إدارة ترمب تحدد 3 أولويات سورية بينها «تقليص» نفوذ إيران

أفكار المبعوث الأميركي الجديد تتضمن «حظراً جوياً وبرياً»... وموسكو توسع اتصالاتها حول إدلب واللاجئين و«آستانة»

نازحون يمرون أمام عناصر من الشرطة الروسية والنظام السوري في ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
نازحون يمرون أمام عناصر من الشرطة الروسية والنظام السوري في ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
TT

إدارة ترمب تحدد 3 أولويات سورية بينها «تقليص» نفوذ إيران

نازحون يمرون أمام عناصر من الشرطة الروسية والنظام السوري في ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
نازحون يمرون أمام عناصر من الشرطة الروسية والنظام السوري في ريف إدلب أمس (أ.ف.ب)

باستكمال إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تعيين فريقها المختص بسوريا، بات موقف واشنطن أكثر وضوحاً من هذا الملف لتحقيق ثلاث أولويات: هزيمة «داعش» ومنع عودة ظهور التنظيم شمال شرقي سوريا، وتقليص النفوذ الإيراني، والعمل مع موسكو بالحوار والضغط للوصول إلى حل سياسي وفق القرار «2254». وهناك مقترحات خطية لخبراء أميركيين بينهم المبعوث الجديد إلى سوريا، تضمن إقامة «حظر جوي وبري» شرق سوريا لتحقيق هذه الأهداف.
وتتقاطع اهتمامات إدارة ترمب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في «احتواء إيران» في سوريا، الأمر الذي سيكون حاضراً في لقاء مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، ونظيره الروسي نيكولاي باتروشيف، في جنيف، الخميس، بعد عودة بولتون من إسرائيل.
لكن موسكو لا تزال تسير وحيدة في مسارات أخرى متنافسة مع مفاوضات جنيف: إذ يزور وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو موسكو الجمعة، لبحث مصير إدلب وعزل «جبهة النصرة» قبل القمة الروسية - التركية - الإيرانية في طهران يومي 7 و8 الشهر المقبل على أن تجري مشاورات إضافية لعقد القمة الروسية - التركية - الألمانية - الفرنسية بعد ذلك وقبل مؤتمر الجمعية العامة للأمم المتحدة في النصف الثاني من سبتمبر (أيلول) المقبل.
ويتوقع أن تصب جميع هذه الاتصالات في بلورة أرضية دولية - إقليمية تسمح للمبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا بالمضي قدماً في تشكيل اللجنة الدستورية، واستضافة لقاء لممثلي الدول الثلاث الضامنة لعملية آستانة (روسيا، إيران، تركيا) في جنيف، الشهر المقبل.
ذلك المسار، الذي لا تزال واشنطن تنظر إليه بشكوك وتنأى بنفسها عنه، الأمر الذي برز في لقاء وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو ودي ميستورا في واشنطن الأسبوع الماضي، عندما رفض الجانب الأميركي أي إسهام في إعمار سوريا (المناطق الخاضعة لسيطرة دمشق) قبل تحقيق اختراق سياسي بموجب مسار جنيف.
موقف بومبيو كان منسجماً مع التغييرات التي حصلت في الفريق الأميركي للملف السوري - الإيراني. إذ إنه بعد مشاورات طويلة، حسم إدارة ترمب ملف التعيينات. مسؤول الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي جويل روبان الذي جرى تداول اسمه سابقاً مبعوثاً خاصاً إلى سوريا، عين نائب مساعد وزير الخارجية لينضم إلى مسؤول الشرق الأوسط في الخارجية ديفيد شينكر بدلاً من ديفيد ساترفيلد الذي ينتظر تثبيته سفيراً في أنقرة.
والمفاجأة كانت بتعيين السفير الأميركي الأسبق في بغداد وأنقرة جيمس جيفري ممثلاً لوزير الخارجية لـ«الانخراط» في سوريا.
شينكر وجيفري وآخرون سينضمون إلى الإدارة، جاءوا من «معهد واشنطن للشرق الأدنى» في العاصمة الأميركية. واللافت أن تعيينهم تزامن مع تسمية فريق أميركي خاص بـ«العمل في شأن إيران». كما أن تعيين جيفري نص على أن جزءاً من مهمته العمل على «تقليص النفوذ الإيراني»، إضافة إلى منع ظهور «داعش» بعد هزيمة التحالف الدولي لهذا التنظيم المتوقعة في نهاية العام الحالي.
وإذ يقول محللون عارفون بالمبعوث الأميركي الجديد إن جيفري معروف بمعاداته لإيران، وإن موقفه كان واضحاً من ذلك، عندما كان سفيراً في بغداد بين 2007 و2008 وعبر بوضوح عن رفضه الانسحاب الأميركي من العراق، ما يجعله يقف على الضفة الأخرى من المبعوث الأميركي في التحالف الدولي ضد «داعش» بريت ماغورك.
وإذ تأتي هذه التعيينات وسط الجدل في شأن البقاء الأميركي شرق سوريا وترجيح كفة استمرار الوجود العسكري شرق نهر الفرات بمعنى أو آخر، خصوصاً بعد إقناع حلفاء واشنطن الرئيس ترمب بـ«ضرورة عدم تكرار خطأ سلفه باراك أوباما بالانسحاب من العراق في 2011». وإذ أوقفت إدارة ترمب مساعداتها البالغة 230 مليون دولار لشمال شرقي سوريا، فإن أعضاء دول التحالف الدولي في الحرب ضد «داعش» وفروا 300 مليون دولار لدعم الاستقرار والتنمية في هذه المنطقة التي تشكل ثلث مساحة سوريا (185 ألف كيلومتر مربع).
كما تأتي التعيينات في وقت تعمل موسكو وواشنطن على ترتيبات «تضمن أمن إسرائيل» بموجب تفاهم ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في هلسنكي. ترجم ذلك، بعودة القوات الحكومية السورية إلى الجولان وتفعيل اتفاق فك الاشتباك وحصول إسرائيل على «تفويض من بوتين بضرب البنية التحتية لإيران في سوريا ومنع قيام جبهة ثانية في الجولان (بعد جنوب لبنان) لـ(حزب الله) وإيران»، بحسب مسؤول غربي.

