فرنسا تتذكر حمّو موسيك المحارب المغربي الذي قاتل لتحريرها

في ملف نشرته مجلة «النوفيل أُوبزرفاتور» عن المقاتلين الأجانب من أبناء المستعمرات القديمة الذين خدموا في جيشها وفقد الآلاف منهم حياتهم في سبيلها، احتل محارب مغربي صفحتين كاملتين مع صورة له وهو بالجلابة البيضاء وعلى صدره عدة أوسمة جمهورية للشجاعة نالها خلال خدمته العسكرية.
ويبلغ حمو موسيك من العمر، اليوم، 96 عاما. وهو يقيم في منزل صغير بحي سيدي عثمان، جنوب الدار البيضاء، حيث استقبل الصحافية ناتالي فونيس وروى لها جوانب من ذكرياته في صفوف الجيش الفرنسي. ورغم أن والده كان قد استشهد عند دخول قوات الاستعمار دوارا في منطقة أزيلال الجبلية، أوائل القرن الماضي، فإن حمو تطوع في الجيش الفرنسي لأن أي عمل آخر لم يكن متوفرا للشباب في منطقته. وهو قد خدم في الجيش عشر سنوات وعشرة أشهر. عند تطوعه، لم يكن حمو يعرف تاريخ ميلاده، لكن طبيبا عسكريا فحص أسنانه وكتب في سجله أنه من مواليد اليوم الأول من الشهر الأول من عام 1918. وبعد ذلك شارك حمو في تحرير جزيرة كورسيكا، وحارب في تونس ضد القوات الألمانية، ودخل برلين مع فرقته بعد هزيمتها في الحرب العالمية الثانية، وخدم كمقدم أول في «الهند الصينية» حسب التعبير الفرنسي للحرب الاستعمارية في مناطق من جنوب شرقي آسيا، إلى أن تقاعد وعاد للاستقرار في وطنه الأُم. يقول حمو في المقال المنشور عنه إنهم كانوا يقاتلون، عام 1943، ببنادق «بيرتييه» تعود للقرن الثامن عشر، مرتدين الجلابات ومنتعلين أحذية قديمة مثقوبة، ودون وجبات طعام أو أرزاق تذكر، عدا الخبز. وبعد أشهر، حين حطت فرقته في كورسيكا، تعرف على السلاح الحديث في أيدي مجندي القوات الأميركية، وشاهد «البدلة العسكرية والخوذة والمطارة وعلب السردين».
وما زال حمو أُميا لا يجيد القراءة والكتابة، ولا يحسن التحدث بالفرنسية رغم خدمته الطويلة في جيشها، لكنه يحتفظ في خزانة غرفته بقماشة من القطيفة الحمراء علّق عليها الميداليات السبع التي كافأته بها فرنسا، ومن ضمنها وسام الشرف، وميدالية صليب الحرب العالمية الثانية المؤلفة من نجمة من البرونز. كما يحتفظ بملف يسجل مراحل خدمته في الجيش وبطاقة تقاعده منه التي تتيح له راتبا شهريا قدره 669 يورو.
يذكر أن فرنسا تحتفل بعيدها الوطني، وفق مرسوم صدر عام 1880. وقد اختير التاريخ وفقا لمناسبتين، الأولى هي تحرير سجن الباستيل في باريس، في الرابع عشر من يوليو (تموز) عام 1789، الإشارة التي تعتبر رمزا للثورة وللتحول عن النظام الملكي المطلق وانتهاء مجتمع النبلاء والامتيازات، والثانية هي عيد الفيدرالية ويوم إعلان الوحدة الوطنية، في التاريخ نفسه من عام 1790.