حزب الله يلتزم الصمت حيال فرض واشنطن عقوبات على شركة اتصالات لبنانية بتهمة تجهيز طائراته

خبير يستبعد تأثير القرار على الحزب.. وأحد مديريها ينفي ضلوعها

حزب الله يلتزم الصمت حيال فرض واشنطن عقوبات على شركة اتصالات لبنانية بتهمة تجهيز طائراته
TT

حزب الله يلتزم الصمت حيال فرض واشنطن عقوبات على شركة اتصالات لبنانية بتهمة تجهيز طائراته

حزب الله يلتزم الصمت حيال فرض واشنطن عقوبات على شركة اتصالات لبنانية بتهمة تجهيز طائراته

رفضت شركة «ستارز غروب هولدينغ} المتهمة بتزويد حزب الله بتجهيزات عسكرية، أمس، التهم الأميركية المنسوبة إليها، مؤكدة أنها لم تتبلغ أي شيء رسمي بعد، وذلك غداة إعلان وزارة الخزانة الأميركية فرض عقوبات على الشركة وفروعها في الصين والإمارات العربية المتحدة، في حين التزم حزب الله الصمت، ولم يصدر أي تعليق رسمي عنه حيال القضية.
وكانت الولايات المتحدة فرضت أول من أمس عقوبات مالية على الشركة المملوكة للأخوين كامل وعصام محمد أمهز، قائلة إنها اشترت أنظمة استخدمت لتطوير طائرات من دون طيار لصالح حزب الله اللبناني لاستخدامها في أنشطة عسكرية في سوريا والقيام بعمليات مراقبة داخل إسرائيل.
لكن مدير مكتب صاحب الشركة، وأحد مديريها علي ترحيني، نفى في تصريحات لـ{الشرق الأوسط} تعاون الشركة مع حزب الله، أو شراء تجهيزات عسكرية لصالحه، قائلا: «نحن نبيع الهواتف الخلوية وبطاقات تعبئة الهواتف المسبقة الدفع، وليس أكثر من ذلك وشركتنا معروفة بنشاطاتها في لبنان وخارجه وبأن عملها محصور في هذا الإطار}.
وتشمل العقوبات ضد الشركة تجميد أي أصول تقع تحت الولاية القضائية الأميركية في حوزة الشركات والأخوين أمهز وثلاث شخصيات أخرى يشملها القرار، كما تمنع الأميركيين من التعامل مع الشركات.وعلى هذا الأساس، قال ترحيني لـ{الشرق الأوسط} إن الشركة «ستلجأ إلى المحاكم والأطر القانونية في الولايات المتحدة لرفع التهمة عن الشركة}، مشيرا إلى أن «محامي الشركة تولى المسألة، كون التهمة لا أساس لها من الصحة}.
ويرجح خبراء أن يكون للقرار تأثيرات مباشرة على الشركة، من غير أن يؤثر على حزب الله الذي تعده واشنطن منظمة إرهابية وتسعى لإقناع حلفائها بتبني الموقف ذاته عن طريق تسليط الضوء على ما تقول إنها أعمال منافية للقانون تقوم بها الجماعة خارج حدود لبنان.
ويقول الخبير الاقتصادي اللبناني وليد أبو سليمان لـ{الشرق الأوسط} إن تأثيرات القرار على حزب الله «محدودة}، كون الحزب «يبتعد عن التداول المالي عبر المصارف}، موضحا أن تعاملاته المالية «تنجز عبر مؤسسات رديفة أو أسماء مستعارة أو عبر التعاملات النقدية}. لكن تأثيرات القرار «يمكن أن تطال الحركة التجارية اللبنانية}، بحسب أبو سليمان الذي توقع «انخفاضا في الحركة التجارية عند بعض المتعاونين مع الحزب، لجهة خفض التداول}.
وبقي قرار واشنطن محصورا في إطار الشركة المعروفة ببيع الأجهزة الخلوية في لبنان، من غير أن يتعداها إلى شركات أخرى، على الرغم من أن العقوبات يمكن أن «تطال فروع الشركة في الإمارات العربية المتحدة والصين نظرا إلى التطابق في السياسة المالية بين حكومات واشنطن وأبو ظبي}، بحسب ما يقول أبو سليمان، «لاحتمالات أن تكون التجارة شكلا من أشكال التجارة المقنّعة}.
ويحظر القرار على الشركات والموردين حول العالم، التعامل مع «المنظمات الإرهابية} التي تعد واشنطن حزب الله واحدا منها، كما يحظر شركات أميركية أو أشخاص أميركيين من التعامل مع الشركة المعرضة للعقوبات «ستارز هولدينغ}.
واستبعد الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان أي مخاطر تترتب على النظام المالي اللبناني نتيجة العقوبات المالية، موضحا أن «النظام المالي اللبناني خاضع للجنة الرقابة على المصارف التابعة للمصرف المركزي اللبناني، في الوقت الذي يحترم (مصرف لبنان) كل القرارات الدولية المختصة بالحظر الدولي على بعض البلدان والمصارف المركزية}، مشيرا إلى أن «ما صدر لا يشكل خطرا على النظام المصرفي لا سيما أن المعايير المالية الدولية محترمة وتطبق في لبنان، كون المصرف المركزي تقدميا في موضوع العقوبات الدولية وينفذ القرارات الدولية}.
وتأتي هذه العقوبات استكمالا لعقوبات مالية فرضتها واشنطن على حزب الله منذ عام 2009. وفرضت عقوبات في أغسطس (آب) 2012، على حزب الله اللبناني «لتوفيره الدعم لنظام الرئيس السوري بشار الأسد}، إذ يقدم «التدريب، والمشورة والدعم اللوجيستي الواسع النطاق} لنظام الأسد. وبموجب هذا القرار، مُنع الأميركيون من القيام بأعمال تجارية مع حزب الله، كما منع حزب الله من وضع أي أصول مالية في الولايات المتحدة.
وكانت واشنطن اتهمت مؤسسات مالية لبنانية، أو يديرها لبنانيون، بغسل الأموال لصالح حزب الله، بينها شركات صيرفة، وفرضت عقوبات مالية عليها.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.