الشركات البريطانية في ورطة بسبب التوظيف

انخفاض عدد المتقدمين يجبرها على رفع الأجور

تعاني الشركات البريطانية من «صدمات في الإمداد بالموظفين» (رويترز)
تعاني الشركات البريطانية من «صدمات في الإمداد بالموظفين» (رويترز)
TT

الشركات البريطانية في ورطة بسبب التوظيف

تعاني الشركات البريطانية من «صدمات في الإمداد بالموظفين» (رويترز)
تعاني الشركات البريطانية من «صدمات في الإمداد بالموظفين» (رويترز)

وسط حالة عامة من عدم اليقين حول الأوضاع الاقتصادية بعد انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي (بريكست)، ذكرت صحيفة «الغارديان» البريطانية أمس الاثنين، أن الشركات البريطانية تعاني من «صدمات في الإمداد بالموظفين» بسبب تراجع عدد مواطني الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الذين يذهبون إلى المملكة المتحدة، وتجد الشركات صعوبة في شغل الوظائف الشاغرة، وفقاً لاستطلاع رأي شمل ألفين من أرباب الأعمال.
ونقلت الصحيفة عن معهد تشارترد لشؤون الموظفين والتنمية، أبرز المؤسسات العالمية العاملة في قطاع الموارد البشرية قوله، أن عدد المتقدمين لكل وظيفة شاغرة في المملكة المتحدة انخفض منذ الصيف الماضي عبر جميع مستويات الوظائف الماهرة، مشيرا إلى أن هذا النقص يجبر العديد من الشركات على رفع الأجور.
ووفقاً للبيانات الرسمية الأخيرة، فإن أعداد الأشخاص الذين ينتقلون إلى المملكة المتحدة من دول الاتحاد الأوروبي الأخرى انخفض إلى أدنى مستوى له منذ عام 2013، حيث بلغ الرقم الإجمالي للهجرة طويلة المدى للمملكة المتحدة من دول التكتل الأوروبي خلال العام الماضي 101 ألف شخص.
وأضافت الصحيفة أن أعداد الأشخاص الذين يتقدمون للعمل من ذوي المهارات المتدنية انخفض من 24 إلى 20 في المائة خلال العام الماضي، ومن 19 إلى 10 في المائة للوظائف متوسطة المهارة.
وقبل نحو أسبوعين، كشف استطلاع للرأي أن ستا من بين عشر شركات في بريطانيا دفعت حوافز للعمال، من بينها زيادة المرتبات وتخصيص أموال لسداد مصروفات المدارس لجذب عمال الاتحاد الأوروبي منذ الاستفتاء على خروج البلاد من التكتل، في محاولة للحفاظ على المهارات التي تحتاجها بعد انخفاض صافي الهجرة للبلاد.
وأوضح الاستطلاع الذي أجراه متخصصون في قانون الهجرة البريطاني «هجرة المملكة المتحدة»، أن بعض الشركات دفعت 100 ألف جنيه إسترليني إضافية لتأمين المواهب، حيث أصبح عمال الاتحاد الأوروبي أكثر ترددا في الالتزام بالمملكة المتحدة بسبب عدم اليقين بشأن وضعهم المستقبلي للهجرة، ضمن مجموعة من المخاوف الأخرى.
وكشف الاستطلاع أن 39 في المائة من الشركات فقدت بالفعل موظفي الاتحاد الأوروبي الذين عادوا إلى ديارهم أو غادروا للعمل في بلد آخر في الاتحاد الأوروبي. وأفادت غالبية الشركات في العديد من القطاعات الاقتصادية الرئيسية بأن العثور على العمال المهرة الذين يحتاجون إليها منذ استفتاء يونيو (حزيران) 2016 لمغادرة الاتحاد الأوروبي أمر أصعب.
وكانت شركات الخدمات المالية من بين أسوأ الشركات تضررا، حيث أبلغت 83 في المائة من الشركات عن صعوبات في التوظيف. وأوضح أكثر من ثلثي المصنعين و63 في المائة من شركات المحاماة أنه أصبح من الصعب الآن العثور على موظفين، وبلغت النسبة في قطاع تكنولوجيا المعلومات 79 في المائة.
وبحسب الاستطلاعات الأخيرة، فإن ثقة المستهلكين البريطانيين والشركات البريطانية ما زالت أقل من مستوياتها قبل تصويت البريكست في 2016، وقالت شركة استطلاعات إن الغموض الذي يكتنف الانفصال الأوروبي من المرجح أن يقلص ثقة المستثمرين في الأشهر المقبلة.
وفي مطلع الشهر الجاري، نزل مؤشر ثقة المستهلكين الرئيسي الذي تعده شركة أبحاث السوق «جي إف كيه» لصالح المفوضية الأوروبية، إلى «سالب 10» في يوليو (تموز)، من «سالب 9» في يونيو (حزيران)، وهي قراءة أقل قليلا عما توقعه اقتصاديون شاركوا في استطلاع لـ«رويترز». وأظهر مقياس منفصل لثقة المستهلكين تعده «يو غوف» لصالح مركز أبحاث الاقتصاد والأعمال، زيادة هامشية في يوليو؛ لكنها تظل أقل بكثير منها قبل الاقتراع الأوروبي.
وعلى مستوى الشركات لم يتغير مؤشر ثقة الأعمال لبنك «لويدز» عند 29 في المائة، وهو أقل بكثير من مستويات كانت بين 40 و50 في المائة قبل الاستفتاء، لكن البنك قال إن ثمة تفاؤلا طفيفا بشأن الاقتصاد، وإن ظل أقل منه في بداية 2018.
وتأتي معضلة التوظيف وفقدان الثقة، متزامنة مع حالة عام من الغموض تؤثر بشكل إجمالي على الأوضاع الاقتصادية في المملكة المتحدة. ورغم تسارع نمو الاقتصاد البريطاني في الربع الثاني من العام، بعد تباطؤ شتوي حاد أوائل 2018، لكنه فقد الزخم في يونيو (حزيران) الماضي، ما يبرز أداءه المتذبذب قبل الانفصال عن الاتحاد الأوروبي بعد ما يقل عن ثمانية أشهر.
وقال مكتب الإحصاءات الوطنية قبل يومين إن الناتج المحلي الإجمالي ارتفع بنسبة 0.4 في المائة بين أبريل (نيسان) ويونيو (حزيران) الماضيين، بما ينسجم مع التوقعات في استطلاع أجرته «رويترز» لآراء الاقتصاديين.
وتسارع معدل النمو السنوي للاقتصاد على نحو طفيف إلى 1.3 في المائة في الربع الثاني، مبتعدا قليلا فحسب عن أدنى مستوى في نحو ست سنوات البالغ 1.2 في المائة، والذي سجله في بداية العام.
وتباطأ الاقتصاد البريطاني بعد التصويت في 2016 لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، ومن المتوقع أن يواصل النمو بوتيرة أضعف مقارنة مع معظم اقتصادات الدول المتقدمة مع اقتراب موعد الخروج من الاتحاد في مارس (آذار) 2019، وقال مكتب الإحصاءات إن الاقتصاد تلقى الدعم في الربع الثاني من تعافي مبيعات التجزئة وقطاع البناء.



ترمب يحجم عن فرض الرسوم الجمركية

ترمب يلقي خطاب تنصيبه بعد أداء اليمين الدستورية (أ.ف.ب)
ترمب يلقي خطاب تنصيبه بعد أداء اليمين الدستورية (أ.ف.ب)
TT

ترمب يحجم عن فرض الرسوم الجمركية

ترمب يلقي خطاب تنصيبه بعد أداء اليمين الدستورية (أ.ف.ب)
ترمب يلقي خطاب تنصيبه بعد أداء اليمين الدستورية (أ.ف.ب)

يُرجئ دونالد ترمب فرض التعريفات الجمركية خلال يومه الأول ويراهن بشكل كبير على أن إجراءاته التنفيذية يمكن أن تخفض أسعار الطاقة وتروض التضخم. ولكن من غير الواضح ما إذا كانت أوامره ستكون كافية لتحريك الاقتصاد الأميركي كما وعد.

فقد قال ترمب في خطاب تنصيبه إن «أزمة التضخم ناجمة عن الإفراط في الإنفاق الهائل»، كما أشار إلى أن زيادة إنتاج النفط ستؤدي إلى خفض الأسعار.

وتهدف الأوامر التي يصدرها يوم الاثنين، بما في ذلك أمر مرتبط بألاسكا، إلى تخفيف الأعباء التنظيمية على إنتاج النفط والغاز الطبيعي. كما أنه يعتزم إعلان حالة طوارئ وطنية في مجال الطاقة على أمل إطلاق المزيد من إنتاج الكهرباء في إطار المنافسة مع الصين لبناء تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي التي تعتمد على مراكز البيانات التي تستخدم كميات هائلة من الطاقة.

ويعتزم ترمب التوقيع على مذكرة رئاسية تسعى إلى اتباع نهج حكومي واسع النطاق لخفض التضخم.

كل هذه التفاصيل وفقاً لمسؤول قادم من البيت الأبيض أصر على عدم الكشف عن هويته أثناء توضيحه لخطط ترمب خلال مكالمة مع الصحافيين، وفق ما ذكرت وكالة «أسوشييتد برس».

وقال المسؤول إن الإدارة الجديدة، في أول يوم له في منصبه، ستنهي ما يسميه ترمب بشكل غير صحيح «تفويضاً» للسيارات الكهربائية. على الرغم من عدم وجود تفويض من الرئيس الديمقراطي المنتهية ولايته لفرض شراء السيارات الكهربائية، فإن سياساته سعت إلى تشجيع الأميركيين على شراء السيارات الكهربائية وشركات السيارات على التحول من السيارات التي تعمل بالوقود إلى السيارات الكهربائية.

هدّد ترمب، خلال حملته الانتخابية وبعد فوزه في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني)، بفرض رسوم جمركية على الصين والمكسيك وكندا ودول أخرى. ولكن يبدو أنه يتراجع حتى الآن عن فرض ضرائب أعلى على الواردات. وأشار المسؤول إلى تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» يقول إن ترمب سيوقع فقط على مذكرة تطلب من الوكالات الفيدرالية دراسة القضايا التجارية.

ومع ذلك، تعهد ترمب في خطاب تنصيبه بأن التعريفات الجمركية قادمة، وقال إن الدول الأجنبية ستدفع العقوبات التجارية، على الرغم من أن هذه الضرائب يدفعها المستوردون المحليون حالياً وغالباً ما يتم تمريرها إلى المستهلكين.

لقد كان قرار التوقف ودراسة التعريفات الجمركية إشارة إلى الحكومة الكندية بأنه يجب أن تكون مستعدة لجميع الاحتمالات تقريباً بشأن اتجاه التجارة مع الولايات المتحدة.

«ربما يكون قد اتخذ قراراً بتعليق التهديد بالتعريفات الجمركية نوعاً ما على قائمة كاملة من الدول. سننتظر ونرى»، وفق ما قال وزير المالية الكندي دومينيك لوبلانك. أضاف: «لقد كان السيد ترمب في ولايته السابقة غير قابل للتنبؤ، لذا فإن مهمتنا هي التأكد من أننا مستعدون لأي سيناريو».

وبشكل عام، يواجه الرئيس الجمهوري مجموعة من التحديات في تحقيق طموحاته في خفض الأسعار. فقد نجح بايدن في خفض معدل التضخم على مدار عامين، إلا أنه سيغادر منصبه مع استمرار نمو الأسعار الذي فاق نمو الأجور على مدار السنوات الأربع الماضية.

ومن بين الدوافع الكبيرة للتضخم استمرار نقص المساكن، كما أن إنتاج النفط الأميركي وصل بالفعل إلى مستويات قياسية، حيث يواجه المنتجون حالة من عدم اليقين بشأن الطلب العالمي هذا العام.

مجلس الاحتياطي الفيدرالي هو من الناحية الفنية الهيئة الحكومية المكلفة الحفاظ على التضخم عند هدف سنوي يبلغ 2 في المائة تقريباً. وتتمثل أدواته المعتادة في تحديد أسعار الفائدة قصيرة الأجل لإقراض البنوك لبعضها البعض، بالإضافة إلى مشتريات السندات والاتصالات العامة.

وقال ترمب إن إنتاج الموارد الطبيعية هو المفتاح لخفض التكاليف بالنسبة للمستهلكين الأميركيين، سواء في المضخة أو في فواتير الخدمات العامة.

تتخلل أسعار الطاقة كل جزء من الاقتصاد، لذا فإن زيادة إنتاج الولايات المتحدة من النفط والغاز الطبيعي وأنواع الوقود الأحفوري الأخرى أمر بالغ الأهمية للأمن القومي. وقد اشتكى ترمب، الذي تعهد باستعادة «هيمنة الولايات المتحدة في مجال الطاقة»، من أن إدارة بايدن حدّت من إنتاج النفط والغاز في ألاسكا.

ومع ذلك، ووفقاً للأوزان الترجيحية لمؤشر أسعار المستهلك، فإن الإنفاق على الطاقة يمثل في المتوسط 6 في المائة فقط من النفقات، أي أقل بكثير من الغذاء (13 في المائة) أو المأوى (37 في المائة).

عاد التضخم، الذي كان خامداً لعقود، إلى الظهور من جديد في أوائل عام 2021 مع تعافي الاقتصاد بقوة غير متوقعة من عمليات الإغلاق بسبب كوفيد-19. طغت الطفرة في طلبات العملاء على سلاسل التوريد في أميركا، ما تسبب في حدوث تأخيرات ونقص وارتفاع الأسعار. وكافحت مصانع رقائق الحاسوب والأثاث وغيرها من المنتجات في جميع أنحاء العالم للانتعاش.

وقد سارع المشرعون الجمهوريون إلى إلقاء اللوم على إدارة بايدن في إغاثة إدارة بايدن من الجائحة البالغة 1.9 تريليون دولار، على الرغم من أن التضخم كان ظاهرة عالمية تشير إلى عوامل تتجاوز السياسة الأميركية. وازداد التضخم سوءاً بعد غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية.

ورداً على ذلك، رفع «الاحتياطي الفيدرالي» سعر الفائدة القياسي 11 مرة في عامي 2022 و2023. انخفض التضخم من أعلى مستوى له منذ أربعة عقود عند 9.1 في المائة في منتصف عام 2022. لكن التضخم ارتفع منذ سبتمبر (أيلول) إلى معدل سنوي بلغ 2.9 في المائة في ديسمبر (كانون الأول).

من المحتمل أن تحتاج العديد من الخطوات التي يتخذها ترمب إلى موافقة الكونغرس. تنتهي أجزاء من تخفيضاته الضريبية لعام 2017 بعد هذا العام، ويعتزم ترمب تمديدها وتوسيعها بتكلفة قد تتجاوز 4 تريليونات دولار على مدى 10 سنوات. ويرى ترمب أن التخلص من الدعم المالي للطاقة المتجددة في عهد بايدن هو وسيلة محتملة لتمويل تخفيضاته الضريبية.