الجيش السوري الحر يشكو التهميش لصالح المجموعات المتشددة

سوريون فوق انقاض أحد المباني يبحثون عن ناجين بعد قصفه من قبل قوات النظام السوري في حلب أمس (أ.ف.ب)
سوريون فوق انقاض أحد المباني يبحثون عن ناجين بعد قصفه من قبل قوات النظام السوري في حلب أمس (أ.ف.ب)
TT

الجيش السوري الحر يشكو التهميش لصالح المجموعات المتشددة

سوريون فوق انقاض أحد المباني يبحثون عن ناجين بعد قصفه من قبل قوات النظام السوري في حلب أمس (أ.ف.ب)
سوريون فوق انقاض أحد المباني يبحثون عن ناجين بعد قصفه من قبل قوات النظام السوري في حلب أمس (أ.ف.ب)

كررت الولايات المتحدة استعدادها للقاء ممثلين عن «الجبهة الإسلامية» التي باتت تسيطر على الواقع الميداني في الشمال السوري، في حين شكا مصدر رفيع في أركان الجيش السوري الحر من أن قطع الإمداد عن الأركان سوف يجعلها بلا حول ولا قوة أمام تعاظم نفوذ الحركات المتشددة التي تسعى إلى السيطرة على الأرض والقرار في المناطق الشمالية.
وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط»، إن عمليات الدعم العسكري توقفت بشكل شبه كامل منذ أشهر حتى باتت الأركان مضطرة لـ«الشراء من السوق المحلية»، موضحا أن موفدين كانوا يحاولون شراء الذخائر والأسلحة من الداخل السوري بعد أن قطعت عنهم الإمدادات من الخارج بشكل شبه كامل. وحمل المصدر بعض الحلفاء، من دون أن يسميهم، مسؤولية التخاذل في دعم «الحر»، مقابل دعم حلفاء آخرين لتنظيمات مناوئة.
وحذر المصدر من أن تراخي كتائب الحر أمام تنامي نفوذ «الجبهة الإسلامية» والتنظيمات المتشددة الأخرى سببه شعور كبير بالإحباط، متسائلا عما إذا كان هناك قرار كبير بإنهاء الجيش الحر الذي يتحمل وزر هجمات النظام وحلفائه في إيران وحزب الله وغيرهم، ليجد نفسه تحت رحمة من يفترض بهم أن يكونوا حلفاء له يشاركونه الهدف نفسه.
وفي حين أكدت مصادر سوريا معارضة لـ«الشرق الأوسط» أن مساعي أميركية حثيثة تبذل من أجل تأمين لقاء على مستوى عال بين السفير الأميركي في دمشق روبرت فورد ومسؤول ملف سوريا في الخارجية البريطانية في إسطنبول، قالت هذه المصادر إن اتصالات غير مباشرة تجري بشكل حثيث وقد تفضي إلى نتائج. وأشارت إلى أن ما يؤجل اللقاء حتى الساعة هو حذر الجبهة وخشيتها من اتهامات معارضين متشددين لها بسبب «التعاون مع الغرب». وأعلن أمس وزير الخارجية الأميركي جون كيري أن بلاده لم تلتق بممثلين عن الجبهة الإسلامية في سوريا، لكن من الممكن عقد مثل هذا الاجتماع لتعزيز تمثيل جماعات المعارضة المعتدلة في محادثات مقبلة ترمي إلى وقف الحرب السورية. وقال كيري في مؤتمر صحافي بمانيلا: «لم تجتمع الولايات المتحدة حتى الآن مع الجبهة الإسلامية لكن من الممكن أن يحدث هذا».وأضاف: «تبذل جهود حاليا من قبل كل الدول الداعمة للمعارضة السورية والتي تريد توسيع قاعدة المعارضة المعتدلة وقاعدة تمثيل الشعب السوري في مفاوضات جنيف 2».
