تثور مزاعم على نطاق واسع بأن الجيش الباكستاني القوي، الذي حكم البلاد على مدى نصف تاريخها منذ الاستقلال، تلاعب في انتخابات 25 يوليو (تموز) الماضي لمساعدة حزب حركة الإنصاف الباكستاني الذي يقوده عمران خان، الذي أدى أمس (السبت) اليمين الدستورية رئيساً للوزراء. ويوصف خان من جانب خصومه بأنه أداة بيد الجيش القوي الذي وضعه في سدة الحكم، ليكون بمثابة واجهة مدنية له لمواصلة هيمنته على الحكم، دون التعرض لمحاولة انقلاب مباشر مثلما حدث في الماضي.
يتحمل خان المسؤولية في وقت يعاني فيه الحساب الجاري من عجز متصاعد، وأزمة طاقة قائمة منذ وقت طويل، تلك ستكون بمثابة اختبارات مبكرة لمهاراته في قيادة السفينة الباكستانية عبر أمواج متلاطمة. ومع ذلك، يعتقد كثير من الخبراء أن أبرز التحديات التي يواجهها خان تتمثل في الخروج من تحت العباءة العسكرية، إذا أراد إحداث تحول في باكستان.
يقول المحلل السياسي ريحان ساروار إن «ما نظر إليه على أنه نقطة قوة في فوزه (خان) بالانتخابات، سوف يتحول الآن إلى عبء ثقيل»، مشيراً إلى دعم الجيش المزعوم له في الانتخابات. ويضيف ساروار، المحاضر في العلوم السياسية بجامعة سارهاد في بيشاور، قائلاً في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية: «سوف يتعين عليه أن يثبت أنه قادر على اتخاذ قرارات مستقلة». ويمضي ساروار قائلاً لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «نجاح خان في مهمته سوف يعتمد على مدى الوقت الذي سوف يستغرقه في التخلص من نفوذ الجيش». وأدى خان اليمين الدستورية أمام الرئيس الباكستاني ممنون حسين في احتفال بالعاصمة إسلام آباد، بحضور قادة سياسيين وعسكريين ونجوم رياضة ودبلوماسيين سابقين.
ويتعين على خان أن يبدي استقلاله من أجل تحسين العلاقات مع الهند وأفغانستان، وهما الجارتان اللتان تتهمان باكستان باستخدام المسلحين الإسلاميين ضدهما. لقد أعلن خان في الكلمة التي ألقاها بمناسبة فوزه في الانتخابات أنه سوف يسعى من أجل إقامة علاقات أفضل مع جارته الهند المسلحة نووياً. قد يضع هذا التعهد خان في موقف صعب مع الجيش الباكستاني، الذي ينظر إلى الهند على أنها عدو لدود، حيث عارض الجيش خطوة رئيس الوزراء السابق نواز شريف، عندما قرر المشاركة في تنصيب نظيره الهندي ناريندرا مودي عام 2014.
تعد تلك المرة الأولى التي يقود فيها خان بلاده سياسياً، ولكن سبق له أن وضعها في الصدارة رياضياً في كأس العالم للكريكيت عام 1992. بدأ خان السباق على المضمار السياسي قبل 20 عاماً، واضعاً نصب عينيه منصب رئيس الوزراء، ليتولى مهمة تتسم بالصعوبة، نظراً لما يكتنفها من تحديات دبلوماسية واقتصادية، بينما تعاني باكستان من حالة عدم استقرار مزمنة وعنف يثيره المسلحون المتطرفون.
لقد ناقش حزب خان في البداية دعوة مودي للمشاركة في احتفالات تنصيبه، ولكنه قرر في نهاية المطاف التخلي عن ذلك، في خطوة وصفها منتقدون بأنها أول استسلام لسياسات الجيش.
يقول محلل شؤون الدفاع طلعت مسعود، الذي كان يعمل برتبة جنرال في الجيش الباكستاني: «إن الجيش يهيمن على الوضع وسوف يبقى كذلك». وأضاف: «أعتقد أن خان سوف ينتظر 6 أشهر قبل أن يبدأ في إثبات ذاته، فيما يتعلق بموضوعات السياسة الخارجية».
ومن جانبه، يقول الخبير الاقتصادي أجمل خان، إن تطبيع العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع الهند يعد هو الخيار الوحيد أمام باكستان، إذا أرادت الخروج من الأزمة الاقتصادية. وأضاف: «التجارة الإقليمية يمكن أن تساعد باكستان في تجاوز نسب العجز المالي الهائلة». وسجل معدل العجز في الحساب الجاري بباكستان 16 مليار دولار في العام المالي الذي انتهى في يونيو (حزيران) الماضي، وهو الأعلى في تاريخها.
لقد ارتفع العجز المالي إلى أكثر من 6 في المائة من الدخل القومي، ما اضطر إسلام آباد إلى التوجه نحو الاقتراض من المانحين الدوليين، مثل صندوق النقد الدولي. وفي الوقت الذي تخطط فيه الإدارة الجديدة في باكستان من أجل الحصول على حزمة إنقاذ مالي تصل قيمتها إلى 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، تحذر الولايات المتحدة من مغبة استخدام هذه الأموال في سداد القروض الصينية.
والحصول على مزيد من القروض من الصين، التي هي بصدد التعهد ببناء مشروعات في باكستان تقدر قيمتها بـ62 مليار دولار، من بينها طريق تجارة برية وبحرية تصل إلى الأسواق في الشرق الأوسط وأوروبا وأفريقيا، يعد الخيار الذي تتم دراسته حالياً بعد اعتراض الولايات المتحدة على قرض صندوق النقد الدولي.
يقول مسعود: «إنه وضع يبعث على القلق البالغ... إنه سيكون اختباراً لقدرة خان على تحقيق التوازن في العلاقات مع الولايات المتحدة والصين». لقد اتهم الرئيس الأميركي دونالد ترمب باكستان بدعم المسلحين في استراتيجيته القومية الجديدة عام 2017، وقام بعد ذلك بخفض حجم المساعدات المالية لها، وأصدر أوامره أخيراً بتجميد برنامج قائم منذ عقود لتدريب أفراد القوات المسلحة الباكستانية على يد وزارة الدفاع الأميركية. يقول مسعود: «إن الولايات المتحدة تشعر بالغضب وتريد من باكستان مساعدتها في أفغانستان... إن إصلاح العلاقات مع واشنطن سوف يتطلب قدراً كبيراً من المهارة».
7:49 دقيقة
كيف يوازن عمران خان بين غضب واشنطن ورضا الصين وسطوة الجيش؟
https://aawsat.com/home/article/1367351/%D9%83%D9%8A%D9%81-%D9%8A%D9%88%D8%A7%D8%B2%D9%86-%D8%B9%D9%85%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D8%AE%D8%A7%D9%86-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%BA%D8%B6%D8%A8-%D9%88%D8%A7%D8%B4%D9%86%D8%B7%D9%86-%D9%88%D8%B1%D8%B6%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%8A%D9%86-%D9%88%D8%B3%D8%B7%D9%88%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%8A%D8%B4%D8%9F
كيف يوازن عمران خان بين غضب واشنطن ورضا الصين وسطوة الجيش؟
لاعب الكريكيت السابق يؤدي اليمين الدستورية رئيساً لحكومة باكستان
كيف يوازن عمران خان بين غضب واشنطن ورضا الصين وسطوة الجيش؟
مواضيع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة