توافق تركي ـ عراقي على ضمان أمن الحدود وتقاسم المياه

إردوغان والعبادي بحثا التعاون الاقتصادي

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ورئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في مؤتمر صحافي مشترك بأنقرة أمس (أ.ف.ب)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ورئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في مؤتمر صحافي مشترك بأنقرة أمس (أ.ف.ب)
TT

توافق تركي ـ عراقي على ضمان أمن الحدود وتقاسم المياه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ورئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في مؤتمر صحافي مشترك بأنقرة أمس (أ.ف.ب)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ورئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في مؤتمر صحافي مشترك بأنقرة أمس (أ.ف.ب)

أكدت تركيا والعراق رغبتهما في العمل معا من أجل تعزيز التعاون بين البلدين في جميع المجالات وفي مقدمتها الأمن والاقتصاد. وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، عقب مباحثات بينهما في أنقرة أمس، إن «أمن ورخاء واستقرار العراق، من أمن ورخاء واستقرار لتركيا، فمصير بلدينا واحد».
وأضاف إردوغان: «إننا مستعدون للعمل مع الحكومة العراقية المقبلة لتعميق علاقاتنا الثنائية وتطوير التعاون في مختلف المجالات، وفي مقدمتها الأمن والاقتصاد»، وأشار إلى أن «فتح معبر حدودي ثان مع العراق، سيصب في صالح بلدينا»، وأنه يثق في أن البلدين سيتخذان الخطوات اللازمة بهذا الصدد. وتابع إردوغان: «مشاكل العراق مشاكلنا، ونحن مستعدون للقيام بما يقع على عاتقنا في مجال إعادة إعماره».
من جانبه، أكد العبادي اتفاق البلدين في مسألة أمن الحدود، وقال: «إننا لا نريد استخدام أي منظمة إرهابية للأراضي العراقية، ونرفض ذلك»، في إشارة إلى مطالبات تركيا بالقضاء على وجود حزب العمال الكردستاني في بعض المناطق بالعراق. وأضاف: «كما نقف إلى جانب تركيا في قضية الليرة، وندعمها في جميع التدابير التي ستتخذها». وأشار إلى أن المباحثات مع إردوغان تناولت تعزيز التعاون الثنائي في مجالات المياه والأمن والزراعة والطاقة والمنافذ الحدودية، موضحا أن إردوغان وعد بأن تركيا ستزود العراق بحصته المائية بالكامل، و«أيضا سمعنا تأكيدا تركيا عما تم الوعد به في مؤتمر الكويت من أجل إعمار العراق».
وكانت تركيا أجلت أكثر من مرة ملء سد إليسو الواقع على نهر دجلة (جنوب شرقي تركيا) بتعليمات من إردوغان بعد طلب الحكومة العراقية. وسد إليسو هو سد ميولي يقع على نهر دجلة ويشكل واحدا من 22 سدا تقع على طول الحدود مع العراق في ولايتي شرناخ وماردين التركيتين ضمن مشروع تنمية جنوب شرقي الأناضول، تهدف إلى التحكم في الفيضان وتخزين المياه. وسيوفر سد إليسو، الذي يبلغ ارتفاعه 135 مترا وعرضه كيلومترين، طاقة كهربائية مقدارها 1.200 ميغاواط وتبلغ سعته التخزينية 10.4 مليار متر مكعب من المياه. لكنه سيؤثر على حصة العراق من المياه وسيؤدي بحسب بعض الدراسات إلى تدمير مساحات واسعة من الأراضي الزراعية نتيجة شحة مياه النهر التي ستصل إلى العراق.
وكان العبادي وصل إلى أنقرة أمس في زيارة رسمية على رأس وفد حكومي لبحث تعزيز التعاون بين البلدين وعدد من الملفات التي تتعلق بالمياه والكهرباء والصحة والصناعة والاستثمارات والأمن والثقافة وغيرها من الملفات المشتركة. وأكد العبادي في تصريحات قبل وصوله إلى أنقرة أن ملف المياه سيكون له أولوية في المباحثات مع الجانب التركي، مشيراً إلى حرص العراق على إقامة علاقات متوازنة مع دول الجوار.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».