واشنطن تتمسك بمخرجات جنيف في الملف السوري

TT

واشنطن تتمسك بمخرجات جنيف في الملف السوري

في الوقت الذي تعددت فيه الأطراف اللاعبة في الأزمة السورية، وتداخلت الاجتماعات والمؤتمرات الإقليمية والدولية بهذا الشأن، أكدت واشنطن أنها تدعم وتقف مع «مسار جنيف»، وتعتقد أنها خريطة الطريق في العملية السياسية السورية التي ترعاها الأمم المتحدة.
وفي بيان صحافي نشرته وزارة الخارجية الأميركية، عن لقاء مايك بومبيو وزير الخارجية الأميركي، مع ستيفان دي ميستورا المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، قالت إن الاجتماع ناقش التطورات في تشكيل لجنة دستورية تضمن حق كافة الأطراف السورية في المشاركة قدماً بالمسار السياسي، وأن أي مناقشة لإعادة إعمار سوريا سابقة لأوانها في ظل غياب حل سياسي للبلد. وأفاد البيان بأن الطرفين اتفقا على ضرورة الحل السياسي للأزمة السورية، الذي يرتكز على إصلاح دستوري وانتخابات حرة نزيهة كما هو مقرر في قرار مجلس الأمن 2254. مشددين على ضرورة منع حدوث أزمة إنسانية في إدلب، وتدارك الأوضاع الإنسانية في سوريا.
وأوضح البيان أن الوزير بومبيو أكد على دعم الولايات المتحدة الأميركية لحق اللاجئين بالعودة إلى سوريا، وأن ذلك يجب أن يحدث، عندما تكون البيئة السورية ملائمة أمنياً لعودتهم، ومأمونة بما فيه الكفاية وبإشراك وكالات الأمم المتحدة ذات الصلة.
وأثار تعبير «المسار السياسي» التي وردت في البيان الأميركي عن لقاء بومبيو مع دي ميستورا جدلاً في أوساط المراقبين السياسيين، والتي جاءت بديلاً عن تعبير «الانتقال السياسي» الذي تدعو إليه واشنطن وحلفاؤها في حل الأزمة السورية، إلا أن هيذر ناورت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية قالت في مؤتمر صحافي أول من أمس أعقب لقاء الوزير بومبيو بالمبعوث دي ميستورا، بأن الإدارة الأميركية لا تزال واقفة وملتزمة بمخرجات اجتماعات جنيف، وقرارات الأمم المتحدة.
وأكدت ناورت خلال المؤتمر الصحافي، ألا شيء يحل محل جنيف، وواشنطن ملتزمة بذلك وتعيد تأكيدها بالالتزام بعملية جنيف، معتبرة أن واشنطن ترى أن عملية جنيف هي العملية التي تقودها الأمم المتحدة للطريق الوحيد القابل لتطبيق حل سياسي طويل الأمد في سوريا.
وفيما يخص شرح الموقف الأميركي من المسار السياسي في سوريا، قالت ناورت: «أستطيع القول بأن الوزير بومبيو خلال لقائه مع ستيفان دي ميستورا الذي يدير عملية جنيف السياسية أكد التزامنا بمخرجات جنيف، والتي تتشارك معنا فيها الكثير من البلدان الأخرى الملتزمة بها أيضاً، وفي الواقع كانت روسيا واحدة من الدول التي التزمت بعملية جنيف. لذلك نحن نقف بثبات وراء ستيفن دي ميستورا والأمم المتحدة في ذلك».
واعتبرت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية أن مخرجات الاجتماعات الجانبية لمستقبل سوريا هي اجتماعات جانبية، وأن الحل الوحيد القابل للتطبيق في المستقبل هو مخرجات اجتماعات جنيف التي لقيت بعض التراجع أو عدم التقدم، في الفترة الماضية، وأن واشنطن الجهود في دعم تلك العملية.
وفيما يخص قتال «داعش» والمنظمات الإرهابية في سوريا، أوضحت هيذر ناورت أن الوقت ليس العامل الأساسي في الحل، وإنما الظروف التي تواجه العمليات العسكرية في الميدان، إذ أن دور أميركا ورسالتها في سوريا هو محاربة «داعش»، ولا تزال ملتزمة بذلك، موضحة أن واشنطن تستعين في تحقيق أهدافها بسوريا على الكثير من العاملين بجدية هناك، من دبلوماسيين وأفراد على الأرض من وزارة الخارجية، والقوات العسكرية والذين يساعدون تطبيق الأهداف الأميركية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.