أوامر للشرطة الجزائرية بالتشدد ضد معارضي «الولاية الخامسة»

أفادت معلومات أمس بأن جهاز الشرطة في الجزائر تلقى تعليمات صارمة من الحكومة بمنع أي تجمع أو مظاهرة في الشوارع تعبّر عن رفض ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة في الانتخابات الرئاسية المقرر أن تُجرى العام المقبل. وباشرت الأجهزة الأمنية تنفيذ التعليمات، أول من أمس، باعتقال ناشطين سياسيين في العاصمة بعدما رفعوا لافتات تعارض التمديد لولاية رئيس الجمهورية الذي لم يبد بعد موقفه من القضية.
وقال مصدر حكومي لـ«الشرق الأوسط» إن وزارة الداخلية تحرص على تطبيق الأوامر الخاصة بمنع المظاهرات، في سياق حراك لافت لناشطين على شبكات التواصل الاجتماعي معروفين بتوجهاتهم المعارضة لولاية خامسة للرئيس. وتابع المصدر بأن قسم «محاربة الإجرام الإلكتروني» بمديرية الشرطة يراقب في شكل مكثّف حسابات هؤلاء الناشطين بـ«تويتر» و«فيسبوك»، وأن الأوامر الحكومية تطالب باستهداف هذه الحسابات لتعطيلها واستجواب أصحابها، في حال الدعوة إلى الاحتجاج في الشارع ضد التمديد لبوتفليقة.
وأضاف المصدر أن السلطات ترصد تحضيرات لمظاهرة كبيرة مع اقتراب موعد انتخابات الرئاسة التي ستجرى على الأرجح في مارس (آذار) المقبل. وأشار إلى أن وزارة الداخلية «ستتعامل بصرامة مع أي خطاب مسيء لرئيس الدولة»، علما بأن منتقدين لبوتفليقة يشكون من أنه عاجز عن أداء الوظيفة الرئاسية بسبب المرض، وهو أمر ترفضه رئاسة الجمهورية والأحزاب الكبرى الأساسية في البلاد. ويُرجّح أن خطوات وزارة الداخلية ضد المظاهرات تتم بالتنسيق مع رئاسة الجمهورية.
ومن أبرز الناشطين الذين يتعرضون للمراقبة باستمرار، المحاميان صالح دبوز وعبد الغني بادي والطبيبة المعروفة أميرة بوراوي، والمتحدثة باسم حركة «مواطنة» زبيدة عسول، ورئيس الحزب الليبرالي «جيل جديد» سفيان جيلالي. وتضم «مواطنة» شخصيات عدة، منها رئيس الوزراء السابق أحمد بن بيتور وقادة أحزاب معروفين بمعارضتهم التمديد للرئيس. وحاول هؤلاء التعبير عن هذا الموقف صباح أول من أمس في «ساحة الشهداء» بوسط العاصمة، لكن الشرطة تدخلت فاعتقلتهم وصادرت لافتات رفعوها تضمنت شعارات معادية للرئيس. وأفرج عن المعتقلين في آخر النهار بعد أن تأكدت الشرطة أن العديد القليل ممن تجمعوا لتأييد المسعى، غادروا «ساحة الشهداء». وتخشى الحكومة أن يلقى هذا الحراك تأييداً شعبياً، فيصبح ككرة الثلج يصعب مع الوقت وقفها. كما تبدي حرصاً على ألا يجد هؤلاء النشطاء مساحة في الإعلام، وفي بقية المنابر كالجامعة والنقابات.
ودعا المحامي دبوز رفاقه إلى رفع دعوى قضائية ضد الداخلية، معوّلاً على المادة 107 من قانون العقوبات التي تتحدث عن سجن الموظف العمومي في حال المساس بحرية الأشخاص في التظاهر. كما أن الدستور يشدد على احترام الحق في تنظيم المسيرات، بشرط أن تكون سلمية.
وتقول «مواطنة» إن ترشح بوتفليقة لفترة جديدة سيكون بمثابة خرق للدستور الذي يتحدث عن ولاية واحدة قابلة للتجديد مرة واحدة فقط. أما المؤيدون للرئيس فيقولون إن تحديد الترشح تم بموجب التعديل الدستوري الذي جرى في 2016، وبذلك فإن «عدّاد الترشح بالنسبة للرئيس يبدأ من الصفر في 2019»، بمعنى أنه إذا رغب في التمديد سيكون ذلك بمثابة ولاية أولى وليس خامسة. وتتحاشى غالبية وسائل الإعلام المحلية الخوض في هذا الجدل السياسي والقانوني، لعلمها بأنه يثير غضب السلطة التي تمارس ضغوطاً اقتصادية مرتبطة بريع الإشهار على الصحف والفضائيات الخاصة، إذ تمنعه على المصنّف منها «معاد للرئيس».
في غضون ذلك، أعلن حزب «التحالف الوطني الجمهوري»، الموالي لرئيس الجمهورية، عن لقاء يضم 12 حزباً تدعم «العهدة الخامسة»، سيطلق خلاله مناشدة للرئيس لدفعه إلى إعلان ترشحه. وحزب «جبهة التحرير الوطني» (أغلبية) هو عرّاب حملة الترويج للتمديد لصالح الرئيس. وصرّح أمينه العام جمال ولد عباس بأنه أعد لائحة تتضمن 700 ألف توقيع لمواطنين من مختلف فئات المجتمع، «يرجون من الرئيس مواصلة المسيرة التي بدأها عام 1999».