وفي المقابل، لم يدفع توتر الأوضاع الميدانية بين الجيش السوري الحر و«الجبهة الإسلامية» المعارضة السياسية إلى قطع علاقتها مع فصائل «الجبهة». ويؤكد عضو المجلس الوطني المعارض، عبد الرحمن الحاج لـ«الشرق الأوسط» أن «جميع قوى المعارضة من ائتلاف ومجلس وطني تنظر إلى الجبهة باعتبارها جزءا من القوى الثورية الساعية إلى إسقاط النظام السوري».
ويوضح الحاج أن «الاتصالات لا تزال مستمرة بين المعارضة والجبهة، لا سيما أن الكثير من مكوناتها كانت جزءا من الجيش الحر»، ملخصا نقاط الخلاف بينها وبين الحر بقوله إن الجبهة «أبدت اعتراضها على آلية توزيع السلاح على خلفية قيام هيئة الأركان بمنح كميات كبيرة من الأسلحة إلى الفصائل المحسوبة على أطراف دولية».
وأشار الحاج إلى «حصول مفاوضات من أجل إعادة هيكلة هيئة الأركان، لكن سقف مطالب الجبهة كان مرتفعا، ما أدى إلى عدم التوصل إلى اتفاق يرضي الطرفين». ونفى أن يكون للجبهة «اعتراض على شخص رئيس هيئة الأركان في الجيش الحر اللواء سليم إدريس»، لكنه قال إن اعتراضها هو على الشخصيات القيادية التي تضطلع بمهام التنسيق بين قيادة الأركان والفصائل العسكرية، إضافة إلى اعتراضها على آلية اتخاذ القرار، والتي غالبا ما تهمشها، رغم ثقلها الميداني».أكثر من ذلك، تنظر «الجبهة الإسلامية»، وفق الحاج، إلى «آلية عمل هيئة الأركان بوصفها غير فاعلة وبطيئة وغير متوازنة، عدا عن وجود فساد ومحسوبيات داخلها».
وكانت الجبهة الإسلامية قد أصدرت بيانا في الفترة الأخيرة أعلنت بموجبه انسحابها من هيئة الأركان لأنها «معطلة عن العمل أو التمثيل منذ فترة». كما أشارت إلى أن «انتسابها إلى الهيئة جاء في وقت كانت فيها مؤسسة تنسيقية مشتركة ضد النظام الأسدي من دون أن يكون لها تبعية لأي جهة أخرى سياسية كانت أو غير ذلك، بخلاف ما جرى الإعلان عنه أخيرا من تبعية الأركان للائتلاف».
وبعد انتخاب هيئة الأركان في الجيش السوري الحالية، في الشهر الأخير من عام 2012، أعيد تشكيل هيكلية الجيش المعارض، وانضم قياديو «الحر» السابقون إلى تشكيلات جديدة، حمل معظمها أسماء الجبهات أو المجالس العسكرية. ويقول ضابط منشق رفع الكشف عن اسمه: «أكثر ما يحزنني في هذا الوقت، منح الإنجازات إلى الكتائب المقاتلة، من غير أدنى إشارة إلى الجيش السوري الحر الذي كان يمثل كل السوريين، وتضم هيئة أركانه مختلف الفصائل المقاتلة، باستثناء الإسلامية المتشددة». هذه التسمية، برأيه «اعتراف مباشر بأن دور الجيش السوري الحر بات هامشيا»، عادا أن ذلك «يسهم في تفتيت الكيان العسكري المعارض، الذي وجد ليكون مقابلا للجيش السوري النظامي». ويأسف لـ«فتح هذا التفتت الباب أمام صعود المتشددين وبسط نفوذهم، تمهيدا لإدانة المعارضة في وقت لاحق ووسمها بالإرهاب والتطرف، ما يعود بفائدة أمام النظام ويسهل له التسوية على المعارضة في المحافل الدولية».