إجراءات محددة وتوصيات
وتبدو أفكار واشنطن حالياً واضحة في ورقة أعدَّها مجموعة خبراء بينهم المبعوث الأميركي الجديد لسوريا في «معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى» في 11 من الشهر الماضي، خصوصاً أن التوصيات التي ظهرت فيها كانت بين أسباب اختيار جيفري لمنصبه.
وجاء في التوصيات التي رفعت إلى الإدارة، بعنوان «نحو سياسة جديدة في سوريا»، أنه «من شأن فرض عقوبات ومنطقة حظر جوي وبري شمال شرقي سوريا حرمان نظام الأسد والقوات الإيرانية من الحصول على إمدادات، الأمر الذي سيثير غضب السنة المحليين ويدفع نحو عودة تنظيم (داعش)».
ومن شأن وجود مثل هذه المنطقة بجانب فرض عقوبات فرض تكاليف كبيرة على نظام الأسد عبر حرمانه من الأموال والدخول اللازمة لضمان فرضه سيطرته وإبقائه على شبكات الولاء التي يعتمد عليها نفوذه.
كما «سيؤدي هذا الأمر بدوره إلى خلق أعباء مالية على كاهل إيران وروسيا في خضم جهودهما للإبقاء على نظام الأسد. في الوقت نفسه ستتراجع قدرة طهران على توفير تكاليف هذا الدعم الذي تقدمه للنظام السوري بسبب السياسة الأميركية الساعية لفرض الحد الأقصى من الضغوط عليها. من ناحية أخرى فإن الحملة الإسرائيلية لمنع إيران من بناء بنية تحتية لها داخل سوريا تحمل مخاطر تهديد المكاسب العسكرية التي نالها النظام السوري بصعوبة. وهنا تظهر معضلة أمام موسكو: هل ينبغي أن تلتزم بجهود ذات تكلفة متزايدة للإبقاء على الأسد في السلطة، وهو مسار يحمل مخاطرة اشتعال حرب بين إسرائيل وإيران، أم عليها العمل مع الولايات المتحدة للتخلص من الأسد والحفاظ على المكاسب الروسية في سوريا».
وخلصت الورقة إلى التوصيات الآتية:
- الحيلولة دون عودة ظهور «داعش» ومنع إيران من بناء هيكل عسكري واستخباراتي دائم في سوريا ومنطقة الهلال الخصيب بوجه عام.
- منع القوات الإيرانية والأخرى التابعة للأسد من الدخول إلى شمال شرقي سوريا بعد هزيمة «داعش»، وفرض منطقة حظر جوي وبري في شمال وشرق نهر الفرات باستخدام القوة الجوية ووجود عسكري صغير على الأرض.
- الإبقاء على منطقة حظر جوي وبري حتى التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة برقم 2254 والساعي لإقرار حكومة سورية مستقلة دون مشاركة الأسد والقوات المدعومة من إيران الداعمة لحكمه.
- دعم الجهود الإسرائيلية لخلق شقاق بين إيران وروسيا والأسد بما في ذلك الهجمات الإسرائيلية ضد مواقع عسكرية إيرانية.
- تشديد العقوبات ضد البنوك التي تصدر اعتمادات لنظام الأسد، ومن يوفرون الموارد لوكلاء إيران داخل سوريا والنظام السوري الذين ييسرون الاستثمارات الإيرانية في سوريا.
- معاونة حلفاء الولايات المتحدة داخل شمال شرقي سوريا على إيجاد أسواق بديلة للنفط والصادرات الزراعية التي يبيعونها حاليا للنظام (تضم منطقة شمال شرقي سوريا التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية 90 في المائة من النفط السوري و45 في المائة من الغاز وأكبر ثلاثة سدود ومعظم المنتجات الزراعية خصوصا القطن).
- العمل مع تركيا في منبج وغيرها من المناطق لخلق نفوذ ضد الروس».



