تعيش مدينة النجف جنوب بغداد، أزمة اقتصادية حادة بعد فرض العقوبات الأميركية على طهران؛ ما أدى إلى تراجع أعداد الزوار الإيرانيين وتحول فنادقها إلى مبانٍ خاوية وركود محالها التجارية، حسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية.
ويتوافد على النجف، وهي إحدى أبرز العتبات المقدسة لدى الشيعة في العالم، كل عام، نحو مليون ونصف المليون زائر، باستثناء المشاركين في الزيارة الأربعينية التي تعد أكبر تجمع شيعي يشارك فيه الملايين. وأكد صائب أبو غنيم، رئيس هيئة اتحاد فنادق النجف، لوكالة الصحافة الفرنسية، أن «أكثر من 85 في المائة من الزوار يصلون من إيران». وتتوزع في شوارع النجف (150 كلم جنوب بغداد)، علامات لإرشاد المارة باللغة الفارسية، وهي متداولة بشكل واسع بين السكان. لكن أعداد الزوار مرشحة للانخفاض إلى حد كبير هذا العام؛ لأن سعر صرف الريال الإيراني سجل هبوطاً لأكثر من ثلثي قيمته خلال ستة أشهر.
ودفع فرزاد رضا، الذي يضع حول عنقه شريطاً بألوان العلم الإيراني، دفع ثمن رحلته إلى النجف لمكتب سفريات إيراني. ورجّح هذا الرجل صاحب الشارب الكثيف، أن يكون عدم توافد الإيرانيين إلى العراق «بسبب فقدان الريال قيمته». وأعادت الولايات المتحدة الأسبوع الماضي، فرض عقوبات قاسية على اقتصاد إيران المتدهور أصلاً. وتدهورت قيمة الريال حالياً إلى 120 ألفاً مقابل الدولار في سوق صرف العملات. ويتطلب الدخول إلى العراق الحصول على تأشيرة يدفع ثمنها بالعملة الصعبة.
ويقول مقدباند مهربان، أحد الزوار الإيرانيين القلائل الذين وصلوا النجف، إنه دفع مبلغ 40 دولاراً، كما هو حال آخرين من أبناء جلدته للحصول على تأشيرة لدخول العراق. وأضاف أبو مهدي، أن «سوق العملات متقلبة، ولا يوجد دعم حكومي؛ لذا، (أصبح) عدد الزوار الإيرانيين أقل». وتقتصر السياحة في العراق على المجال الديني، وتتمركز بصورة رئيسية في النجف وكربلاء، بالإضافة إلى مدن أخرى تضم مراقد شيعية مثل سامراء، شمال بغداد.
ومن المتوقع، حسب تقرير الوكالة الفرنسية، أن يؤدي وقف رحلات الزوار الإيرانيين إلى المراقد الشيعية في العراق، إلى تداعيات وخيمة على قطاع واسع يعمل فيه نحو 544 ألف شخص بشكل مباشر وغير مباشر وفقاً لإحصائيات عام 2017. ويشكل مبلغ 5 مليارات دولار من عائدات السياحة الدينية نسبة 3 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، وفقاً للمجلس العالمي للسياحة والسفر.
وبدا التأثير واضحاً، مع البدء بتنفيذ العقوبات، على مدينة النجف التي تستعد لاستقبال زوار لأحياء مناسبات دينية خلال أغسطس (آب) الحالي. ويؤكد أبو غنيم «إلغاء الكثير من حجوزات الفنادق، وانخفاض كبير في عدد الزوار»، مشيراً إلى عدم توفر إحصاءات دقيقة عن شاغلي الفنادق البالغ عددها 285 في النجف. وفي مطار النجف، حيث كانت هناك 35 رحلة جوية يومياً بين البلدين الجارين، لم تغادر اليوم سوى 12 رحلة فقط تقل زواراً عراقيين متوجهين إلى مراقد شيعية في إيران، وفقاً لمسؤولين في هذا المرفق. ولمواجهة الأزمة، «قامت بعض الفنادق بخفض الأسعار بنسبة 50 في المائة أحياناً»، بحسب يوسف أبو طابوق، صاحب فندق «البلد الأمين» في النجف.
وأضاف أبوطابوق (85 عاماً)، أن العروض لم تغير شيئاً، مؤكداً أن «السوق في حالة انهيار» من دون الزوار الإيرانيين. وتعد إيران ثاني بلد بعد تركيا من حيث حجم التبادلات التجارية مع العراق، وبلغت خلال العام الماضي نحو 6.7 مليار دولار، وفقاً لمصدر رسمي في وزارة التجارة.
تضرر السياحة الدينية في العراق بسبب العقوبات على إيران
تضرر السياحة الدينية في العراق بسبب العقوبات على إيران
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة