«المركزي السوداني» يحجز على أرصدة المؤسسات والهيئات الحكومية

في وقت تتفاقم فيه أزمة السيولة النقدية في البنوك السودانية، التي أغلقت أبوابها أمس أمام الجمهور لمدة أسبوع بمناسبة عطلة عيد الأضحى، قرر بنك السودان المركزي سحب أرصدة المؤسسات الحكومية، الموجودة بحوزة البنوك التجارية في البلاد وخارجها، وإغلاق حساباتها داخل السودان وخارجه.
ولم يقدم بنك السودان المركزي أي تفسير على هذا الإجراء، ولم يرد على طلب للتعليق حتى الآن.
وجاء في منشور بنك السودان الذي عممه على المصارف، أن قرار سحب أرصدة الأجهزة الحكومية لدى البنوك «يأتي وفقاً لقرار صادر من رئاسة الجمهورية يسمح للبنك المركزي بإغلاق حسابات الهيئات والمؤسسات والوحدات الحكومية بالعملات المحلية والأجنبية لدى المصارف التجارية داخل وخارج البلاد، متى ما رأى ذلك».
كما يسمح القرار الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، بأن تقوم المؤسسات والهيئات والوحدات الحكومية بإيداع أموالها بالعملتين المحلية والأجنبية لدى بنك السودان.
ويرى المحلل الاقتصادي، قرشي بخاري، أن «باطن قرار بنك السودان هو لملمة الفشل والصدمة الكبيرة والإحباط الذي أصاب عامة المواطنين من سياسات بنك السودان». محذراً من عواقب القرار في تسديد رواتب العاملين بالدولة كما حدث في رواتب الشهر الحالي.
وأضاف بخاري، أن بعض الولايات والوحدات الحكومية، العلاقة بينها وبين المصارف علاقة تمويل مشروعات التنمية والخدمات، وواحدة من مرتكزات هذه العلاقة أن تكون حساباتها بالمصرف المعني، كما أن بعض الوحدات الحكومية تمتلك حصة كبيرة من رأسمال بعض المصارف، متسائلاً «فكيف تحال أموالهم إلى البنك المركزي؟».
وأوضح، أن القرار لن يكون له تأثير على شح السيولة لأن حسابات المصارف نفسها، موجودة عند البنك المركزي، وهو لم يستطع توفير السيولة للمصارف للوفاء بالتزامها: «فكيف يفي لأجهزة الدولة؟».
وفي حين واجه آلاف من موظفي الدولة صعوبات حادة في صرف رواتب شهر العيد بسبب خلو الصرافات الآلية من النقد، كشفت جولة لـ«الشرق الأوسط» أمس وأول من أمس على مواقع ماكينات الصرف الآلي في كبري مدن البلاد الخرطوم وأمدرمان وبحري، وكذلك مواقع بيع الأضحية عبر نقاط البيع باستخدام بطاقة الصراف الآلي، التي ابتكرتها حكومة ولاية الخرطوم لمعالجة انعدام السيولة لدى المواطنين، عن خلو الصرافات من النقود، وحرص واسع من المواطنين لشراء «خروف العيد» ببطاقة الصراف الآلي.

احتجاجات أمام البنوك
ورصدت جولة «الشرق الأوسط»، احتجاجات واسعة من المواطنين المتراصين أمام بوابات البنوك المغلقة رغم الإعلان عن مزاولتها العمل أول من أمس. واستمر العملاء في الانتظار حتى ساعات كثيرة، ولم يفتح عدد من الفروع أبوابها للجمهور؛ مما اضطرهم إلى قذف واجهات البنك الزجاجية بالحجارة، وتدمير البوابات، وإصابة بعض الماكينات داخل البنك.
في غضون ذلك، أصدر محافظ بنك السودان المركزي بالإنابة قراراً، بتكوين غرفة عمليات لإدارة النقد بالمصارف، مكونة من مديري عموم إدارات بنك السودان المركزي، وشركة الخدمات المصرفية الإلكترونية، وممثلي المصارف التجارية وأمين عام اتحاد المصارف السوداني.
وقال البنك، إن تشكيل اللجنة يأتي في إطار ترتيبات توفير النقد بالمصارف التجارية والصرافات الآلية لمقابلة احتياجات العملاء خلال فترة عيد الأضحى المبارك.
وقالت ماجدة عبد الوهاب، مدير عام الإدارة العامة للإصدار، إن الغرفة اجتمعت خلال اليومين الماضيين وتمكنت من عمل ترتيبات تبادل فوائض الأرصدة بين المصارف التجارية وفروعها بالمركز والولايات من ناحية، ومع بنك السودان المركزي من ناحية أخرى.
وأكد سامي عبد الحفيظ، الناطق الرسمي باسم البنك المركزي، أن غرفة إدارة النقد تابعت تسلم الأرصدة النقدية من بنك السودان المركزي وتسليمها للمصارف التجارية؛ لضمان تغذية الصرافات الآلية، كما عملت على متابعة سداد أي شيكات مقدمة للمصارف خلال الأيام السابقة من الوزارات والوحدات الحكومية، مشيراً إلى أن الغرفة ستستمر في متابعة الموقف يومياً حتى نهاية عطلة عيد الأضحى المبارك.
- استمرار أزمة السيولة
تشهد البنوك السودانية منذ الخميس الماضي، أزمة حادة في السيولة، رغم إعلان البنك المركزي بداية الأسبوع، عن انفراجها وتحسن موقفها بالمصارف.
كما تشهد بعض فروع البنوك العاملة خلال عطلة العيد، تجمعات كبيرة للمواطنين أمام مقار تلك البنوك، وشهدت صالات الانتظار في البنوك اكتظاظاً بأعداد كبيرة من العملاء، الذين يرغبون في سحب مبالغ لتغطية احتياجات عيد الأضحى، لكنهم فوجئوا بوضع سقف للصرف، بناءً على توجيهات من البنك المركزي، لا يتعدى ألفي جنيه سوداني (نحو 111 دولاراً).
ووجهت البنوك عملاءها منذ الخميس الماضي للصرف من الفروع التي توجد بها حساباتهم، بعد أن كان العميل يسحب من أي فرع يتبع للبنك في جميع أنحاء السودان؛ الأمر الذي زاد من سخط وغضب العملاء.