كنوز إيطاليا تعاني من مافيا الفنون الجميلة

196 ألفاً و772 قطعة فنية سرقت خلال الخمس عشرة سنة الأخيرة

تستعرض قطعاً أثرية في روما بعد استعادتها من أميركا (غيتي)
تستعرض قطعاً أثرية في روما بعد استعادتها من أميركا (غيتي)
TT

كنوز إيطاليا تعاني من مافيا الفنون الجميلة

تستعرض قطعاً أثرية في روما بعد استعادتها من أميركا (غيتي)
تستعرض قطعاً أثرية في روما بعد استعادتها من أميركا (غيتي)

تعيش إيطاليا بلد «السباغيتي» والزلازل السياسية خلال العقود الأخيرة، زوبعة إعلامية جديدة، لا تتصل من قريب أو بعيد بجبهة الصخب السياسي ذي الطابع «الطلياني» المتميز، بل إنها تتجه نحو المشكلة الأكثر لمعانا وهي مصير الموروث الفني.
ورغم أن الفن هو عملية اجتماعية حيوية معقدة بإمكانها تأدية كثير من الوظائف والأدوار التي تساهم في دفع الحضارة والحياة والإنسان، فإنه يمكن أن يستغل في عمليات غرضها الربح المادي الوفير، ليس لمنتجه فقط، وإنما لسارقه أيضا. فالكل يصرخ هنا بأن أغنى بلاد العالم بالموروث الفني أصبح كأنه مقر للمزاد العلني والسرقة. ولا أحد يقف في وجه هذا الجنون الذي أصبح يجلب الثراء السهل فعملية التصدع ترافقها عملية حمل المعاول والفؤوس والاتجاه صوب الكنائس والمعابد المهجورة والأراضي البكر، ليجد السارقون ضالتهم بقطعة أثرية أو تمثال أو قناع أو تهديم المتصدع من المباني الأثرية من أجل الحصول على قطعة سيراميك أو جدارية. قد يبدو الأمر غريبا ولكننا إذا عرفنا أن السنوات الأخيرة حملت في طياتها نوعا جديدا من السرقات والسطو، انْصَبّ على الأعمال الفنية والمتاحف، لأدركنا أنه لا غرابة في الأمر. وقد وصلت هذه الظاهرة إلى ذروتها في بلد يمتلك كثيرا من الكنوز والثروات الفنية، فإيطاليا التي تمتلك أكثر من 40 في المائة من التراث الفني العالمي، سجلت فيها السرقات أرقاما قياسية أربكت المستويات الفنية والأمنية.
خلال الـ15 سنة الأخيرة تمت سرقة ما مجموعه 196.772 قطعة فنية، وفي ضوء الحسابات الإحصائية التي صدرت خلال الأيام الأولى من السنة الجديدة، فقد تمت سرقة ما معدله عملين فنيين لكل يوم طيلة فترة 5475 يوما، وهي 52.859 لوحة فنية أغلبها ينتمي إلى فترة عصر النهضة الإيطالية (1300 - 1550) الذي يمثل أعظم فترات فن الرسم في تاريخ الفن الأوروبي، إضافة إلى منحوتات، ما بين قطع أثرية قديمة رومانية وإتروسكية وإغريقية، وقطع جداريات فنية، وعملات نقدية قديمة من مختلف المعادن، ومواد وأدوات كنسية قديمة.
وقد تمكنت الأجهزة المختصة للشرطة الإيطالية المتمثلة في مديرية يتفرغ لها 70 اختصاصيا مزودون بأحدث الوسائل التكنولوجية من ضبط قليل من هذه «الثروة الضائعة»، وذلك بفضل تنسيقها مع أجهزة دولية مماثلة. ويبدو أن عصابات المافيا لم تكتف بالاتجار بالمخدرات ومشابه ذلك، فافتتحت فرعا جديدا لنشاطاتها هو النشاط الفني. وذلك بالسطو على المتاحف ودور العرض والمقتنيات الفنية الخاصة.
والمفارقة الطريفة في هذا الأمر هي أن اللوحات التي تباع الآن بالملايين لم تكن تكفى لسد احتياجات مبدعها الأصلي، الأولية، من طعام ومسكن وأدوات عمل.
الكل هنا أصبح ينبش ويحفر في هذه الأرض التي أصبحت بحيرة ممتلئة بالكنوز، والكل نظم نفسه وتقمص شخصية «علي بابا» ليفتح له سمسم إحدى محطات الحظ.
والدولة تتفرج على مشاريع «الحظوظ». و«علي بابا» أصبح شركات وعصابات لها عددها وأدواتها المتطورة وتقاليدها وعلاقاتها. وتقف فوق الجميع عصابات الجريمة المنظمة التي تمثلها المافيا والكومورا التي تصدعت إيطاليا بسياستها ونظمها الاجتماعية على أيديهم الماهرة منذ زمن طويل.
أما الأماكن الرئيسية التي تمثل «كنوز» الأرض التي تتطلع إليها عيون العصابات المختصة والتي تمتلك الوسائل والأساليب التكنيكية الحديثة في ممارسة أعمالها (التي تكون عادة مغطاة بحماية من الأجهزة الحاكمة)، فهي الكنائس والأديرة وأماكن العبادة الأخرى، والمتاحف الرسمية والخاصة. وكذلك الأماكن الأثرية المهجورة، والبيوت والمكتبات. ويتم تهريب هذه الكنوز عن طريق البحر والبر. حيث تتجه أغلبها إلى سويسرا ودول يوغسلافيا السابقة (كرواتيا، سلوفينيا، صربيا، الجبل الأسود، مقدونيا، البوسنة، كوسوفو)، التي تمثل المحطات الأولى للانطلاق إلى كثير من دول أوروبا والولايات المتحدة الأميركية. وهذه الأعمال الفنية، خصوصا اللوحات، تطوي وتضغط على هيئة قطع صغيرة وتوضع في محافظ المناضد الشمسية أو تحت أغطية المناضد ومقاعد السيارات المسافرة، أو تنحسر في زوايا حقائب السفر لسيارات الحمولة الكبيرة أو في أقفاص وصناديق مسطحة تضاف بطرق فنية محكمة تحت مقاعد السيارات أو في سقوفها الداخلية، وبعض الأحيان توضع بشكل مبطن للمعاطف الرجالية والنسائية... إلخ.
