الجزائر ترفض التفاوض حول تنظيم زيارات لـ«متعاونين مع الاستعمار»

أعلن وزير المجاهدين الجزائري الطيب زيتوني رفض حكومة بلاده التفاوض مع فرنسا بخصوص تنظيم زيارات لجزائريين تعاونوا مع الاستعمار الفرنسي. ويشمل القرار حتى أبناءهم وأحفادهم. وبذلك وضع حدا لجدل حاد أطلقه وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان منذ 3 أشهر، حين تحدث عن «مشاورات مع الجانب الجزائري» بشأن من يطلق عليهم «الحركي».
وقال زيتوني في مقابلة مع الإذاعة الحكومية إن «الذين تعانوا مع المحتل الفرنسي ضد ثورتنا التحريرية (1954 - 1962)، اختاروا أن تكون عقيدتهم فرنسية. إنهم فرنسيون ولا مجال لوصفهم بأنهم جزائريون، طالما أنهم خانوا بني جلدتهم». وأضاف: «لا علاقة لنا بهؤلاء وهم ليسوا منا ولسنا منهم.. لن نقبل التفاوض أبدا حول الخونة، أقولها بصراحة، إن دين هؤلاء هو فرنسا ولن نخون ذاكرة الشهداء».
وبدا وزير المجاهدين غاضبا وهو يرد على سؤال يتعلق بجدل يثار في باريس حاليا، حول طلب رفعته الحكومة الفرنسية إلى الجزائر، يتعلق بإتاحة الفرصة لـ«الحركي» وأبنائهم وأحفادهم لزيارة بلدهم الأصلي. وفهم من نبرة خطاب زيتوني حول هذه القضية أنه متذمر من إصرار فرنسا على إثارة هذا الملف، الذي كان حاضرا دائما في محادثات الرؤساء الفرنسيين الذين زاروا الجزائر في الـ20 سنة الأخيرة، وقد طرحه الرئيس إيمانويل ماكرون خلال زيارته نهاية العام الماضي.
وثار جدل كبير عام 2012، أثناء زيارة الرئيس فرنسوا هولاند، لوجود عبد القادر عريف وزير قدامى المحاربين ضمن الوفد الفرنسي، فهو ابن «حركي» وعرف والده بعدائه الشديد للمجاهدين الجزائريين أيام الاستعمار، وصدر بحقه حكم بالإعدام من طرف قادة الثورة. وكان زيتوني يتحدث بمناسبة ذكرى أحداث تاريخية، مرتبطة بمحطات حرب التحرير، وقعت في 20 أغسطس (آب) من عامي 1955 و1956، وأبرزها «مؤتمر الصومام» الذي منح الثورة هياكل ونظمها بشكل محكم، و«هجوم الشمال القسنطيني»، الذي فك الخناق عن معقل الثورة بجبال الأوراس (شرق) بأن شتت مجهود الجيش الاستعماري.
يذكر أن عدد «الحركي» لم يعلن أبدا من جانب الجزائر ولا من جانب فرنسا، وما يعرف هو أن الآلاف منهم غادروا إلى فرنسا بعد الاستقلال، وقد توفي أغلبهم بحكم التقدم في السن. واللافت أن جمعيات «الحركي» بفرنسا تعود إلى موضوع رفض تمكينها من تنظيم زيارات للجزائر، دائما، عشية الاحتفال بعيد الثورة الفرنسية. ويظهر البرلمان تأييدا لمطلبها، فيما تعبر الحكومة الفرنسية عن حرج في التعاطي مع القضية لعلمها بأنه يثير حساسية الجزائر، ويشوش على استثماراتها المزدهرة بالجزائر.
وتعبيرا عن تشدد الجزائر في مسألة «الحركي»، قال زيتوني: «حتى عندما كنا نعاني من الضعف والهشاشة الأمنية، لم نخضع للإرهاب ولم نستكن رغم الضغوط ورغم رفض بيعنا السلاح، فكيف نرضخ اليوم ونحن في استقرار وأمن؟» في إشارة إلى رفض حكومة الاشتراكيين بفرنسا منتصف تسعينات القرن الماضي، بيع أسلحة متطورة للجزائر في إطار محاربة الإرهاب. وكان السبب أن حكومة الرئيس فرنسوا ميتران آنذاك، «لم تكن تفهم حقيقة الصراع بالجزائر». وكانت باريس تطلق على الجماعات الإرهابية في تلك الفترة، «جماعات المعارضة»، وهو ما كان يثير سخط الجزائريين الذين عدّوا الموقف الفرنسي من أزمتهم الأمنية «مهادناً للإرهابيين».
وتابع زيتوني بهذا الخصوص: «لن يكون بيننا وبين فرنسا علاقات طبيعية إلا بتسوية بعض الملفات العالقة»، وأشار من بينها إلى أرشيف الثورة الذي تتحفظ باريس على تسليمه للجزائر، والذي يوثق بواسطة كتابات وصور وفيديوهات، جرائم الاستعمار. وملف ضحايا التفجيرات النووية التي أجرتها فرنسا بصحراء الجزائر، بعد الاستقلال مباشرة.