أميركا تخسر أولى مقاتلاتها منذ بدء ضرباتها ضد الحوثيين

حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري إس ترومان» مشاركة في مهمة ضرب القدرات الحوثية (أ.ب)
حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري إس ترومان» مشاركة في مهمة ضرب القدرات الحوثية (أ.ب)
TT

أميركا تخسر أولى مقاتلاتها منذ بدء ضرباتها ضد الحوثيين

حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري إس ترومان» مشاركة في مهمة ضرب القدرات الحوثية (أ.ب)
حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري إس ترومان» مشاركة في مهمة ضرب القدرات الحوثية (أ.ب)

استمراراً للحملة التي يقودها منذ قرابة عام للحد من قدرات الحوثيين على مهاجمة السفن، أعلن الجيش الأميركي تدمير منشأة للصواريخ ومنشأة أخرى للقيادة والسيطرة في صنعاء، ليل السبت - الأحد، قبل أن يؤكد تحطم أولى مقاتلاته منذ بدء الحملة، بنيران صديقة ونجاة الطيارين.

وتشن الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، إلى جانب الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مساندة الفلسطينيين في غزة، وهي السردية التي تصفها الحكومة اليمنية بالمضللة.

وأفاد سكان صنعاء، حيث العاصمة اليمنية المختطفة، بدوي انفجارات ضخمة جراء الغارات التي ضربت منطقة عطان التي يعتقد أنها لا تزال تضم مستودعات للصواريخ الحوثية، وكذا معسكر الحفا الواقع بالقرب من جبل نقم شرق المدينة.

وأقرت الجماعة الحوثية بتلقي الضربات في صنعاء، وبتلقي غارة أخرى ضربت موقعاً في جبل الجدع التابع لمديرية الحديدة شمال محافظة الحديدة الساحلية، دون الحديث عن آثار هذه الضربات.

ومع وجود تكهنات باستهداف عناصر حوثيين في منشأة السيطرة والتحكم التي قصفتها واشنطن في صنعاء، أفادت القيادة المركزية الأميركية بأن قواتها نفذت غارات جوية وصفتها بـ«الدقيقة» ضد منشأة لتخزين الصواريخ ومنشأة قيادة وسيطرة تديرها جماعة الحوثيين المدعومة من إيران في صنعاء.

وأوضح البيان الأميركي أن القوات نفذت ضرباتها في صنعاء بهدف تعطيل وتقليص عمليات الحوثيين، مثل الهجمات ضد السفن الحربية والسفن التجارية التابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن.

