حفتر يبقي حالة التأهب في الهلال النفطي

تقرير أممي يرصد تعزيز متمردي دارفور وجودهم في ليبيا

TT

حفتر يبقي حالة التأهب في الهلال النفطي

أعلنت شركة «مليتة» للنفط والغاز في ليبيا عن تعرض إحدى محطاتها، الواقعة على امتداد الخط البري الرابط بين مجمع مليتة وحقل الوفاء، «لعمل تخريبي نتج عنه اشتعال النيران بالمحطة، وانفجار مقذوف تم زرعه بها». فيما طالب المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني بضرورة الإبقاء على حالة التأهب القصوى في الهلال النفطي، «ودحر كل من تسول له نفسه المساس بقوت الليبيين وأمنهم وسلامتهم».
وقالت شركة «مليتة» للنفط، في بيان نشرته عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، إن فرق الطوارئ ومكافحة الحرائق تمكنت من إخماد الحريق والسيطرة عليه، والعثور على مقذوفات أخرى لم تنفجر قبل أن تؤكد أن المحطة لم تصب بأي أضرار، وما زالت في الخدمة.
وكانت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا أعلنت أنها تقدمت ببلاغ لمكتب النائب العام في العاصمة طرابلس بشأن اجتياح مسلحين تابعين لما يسمى بالأمن المركزي لمقر شركة البريقة لتسويق النفط، بإحدى ضواحي طرابلس أول من أمس. وأوضحت أن «المسلحين الذين طلبوا مقابلة عماد بن كورة رئيس لجنة إدارة شركة البريقة، استولوا دون إذن قانوني على مفاتيح مكتبه عنوة، وطلبوا إخطاره بعدم الدخول إلى المكتب إلا بعد مراجعتهم».
وذكرت المؤسسة أن هذا «أسلوب يمثل النهج الميليشياوي الخارج عن القانون»، معربة عن استنكارها لهذا «التصرف وإرهاب الموظفين الذين يحاولون تأدية مهامهم بهذه الطريقة المشينة».
إلى ذلك، طالب حفتر، الذي اطلع على أوضاع الهلال النفطي واستتباب الأمن لدى اجتماعه بمقره في الرجمة مساء أول من أمس، مع آمر منطقة الخليج العسكرية وأمراء الوحدات العسكرية، بضرورة الإبقاء على حالة التأهب القصوى ودحر كل من تسول له نفسه المساس بقوت الليبيين وأمنهم وسلامتهم.
وطبقاً لبيان مقتضب أصدره مكتب حفتر، فإنه اطلع خلال الاجتماع على «انتصارات قوات الجيش في دحر جيوب الجماعات الإرهابية التي تهاجم بين الفينة والأخرى بعض الأهداف الحيوية بجنوب وغرب البلاد».
في سياق آخر، قال غسان سلامة رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا إنه «يؤيد فكرة إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية لحل مشكلة الشرعية وازدواجية المؤسسات في السلطات التنفيذية والتشريعية ووحدها إرادة الشعب الليبي هي التي تقرر من تريد، بشرط أن يسمح الوضع القانوني والأمني بذلك ليبيا».
وأضاف سلامة خلال لقائه بالصحافيين، أول من أمس، في مدينة بنغازي بشرق ليبيا التي زارها بشكل مفاجئ: «هذه الانتخابات بحاجة إلى تحضير، وبالتالي إلى قانون تستند إليه، وإلى وضع أمني وبقبول نتائجها. البعثة الأممية تسعى للتوصل إلى انتخابات في نهاية العام فهذا أمر جيد، وإذا تطلب الأمر أسابيع إضافية فلن يكون مأساة».
في شأن مختلف، أعلن مبعوث كوريا الجنوبية الخاص إلى ليبيا بيك جو هيون، أن حكومة الوفاق الوطني التي يترأسها فائز السراج تعكف على متابعة تحركات خاطفي مواطن كوري وثلاثة مهندسين من الفلبين، مشيرا إلى أنها تبذل جهودا كبيرة من أجل إطلاق سراح الرهائن.
نقلت وكالة «يونهاب» الكورية الجنوبية عن بيك قوله: «المواطن الكوري الجنوبي في حالة صحية جيدة كما يتضح من تسجيل لمقطع فيديو يظهر فيه جميع المحتجزين»، موضحا أن ثمة جهودا تبذلها حكومة ليبيا بشكل غير مباشر وعبر وسائلها الخاصة للتقصي عن أوضاع الرهينة.
لكنه اعتبر في المقابل أن عدم التعرف على هوية الخاطفين يزيد من تعقيدات القضية، ما يحتم على السلطات المحلية التعامل معها بحذر بالغ، وأضاف: «نحن والليبيون لسنا على قناعة بأن عملية الخطف جرى تنظيمها من قبل مجموعة إرهابية لها أهداف سياسية واضحة».
وكانت جماعة مسلحة مجهولة خطفت الأجانب الأربعة الشهر الماضي من محطة مياه قرب منطقة الشويرف في ليبيا، ما دفع الفلبين وكوريا الجنوبية إلى التهديد علانية بإرسال سفن حربية للمساعدة في الإفراج عنهم.
إلى ذلك، كشف تقرير سري صادر عن لجنة خبراء بالأمم المتحدة النقاب عن أن مجموعات متمردة من منطقة دارفور في السودان عززت مؤخرا وجودها في ليبيا، حيث وجدت موطئ قدم لها لبناء قوتها العسكرية، في محاولة للعودة إلى السودان ومتابعة القتال.
وطبقاً للتقرير المكون من 53 صفحة الذي تم رفعه إلى مجلس الأمن الدولي وبثت وكالة «الصحافة الفرنسية» فقرات منه، فإن السودان مستمر بإرسال الأسلحة إلى دارفور لدعم حملته العسكرية هناك، في انتهاك لحظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة، لافتا إلى أنه «في الشهور الأخيرة رسّخت معظم الجماعات المتمردة في دارفور وجودها في ليبيا». وأضاف أن العديد منهم انضموا إلى الجماعات المسلحة الليبية وهم «يبنون قدراتهم العسكرية حتى يكونوا جاهزين للعودة إلى السودان عندما تصبح البيئة مساعدة أكثر».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.