التوازن بين المخاطر والمكاسب أكبر تحدٍ يواجه مانشستر سيتي

تكمن المشكلة الرئيسية الآن بالنسبة لمانشستر سيتي في أن سقف التوقعات قد ارتفع كثيراً بعد الموسم الرائع الذي قدمه الفريق الموسم الماضي وتألقه في الجولتين الأولى والثانية في الموسم الحالي، ولم يعد السؤال المطروح الآن هو ما إذا كان مانشستر سيتي سيحتفظ بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز أم لا بقدر ما أصبح هل ينجح مانشستر سيتي في الفوز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم من دون أي خسارة، وهل ينجح الفريق في كسر الرقم القياسي الذي حققه الموسم الماضي بالفوز بلقب الدوري بـ100 نقطة.
ولن يمر وقت طويل حتى ندرك أنه سيتم الحكم على موسم مانشستر سيتي بالكامل من خلال نتائج مباريات الفريق في مراحل خروج المغلوب ببطولة دوري أبطال أوروبا، تماماً كان الحال خلال الفترة التي تولى فيها جوسيب غوارديولا قيادة بايرن ميونيخ، وخلال معظم فترة توليه قيادة نادي برشلونة الإسباني. وبات هناك شعور بأن فوز مانشستر سيتي على آرسنال في المباراة الافتتاحية للفريق بالموسم الجديد للدوري الإنجليزي الممتاز كان أمراً طبيعياً، وهو الشعور نفسه الذي انتاب كثيرين بعد فوز سيتي على تشيلسي في بطولة الدرع الخيرية. وقد حقق مانشستر سيتي الفوز على هذين الفريقين المفترض أنهما من الفرق الستة الكبرى في الدوري الإنجليزي الممتاز بسهولة، رغم أنه خاض المواجهتين خارج ملعبه.
في الحقيقة، تشير هذه النتائج بالإضافة إلى السداسية في شباك هادرسفيلد إلى أن المنافسة على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز قد لا تكون قوية هذا الموسم، وهو أمر سيئ للبطولة بكل تأكيد. لكن يجب الإشارة إلى أن تشيلسي وآرسنال كانا في أول اختبار لهما تحت قيادة مديرين فنيين جديدين. ويلعب كل من تشيلسي وآرسنال بطريقة لعب تعتمد على الضغط المتواصل، ومن المفترض أنهما – على الأقل من الناحية النظرية – قادران على خلق الكثير من المتاعب والمشكلات لمانشستر سيتي بالطريقة نفسها التي ظهر بها ليفربول أمام مانشستر سيتي الموسم الماضي. ورغم أن هذه الطريقة تحتاج إلى بعض الوقت حتى يتقنها اللاعبون تحت قيادة المدير الفني الجديد، فإن تشيلسي وآرسنال بديا مستسلمين ولم يظهرا ندين لمانشستر سيتي على الإطلاق.
علاوة على ذلك، خاض مانشستر سيتي هاتين المباراتين في ظل غياب عدد كبير من أبرز لاعبيه، مثل فينسنت كومباني، ونيكولاس أوتامندي، وفيل فودن، وكيفن دي بروين، وليروي ساني، وغابرييل جيسوس، الذين كانوا جميعاً يجلسون على مقاعد البدلاء. وعاد ديفيد سيلفا وفابيان ديلف إلى صفوف الفريق، ويمكن لأي لاعب من هؤلاء اللاعبين الثمانية أن يغيب دون أن يتأثر الفريق؛ وهو ما يعكس قوة مانشستر سيتي، ويشير إلى أنه فريق قوي لا يتأثر بغياب أي لاعب.
ويقول منافسو مانشستر سيتي دائماً، إن السبب وراء قوة الفريق يعود إلى المبالغ المالية الطائلة التي أنفقها النادي على تدعيم صفوف الفريق، لكن تجب الإشارة أيضاً إلى أن النادي قد أنفق هذه الأموال بشكل جيد ومدروس بسبب وجود رؤية واضحة داخل النادي تسعى للتعاقد مع اللاعبين القادرين على علاج نقاط الضعف داخل الفريق بدلاً من مجرد التحرك السريع وغير المدروس خلال الساعات التي تسبق إغلاق فترة الانتقالات والحديث عن أسماء عدد من المدافعين والإعلان عن بعض الأسعار على أمل التوقيع مع أي صفقة في اللحظات الأخيرة!
بالتالي، فإن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: هل هناك أي أمل لباقي أندية الدوري الإنجليزي الممتاز في المنافسة على اللقب؟ في البداية، يجب تحذير مانشستر سيتي من أنه رغم سهولة الفوز في المباراة الافتتاحية أمام آرسنال والسداسية أمام هادرسفيلد، فإن هذا مجرد مباراتين فقط في إطار مسابقة طويلة، ويتعين على غوارديولا أن يتذكر أنه في أول موسم له مع مانشستر سيتي حقق الفوز في أول عشر مباريات، وهو ما جعل كثيرين يتوقعون فوز الفريق باللقب بسهولة، قبل أن يتعثر الفريق ويفشل في تحقيق الفوز في ست مباريات متتالية. ومن السهل أن تتغير الحالة المزاجية والروح المعنوية بسرعة في أعقاب أي تعثر.
علاوة على ذلك، هناك نقطة مهمة للغاية تتعلق بأداء ظهيري الجنب، ففي بعض الأوقات يتقدم ظهيرا الجنبين في وقت واحد؛ وهو ما يمنح مانشستر سيتي قوة كبيرة من على الأطراف، ويقدم الدعم اللازم لخط الوسط ويعزز القدرة على التمرير، لكن على الجانب الآخر فإن هذا التقدم يزيد الفجوة بين قلبي الدفاع ولاعب محور الارتكاز في خط الوسط؛ وهو الأمر الذي يمكن استغلاله من قِبل الفرق التي تمتلك خط هجوم قوياً، كما فعل ليفربول الموسم الماضي.
وكانت هذه الخطة فاعلة بشكل واضح، وتمكن ستيرلينغ من تقديم أداء رائع واستعاد الثقة التي افتقدها مع المنتخب الإنجليزي، ونجح في إحراز الهدف الأول لفريقه من خلال فتح مساحة للتسديد بقدمه اليمنى، كما سجل بيرناردو سيلفا الهدف الثاني بعدما تلقى تمريرة عرضية من بنجامين ميندي. وبالإضافة إلى ذلك، قدم ميندي وكايل ووكر أداءً ممتازاً، فكان ميندي هو صاحب أكبر عدد من التمريرات الناجحة في المباراة، كما كان ووكر صاحب أكبر عدد من المراوغات الناجحة في اللقاء.
لكن ذلك الأمر له نتائج سلبية؛ ولذا فإن أكبر تحدٍ يواجه مانشستر سيتي خلال الموسم الجديد هو خلق حالة من التوازن بين المغامرة وبين المكاسب التي يحققها الفريق؛ لأن تقدم ظهيري الجنب إلى الأمام دائماً ومساهمتهما في التغلب على معظم فرق الدوري الإنجليزي الممتاز يمكن أن يكون هو أكبر نقطة ضعف للفريق أمام الأندية الكبرى. وإذا هيمن مانشستر سيتي على الموسم المحلي كما كان الحال العام الماضي، فسيتم الحكم على النادي وعلى غوارديولا من خلال الأداء أمام الأندية الكبرى في دوري أبطال أوروبا.