إسقاط صاروخ ومسيّرات

خلال العملية نفسها، قالت القيادة المركزية الأميركية إن قواتها أسقطت كثيراً من الطائرات الحوثية من دون طيار الهجومية أحادية الاتجاه وصاروخ كروز المضاد للسفن فوق البحر الأحمر، وأشارت إلى أن العملية شاركت فيها قوات جوية وبحرية، بما في ذلك طائرات من طراز «إف 18».

وتعكس الضربة - بحسب البيان - التزام القيادة المركزية الأميركية المستمر بحماية أفراد الولايات المتحدة وقوات التحالف والشركاء الإقليميين والشحن الدولي.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وفي وقت لاحق، قالت القيادة المركزية الأميركية في بيان نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية»، إنه تم إسقاط إحدى مقاتلاتها من طراز «إف 18» فوق البحر الأحمر، صباح الأحد (بتوقيت اليمن)، عن طريق الخطأ، ما أجبر طياريها على القفز بالمظلة.

في غضون ذلك زعم الحوثيون أنهم أفشلوا الهجوم الأميركي واستهدفوا حاملة الطائرات «يو إس إس هاري إس ترومان» وعدداً من المدمرات التابعة لها باستخدام 8 صواريخ مجنحة و17 طائرة مسيّرة. وبحسب ادعاء المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أسفرت العملية عن إسقاط طائرة «إف 18» أثناء محاولة المدمرات التصدي للمسيّرات والصواريخ، كما زعم المتحدث الحوثي أن حاملة الطائرات «يو إس إس هاري إس ترومان» انسحبت بعد استهدافها من موقعها السابق نحو شمال البحر الأحمر، بعد تعرضها لأكثر من هجوم من قبل القوة الصاروخية والقوات البحرية وسلاح الجو المسيّر التابع للجماعة.

وإذ تعد هذه أولى مقاتلة تخسرها الولايات المتحدة منذ بدء غاراتها على الحوثيين في 12 يناير (كانون الثاني) 2024، أكدت القيادة المركزية أنه تم إنقاذ الطيارين الاثنين، وأصيب أحدهما بجروح طفيفة بعد «حالة إطلاق نيران صديقة على ما يبدو»، ولا يزال ذلك قيد التحقيق.

سفينة مدمرة في موقع ضربته القوات الإسرائيلية بميناء الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيون (أ.ف.ب)

وذكر البيان أن الطائرة المقاتلة من طراز «إف إيه 18 هورنت» كانت تحلق فوق حاملة الطائرات «هاري إس ترومان»، وأن إحدى السفن المرافقة لحاملة الطائرات، وهي الطراد الصاروخي جيتيسبيرغ، أطلقت النار عن طريق الخطأ على الطائرة وأصابتها.

وكانت واشنطن أنشأت ما سمته تحالف «حارس الازدهار» في ديسمبر (كانون الأول) 2023 للتصدي لهجمات الحوثيين البحرية، وإضعاف قدراتهم على مهاجمة السفن، لكن ذلك لم يحل دون إيقاف هذه الهجمات التي ظلت في التصاعد، وأدت إلى إصابة عشرات السفن وغرق اثنتين وقرصنة ثالثة، إلى جانب مقتل 3 بحارة.

ومع تصاعد الهجمات الحوثية باتجاه إسرائيل، وكان آخرها صاروخ انفجر في تل أبيب، وأدى إلى إصابة 23 شخصاً، يتخوف اليمنيون من ردود انتقامية أكثر قسوة من الضربات السابقة التي كانت استهدفت مواني الحديدة ثلاث مرات، وفي المرة الثالثة (الخميس الماضي) استهدفت إلى جانب المواني محطتي كهرباء في صنعاء.

وفي أحدث خطبه، الخميس الماضي، قال زعيم الحوثيين إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1147 صاروخاً باليستياً ومجنَّحاً وطائرة مسيَّرة، فضلاً عن الزوارق المسيّرة المفخخة.

كما تبنى الحوثي مهاجمة 211 سفينة مرتبطة بمن وصفهم بـ«الأعداء»، وقال إن عمليات جماعته أدّت إلى منع الملاحة البحرية لإسرائيل في البحر الأحمر، وباب المندب، والبحر العربي، وعطّلت ميناء إيلات.