عميل سابق متهم بالمشاركة في إطلاق صواريخ من لبنان باتجاه إسرائيل

منفذ العملية أستاذ شريعة قريب من «الجماعة الإسلامية».. ونائب عنها ينفي علاقتها به

عميل سابق متهم بالمشاركة في إطلاق صواريخ من لبنان باتجاه إسرائيل
TT

عميل سابق متهم بالمشاركة في إطلاق صواريخ من لبنان باتجاه إسرائيل

عميل سابق متهم بالمشاركة في إطلاق صواريخ من لبنان باتجاه إسرائيل

شهدت الجبهة الجنوبية للبنان، على الحدود مع إسرائيل، حالة من التوتر فجر أمس، مع إطلاق ثلاثة صواريخ من منطقة مرجعيون - حاصبيا، باتجاه إسرائيل، انفجر أحدها في مكانه، مما استدعى ردا إسرائيليا بقصف خراج بلدة كفرشوبا الحدودية بأكثر من 25 قذيفة، من دون تسجيل أي إصابات في الجهتين.
وتمكنت الأجهزة الأمنية اللبنانية للمرة الأولى في حوادث مماثلة من توقيف المتورطين بإطلاق الصواريخ في وقت قياسي، إذ أوقف فرع المعلومات التابع لقوى الأمن الداخلي، المدعو سمير حسين أبو قيس من بلدة الهبارية، وصادرت سيارته من نوع «رابيد» حمراء اللون، بعد أن عثر في داخلها على بقع دماء. وبنتيجة استكمال التحريات الأمنية وعمليات البحث التي شملت مستشفيات حاصبيا - مرجعيون، وصولا إلى منطقة البقاع المجاورة، أوقفت دورية من فرع استقصاء الجنوب منفذ عملية إطلاق الصواريخ في مستشفى في منطقة البقاع ويدعى حسين عزت عطوي، وهو مصاب بحروق بالغة في جميع أنحاء جسمه بعد أن انفجر أحد الصواريخ في المكان الذي كان يعده للانطلاق منه.
ويتحدر الموقوفان من بلدة الهبارية الحدودية في جنوب لبنان. وقالت مصادر محلية في البلدة لـ«الشرق الأوسط»، فضلت عدم كشف هويتها، إن أبو قيس «كان عميلا إسرائيليا قبل عام 2000، من خلال انتمائه إلى (جيش لبنان الجنوبي)، التابع لإسرائيل خلال احتلالها جنوب لبنان، وقضى محكوميته في سجن رومية شرق بيروت لسنوات بعد أن سلم نفسه إلى السلطات اللبنانية». وقالت إن «جملة تناقضات تحيط بشخصية أبو قيس الذي يعرف عنه في الوقت الحالي عمله لدى النائب السابق فيصل الداود (المقرب من النظام السوري) من دون معرفتها بنوع عمله تحديدا». وأشارت المصادر ذاتها إلى أن أبو قيس «كان مسجونا قبل فترة قصيرة بتهمة الإتجار بالسلاح»، لافتة إلى أن شقيقه مسؤول في «الجماعة الإسلامية».
وفيما يتعلق بعطوي، مطلق الصواريخ، والذي يعتقد أن أبو قيس ساعده في الإعداد للعملية قبل أن ينقله إلى المستشفى، ما يفسر وجود دماء في سيارته، فهو بدوره، وفق المصادر المحلية، ينتمي إلى «الجماعة الإسلامية»، وقالت إنه «يحمل شهادة دكتوراه ويدرس في كلية الدعوة الإسلامية، وهو عضو في تجمع العلماء المسلمين». في المقابل، أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بانتماء عطوي «إلى جماعات أصولية» و«اعترافه بأنه كان برفقته شخصان فلسطينيان هما أيضا من الجماعات الأصولية، حيث لا يزال البحث جاريا عنهما بعدما تواريا عن الأنظار».
في موازاة ذلك، نفى النائب اللبناني عن الجماعة الإسلامية عماد الحوت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن يكون لتنظيمه أي علاقة بإطلاق الصواريخ تضامنا مع حركة حماس في غزة. وشدد على أنه «لا قرار رسميا لدى الجماعة بإطلاق الصواريخ أو غير ذلك، خصوصا في ظل الوضع الحرج الذي يمر به لبنان»، موضحا: «إننا لسنا في موقع التبني له».
وعن انتماء أحد الموقوفين للجماعة الإسلامية، قال الحوت: «لا معلومات دقيقة لديَّ والأسماء تحتاج لاستقصاء دقيق، لكن بكل الأحوال لا علاقة لنا بإطلاق الصواريخ»، مميزا بين هذا الموقف و«الموقف السياسي العام من عدوان غزة ووحشية الإسرائيلي، وما قد يثيره هذا العدوان من ردود فعل لدى الشبان العربي عموما وليس فقط اللبناني».