ولا يتردد ضباط سابقون في الكشف عن أن السيطرة الآن في الشمال، تعود إلى مقاتلي «الأمر الواقع»، في إشارة إلى المتشددين، رغم أن آخرين يعدون ذلك «مبالغة بحجم الإسلاميين وسيطرتهم». يقول العقيد أحمد حجازي، رئيس أركان الجيش السوري الحر السابق، الذي انضم إلى الإسلاميين، إن واقع هؤلاء «يصور على غير حقيقته»، مشيرا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الإسلاميين «ليسوا الغول الذي سيأكل الجميع، رغم وجود الاستثناءات، كونهم من فئات الشعب السوري»، متهما بعض قيادات الجيش السوري الحر التي تولت القيادة «بمسؤوليتها عن تلاشي دور الجيش الحر»، مضيفا: «هذا ما حذرنا منه في البداية.. وتحقق».
ويرجع حجازي اختفاء الجيل الأول من القادة الميدانيين، إلى انتخابات هيئة الأركان في أنطاليا، التي أثمرت انتخاب اللواء سليم إدريس رئيسا لها. يقول: «كان موقفنا واضحا بأن الجيوش لا تبنى بالانتخابات مثل البرلمان، كونها لا تلحظ الرتب العسكرية»، عادا أن ذلك «كان انقلابا علينا، بهدف إبعادنا، ويشبه إلى حد كبير انقلاب حزب البعث في عام 1963». وكان قائد «الحر» في تلك الفترة العقيد رياض الأسعد، عد أن تشكيل هيئة الأركان انقلابا على القيادة العسكرية للمعارضة في ذلك الوقت.
ووقعت ست من الجماعات السبع التي تضم «الجبهة الإسلامية» بيانا مشتركا مع فصائل أخرى في أواخر شهر أكتوبر (تشرين الأول) أعلنت فيه أن «جنيف 2» هي مؤامرة وحذرت فيه بأن المشاركين من الثوار سيحاكمون بتهمة الخيانة أمام محاكم ثورية.
لكن الحاج يؤكد أن «الجبهة الإسلامية موافقة على المشاركة في المؤتمر المزمع عقده نهاية الشهر المقبل، بهدف التوصل إلى حل سياسي لأزمة سوريا، لكنها تعترض على الظروف الحالية للوضع السوري الراهن وغير المشجعة على عقد المؤتمر».
ويعرب الحاج، وهو خبير في الحركات الإسلامية، عن اعتقاده أن «الولايات المتحدة الأميركية تبدي مرونة في التنسيق مع الجبهة والتحاور معها، كما توافق على مشاركتها في مؤتمر جنيف 2»، لافتا في الوقت ذاته إلى أن الائتلاف لا يمانع مشاركتها أيضا «بعدها في الصف ذاته مع الائتلاف». وكانت الجبهة قد أبدت في ميثاقها استعدادها لـ«للتعامل مع الفاعلين الدوليين طالما أنهم لا «يظهرون أي عداوة أو خصومة تجاهها».
في موازاة ذلك، ينفي الحاج أي علاقة للجبهة بتنظيم القاعدة رغم «استخدامها بعض التكتيكات والخبرات العسكرية المعروف عن (القاعدة) استعمالها»، لكنه يؤكد أنها «آيديولوجيا وعقائديا بعيدة عنه تماما»، مشيرا إلى أن تصريحات رئيسها حول عدم قتاله لـ«القاعدة» هو «تصريح تكتيكي»، إذ إن فتح معركة مع تنظيمات متشددة مرتبطة بـ«القاعدة» على غرار «داعش» و«النصرة» ستفتح الباب على مشكلات غير محسوبة.
ولا ينكر الحاج «وجود سلفيين في صفوف الجبهة ذات التوجه الإسلامي الواضح والتي أعلنت بموجب ميثاق تأسيسها توجهها لإقامة دولة إسلامية»، لكنه يعرب عن اعتقاده أن وجهة نظرها هذه لن تفرضها على باقي المكونات لأنها تقاتل من أجل إسقاط النظام بخلاف «داعش» و«النصرة» اللتين تقاتلان لبناء نموذج دولة إسلامية، مرجحا اندلاع مواجهات بين «الجبهة» وكل من «داعش» و«النصرة» في وقت قريب.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.