قبب الكنائس القديمة ينزع عنها سيراميكها، ومتاحف تسرق في وضح النهار، وأخرى تغلق أبوابها بعد أن سحب كثير من أصحاب الموروثات واللوحات الفنية ممتلكاتهم خوفا من تعرضها للسرقة... كل شيء يسرق ويهرّب، ما دام هناك في البعيد، في أميركا بالذات، من يتمتع بقدرة عقلانية لوضع التاريخ في علب من المخمل وتعليقها على جدران البيوت، وكأنها أوسمة تاريخية لمن لا تاريخ له.
والسرقات وقصص المضاربة التجارية هي الآن إحدى الصفات الملازمة للثقافة الأوروبية المعاصرة وهي كثيرة، وتكتسب رواجا كبيرا، وتحتل مواقع بارزة في تحقيقات الصحافة الأوروبية، فتعكس روح المغامرة واللصوصية التي أصبحت تمثل قصص الخيال الفنتازي.
وأبرز قصص السرقة هي تلك التي وقعت في عام 1983 حيث تمكنت عصابة إيطالية من سرقة 7 لوحات قدرت قيمتها بـ35 مليون دولار، وهي تعود إلى 4 من فناني عصر النهضة هم رفائيل، تيبولو، تينتوريتو، جورجوني. وقد استطاعت الشرطة الإيطالية بالتعاون مع الشرطة الهنغارية استرجاع اللوحات السبع، وإلقاء القبض على أفراد العصابة.
ومن القصص الأخيرة الحافلة بالمغامرات والخبرة الدقيقة، اختفاء إحدى لوحات الفنان الخالد كارافاجيو، من مدينة باليرمو. وتؤكد جميع المصادر أن هذه اللوحة ما تزال بحوزة عصابات المافيا، حيث تنتظر هذه العصابة الفرصة المناسبة لتهريبها إلى الولايات المتحدة الأميركية. أما قصص السطو على المكتبات الوطنية والخاصة لسرقة الكتب الثمينة والمخطوطات القديمة المزدانة بالرسوم، فأكثر من أن تحصي. فهي عمليات تنافس بدقتها وعددها عمليات السطو على بنوك ودوائر البريد التابعة للدولة الإيطالية، والتي أصبحت أمرا مألوفا في الحياة اليومية.
- سرقة كنوز الأرض المدفونة
تم مؤخرا الكشف عن عمليات للسطو المنظم، تقوم بها فرق مختصة في عمل التنقيبات السرية ببعض المناطق الأثرية التاريخية كالرومانية والإتروسكية والإغريقية، للحصول على مزيد من كنوز الأرض، التي لا تزال مطمورة تحت الأعماق منذ الأزمان الغابرة، وما يعثر عليه يحفظ في أقبية خاصة معدة لهذه الأغراض، لفترة زمنية طويلة، تكون مهيأة بعد ذلك لأعمال الترميم والصيانة التي تجري عليها بشكل سري لنقلها إلى مواقع الطلب العالمية.
أما آخر فضيحة شهدتها الأيام الأخيرة وتحملتها السلطات الإيطالية بخجل كبير، فهي ظهور مجموعة تقدر بـ20 من الأواني الفخارية الإيطالية يعود تاريخها إلى أكثر من 2500 سنة، في مزاد علني بلندن، وهذه الأواني كانت موجودة في أحد القبور القديمة في مناطق إيطاليا الجنوبية بالقرب من مدينة فيوجا، وتسربت من هناك إلى لندن. والطريف في الأمر أن إدارة المزاد وجهت دعوة للملحقية الثقافية الإيطالية بلندن لحضور المزاد العلني.
هناك جانب آخر من الجدار الإيطالي يعاني التصدع، فمئات المواقع الأثرية تحتاج الترميم، ولكن الدولة وقدراتها المادية لا تستطيع إلا دق المسامير، فكل ما يجرى ترميمه هو للمواقع الرئيسية داخل المدن الرئيسية، وأعمال الصيانة والترميم تكلف الدولة الكثير، وتفوق ميزانية ما يصرف سنويا ميزانية دول كثيرة في العالم الثالث، فعلى سبيل المثال فإن الدولة خصصت 10 ملايين دولار لهذا العام فقط، من أجل جدولة موجودات التحف والآثار التاريخية في عموم البلاد، وإعداد سجل شامل لهذا التراث على مدار السنوات الأربع المقبلة؛ لأن إيطاليا «والحق معها» تخشى على ملايين القطع الأثرية واللوحات الفنية الشهيرة بعد عملية توحيد أوروبا، إذ إن عملية التوحيد، كانت لها محاسنها ومثالبها على إيطاليا، ذلك أن رفع القيود الجمركية بين بلدان السوق الأوروبية ورفع الحدود، جعل عملية نهب الكنوز الإيطالية سهلة للغاية، ولهذا نرى عصابات المافيا والكومورا وغيرها تسرح وتمرح على هواها.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».