النظام يخرق {هدنة الشمال}... والمعارضة تطلب دعماً لإنهاء «النصرة»

لم تصمد هدنة الشمال السوري التي رعتها موسكو وأنقرة وأعلن عنها منتصف ليل الثلاثاء - الأربعاء، سوى ساعات قليلة، قبل أن يعلن عن خرقها من قبل النظام في مناطق عدة، في وقت لا تزال فيه تفاصيل بنودها غير واضحة، خصوصا حيال مصير «هيئة تحرير الشام»، («جبهة النصرة» سابقا). هذا الخرق جعل بعض فصائل المعارضة العسكرية تجدد تشكيكها في صدقية النظام وتدعو إلى دعمها في مواجهة «النصرة»، شرط حصولها على ضمانات، لإسقاط ذريعة وجودها في إدلب مبررا لشن معركة على المنطقة. جاء ذلك بعد يوم على دعوة وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو للتمييز بين «الإرهابيين» ومقاتلي المعارضة.
وكان «المرصد السوري لحقوق الإنسان» قد نشر، صباح أمس، أنه «لم يكد الهدوء الحذر يستكمل ساعاته الـ10 الأولى، حتى عاجلت قوات النظام لخرق الهدنة على دفعتين؛ كانت أولاها صباح الأربعاء باستهداف منطقة اللطامنة (محافظة حماة) وبلداتها بثلاث قذائف صاروخية، وثانيتها عبر استهداف منطقة الجابرية بريف حماة الشمالي، بنحو 6 قذائف مدفعية، واستهداف الطائرات المروحية بـ10 براميل متفجرة... استهدفت بلدة التمانعة ومحيط قرية العزيزية ومناطق أخرى بريف خان شيخون، تزامناً مع قصف بعدة قذائف مدفعية على مناطق في محيط العزيزية وأطراف التمانعة، الأمر الذي تسبب بأضرار مادية، ودمار في ممتلكات مواطنين، دون ورود معلومات عن خسائر بشرية».
وبعدما كان قد أعلن عن الهدنة منتصف ليل الثلاثاء - الأربعاء، قال مصطفى سيجري، رئيس المكتب السياسي في «لواء المعتصم» في الشمال، لـ«الشرق الأوسط»: «لا توجد أي تفاصيل حول اتفاق وقف التصعيد غير المكتوب بين تركيا وروسيا في محافظات حلب وإدلب وحماة واللاذقية، وتم خرقه من قبل النظام، وكان هناك رد من الفصائل عليه».
وعدّ سيجري أن انطلاق معركة إدلب أو عدمه متوقف على حجم وصيغة التفاهم الروسي - التركي، مؤكدا أنه «إن بدأ النظام بالمعركة، فنحن في (الجيش السوري الحر) معنيون بالدفاع عن أرضنا وعرضنا».
وعن مصير «جبهة النصرة»، خصوصا في ضوء وضعها على قمة أسباب أي معركة ستشن على إدلب، قال سيجري: «لا يوجد أي تعامل مع (النصرة)، والخلاف بيننا كبير جدا»، في وقت قال فيه مصدر عسكري في إدلب لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك مفاوضات تجري كي تحل (الهيئة) نفسها من قبل عدد من قيادييها وعناصرها، لا سيما الذين هم من أبناء المنطقة ولا يملكون فكرا متطرفا لكن انضمامهم إليها كان سعيا وراء المال».
من جهته، قال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط»: «إن هيئة تحرير الشام تواصل تعنتها للإبقاء على دورها في المنطقة، في ظل مساع تركية وروسية لتنفيذ خيارين رئيسيين قبل إطلاق النظام عمليته العسكرية، إما إجبارها على حل نفسها، أو نقلها إلى مناطق أخرى بعيدة عن إدلب وعن نقاط التماس مع النظام»، وأضاف أن الخيار قد يكون موجوداً في ريف حلب الشمالي الشرقي، ريثما يجري التوصل لعملية دمجها أو حلها، مشيرا إلى أن «المعضلة الأساسية في الهيئة تكمن في مصير القادة والعناصر الأجانب وكيفية التعامل معهم». وأجمع كل من سيجري والمصدر العسكري، على اعتبار أن الحل الأمثل يكون بحل «الهيئة» نفسها كي تسقط أي ذريعة للمعركة، خصوصا مع التقارب الحاصل بين أكبر مجموعتين في الشمال وهما «الجيش الوطني» و«الجبهة الوطنية للتحرير» التي كانت قد تلقت دعوة من الأولى للتوحد، بحسب سيجري، ولا يزال «الجيش الوطني» ينتظر ردها.
وأوضح سيجري: «نحن في (الجيش السوري الحر) جاهزون لإنهاء ملف ‎(جبهة النصرة) في إدلب خلال فترة قصيرة جدا، ولكننا نرى أنه ليست هناك جدية من الجهات الدولية لإنهاء هذا الملف»، مشيرا إلى أنه «تم إيقاف الدعم عن كل فصيل سعى لرد اعتداءات (النصرة) وطردها من المنطقة، في وقت لا يزال فيه دعم (النصرة) مستمرا». وأكد أن «فصائل المعارضة كانت ولا تزال المتضرر الوحيد من ‎(النصرة)، ونحن نؤكد جهوزيتنا لإنهائها (عسكريا)، شرط الحصول على ضمانات دولية بألا يتم الاعتداء على إدلب أو أي من مناطق سيطرتنا، لأننا لن نقبل بأن تستنزف قواتنا بدعاوى كاذبة».
ويأتي كلام سيجري بعد ساعات من تصريحات وزير الخارجية التركي، جاويش أوغلو، مع نظيره وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، حول مصير إدلب، التي رأت فيها المعارضة مؤشرات من قبل تركيا لإنهاء ملف «هيئة تحرير الشام».
وقال جاويش أوغلو، أول من أمس، إنه «من المهم التمييز بين (الإرهابيين) ومقاتلي المعارضة وما يصل إلى 3 ملايين مدني في إدلب»، مضيفا: «علينا التمييز بين المعارضين المعتدلين والمتطرفين. السكان المحليون والمعارضون المعتدلون منزعجون جداً من هؤلاء الإرهابيين، لذلك يتعين علينا جميعاً قتالهم».
في موازاة ذلك، أشار المرصد إلى مواصلة قوات النظام وحلفائها الحشد للعملية العسكرية التي يجري التحضير لها منذ أيام في منطقة مثلث سهل الغاب - غرب جسر الشغور - جبال اللاذقية، بغية السيطرة عليها وإجبار الفصائل على التراجع شمالاً نحو عمق محافظة إدلب، حيث نقلت قوات النظام عتادها وعناصرها وآلياتها ومدرعاتها وذخيرتها بعد انسحابها من جبهات الجنوب السوري، الذي انتهت العمليات فيه بالسيطرة الكاملة على محافظتي درعا والقنيطرة.