أول نقابة للسيارات في السعودية... بدأت في مكة قبل 88 عاماً

شكلت أول «نقابة» للسيارات في تاريخ السعودية قبل 88 عاماً في مكة المكرمة على وجه التحديد، تغييراً دراماتيكياً في منظومة نقل الحجاج والمعتمرين واعتبر في حينه اسم «النقابة» ميلاداً جديداً لأسس النقل بمفاهيم الدولة المدنية على يد مؤسس البلاد الملك عبد العزيز آل سعود.
تسعة عقود تقترب من التأسيس الحقيقي لهذه المنظومة التي غيرت كثيراً من مضامين النقل في مكة، وفتحت الآفاق والطموحات من أجل راحة الحجيج الذين أعيتهم الطرق الترابية وأرهقت كاهلهم وهم يتجشمون عناء السفر للوصول إلى مكة.
وقال الرئيس العام لنقابة السيارات عبد الرحمن الحربي إن الملك عبد العزيز أخذ بمبدأ التغيير في منظومة النقل، مع مطلع العهد السعودي في النصف الأول من أربعينات القرن الماضي، وسمح بدخول السيارات واستعمالها لخدمة الحجيج القادمين إلى مكة، واندفع الناس في شرائها وتأجيرها على الحجاج، ثم قامت الدولة بتأسيس عدة شركات للمساهمة في هذا الميدان الجديد.
ويروي الحربي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن البدايات في تسخير منظومة السيارات في مكة المكرمة أمراً ليس باليسير، إذ إن البنية التحتية لم تكن جاهزة ومهيأة في ذلك الوقت، وكان استعمالها تتعرض مصاعب كثيرة، أهمها عدم وجود سائقين مدربين ومهيئين لهذه المهمة، بالإضافة إلى أنه لم يكن هناك ورش لإصلاح تلك السيارات، فتمَّت الاستعانة بسائقين من اليمن والسودان ومصر والهند لتأسيس وتشكيل المنظومة بأجور مرتفعة تيسيراً لانطلاق المنظومة على الرغم من وعورة الطرق وانعدام أرصفتها وعدم وجود مسارات معبدة تنطلق المركبات من خلالها، حيث تم العمل الشاق على تهيئتها بعد أن لوحظ تعثرها في الرمال بشكلٍ مستمر.
وقال الحربي إن السيارات في نقل الحجاج كانت من الموديلات الأربعينية، حيث أحضرت لها في ذلك التوقيت قطع غيار من مصر والهند والسودان، وكان الطريق من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة من الطرق الصعبة والرملية، وكان مشوار السيارات يستغرق في ذلك الوقت من اليومين إلى الثلاثة في ظل تعطل السيارات بشكل مستمر بين المدينة وجدة في ظل عدم وجود ورش على جوانب الطرق.
وأضاف الحربي أن هذه المعطيات دفعت بالدولة السعودية إلى تأسيس النقابة العامة الأولى للسيارات، وكان الغرض من تأسيسها حماية الحجاج من التعرض للمخاطر والمصاعب في الطريق، فقد كانت أجور السيارات تدفع للنقابة التي تقوم بإحالتهم على الشركات ويتم توزيعهم بمقدار ما تملكه كل شركة من السيارات.
وأشار الحربي إلى أن النقابة العامة للسيارات سنت شروطاً للشركات المسجلة بحيث جعلت الحد الأدنى للشركات لها ألا يقل عن 20 سيارة، كما عينت النقابة هيئة هندسية للكشف على السيارات قبل ترحيلها وأمرت بتزويد قوافل السيارات بسيارات للإسعاف وقطع الغيار، فوفرت للحجاج أسباب السلامة، كما وفَّرت لأصحاب السيارات وشركاتها البعد عن المنافسة التي كانت تعرضهم للمتاعب والخسارة. وقال الحربي إنه في عام 1953، سمحت الدولة للسعوديين، شركات وأفرادا، بالمساهمة في نقل الحجاج، وتألفت النقابة العامة للسيارات للمرة الثانية لتقوم بالمهمات ذاتها التي قامت بها النقابة الأولى في الأربعينات من القرن الماضي، وبدأ انخراط الشركات في عضويتها، إثر خروج بعض الشركات ودمج بعضها أصبح عددها 5 شركات آنذاك.
وأفاد الحربي بأنه في عام 1973 وعندما تبين للدولة أن الشركات الناقلة للحجاج آنذاك عدد حافلاتها 1353 حافلة لا يغطي حاجة النقل، أمَّنَت أسطولًا بقيمة تخطَّت حاجز المليون دولار آنذاك، وُزِّعت على أربع شركات واستحصلت الشركات بأقساط على 15 عاماً حسمت من إيراداتهم.
وأفاد بأن الخطة التشغيلية للنقابة العامة للسيارات ترتكز على أسطول متكامل من حافلات النقل الحديثة والمتطورة التي وفرتها شركات ومؤسسات النقل من خلال 34 شركة ومؤسسة منطوية تحت مظلة النقابة العامة للسيارات، حيث يتم توفير وسائل نقل مناسبة من منافذ الوصول إلى وجهاتهم في مكة والمدينة أو في رحلة المشاعر المقدسة.