وكان الجيش اللبناني الذي سير دوريات ونفذت وحداته حملة تفتيش واسعة فجر أمس، تمكن من العثور على منصتي إطلاق الصواريخ مع صاروخين مجهزين للإطلاق، وفق ما أفاد به في بيان أصدره أمس، لافتا إلى أن خبيرا عسكريا عطل المنصتين اللتين كانتا مزروعتين في خراج بلدة الماري الحدودية. وذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام»، الرسمية في لبنان، أن «الجيش عثر على حقيبة تحتوي على أجهزة اتصال وبوصلة وخارطة لمكان تركيز الصواريخ، إضافة إلى معدات استعملها المنفذون، وقد عملت عناصر من الأدلة الجنائية على أخذ البصمات وبقايا نقاط دم وجدت في المكان».
وتكررت في الأعوام الماضية حوادث إطلاق صواريخ من جنوب لبنان باتجاه إسرائيل، في عمليات تبنت بعضها مجموعات متطرفة. وكان آخرها في 14 مارس (آذار) الماضي، حينما انفجرت عبوة ناسفة بدورية عسكرية إسرائيلية على الحدود، مما دفع إسرائيل إلى الرد بقصف مدفعي على مناطق في جنوب لبنان. وتبنى الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله في مقابلة صحافية في شهر أبريل (نيسان) الماضي هذه العملية التي أتت بعد أقل من شهر على قصف الطيران الإسرائيلي موقعا للحزب الحليف لدمشق، على الحدود اللبنانية - السورية.
لكنَّ مسؤولين عسكريين إسرائيليين استبعدوا قبل توقيف المتورطين أمس أن يكون «حزب الله» مسؤولا عن إطلاق الصواريخ، فيما قالت الإذاعة الإسرائيلية، إنه «لا بد أنها منظمة فلسطينية صغيرة تريد إبداء تضامنها مع حماس التي يهاجمها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة»، في إشارة إلى العملية العسكرية التي تشنها إسرائيل منذ مطلع الأسبوع ضد حركة حماس في قطاع غزة، والتي أدت إلى مقتل أكثر من مائة شخص.
وفي حين عززت قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل) من دورياتها على جانبي الحدود اللبنانية - الإسرائيلية أمس، قال الناطق باسم اليونيفيل أندريا تننتي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إنه «نحو السادسة من فجر أمس، التقطت رادارات اليونيفيل إطلاق ثلاثة صواريخ باتجاه إسرائيل من منطقة عين عرب في جنوب لبنان»، لافتا إلى أن «السلطات الإسرائيلية أعلمت (اليونيفيل) بسقوط صاروخ واحد في شمال إسرائيل». وأشار إلى أن «إسرائيل ردت بقصف المنطقة العامة التي انطلقت منها الصواريخ»، من دون تقارير عن إصابات.
ونقل تننتي عن قائد «اليونيفيل» في جنوب لبنان الجنرال باولو سييرا قوله، إن إطلاق الصواريخ «يمثل حادثا خطيرا وخرقا لقرار مجلس الأمن الرقم 1701، ويهدف بشكل واضح إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة»، مقدرا الاستجابة السريعة للجيش اللبناني من أجل تعزيز الأمن في المنطقة ومنع وقوع حوادث أخرى مشابهة. وأكد سيرا الحاجة لضبط الأمن وممارسة أقصى درجات ضبط النفس ضد أي استفزاز.
وكان القرار الدولي 1701 وضع حدا للعدوان الإسرائيلي على لبنان في شهر أغسطس (آب) 2006، والذي أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص في لبنان غالبيتهم من المدنيين، ونحو 160 إسرائيليا غالبيتهم من الجنود.
وقال الناطق باسم «اليونيفيل» في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»، إن «اليونيفيل تجري تحقيقات ميدانية بالتعاون مع الأطراف المعنية لتحديد الوقائع وملابسات الحادث»، مؤكدا أن «قيادة بعثة اليونيفيل على اتصال وثيق مع الأطراف وتحثها على اتخاذ أقصى درجات ضبط النفس من أجل منع أي تصعيد للوضع».
من الجانب الإسرائيلي، أعلن الجيش الإسرائيلي أن مدفعيته ردت بقصف مناطق في جنوب لبنان، بعد سقوط صاروخ في شمال إسرائيل من دون أن يؤدي إلى إصابات أو أضرار. وفي حين نقلت وكالة «الصحافة الفرنسية» عن متحدثة باسم الجيش الإسرائيلي قولها، إن «صاروخا سقط في حقل قرب كفر يوفال بين مدينتي المطلة وكريات شمونة»، ذكرت الإذاعة العامة أن صاروخي كاتيوشا سقطا في منطقة تقع إلى شمال كريات شمونة وأصاب أحدهما طريقا في وقت لم تكن تعبر فيه أي سيارة». وأفادت بأن إسرائيل تقدمت بشكوى إلى قوة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان (يونيفيل).



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.