 من أعضاء حزب السلطة للشعب الذي ينتمي إليه يون، بالانضمام إليها. وبذلك، عُلق عمل يون في انتظار قرار المحكمة الدستورية المصادقة على فصله في غضون 180 يوماً. ومن المقرر أن يتولّى رئيس الوزراء هان دوك سو مهام منصبه مؤقتاً.

«انتصار عظيم»

قال زعيم الحزب الديمقراطي الذي يمثّل قوى المعارضة الرئيسة في البرلمان، بارك تشان داي، بعد التصويت، إن «إجراءات العزل اليوم تمثّل انتصاراً عظيماً للشعب والديمقراطية»، كما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية». وقبل التصويت، أكد بارك في كلمة أمام البرلمان، أن فرض الأحكام العرفية يشكّل «انتهاكاً واضحاً للدستور وخرقاً خطيراً للقانون»، مضيفاً أن «يون سوك يول هو العقل المدبر لهذا التمرد».

رئيس الجمعية الوطنية وو وون شيك يوقّع على قرار عزل رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول في 14 ديسمبر (أ.ف.ب)

وأضاف: «أحضكم على التصويت لصالح العزل من أجل ترك درس تاريخي مفاده بأن أولئك الذين يدمّرون النظام الدستوري سوف يُحاسبون»، لافتاً إلى أن «يون سوك يول هو الخطر الأكبر على جمهورية كوريا». وفي السابع من ديسمبر الحالي، فشلت محاولة أولى لعزل يون عندما غادر معظم نواب حزب السلطة للشعب الجلسة البرلمانية لمنع اكتمال النصاب القانوني.

مظاهرات واسعة

عند إعلان عزل يون، عبّر نحو 200 ألف متظاهر كانوا محتشدين أمام الجمعية الوطنية عن فرحهم، ورقصوا على أنغام موسيقى البوب الكورية الصاخبة، كما احتضنوا بعضهم فيما كانوا يبكون، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». وقالت تشوي جانغ ها (52 عاماً): «أليس من المدهش أننا، الشعب، حققنا هذا معاً؟».

كوريون جنوبيون يحتفلون بعد عزل البرلمان الرئيس يون سوك يول في 14 ديسمبر (رويترز)

في المقابل، تجمّع آلاف من مناصري يون في وسط سيول، حيث حُملت أعلام كوريا الجنوبية والولايات المتحدة. وقال يون للتلفزيون إنه «محبط للغاية»، مؤكداً أنه «سيتنحى جانباً لبعض الوقت». ودعا إلى إنهاء «سياسة الإفراط والمواجهة» لصالح «سياسة التروي والتفكير». وأمام المحكمة الدستورية ستة أشهر للمصادقة على قرار البرلمان أو نقضه. ومع تقاعد ثلاثة من قضاتها التسعة في أكتوبر (تشرين الأول) من دون أن يجري استبدالهم بسبب الجمود السياسي، سيتعيّن على الستة المتبقين اتخاذ قرارهم بالإجماع. وإذا تمّت الموافقة على العزل فستُجرى انتخابات رئاسية مبكرة خلال فترة ستين يوماً. وتعهّد رئيس المحكمة مون هيونغ باي باتخاذ «إجراء سريع وعادل»، في حين دعا بقية القضاة إلى أول اجتماع صباح الاثنين.

تحديات قانونية

ويون سوك يول (63 عاماً) هو ثالث رئيس في تاريخ كوريا الجنوبية يعزله البرلمان، بعد بارك جون هيي في عام 2017، وروه مو هيون في عام 2004، غير أن المحكمة العليا نقضت إجراءات عزل روه موه هيون، بعد شهرين على اتخاذ القرار بعزله من قبل البرلمان. وباتت الشبكة القضائية تضيق على يون سوك يول ومعاونيه المقربين، بعد إبعاده عن السلطة وخضوعه لتحقيق جنائي بتهمة «التمرد» ومنعه من مغادرة البلاد.

زعيم الحزب الديمقراطي لي جاي ميونغ يُدلي بصوته خلال جلسة عامة للتصويت على عزل الرئيس يون سوك يول في 14 ديسمبر (أ.ب)

وكانت النيابة العامة قد أعلنت، الجمعة، توقيف رئيس القيادة العسكرية في سيول، كما أصدرت محكمة مذكرات توقيف بحق قائدي الشرطة الوطنية وشرطة سيول، مشيرة إلى «خطر إتلاف أدلة». وكان وزير الدفاع السابق كيم هونغ هيون، الذي يُعدّ الشخص الذي دفع الرئيس إلى فرض الأحكام العرفية، أول من تم توقيفه واحتجازه في الثامن من ديسمبر الحالي.

وأحدث يون سوك يول صدمة في كوريا الجنوبية ليل الثالث إلى الرابع من ديسمبر، عندما أعلن الأحكام العرفية للمرة الأولى منذ أكثر من أربعة عقود في البلاد، وأرسل الجيش إلى البرلمان، في محاولة لمنع النواب من الاجتماع. مع ذلك، تمكّن النواب من عقد جلسة طارئة في قاعة محاطة بالقوات الخاصة، وصوّتوا على نص يطالب بإلغاء الأحكام العرفية، الأمر الذي كان الرئيس ملزماً دستورياً على الامتثال له. وكان يون سوك يول مدعياً عاماً في السابق، وقد دخل السياسة متأخراً وانتُخب رئيساً في عام 2022. وبرر انقلابه الأخير بأنه لـ«حماية كوريا الجنوبية الليبرالية من التهديدات التي تشكلها القوات الشيوعية الكورية الشمالية والقضاء على العناصر المعادية للدولة»، مُتهماً البرلمان الذي تسيطر عليه المعارضة بنسف كل مبادراته وتعطيل البلاد.